"القسام" تعلن عن عمليات "نوعية" ضد قوات العدو جنوب قطاع غزة    شركة النفط: الوضع التمويني مستقر    الدكتور عبدالله العليمي يعزي العميد عبده فرحان في استشهاد نجله بجبهات تعز    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الدكتور عبدالله محمد المجاهد    نصيحة لبن بريك سالم: لا تقترب من ملف الكهرباء ولا نصوص الدستور    مفتي عُمان يبارك "الانجاز الكبير" لليمن بضرب مطار بن غوريون    تحالف (أوبك+) يوافق على زيادة الإنتاج في يونيو القادم    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 52535 شهيدا و118491 مصابا    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    وزير الدفاع الإسرائيلي: من يضربنا سنضربه سبعة أضعاف    عدن: تحت وقع الظلام والظلم    ريال مدريد يتغلب على سيلتا فيغو في الدوري الاسباني    «كاك بنك» يدشن خدمة التحصيل والسداد الإلكتروني للإيرادات الضريبية عبر تطبيق "كاك بنكي"    هيئة رئاسة مجلس الشورى تشيد بوقفات قبائل اليمن واستعدادها مواجهة العدوان الأمريكي    بن بريك اعتمد رواتب لكل النازحين اليمنيين في عدن    أعضاء من مجلس الشورى يتفقدون أنشطة الدورات الصيفية في مديرية معين    وفاة طفلتين غرقا بعد أن جرفتهما سيول الأمطار في صنعاء    شركات طيران أوروبية تعلق رحلاتها إلى إسرائيل بعد استهداف مطار بن غوريون بصاروخ يمني    الدكتور أحمد المغربي .. من غزة إلى بلجيكا.. طبيب تشكّل وعيه في الانتفاضة، يروي قصة الحرب والمنفى    الخبجي : لا وحدة بالقوة.. ومشروعنا الوطني الجنوبي ماضٍ بثبات ولا تراجع عنه    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الأحد 4 مايو/آيار2025    الوزير البكري يهنئ سالم بن بريك بمناسبة تعيينه رئيسًا للحكومة    أبو عبيدة:التصعيد اليمني على الكيان يتجاوز المنظومات الأكثر تطوراً بالعالم    وجّه ضربة إنتقامية: بن مبارك وضع الرئاسي أمام "أزمة دستورية"    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    92 ألف طالب وطالبة يتقدمون لاختبارات الثانوية العامة في المحافظات المحررة    بن بريك والملفات العاجلة    يفتقد لكل المرافق الخدمية ..السعودية تتعمد اذلال اليمنيين في الوديعة    هدف قاتل من لايبزيغ يؤجل احتفالات البايرن بلقب "البوندسليغا"    ترحيل 1343 مهاجرا أفريقيا من صعدة    لاعب في الدوري الإنجليزي يوقف المباراة بسبب إصابة الحكم    السعودية تستضيف كأس آسيا تحت 17 عاماً للنسخ الثلاث المقبلة 2026، 2027 و2028.    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    التركيبة الخاطئة للرئاسي    وادي حضرموت على نار هادئة.. قريبا انفجاره    أين أنت يا أردوغان..؟؟    مع المعبقي وبن بريك.. عظم الله اجرك يا وطن    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    العدوان الأمريكي يشن 18 غارة على محافظات مأرب وصعدة والحديدة    اعتبرني مرتزق    رسائل حملتها استقالة ابن مبارك من رئاسة الحكومة    نقابة الصحفيين اليمنيين تطلق تقرير حول وضع الحريات الصحفية وتكشف حجم انتهاكات السلطات خلال 10 سنوات    - حكومة صنعاء تحذير من شراء الأراضي بمناطق معينة وإجراءات صارمة بحق المخالفين! اقرا ماهي المناطق ؟    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    "ألغام غرفة الأخبار".. كتاب إعلامي "مثير" للصحفي آلجي حسين    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    الحقيقة لا غير    مصر.. اكتشافات أثرية في سيناء تظهر أسرار حصون الشرق العسكرية    اليمن حاضرة في معرض مسقط للكتاب والبروفيسور الترب يؤكد: هيبة السلاح الأمريكي أصبحت من الماضي    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    أسوأ الأطعمة لوجبة الفطور    الفرعون الصهيوأمريكي والفيتو على القرآن    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    من يصلح فساد الملح!    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى رحيله ال42 : ومضات وملامح من تاريخ الشهيد فيصل الشعبي (ملف خاص)
نشر في حياة عدن يوم 16 - 03 - 2012

الإنجازات العظيمة والتاريخية في حياة الشعوب والأمم يصنعها رجال عباقرة أفذاذ وعظماء يسطرون التاريخ ويدونون أنصع صفحات البطولة والتضحية والفداء المعزز بالنصر والمكلل بالمجد والعزة والكرامة عبر ما يقدمونه من شرف البذل والعطاء في سبيل مجد أمتهم وازدهار أوطانهم وفي سماء الوطن الحبيب يبرز اسماً لامعاً يمتلك نبلاً وأخلاقاً , كفاحاً ونضالاً , قيادتاً وريادتاً . شخصية سطرت صفحات زاهية من البطولات والتضحيات , شخصية لها سجل مجيد وتاريخ حافل بالمآثر عبر المسيرة الكفاحية والنضالية لشعبنا من أجل التحرر والاستقلال , شخصية أرعبت المستعمرين بشجاعتها الأسطورية وأصلتهم جحيماً , شخصية صالت وجالت الجبال والهضاب والسهول والوديان ريفاً وحضراً طولاً وعرضاً تحمل بيدها بندقية وأصبعها على الزناد وبالأخرى قلم وفي الوجدان والذاكرة قضية وفكر متقد , شخصية زلزلت الأرض تحت أقدام المستعمر وقضت مضاجع الإمبراطورية التي لم تغب عنها الشمس , شخصية استثنائية كانت ( نبراساً للثورة ) من المؤمنين الصادقين الذين يمتلكون عزماً وثباتاً صنديد وفذ , ماجد وشجاع , مكافح ومجاهد , شخصية سطعت في سماء الوطن وحلقت كثيراً , شخصية لن تنساها ذاكرة التاريخ والذاكرة الوطنية الحية إنه الشهيد البطل ( فيصل عبد اللطيف الشعبي ).
