كان للحزب الإشتراكي اليمني في تطبيق الوحدة اليمنية منظورا فريدا فقد رأى في سلطة القبيلة والطائفة والإختلافات الإجتماعية والإقتصادية والتطرف الديني في الشمال عائقا يحول دون قيام دولة يمنية ورأى أغلب كوادر الحزب الإشتراكي حينذاك أن معالجة هذه المشكلات لن تتم دون امتداد نظام الجنوب الى فوضى الشمال حيث أن مؤسسات الشمال كانت ولا زالت وستبقى كوريث للدولتين القطريتين السابقتين تستند الى أسس تقليدية تعوق التقدم الإجتماعي وتعزز عدم الإستقرار السياسي في اليمن الموحد .. . وقد أقبل الزعماء الجنوبيون وعلى رأسهم عبد الفتاح اسماعيل منذ الإستقلال الناجز في 30 نوفمبر 1967 على الوحدة اليمنية ومشاريعها بتردد ورأوا فيها خيار غير ناجح إن لم يطبق منظورهم السياسي حولها في اكتساح الشمال لتغليب الفكر السياسي الحزبي السائد في الجنوب ، ورغم أن علي سالم البيض كان يدرك عمق موازين القوى ونوع الحكم الذي سيسود إلا أنه مرر اتفاقياته الوحدوية في محاولة منه للإنحناء أما عاصفة التغيرات الدولية التي أزاحت القوى الإشتراكية من الخارطة السياسية الدولية وكلنا تابع انفجار الموقف على اثر هدوء تلك العاصفة بين شريكي الإئتلاف الوحدوي اليمني في عام 1992 حيث شن الحزب الإشتراكي هجوما سياسيا على شريكه في الحكم ومحاولا بالإضافة الى ذلك ازاحة حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي ظهر كقوة أعقبت الوحدة لم يحسب حسابها سلفا مما يؤكد أن الوحدة اليمنية أتت على اثر حرق مراحل ولم تؤت أكلها في ضمان حقوق الشعب في الجنوب أو تغليب منظور الحزب الإشتراكي اليمني في وحدة تكون مفرغة من الهيمنة القبلية والطائفية على الأغلبية المدنية الشافعية ولو كنت رئيسا لليمن الجنوبي ( من باب الفرضية ليس إلا ) لما هرولت باتجاه نظام الشمال ولصمدت في وجه المتغيرات الدولية وتخلصت من الضغوط أو من هبات شعبية داخلية باعلان التنصل من مواقف راديكالية سابقة . وعلى نفس خطى زعامات عربية حالها اليوم أحسن مما كان عليه أيام المد اليساري والقومي وبقيت متربعة على عروشها السلطوية وكان خير لي أن أتجرع السم ( حسب قول الإمام الخميني عند قبوله باتفاقية الهدنة مع العراق ) من أن أدخل في وحدة حق مراحل مع النظام المتخلف في الجمهورية العربية اليمنية الذي طغى وساد على دولة الوحدة ولم تظهر على اثره دولة عصرية حديثة .... الوحدة غدت اليوم واقعا والهم الأكبر يجب أن يتركز في البحث عن مخارج تنهي سلطة وهيمنة القبيلة ونظام الجمهورية العربية اليمنية والقبيلة على مقدرات اليمن