عند تلك النقطة المحاذية لسوق عدن مول التجاري وفي الساحة المجاورة للسوق ترى يافطات اسبوعية يناشد اصحابها بضرورة حماية متنفسات المدينة تلك الجمعية التي حملت على عاتقها هذه المهمة هي جمعية حماية متنفسات وآثار عدن التي من بين هيئتها عددا من المتخصصين في مجال الآثار من أبناء عدن. ورغم دأبهم على توجيه الاهتمام بهدف حماية ما تبقى من الشواطئ والمتنفسات فإن دعواتهم لا تلقى الاستجابة وكأن ما يحصل لا يعني أحدا.
إذن ما هي الأخطار التي تواجه عدن في حال استمرار مسلسل العبث بعقارات أرضها؟
قد لا يدرك البعض أن كافة المتنفسات والمنافذ والشواطئ قد طالها الصرف خلال السنوات الماضية ما يعني أن الفترة القادمة ستشهد تنفيذ تلك المشاريع على الأرض, عندئذ سيدرك العامة ما حل بمدينتهم.. وبعد أن يروا بأم أعينهم كيف سيطبق حصار المباني الخرسانية على كامل أجزائها مع ما يلازمها من سوء التخطيط وعدم الحسبان للأجواء الحارة التي ستزيد وطأتها صيفا بحكم الإغلاق التام لكافة المنافذ التي تتخلل منها التيارات الهوائية وتلطف من شدة القيظ في أرجائها.
لقد نهبت عدن بصورة مؤلمة وتناهت الأطماع في الاستحواذ عليها والحال لم يقتصر على عقارات الأرض في أرجائها بقدر ما تعدى ذلك إلى توزيع كامل ضواحيها كأملاك إما مزارع أو مخططات أراض, كل هذا تم باسم الاستثمارات الوهمية.. فعدد من الشركات المرتبطة بمتنفذين استطاعت أن تضع يدها على آلاف الكيلومترات من الأراضي رغم أنها لا صلة لها بالاستثمار بالمطلق ولم يشهد واقع الحال خلال الفترة الماضية أي مشاريع استثمارية عدا أن هؤلاء قاموا بأخذ الأراضي ثم بيعها هو كل ما فعلوه، لا بل إنهم خالفوا المخططات وباعوا حتى المتنفسات وأماكن الخدمات كعقارات, وبصورة مستهترة وضع عدد ممن قاموا بشراء الأرض من هؤلاء أمام مشكلة عميقة تتعلق بعدم تخصيص مرافق وأماكن للخدمات في تلك المخططات المشوهة.. والأمر مما سلف أن بعض الأسواق العامة التي كانت تذهب عائداتها إما للمجالس المحلية في المديريات أو يتم توزيعها بين السكان للاستفادة من عائداتها, هي الأخرى تم تقديمها لتلك الشركات الوهمية ولعل شركة الوديان نموذج ..فبعد أن استنفدت مخططا مساحته تزيد على واحد وعشرين ألف متر مربع من الأراضي المحاذية لسوق القات بالمنصورة كرمت أيضا بسوق الخضار المركزي والقات ولم تعد عائدات تلك المواقع أو أصولها تابعة للمديرية أو الدولة إذ باتت من املاك شركة الوديان التي لا مهمة لها سوى بيع عقارات الأرض.
وعلى المنوال نفسه يتم التعاطي مع شركات مماثلة وهمية والمثير للأسى أن تلك الأراضي التي صرفت في البدء تحت مسمى الاستثمار يتم حاليا صرف عقود تمليك لأصحابها بحيث لم تعد لديهم أي التزامات تذكر تجاه الدولة من دفع ضرائب أو نحوها.
وبالمجمل جرى التصرف بعقارات عدن وكافة الأصول التي كانت تابعة للدولة للمتنفذين بواسطة الشركات الوهمية. واللافت أن كافة المعالجات المزعومة لا تتطرق إلى ذلك وإمكانية إنقاذ ما بقي أو إعادة بعض الأصول ما يعني أن الهيئة القادمة لعدن ستغدو مختلفة عما في الأذهان فحين يشرع كل من لديهم هذه المخططات ببيع هيئتها العقارية كمبان خرسانية بلا روح عندها ستغدو في شرنقة أجوائها الحارة وهيئتها المشوهة ولا شيء بعد ذلك يمكن فعله لإنقاذها.
فهل ستعوض عدن عن مدينتها بمدينة في عالم آخر؟؟ لا بل من المفارقات العجيبة أيضا أن عدن معنية بتعويض الجميع فماذا بقي منها يا ترى؟