تقع قرية الوهط على ضفاف شرقي وادي تبن الكبير، حيث اشتهرت بأنها منبع العلم والفن بلحج، وفيها العديد من أضرحة أولياء الله الصالحين، كعمر بن علي، و عبدالله بن علي والشيخ صلاح، بالإضافة إلى وجود صناعة ألذ وأشهر الحلويات فيها. كانت زيارتنا للوهط لغرض إجراء حوار عن تاريخ المناضل المرحوم "عمر عبدالله الجاوي" باعتبارها مسقط رأس هذا المناضل الجسور، والوهط فيها أيضاً العديد من الشخصيات القيادية في الدولة، منهم من قد توفي، ومنهم من هو على قيد الحياة، وأثناء نزولنا تم الترحيب بنا من قبل السيد "عفان علوي الجاوي" شاكراً ل"الأمناء" اهتمامها بتاريخ أحد القامات الجنوبية السامقة، والتي لها باع كبير في مضمار النضال. عفان ونبذة عن عمه يقول عفان الجاوي بأن عمه المناضل السيد عمر عبدالله الجاوي من مواليد الوهط عام 1938م من أسرة فلاحية تتكون من ستة أفراد أكبرهم هو والده السيد المرحوم علوي عبدالله الجاوي الخبير الزراعي بمحافظة لحج. ويضيف الجاوي الصغير بأن عمه تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة الجعفرية بالوهط، وبعد ذلك بالمدرسة المحسنية بحوطة لحج ثم سافر إلى مصر العربية لاستكمال دراسته الثانوية والجامعية، وفي القاهرة كان له إسهام فعال في تأسيس اتحاد الطلبة عام 1956م حيث تم انتخابه عضو في الهيئة الإدارية بهذا الاتحاد. عودته من مصر ويستمر الجاوي الصغير بالحديث عن مشوار حياة عمه، بالقول في عام 1958م تم طرد عدد من الطلاب بما فيهم عمه من قبل السلطات المصرية بتهمة الشيوعية وهي اتهامات كيدية وقد عاد عمه عمر الجاوي إلى تعز وأخذ في الكتابة بصحيفة الطليعة والتي كان المرحوم الأستاذ عبدالله باذيب يصدرها. سفر الجاوي الأول للاتحاد السوفيتي ويضيف بعد فترة سافر عمي عمر الجاوي إلى الاتحاد السوفيتي في بعثة دراسية وهناك التحق بكلية الصحافة بجامع موسكو، ونشط في موسكو وقام بإنشاء وتأسيس اتحاد الطلبة تحت مسمى (اتحاد طلاب اليمن)، واستطاع بتعاون عدد من زملائه في تأسيسه عام 1960م تحت مسمى رابطة طلاب اليمن وانتخب رئيساً للرابطة. وفي عام 1966م ، تخرج السيد عمر الجوي من جامعة موسكو حاصلاً على درجة الماجستير في الصحافة وعاد الى اليمن عام 1867م وعمل مدرساً لفترة قصيرة في المدرسة الحربية بتعز بعد انقلاب الخامس من نوفمبر 1967م بالشطر الشمالي آنذاك، وبعد تعيين عمر الجاوي رئيسا لصحيفة ( الثورة ) في تلك الفترة عمد إلى تأسيس وكالة الأنباء اليمنية ( سبأ ) وتولى رئاستها . الجاوي وحصار صنعاء ويفتخر السيد عفان بنضال عمه ومشاركته في حصار صنعاء حيث لعب دوراً فعالاً في تأسيس المقاومة الشعبية أواخر 1967م ، وبرز كقائد سياسي وميداني في هذه المقاومة والتي يعود لها الفضل في فك الحصار عن العاصمة اليمنيةصنعاء. وفي عام 1968م شارك عمر الجاوي بحزب العمال والفلاحين. سفر الجاوي الثاني لموسكو
وسافر عمر الجاوي للمرة الثانية للاتحاد السوفيتي لغرض مواصلة دراسته العليا إلا أن انشغالهم الوطني حال دون تحيق غرض سفره مما دفع به العودة إلى عدن عام 1970م حيث عمل مديراً عام للإذاعة والتلفزيون وبعد عام قام بتأسيس مع زملائه اتحاد الأدباء والكتاب اليمنين كأول منظمة وحدوية في ظل التشطير آنذاك وقد أصدر من عدن عام 1972م مجلة الحكمة لسان حال الاتحاد وقد تولى رئاستها من أوّل عدد صدورها وحتى العدد( 177 ) عندما تخلى عن رئاستها في نوفمبر 1990م . مشاركته بالحوار بين الشطرين ويضيف عفان بأن عمه شارك في الحوار الوحدوي بين شطري اليمن إثر الحرب التي اندلعت في عام 1972 وقد تم اختياره في اللجنة الدستورية، والتي وضعت دستور دولة الوحدة والمنجز