ففي 1 / إبريل / 1970م وعند الساعة الثانية ظهراً غاب نجم القائد والإنسان وصعدت روحه الطاهرة إلى بارئها يومها تم إذاعة الخبر الحزين مقتل ( استشهاد ) ( فيصل الشعبي ) في معسكر ( الفتح ) وأذيع البيان بلسان ( عبد الله الخامري ) وزير الإعلام وقتذاك وجاء في بيان ( الفرية المختلقة والرواية الساذجة ) أن فيصل الشعبي حاول انتزاع السكين من يد الحارس ..!! وبعد الحادثة الأليمة نشرت مجلة ( الحارس ) التي يرأس تحريرها حينذاك (راشد محمد ثابت) في عددها ( العاشر ) السنة ( الأولى ) الصادر في 15 / إبريل / 1970م بعد أسبوعين على الحادثة جملة من الافتراءات وتحت مسمى ( وثائق دامغة بخط العناصر المتآمرة ضد الثورة ) وهي عبارة عن رسائل مزعومة وعددها ( 5 ) رسائل متبادلة من داخل السجن بين فيصل الشعبي وكل من : علي عبد العليم وعوض ناصر النخعي وعلوي عبد الإله وكما جاء في حيثيات الزيف ( اغتيال الرفيق عبد الفتاح إسماعيل كان أول العمليات المدبرة لتصفية العناصر الثورية وتقويض النظام ) .. جملة الرسائل ليس فيها من دلالة وليست بخط فيصل ورفاقه الآخرين إطلاقاً ..!! وفي الأول من إبريل 2012م تصادف الذكرى الثانية والأربعين لاستشهاد رائد الثورة ونبراسها ومن باب الحقيقة والوفاء والإنصاف لهذه القامة السامغة ندون ما أمكن من السيرة الحافلة لعلمنا البارز بين دفتي هذه السطور :
ولد ( فيصل عبد اللطيف الشعبي ) في أسرة فلاحية تقطن قرية (شعب ) المجاورة طور الباحة ناحية الصبيحة الواقعة قرب السلطنة العبدلية اللحجية حالياً محافظة لحج عام 1936م وبعد مقتل الشيخ ( عبد اللطيف الشعبي ) والد فيصل كفله الشيخ ( محمد رشاد ) زوج والدته وتربى في كنفه إلى جانب أخيه غير الشقيق ( عبد القوي محمد رشاد ) .
نال فيصل عبد اللطيف الشعبي قسطاً من التعليم حيث تلقى تعليمه الابتدائي في المدرسة (العدلية ) بجبل حديد عام 1945م وهي مدرسة تضم أبناء المشائخ والسلاطين وتسمى ب (كلية أبناء السلاطين ) التي فتحت أبوابها عام 1936م ثم انتقل عام 1951م إلى المدرسة (المحسنية ) في حوطة لحج ودرس فيها المرحلة الإعدادية وفي عام 1954م غادر الوطن للدراسة إلى الجمهورية العربية المتحدة حيث مكث في حي ( جاردن سيتي ) ثم منطقة (العجوزة ) ودرس الثانوية والجامعة وتخرج بدرجة بكلاريوس من كلية التجارة والاقتصاد عام 1959م.
عمل فيصل الشعبي على تكثيف نشاطه السياسي منذ أن كان طالباً في القاهرة حينها انضم إلى حركة القوميين العرب أثناء دراسته وهو أول طالب من أبناء الجنوب العربي ينضم للحركة وبعد التخرج من الدراسة عام 1959م عاد إلى أرض الوطن وأسس أول فرع لحركة القوميين العرب على مستوى الجنوب والجزيرة العربية والتي انضم إليها قحطان الشعبي وجماعته الذين ينتمون لحزب الرابطة وفي نفس العام شارك فيصل رفيق دربه قحطان الشعبي في وضع كتيب باسم حركة القوميين العرب يدعوا فيه للكفاح المسلح ضد الوجود الاستعماري البريطاني ويعتبر أهم وثيقة سياسية وطنية خلال مرحلة الاحتلال البريطاني للجنوب العربي .
وفي نهاية شهر ديسمبر 1959م غادر فيصل و قحطان الشعبي إلى دمشق على رأس وفد حركة القوميين العرب فرع الجنوب لإقناع قيادة الحركة المركزية بفكرة قيام الثورة في الجنوب العربي المحتل في الوقت الذي كانت بعض القوى السياسية على الساحة الوطنية ترى إمكانية تحقيق الاستقلال بالطرق السلمية واستطاعوا إقناع غالبية أعضاء الحركة بالفكرة.
عمل فيصل الشعبي بعد التخرج لفترة وجيزة في سلطنة لحج العبدلية , ثم في وزارة الاقتصاد والتخطيط في حكومة الاتحاد الفدرالية لعدة أشهر , وفي النصف الأول من عام 1961م عقد اجتماع في منزل فيصل الشعبي في مدينة الشيخ عثمان ( حافة الهاشمي ) وفي هذا الاجتماع الذي حضره أعضاء المرتبة التنظيمية لحركة القوميين العرب فرع الجنوب تم الاتفاق على البدء في إنشاء جمعيات في المناطق الريفية ظاهرها خيري ومضمونها سياسي تتفق مع فكرة وأهداف الحركة .
وبعد الاجتماع الذي عقد في 24 / فبراير / 1963م في مكتب الجنوب العربي بصنعاء برئاسة قحطان الشعبي وحضرته مائة شخصية من أبناء الجنوب من قادة وسياسيين وشيوخ قبائل وصدر على إثره بيان بقيام ( جبهة تحرير الجنوب العربي المحتل ) والذي غير الاسم فيما بعد إلى الجبهة القومية وحينها عمل فيصل الشعبي على إعلان قيام جبهة موحدة بعد أن دمجت سبع فصائل سياسية وهي : 1- حركة القوميين العرب فرع الجنوب 2- الجبهة الناصرية 3- تشكيلات القبائل في ردفان 4- التنظيم السري للضباط والجنود الأحرار 5- جبهة الإصلاح اليافعية 6- المنظمة القومية لأحرار الجنوب المحتل 7- الجبهة الوطنية وسميت الجبهة القومية وعين قحطان الشعبي قائداً لها وبتوجيه من قحطان وفيصل الشعبي عادة مجموعة من أبناء ردفان بقيادة الشيخ ( راجح بن غالب لبوزه ) إلى منطقتهم نهاية سبتمبر 1963م ليكونوا على أهبة الاستعداد عندما تنطلق حرب التحرير وفي صبيحة 14/أكتوبر/1963م تقدم الجيش الاتحادي إلى وادي ( المصراح ) ويومها وقت معركة بين القوات البريطانية ومجموعة أبناء ردفان الثائرة والعائدة من صنعاء سقط على إثرها لبوزة شهيداً , استغل قحطان ذلك الحدث وأعلن قيام الثورة المسلحة ضد الوجود الاستعماري البريطاني وأذيع الخبر من إذاعات صوت العرب والقاهرة وصنعاء ودمشق وبغداد في وقت واحد .
وفي 24 / ديسمبر / 1963م دعاء فيصل الشعبي إلى حل فرع حركة القوميين العرب فرع الجنوب بعد موافقة قيادة الحركة المركزية وأعلن انضمام الفرع إلى صف الثورة وعقد الاجتماع في منطقة الشيخ عثمان وحضرته قيادات الحركة في المناطق وهم : ( 1- علي عبد العليم 2- محمد سعيد مصبعين 3- محمد علي هيثم 4- علي ناصر محمد 5- سالم ربيع علي 6- علي صالح عباد ) وتم في هذا الاجتماع اتخاذ قرار بوقف المنشورات والبيانات باسم الحركة وتم إصدارها تحت المسمى الجديد باسم الثورة بقيادة الجبهة القومية .
وفي يناير 1964م تم عقد لقاء في الشيخ عثمان ترأسه فيصل وفي هذا الاجتماع تم تقييم الموقف العسكري في ردفان وجرى الاتفاق على البدء في العمليات العسكرية الفدائية في العاصمة ( عدن ) وأن توسع دائرة المعركة وتفتح جبهات قتال جديدة في بعض المناطق وهذا ما تم تنفيذه لاحقاً حيث فتحت ( 12 ) جبهة قتال في مختلف المناطق وكان من أهداف انتقال المعركة إلى قلب المستعمرة عدن والمناطق الأخرى هو تخفيف الضغط على جبهة ردفان وإيصال صوت الثورة إلى الرأي العام ودخول قضية الجنوب إلى المحافل الدولية وإثبات قدرة الشعب في الجنوب على تحمل مسؤولياته في الوقوف ضد المستعمر وحماية شعب الجنوب من بطش الاحتلال وبعد فتح جبهة عدن عمل فيصل الشعبي شخصياً على إدخال أول شحنة سلاح إلى قلب المستعمرة وذلك في 30 / نوفمبر / 1964م وهي عبارة عن مجموعة قنابل يدوية وعدد محدود من الرشاشات الآلية والذخائر وفي 18 / يوليو / 1964م أشرف بنفسه على دخول بعض من تلك الشحنة إلى قلب القاعدة البريطانية في خور مكسر وفي 26/يوليو/1964م أي بعد أسبوع واحد فقط قام الفدائيون بضرب المطار الحربي لقوات الاحتلال الواقع في مدينة خور مكسر وتم خلالها إحراق ثلاث طائرات حربية نوع ( هنتر – ولي?رلي ) وكانت أول عملية تفتح جبهة عدن ينفذها الفدائيون ويومها أصدر فيصل الشعبي البلاغ رقم ( 1 ) عن جبهة عدن وكلف المناضل الفدائي ( محمد سعيد مصعبين ) بنقل البلاغ إلى القيادة العامة وفي 29 / يوليو / 1964م أذيع من راديو ( صوت العرب ) بالقاهرة وبصوت الإذاعي المصري ( أحمد سعيد ) عن فتح جبهة عدن وكانت ثالث جبهة بعد ردفان والضالع وفي 10 / أغسطس / 1964م أشرف على تنفيذ عملية إطلاق عدة صواريخ نوع (بازوكا) على البنك الشرقي والمجلس التشريعي والإذاعة أشار إليها راديو ( لندن ) بالقول :
( إن الأعمال الحربية قد انتقلت إلى قلب القاعدة البريطانية بعدن) .
لقد خطط وشارك وأشرف فيصل الشعبي على مجمل العمليات الجريئة والنوعية التي لا يتسع هنا المجال لذكرها , وفي 15 / أغسطس / 1964م وصل فيصل الشعبي إلى تعز قادماً من عدن وقام بترتيب أعضاء القيادة المركزية التنفيذية للجبهة القومية من التالية أسمائهم :- (قحطان محمد الشعبي – سيف أحمد الضالعي –سالم زين محمد – طه مقبل – علي السلامي – جعفر علي عوض – علي محمد سالم الشعبي – عبد القادر سعيد طاهر – خالد عبد العزيز – نور الدين قاسم – عبد الفتاح إسماعيل – أحمد صالح الشاعر – علي عبد العليم) . وفي 1/سبتمبر/1964م عاد إلى عدن وقاد الكفاح المسلح ثانية ولم يغادر عدن إلا بعد تشكيل قيادة جديدة للقطاع الفدائي بعدن مكونة من التالية أسمائهم :- ( 1- علي عبد العليم 2- أحمد صالح الشاعر 3- نور الدين قاسم 4- عبد الفتاح إسماعيل 5- خالد عبد العزيز )وفي مارس 1965م شارك فيصل الشعبي في لقاء بالقاهرة بدعوة من الجامعة العربية بهدف إيجاد إطار تنظيمي موحد للعمل التحرري بين الجبهة القومية وحزب الشعب الاشتراكي والرابطة وقد مثل الجبهة القومية في هذا الاجتماع كل من : 1- قحطان الشعبي 2- فيصل الشعبي 3- سالم ربيع علي 4- محمد أحمد البيشي 5- قاسم عبد الله الزومحي 6- عبد الله محمد المجعلي 7- عبد الله مطلق صالح إلا أن اللقاء فشل ولم يتوصل إلى نتيجة للتباعد في الأراء والمواقف . وفي شهر يونيو 1965 تمكن جهاز المخابرات البريطانية في عدن من اعتقال قيادة القطاع الفدائي في عدن وعددهم ( 49 ) ولم يفلت من الاعتقال عدا شخصين ويعود السبب إلى أن شاب أردني من أصل فلسطيني يدعى ( زكي قريح ) موفد من حركة القوميين العرب قدم لتدريب القطاع الفدائي وقد حضر أحد الاجتماعات وتمكن من معرفة قيادة القطاع وكان ذلك خطأً فادحاً للسرية وطبيعة العمل وحينها أبلغ المخابرات البريطانية وعند انكشاف أمره وعلمه بذلك عاد سراً إلى الأردن وحكم عليه بالإعدام غيابياً وتم ملاحقته من قبل الحركة ونفذ فيه الإعدام , وفي 9 / أكتوبر / 1965م عاد فيصل الشعبي من زيارته لبعض الدول العربية وأعاد ترتيب أوضاع القطاع الفدائي في عدن للمرة الثانية وأعاد للجبهة القومية وقطاعها قدرتهما العسكرية بأكثر فعالية الأمر الذي أذهل المخابرات البريطانية خصوصاً وأنها كانت تعتقد إن جبهة عدن قد ضربت في الصميم وكلف بقيادة القطاع الحاج صالح باقيس وخلفه سالم ربيع علي بقيادة القطاع بعد أن تم استقدام عناصر من جيش التحرير من الأرياف إلى جبهة عدن.
شارك فيصل الشعبي في الإعداد والتحضير للمؤتمر الأول للجبهة القومية المنعقد في الفترة من 21 – 22 / يونيو / 1965م بحارة المستشفى بمقر الجبهة القومية بمدينة تعز وقد حضر المؤتمر ( 42 ) عضواً ولم يتمكن فيصل الشعبي من المشاركة في المؤتمر الثاني لاحتجازه في القاهرة ومعه قحطان الشعبي وقد شارك في أعمال هذا المؤتمر ( 51 ) عضواً .