بصيغته النهائية في عام 1981م، ويضيف عفان بأن عمه عام 1989م أسس المجلس اليمني للمنظمات المهنية والإبداعية وتولى رئاستها وكان أحد الرواد المتطلعين إلى تحقيق الوحدة اليمنية وقد مارس الضغط على السلطتين بالشمال و الجنوب. الدكتور الجاوي وميثاق الشرف وفي عام 1989م عمل الجاوي على تأسيس ميثاق الشرف والمكون من خمسة عشر بنداً لاستحقاق الوحدة وحرية العمل السياسي والتعددية السياسية. تأسيسه لحزب التجمع وفي الثالث من يناير 1990م أعلن عمر الجاوي عن تأسيس حزب التجمع الوحدوي اليمني، وفي المؤتمر الأول للحزب انتخب أميناً عاماً للحزب حتى وفاته وفي ديسمبر من نفس عام تأسيس الحزب أصدر الجاوي صحيفة (التجمع)، وكان رئيس تحريرها حينها، والذي كان شعارها (الديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان) . محاولة اغتيال الجاوي في صنعاء وقد تعرض الجاوي لمحاولة اغتيال في صنعاء في العاشر من سبتمبر1991م ومعه الشهيد حسن الحريبي، وهما في طريقهما إلى الصحيفة، وقد أصيب عمر الجاوي بجروح وقتل عضو حزب التجمع الشهيد الحريبي في تلك العملية التي استهدفتهما، وهذا يبرز حجم تأثير الرجلين، الذي أريد التخلص منهما. أزمة حرب 1994م ومع أزمة حرب 1994م وقبل وقوع الحرب شارك الجاوي بفاعلية كبيرة في صياغة وثيقة العهد والاتفاق الوطني في محاولة لرأب الصدع وحل النزاع والخلافات القائمة دون إراقة الدماء فيقول عفان بأن عمه عند اندلاع الحرب تصدى لها من خلال بيان وإدانة حتى لا تعود تلك الحرب بالأثر السلبي للتمزيق الوطني والذي حذر منه الجاوي في 1993م، استشرافاً للمستقبل عبر رؤيته الثاقبة، واليوم ها نحن ذا نعايش هذا الواقع. وفاة الجاوي المفاجى ويختتم لنا الجاوي الصغير في أن عمه السيد المناضل الجسور عمر عبدالله الجاوي قد توفي إثر مرض مفاجئ برأسه في 23/12/1997م . وعند سؤال الجاوي هل يعتقد أن الوفاة طبيعية أم أن لموته ربما خلفية سياسية، ابتسم وقال لا نتهم أحداً والله مطلع على باطن الأمور. تكريم هادي للفقيد الجاوي وحول تكريم الفقيد عمر الجاوي قال عفان بأن بعهد الرئيس عبدربه منصور هادي تم تكريم عمي بوسام الوحدة من الدرجة الثانية والذي استلم أخي القاضي عفيف الجاوي رئيس محكمة الحوطة الابتدائية لحج . وعلى إثر ذلك غادرت "الأمناء" منزل ولد الجاوي الصغير المرحوم علوي عبدالله الجاوي، في جولتها لذلك العلم، وبالرغم من ذلك التاريخ العظيم إلا أنهم يعيشون في منازل متواضعة، ويخالطون عامة الناس بتواضع وأخلاق عالية، ويتجولون دون حراسات، ولا توجد لديهم أرصدة مالية في البنوك أو عمارات هنا وهناك، بعكس ما نشاهده اليوم فمن يظهر فجأة يرى في نفسه نضاله، و في يوم وليلة أصبح يمتلك الملايين والعمارات والفلل والسيارات الفاخرة والحراسات المدججة بالأسلحة، ولذلك يجب على هؤلاء الصغار أن يعتبروا من تاريخ المناضلين الأحرار، من خلال مطالعة رصيدهم النضالي المشرف، وأن لا يعبثوا بتاريخ النضال والمناضلين من خلال ادعاءاتهم الكاذبة بالنضال، والذي ليس إلا من أجل الكسب والثراء السريع والفساد باسم مناضل والكارثة بأن البعض منهم لا يعرف الكتابة أو القراءة ويتظاهر أمام الجميع بأنه مناضل !! . هذا وبالله التوفيق .. من مؤلفات ومقالات الفقيد عمر الجاوي (( حصار صنعاء 1975م / الزبيري شاعر الوطن 1972م / افتتاحية الحكمة 1965م /صمت الأصابع ديوان شعر / الصحافة النقابية بعدن)) وقد ترجم عن اللغة الروسية كتاب سياسة الاستعمار البريطاني في عدن للباحث فالكوفا بالإضافة أن للجاوي العديد من المقالات الأدبية والحوارات، المقارعة لكل أنواع الظلم، والتي لا تستثني أحداً حتى كبارات القوم.