يعد فيصل الشعبي من أبرز معارضي الدمج القسري بين الجبهة القومية وجبهة التحرير الذي تم في 13 / يناير / 1966م لأنه تم بطريقة غير تنظيمية وأدى إلى تمزيق جبهات القتال وعشية الدمج كان فيصل الشعبي في جبهة عدن مستمراً في قيادة الثورة وقطاعها الفدائي وفي صبيحة 14 / يناير / 1966م وصل إلى تعز وبرفقته أحمد صالح الشاعر بهدف احتواء عملية الدمج وطرحها من جديد وفي 23 / يناير / 1966م طلب فيصل الشعبي عقد اجتماع عاجل للمجلس الوطني لقيادة الثورة للوقوف أمام ما حدث وتم توجيه الدعوة لانعقاد المجلس في ذات اليوم إلا أن جهاز المخابرات المصري في تعز حال دون انعقاد الاجتماع و خلال تواجده في تعز دبرت له المخابرات المصرية سفره إلى القاهرة بحجة إجراء محادثات مع الفيصل الآخر ومقابلة الزعيم المصري جمال عبد الناصر وهناك تم اعتقاله إلى جانب قحطان الشعبي الذي كان متواجداً في القاهرة ومنعا من التحرك والمغادرة من قبل الأجهزة الأمنية المصرية لمدة تسعة أشهر بعدها استطاع فيصل أن يغادر مصر بعد أن قام بترتيبات محددة أوهمت السلطات المصرية بأن زوجته تتلقى العلاج في إحدى مستشفيات بيروت فسمح له بزيارتها وأفلت من الاحتجاز واتجه من بيروت إلى تعز وفي 20 / أكتوبر / 1966م دخل جبهة عدن بمفرده وقرر بشريعة خطوة 14 / أكتوبر / 1966م المعارضة والرافضة للدمج واستمر في قيادة الكفاح المسلح في جبهات القتال المختلفة وبرغم من إعلان الدمج إلا أن الجبهة القومية وبحنكة هذا القائد ورفيق دربه قحطان الشعبي ظلت محتفظة بسريتها ومتمسكة بقواعدها ومكانتها التنظيمية حيث ظلت القيادة المنبثقة عن المؤتمر الثاني المنعقد في جبلة طوال فترة التعايش والهدنة ضمن قوام جبهة التحرير تسعى في محاولات دائبة مع الأجهزة المصرية لإعادة النظر في عملية الدمج والعمل على تأسيس وحدة وطنية وشراكة حقيقية على أسس سليمة ورفض أسلوب الوحدة الوطنية المفروضة من فوق وكانت المخابرات المصرية تتوهم من عملية الدمج واحتجاز قادة الجبهة سيمكنها من ترتيب الأوضاع على حساب الجبهة القومية وبعد الاتصالات العديدة لقيادة الجبهة القومية مع القيادة المصرية والتي لم تثمر عن فعل ملموس علاوة على احتجاز قيادة ( الجبهة والتفاوض ) مما أثر على الكفاح المسلح وهذا ما أفرز لدى قيادات وقواعد الجبهة القومية شعوراً بضرورة إعلان الكفاح المسلح بصورة مستقلة عن جبهة التحرير وفي 29 نوفمبر - 3 ديسمبر / 1966م تزعم فيصل الشعبي مؤتمر الجبهة القومية الثالث المنعقد في منطقة ( حمر ) قعطبة والذي حضره ممثلو المناطق وغالبية القيادة العامة وقرر المؤتمر رفض اتفاقية الإسكندرية حول الدمج الموقعة في أغسطس 1966م وقرر بشرعية خطوة 14 / أكتوبر / 1966م وقرر الانفصال عن جبهة التحرير بإجماع (52 ) مندوباً وتحفظ ( 12 ) مندوباً وغياب اثنين بعذر وكلف فيصل الشعبي وعبد القادر أمين بصياغة قرارات المؤتمر وتم ذلك في إحدى مساجد قعطبة وأعاد المؤتمر انتخاب فيصل و قحطان الشعبي إلى القيادة ومثل ذلك صدمة للمخابرات المصرية . وأثناء عملية الدمج في 13 / يناير / 1966م أعلن راديو القاهرة وصنعاء عن قيادة جديدة لجبهة التحرير مؤلفة من التالية أسمائهم : 1- علي السلامي 2- سالم زين 3- طه مقبل 4- سيف الضالعي 5- عبد الفتاح إسماعيل 6- محمد سالم باسندوه 7- الأمير جعبل بن حسين العوذلي 8- عبد الله الأصنج 9- السلطان أحمد الفضلي 10- عبد الله محمد المجعلي 11- عبد القوي مكاوي أميناً عاماً وتم إقحام سيف الضالعي ضمن قوام القيادة المعلنة دون التشاور معه و خلال انسحاب الجبهة القومية من جبهة التحرير واجهت ضغوطاً شديدة إلى جانب حرمانها من المساعدات العربية والدولية وحملات إعلامية شرسة وعنيفة تمثلت في توقيف البرامج الإذاعية الموجهة من تعز وصنعاء وصوت العرب ضد الجبهة وقادتها وبسبب فقدان الدعم توجهت الجبهة القومية إلى الجماهير الشعبية واعتمدت عليها في المعركة واستطاعت استقطاب العمال والفلاحين والقطاع النسائي والطلاب والصيادين لأن التنظيم كان يتحلى بمواصفات ( القيادة الحكيمة المؤمنة الصادقة والنزعة الإنسانية السامية والنموذج الأخلاقي والسياسي المتفرد والمقدرة القيادية ونكرات الذات وإيثار الآخر والسرية التامة والأمانة والتفاني والإخلاص ) وهذا الذي جعل الجبهة القومية منتصرة وأكسبها ثقة الشعب كذلك بفعل الثقل التنظيمي داخل الجيش والأمن الاتحادي وقد كان للقائد الحكيم ورجل الإقناع والتأثير والدهاء والذكاء والفطنة والخطابة فيصل الشعبي ومعه رفيق دربه قحطان الشعبي دوراً فاعلاً في إيصال الرسالة إلى وعي الجماهير من خلال خطاباته ومقابلاته وكل ما يصدر عنه من بيانات تحث الجماهير على الإيمان بالثورة وعدالة قضيتها وبسبب الخطاب الثوري التعبوي الحماسي لهذا القائد الفذ التفت جماهير الشعب حول الثورة والجبهة القومية وأمدتها بالمال والسلاح والرجال .
الشهيد فيصل الشعبي هو من خطط مع أفراد التنظيم السري للجبهة القومية في الجيش والأمن بقيادة المقدم أحمد محمد بلعيد والرائد محمد قاسم عليو لسيطرة الجبهة القومية على مدينة كريتر في 20 / يونيو / 1967م واستمرت السيطرة لمدة أسبوعين حينها تمردت القوات العسكرية المتمركزة في معسكر ( ليك لين ) وهذا ما عجل بسحب القوات البريطانية من الأرياف ومنذ بداية يوليو 1967م وعندما بدأت تلوح في الأفق بشائر النصر تفرغ فيصل الشعبي لإسقاط المناطق الريفية حيث خطط للمرحلة الأخيرة من حرب التحرير والاستيلاء على السلطة في دويلات ومشيخات وأمارات وسلطنات الجنوب العربي , ففي 26/أغسطس/1967م أسقط فيصل الشعبي سلطنة الحواشب ومعه رفاق الدرب محمد أحمد البيشي وعلي جاحص ومجموعة من الفدائيين وفي طريق عودته اعترضهم عدد من العناصر المنشفة عن الجبهة القومية في منطقة ( جول مدرم ) وتم تسليمهم إلى يد المخابرات المصرية في تعز وتم ترحيل فيصل والبيشي في الحال إلى القاهرة وعذب بقية رفاقهم في سجون المخابرات المصرية بتعز . وبعد سقوط المناطق الريفية بما فيها حضرموت والمهرة حتى نهاية أكتوبر 1967م وسيطرت الجبهة القومية عليها وإدارتها لشؤون المناطق بواسطة اللجان الشعبية ثم أن حصل الاقتتال الأهلي في 3 / نوفمبر / 1967م ولمدة ثلاثة أيام وفي 6/نوفمبر/1967م اشترك فيصل الشعبي في المفاوضات الدائرة في القاهرة بين الجبهة القومية وجبهة التحرير بهدف وقف الاقتتال وكان الوفد المفاوض عن الجبهة القومية مكون من : 1- قحطان الشعبي 2- فيصل الشعبي 3- محمد أحمد البيشي وعن جبهة التحرير كل من : 1- عبد القوي مكاوي 2- عبد الله الأضج 3- عبد الله مطلق صالح وأثناء تلك المباحثات أعلنت قيادة الجيشين الاتحادي والنظامي انحيازهما إلى صفوف الجبهة القومية وتم حسم القضية والصراع بشكل نهائي وقطع وفد الجبهة القومية المفاوضات وسافر مباشرة إلى جنيف لتوقيع اتفاق الاستقلال يوم 22 / نوفمبر / 1967م.
وبعد نيل الاستقلال الناجز في 30 / نوفمبر / 1967م وعند تشكيل أول حكومة وطنية عين فيصل الشعبي وزيراً للاقتصاد والتجارة والتخطيط . وفي المؤتمر الرابع للجبهة القومية المنعقد في الفترة من 2 – 8 / مارس / 1968م أعيد انتخابه ضمن قوام القيادة العامة واللجنة التنفيذية للجبهة القومية و قوامها ( 41 ) عضواً وقد حصل على غالبية الأصوات.
وفي 24 / أغسطس / 1968م أصدرت القيادة العامة قراراً تنظيمياً قضى بموجبه تعيين كل من : فيصل الشعبي وعلى عبد العليم وعبد الفتاح إسماعيل وخالد عبد العزيز أعضاء في اللجنة التنظيمية للجبهة القومية ومهمتها الرد الإعلامي وتفنيد ما يروج له الإعلام المعادي ومن جملة ما قامت به اللجنة في سياق عملها الرد على الافتراءات والمغالطات التي ساقها وسردها نايف حواتمه في كتابه الموسوم ب( أزمة الثورة في الجنوب ) وكان محور الرد ماتضمنه كتاب ( كيف نفهم تجربة الثورة في الجنوب ).
يعد الشهيد فيصل الشعبي وإلى جانبه علي عبد العليم ومحمد أحمد البيشي وأحمد صالح الشاعر ومحمد علي هيثم ومحمد صالح عولقي وعباد ناصر الحسني وحسين الجابري وعلي ناصر محمد وأحمد ناصر الخادم أعضاء اللجنة الأمنية التي قامت بتاطير واستقطاب العناصر العسكرية داخل أجهزة الجيش الاتحادي والأمن واستطاعوا تكوين خلايا تنظيمية داخل صفوف المؤسستين بما لديهم من قدرة على التأثير والإقناع والسرية المطلوبة وبما يتمتعون به من ولاء وثقة الجنود والضباط وبعد الاستقلال واعترافاً بما قدمته مجموعة الضباط والجنود من خدمات أيام معركة التحرير فقد طرح لأول مرة ضرورة اشتراك عناصر من التنظيم السري داخل المؤسستين إلى صفوف القيادة العامة وفي المؤتمر الرابع المنعقد في مدينة (زنجبار) في الفترة من 2 – 8 / مارس / 1968م تم استقطاب العناصر التالية إلى صفوف القيادة العامة وهم : 1- حسين عثمان عشال 2- أحمد صالح الضالعي 3- علي عبد الله الميسري 4- ناجي عبد القوي محمد 5- أحمد سالم عبيد 6- عبد الله مجور 7- علي مقبل .
وفي 6 / إبريل / 1969م كلف فيصل الشعبي بتشكيل الحكومة الثانية بعد الاستقلال حيث حصل لقاء في شهر يوليو 1968م حضره كل من : 1- صالح مصلح 2- علي عنتر 3-عادل خليفة 4- فيصل الشعبي 5- سالم ربيع علي 6- عبد الباري قاسم 7- صالح أحمد مقبل 8- سالم جميل 9- علي شائع 10- سفيان قائد 11- قائد صالح - حيث طرح عادل خليفة وزير العدل والأوقاف في حكومة قحطان ضرورة إيجاد منصب رئاسة الوزراء لأسباب خلافية مع الرئيس قحطان وإعتراضه على وجود بعض الوزراء في الحكومة وفي الفترة من 6 – 20 / إبريل / 1968م عمل فيصل الشعبي على تشكيل الحكومة وتم توزيع الحقائب الوزارية على النحو التالي : 1- فيصل الشعبي رئيساً للوزراء ووزيراً للخارجية 2- محمد صالح عولقي وزيراً للدفاع 3- محمد علي هيثم وزيراً للداخلية 4- عبد الله علي عقبة وزيراً للثقافة والإرشاد 5- أحمد صالح الشاعر وزيراً للزراعة 6- عبد الملك إسماعيل وزيراً للاقتصاد والتجارة والتخطيط ومديراً لمكتب رئيس الوزراء 7- سيف أحمد الضالعي وزيراً للمالية 8- علي ناصر محمد وزيراً للحكم المحلي 9- عمر كتبي عمر وزيراً للعمل والخدمة المدينة 10- محمد عبد القادر بافقيه وزيراً للتربية والتعليم 11- عادل محفوظ خليفة وزيراً للعدل والأوقاف 12- حيدر أبو بكر العطاس وزيراً للأشغال والموصلات 13- أحمد سعيد صدقة وزيراً للصحة .
وفي بداية فبراير 1968م تم الاتفاق على تشكيل لجنة تحضرية تقوم بالإعداد والتحضير للمؤتمر الرابع وتقدم الوثائق وفقاً لما تقتضيه ظروف المرحلة لإقرارها في المؤتمر وفي بداية مارس 1968م تم تشكيل لجنة مكونة من التالية أسمائهم : 1- فيصل عبد اللطيف الشعبي 2- علي عبد العليم 3- عبد الفتاح إسماعيل 4- عبد الله الخامري 5- علي صالح عباد ( مقبل ) وفي نهاية شهر فبراير 1968م سافر فيصل الشعبي إلى جمهورية الصين الشعبية في مهمة عمل رسمية للإطلاع على تجربة الصين الشعبية يرافقه سيف الضالعي وعلي عنتر وأثناء غيابه وبتصرف أحادي قام الخامري ومن خلفه نايف حواتمه الذي كان آنذاك متواجداً في عدن وبايعاز من عبد الفتاح بإعداد وثائق من طرف واحد قدموها إلى المؤتمر قبل عرضها ودراستها من قبل اللجنة التحضيرية المشكلة وكانت بمثابة مفاجئة لغالبية الأعضاء وتم رفضها وعدم الاعتراف بها حيث تنص على برنامج سياسي لا يتفق مع الواقع وظروف المرحلة وقد كان الهدف من ذلك إفشال المؤتمر من قبل عبد الفتاح و الخامري وعبد الله الأشطل وسلطان أحمد عمر بسحب ما قاله المناضل عبد الحميد الشعبي في مقابلة صحفية له حينها تدخلت بعض الأطراف على أساس إيجاد حلول وسط يخرج بها المؤتمر ترضي الجميع وتم الاتفاق على مجموعة قرارات إلا أن هذا الطرف رفض الالتزام بها.
وفي يوم الخميس الموافق 19 / 6 / 1969م حصل اجتماع للقيادة العامة يتعلق بممارسة المسؤوليات والصلاحيات لأعضاء القيادة العامة وكان الهدف من هذا الاجتماع تجريد الرئيس قحطان من صلاحياته لصالح بعض أعضاء القيادة العامة او من أطلق عليهم (العائدين) واستمرت الاجتماعات قرابة أسبوع وكان ذلك بداية العد التنازلي وبروز الخلاف والشقاق إلى السطح بين الجناحين الريديكالي ( العقائدي ) والتقليدي ( المحافظ على الثوابت الوطنية ) وما أطلق عليه فيما بعد اليمين واليسار وإزاء إصرار تلك العناصر انسحب كل من فيصل الشعبي وعلي عبد العليم وسيف الضالعي وخالد عبد العزيز وعبد الله علي عقبة وتوفيق عوبلي لعدم جدوى الحوار وجمد أحمد صالح الشاعر نفسه من عضوية القيادة العامة وفي مساء السبت الموافق 21 / 6 / 1969م عقدت القيادة اجتماعاً آخر ناقشت فيه الموقف المتدهور وأثناء الاجتماع أشعر الحضور بأن الرئيس قحطان ورئيس الوزراء قدما استقالتهما وتم قبولهما والإعلان عنهما صباح 22 / يونيو / 1969م وتم الإعلان عن مجلس للرئاسة مكون من خمسة أعضاء , وبذلك تمكنت القوى الطامحة إلى السلطة والزعامة من بلوغ أهدافها وتمكنت من الدفع والزج ببعض المناضلين الشرفاء خدمةلأجندتها حينها وقع الكثير من المناضلين في فخ التنظير الأجوف وشراك الشعارات البراقة التي ترفعها تلك القوى المتربصة ودفع هؤلاء المناضلين بأثر رجعي ودون استثناء ثمناً باهظاً وخرج الكل خاسر .
لقد تعرض فيصل الشعبي ورفيق دربه قحطان الشعبي إلى حملة ظالمة ومنظمة قبيل انعقاد المؤتمر العام الرابع بشهرين وما نشر على صدر صحيفة ( الثوري ) في عددها ( السادس ) الصادر يوم السبت الموافق 30 / يناير / 1968م وتحت عنوان (الثورة في خطر .. استبدال العيون الزرق بالعيون السود) لكتابه عبد الله الخامري يندرج في هذا السياق وأزاء ذلك استنكرت القيادة العامة للجبهة القومية وشجبت بإجماع أعضائها الحاضرين في الاجتماع ما ورد في ذلك العدد من تشكيكوتهم موجهة إلى سلطة الجبهة القومية وحكومة الثورة وعلى ضوء ذلك أصدرت القيادة العامة بيان تؤكد فيه التزام الجبهة القومية وقيادتها بخطها الثوري التقدمي الذي أوضحته في ميثاقها الوطني , كما أصدرت قرار بتوفيق كاتب المقال وهيئة تحرير الثوري وهم : 1- عبد الله الخامري 2- عبد الله شرف 3- عبد الله الوصابي , كما اتخذت قرار بتجميد سلطان أحمد عمر وعبد الله الخامري وعلى صالح عباد ( مقبل ) من مناصبهم ومسؤولياتهم وحول حقيقة ما جرى لفيصل الشعبي يؤكد الأخ علي مقبل مرشد في مقابلة له مع صحيفة ( 14 أكتوبر ) الصادرة يوم 23 / يناير / 1990م وفي سؤال للصحيفة وماذا بالنسبة للحكم على فيصل الشعبي ؟ أجاب مرشد بالقول : ( هو ليس حكماً إنما نحن بعدها جئنا وعملنا لها تركيبة بعد 22 / يونيو / وفيصل من العناصر البارزة وقائد من قادتنا فكان المسئول السياسي والعسكري هو وسالمين وعن الرواية أجاب : ( الرواية التي سمعناها غير مقبولة في منطق اليوم )..!! لقد حصل نزيف داخل ( جسد البيت الجنوبي ) وتعرض قادته ورموزه منذ الوهلة الأولى للاستقلال وفي مختلف المراحل لمؤامرات داخلية وخارجية كانت من صنيعة الأوصياء والأدعياء (الأمميون والقوميون) العابرون للحدود الهاربون من المجاعة والبطش وبسبب فتح الوطن على مصراعيه وممارسة الانتهازية السياسية والشعارات الفوضوية التي رفعها الدخلاء والغرباء الوافدون الذين جعلوا من ساحة الوطن حقل لتجارتهم الهدامة وأفكارهم وأهوائهم المريضة وبذلك عاثوا في الوطن فساداً وزرعوا الفتنة وقبلوا الأمور وبذروا الشقاق داخل الصف وأخذوا بالمناضلين قتلاً وتشريداً وخسر الوطن جراء أفعالهم وغلوهم خيرة أبنائه ورجالاته وهذا ما أوصلنا إليه من حال وكل المعطيات والوقائع تدلل على ذلك ولم يتوقف ذلك النزيف ولعل الطيبة والتسامح هي مأساة فيصل و قحطان والقيادات الجنوبية من بعدهم مع من ارتكبوا الأخطاء المتكررة من الدعاة والواعظين الوافدينالذين أرادوا تلقين المناضلين الحقيقيين دروساً في الثورية والنضال ولديهم غرائز جبلت الثار والانتقام .
رحم الله أبا ( علاء ) لقد كان رجل علمي وليس ممن يقومون بالتنظير من الأبراج العالية يربط القول بالفعل ويتواجد في كل مكان وموقع تحتاج إليه الثورة وكان رجل عقلاني ومنطقي وواقعي يتصرف بحكمة وينبذ الدفع المتهور وحذر منه كثيراً ويؤمن بحل الخلافات بين الرفاق على طاولة الحوار وكان رجل عزم وثبات ومبدئية حتى النخاع ولأبعد الحدود, رحم الله أبا ( عليا ) لقد بذل الغالي والنفيس في سبيل الوطن وبذر تربة هذه الأرض وغرس فيها ( فسيل الثورة ) وأضاء الطريق لرفاق دربه شموعاً متوهجة وهم يخوضون غمار الحياة النضالية والكفاحية وقدم حياته ومداركه في سبيل انتصار الثورة وإرساء دعائم النظام الوطني, رحم الله أبا ( عائد ) لقد كان رجل دولة من الطراز الرفيع ومعدن المناضلين النادر وكان ينبذ الشقاق والاختلاف واحدي السلوك والتفكير النابع من الضمير والقلب حرصاً منه على حماية الثورة وأهدافها السامية والنبيلة وكان يؤمن بالتعددية السياسية ويتقبل الرأي الآخر ولا يتأفف ولا يتبرم منه , رحمه الله رحمة الأبرار لقد كانت حماسته ومواقفه لم تتسم بالعفوية بل تميزت بالروية الواضحة لكل نشاطه الثوري منذ البداية فاستطاع في أتون الصراع الوطني التحرري الذي خاضته طلائع الثورة منذ الوهلة الأولى أن يجعل من نفسه أداة للتغيير الجذري وهو دون منازع يعد صاحب النهوض الثوري الذي نشأ في عدن والأرياف لقد كان حقاً فيصل و قحطان الشعبي وعلي عبد العليم (أعضاء المثلث الثوري دون منازع) ولقد استلم السلطة من باب التكليف وتركها قناعة وطواعية وهو زاهد عنها .
الشهيد فيصل الشعبي له العديد من الأعمال الفكرية والإصدارات أهمها :
• كيف نفهم تجربة الثورة في الجنوب .
• مؤتمر لندن للخيانة .
• هذه هي الجبهة القومية .
• الجبهة القومية قائدة الكفاح المسلح .
• اتحاد الإمارات المزيف .
• أضواء على الثورة في الجنوب المحتل .
• تقييم في تاريخ الثورة والدولة .
هذه بعض ومضات وملامح من تاريخ الشهيد فيصل الشعبي وهذه سيرته دون تحيز وتعصب وتجني على أحد . وما حصل من تباعد وأشاق في الصف لا شك أنهبفعل العدو الدخيل والأجنبي وأحياناً من صنع الحليف عن جهل بسبب تباين في وجهات النظر وتخبط سياسي لدى البعض وأخطاء وتشوهات اعترت البعض لعدم فهم طبيعة المرحلة والظروف بسبب النقل الميكانيكي لما يعتمل في بعض البلدان والقفز على الواقع المحلي والدفع المتهور الذي جلبه الطامحون الدخلاء مما أوصلنا إلى حالة كهذه وإلى فراغ تاريخي لنخبة المناضلين الأفذاذ الرعيل الأول وانتقلنا من اجتزاء التاريخ وتزييفه إلى مصادرة وطمس التاريخ ومعها ضاعت الحقوق وضاع الحق وكان وقع ذلك أشد إيلاماً على النفوس فهوت بنا الرياح من علياء سماء الحلم والمجد إلى هاوية العدم واليوم نكون أو لا نكون .
لقد رحل جيل الثورة ( الإكتوبرية ) تباعاً إلى عالم الخلود السرمدي وتاريخ الثورة ورجالاتها الأوائل يكاد يتلاش بل طمر ودفن مع رفاتهم لذا فإن خاتمة اجتهادنا المتواضع هذا هدفنا من خلاله وضع خطوط أولية لتاريخ سيرة شخصية جسدت في سلوكها العملي والنضالي قيم الثورة والحرية والوطنية الصادقة ولهذا فإن التدوين الشامل لصولات وجولات الشهيد فيصل الشعبي من الواجب أن تكتب علي أيدي رفاقه الذين لا زالوا على قيد الحياة فهم أجدر وأقدر من يكتب عنه , فتاريخ الثورةوأبطالها لم يكتب عنه إلا قليل على أيدي بعض الأخوة العرب والمستشرقين أمثال ( فيتالي نوكمين وأحمد عطية المصري ) .
ولا يسعنا في هذه المناسبة إلا أن تنحني هاماتنا إجلالاً وإكباراً أمام هامتنا الباسقة الشهيد البطل ( فيصل الشعبي ) وكل قادتنا صانعي مجد شعبنا وتاريخ أمتنا آبائناالرعيل الأول من المناضلين الذين سطروا التاريخ بأحرف من نار ونور وضحوا بالغالي والنفيس وبذلوا العرق والمال والدم في سبيل عزتنا وكرامتنا وسيادتنا واستقلالنا فمن الواجب على جيل الحاضر والمستقبل أن ينهل ويستلهم من تراثهم وأفكارهم وبهداهم يقتدي وأن يستفيد من الدروس والعبر بمزيداً من التراص والتظافر والتلاحم لمجابهة الأخطار المحدقة وفي سبيل استعادة الحق كامل الحق.
وختاماً فإن مما لا شك فيه إن عوامل كثيرة قد حالت في شحة المعلومات التي توثق لحياة الشهيد البطل والتي افتقدناها في زحمة الأحداث المتتالية ولذلك فإننا لا نستطيع أن نفي القامة الوطنية الباسقة والقائد العظيم حقه من الوفاء لذاء نستميحك عذراً أيها القائد الفذ ..
وبالمقابل نأمل تفهم ما قمنا به من تدوين عبر هذا الرصد المتواضع لحياة الشهيد فما هو إلا قطرة في بحر النضال وسفر التاريخ الناصع لقائدنا المغوار ونعد ذلك محاولة اجتهادية حاولنا فيها ومن خلالها توثيق ما أمكن من اللحظات والأحداث الهامة والتاريخية في حياة الشهيد التي سطرها بأحرف من نار ونور ولا شك إن سيرته بلا حدود فلا يستطيع أحد إن يفي علمنا البارز حقه وأن سطر آلاف الصفحات وعشرات الكتب عن سيرته وما قمنا به من تدوين مبسط يعتريه الكثير من النقص والقصور ولكن أردنا في محاولة اجتهادية وبعد أربعة عقود ونيف على رحيل الشهيد أن نملأ بعض الفراغ محاولين بذلك اقتناص وتوثيق ما أمكن توثيقه من تاريخ الشهيد الحافل بالعطاء والمآثر والبطولات والتضحيات الجسام لكي لا ينسى ويتبدد أثره في زحمة الزمان والمكان بأحداثه المتسارعة دون أن تدركه وتتناقله أجيال الحاضر والمستقبل لتستلهم منه وقبل أن يطمس ويطوي للأبد في غياهب النسيان .
ستظل أبا ( علاء ) تضحياتكم ونضالاتكم عالقة في الذهن محفورة في الذاكرة والوجدان أبا (عليا) ستظل أفكاركم راسخة في التفكير وملهمة للأجيال أبا ( عائد ) ستظل حياً في القلوب وفي الذاكرة الوطنية الحية .
ولك السلام .. وعليك السلام .. وإليك السلام من أصدقائك وزملائك ورفاقك ومحبيك .. ويقرئك السلام علاء ، وعليا ، وعائد .
وفي جنات الخلد مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا (آمين) .

الإنجازات العظيمة والتاريخية في حياة الشعوب والأمم يصنعها رجال عباقرة أفذاذ وعظماء يسطرون التاريخ ويدونون أنصع صفحات البطولة والتضحية والفداء المعزز بالنصر والمكلل بالمجد والعزة والكرامة عبر ما يقدمونه من شرف البذل والعطاء في سبيل مجد أمتهم وازدهار أوطانهم وفي سماء الوطن الحبيب يبرز اسماً لامعاً يمتلك نبلاً وأخلاقاً , كفاحاً ونضالاً , قيادتاً وريادتاً . شخصية سطرت صفحات زاهية من البطولات والتضحيات , شخصية لها سجل مجيد وتاريخ حافل بالمآثر عبر المسيرة الكفاحية والنضالية لشعبنا من أجل التحرر والاستقلال , شخصية أرعبت المستعمرين بشجاعتها الأسطورية وأصلتهم جحيماً , شخصية صالت وجالت الجبال والهضاب والسهول والوديان ريفاً وحضراً طولاً وعرضاً تحمل بيدها بندقية وأصبعها على الزناد وبالأخرى قلم وفي الوجدان والذاكرة قضية وفكر متقد , شخصية زلزلت الأرض تحت أقدام المستعمر وقضت مضاجع الإمبراطورية التي لم تغب عنها الشمس , شخصية استثنائية كانت ( نبراساً للثورة ) من المؤمنين الصادقين الذين يمتلكون عزماً وثباتاً صنديد وفذ , ماجد وشجاع , مكافح ومجاهد , شخصية سطعت في سماء الوطن وحلقت كثيراً , شخصية لن تنساها ذاكرة التاريخ والذاكرة الوطنية الحية إنه الشهيد البطل ( فيصل عبد اللطيف الشعبي ).ففي 1 / إبريل / 1970م وعند الساعة الثانية ظهراً غاب نجم القائد والإنسان وصعدت روحه الطاهرة إلى بارئها يومها تم إذاعة الخبر الحزين مقتل ( استشهاد ) ( فيصل الشعبي ) في معسكر ( الفتح ) وأذيع البيان بلسان ( عبد الله الخامري ) وزير الإعلام وقتذاك وجاء في بيان ( الفرية المختلقة والرواية الساذجة ) أن فيصل الشعبي حاول انتزاع السكين من يد الحارس ..!! وبعد الحادثة الأليمة نشرت مجلة ( الحارس ) التي يرأس تحريرها حينذاك (راشد محمد ثابت) في عددها ( العاشر ) السنة ( الأولى ) الصادر في 15 / إبريل / 1970م بعد أسبوعين على الحادثة جملة من الافتراءات وتحت مسمى ( وثائق دامغة بخط العناصر المتآمرة ضد الثورة ) وهي عبارة عن رسائل مزعومة وعددها ( 5 ) رسائل متبادلة من داخل السجن بين فيصل الشعبي وكل من : علي عبد العليم وعوض ناصر النخعي وعلوي عبد الإله وكما جاء في حيثيات الزيف ( اغتيال الرفيق عبد الفتاح إسماعيل كان أول العمليات المدبرة لتصفية العناصر الثورية وتقويض النظام ) .. جملة الرسائل ليس فيها من دلالة وليست بخط فيصل ورفاقه الآخرين إطلاقاً ..!! وفي الأول من إبريل 2012م تصادف الذكرى الثانية والأربعين لاستشهاد رائد الثورة ونبراسها ومن باب الحقيقة والوفاء والإنصاف لهذه القامة السامغة ندون ما أمكن من السيرة الحافلة لعلمنا البارز بين دفتي هذه السطور :ولد ( فيصل عبد اللطيف الشعبي ) في أسرة فلاحية تقطن قرية (شعب ) المجاورة طور الباحة ناحية الصبيحة الواقعة قرب السلطنة العبدلية اللحجية حالياً محافظة لحج عام 1936م وبعد مقتل الشيخ ( عبد اللطيف الشعبي ) والد فيصل كفله الشيخ ( محمد رشاد ) زوج والدته وتربى في كنفه إلى جانب أخيه غير الشقيق ( عبد القوي محمد رشاد ) .نال فيصل عبد اللطيف الشعبي قسطاً من التعليم حيث تلقى تعليمه الابتدائي في المدرسة (العدلية ) بجبل حديد عام 1945م وهي مدرسة تضم أبناء المشائخ والسلاطين وتسمى ب (كلية أبناء السلاطين ) التي فتحت أبوابها عام 1936م ثم انتقل عام 1951م إلى المدرسة (المحسنية ) في حوطة لحج ودرس فيها المرحلة الإعدادية وفي عام 1954م غادر الوطن للدراسة إلى الجمهورية العربية المتحدة حيث مكث في حي ( جاردن سيتي ) ثم منطقة (العجوزة ) ودرس الثانوية والجامعة وتخرج بدرجة بكلاريوس من كلية التجارة والاقتصاد عام 1959م.عمل فيصل الشعبي على تكثيف نشاطه السياسي منذ أن كان طالباً في القاهرة حينها انضم إلى حركة القوميين العرب أثناء دراسته وهو أول طالب من أبناء الجنوب العربي ينضم للحركة وبعد التخرج من الدراسة عام 1959م عاد إلى أرض الوطن وأسس أول فرع لحركة القوميين العرب على مستوى الجنوب والجزيرة العربية والتي انضم إليها قحطان الشعبي وجماعته الذين ينتمون لحزب الرابطة وفي نفس العام شارك فيصل رفيق دربه قحطان الشعبي في وضع كتيب باسم حركة القوميين العرب يدعوا فيه للكفاح المسلح ضد الوجود الاستعماري البريطاني ويعتبر أهم وثيقة سياسية وطنية خلال مرحلة الاحتلال البريطاني للجنوب العربي .وفي نهاية شهر ديسمبر 1959م غادر فيصل و قحطان الشعبي إلى دمشق على رأس وفد حركة القوميين العرب فرع الجنوب لإقناع قيادة الحركة المركزية بفكرة قيام الثورة في الجنوب العربي المحتل في الوقت الذي كانت بعض القوى السياسية على الساحة الوطنية ترى إمكانية تحقيق الاستقلال بالطرق السلمية واستطاعوا إقناع غالبية أعضاء الحركة بالفكرة.عمل فيصل الشعبي بعد التخرج لفترة وجيزة في سلطنة لحج العبدلية , ثم في وزارة الاقتصاد والتخطيط في حكومة الاتحاد الفدرالية لعدة أشهر , وفي النصف الأول من عام 1961م عقد اجتماع في منزل فيصل الشعبي في مدينة الشيخ عثمان ( حافة الهاشمي ) وفي هذا الاجتماع الذي حضره أعضاء المرتبة التنظيمية لحركة القوميين العرب فرع الجنوب تم الاتفاق على البدء في إنشاء جمعيات في المناطق الريفية ظاهرها خيري ومضمونها سياسي تتفق مع فكرة وأهداف الحركة .وبعد الاجتماع الذي عقد في 24 / فبراير / 1963م في مكتب الجنوب العربي بصنعاء برئاسة قحطان الشعبي وحضرته مائة شخصية من أبناء الجنوب من قادة وسياسيين وشيوخ قبائل وصدر على إثره بيان بقيام ( جبهة تحرير الجنوب العربي المحتل ) والذي غير الاسم فيما بعد إلى الجبهة القومية وحينها عمل فيصل الشعبي على إعلان قيام جبهة موحدة بعد أن دمجت سبع فصائل سياسية وهي : 1- حركة القوميين العرب فرع الجنوب 2- الجبهة الناصرية 3- تشكيلات القبائل في ردفان 4- التنظيم السري للضباط والجنود الأحرار 5- جبهة الإصلاح اليافعية 6- المنظمة القومية لأحرار الجنوب المحتل 7- الجبهة الوطنية وسميت الجبهة القومية وعين قحطان الشعبي قائداً لها وبتوجيه من قحطان وفيصل الشعبي عادة مجموعة من أبناء ردفان بقيادة الشيخ ( راجح بن غالب لبوزه ) إلى منطقتهم نهاية سبتمبر 1963م ليكونوا على أهبة الاستعداد عندما تنطلق حرب التحرير وفي صبيحة 14/أكتوبر/1963م تقدم الجيش الاتحادي إلى وادي ( المصراح ) ويومها وقت معركة بين القوات البريطانية ومجموعة أبناء ردفان الثائرة والعائدة من صنعاء سقط على إثرها لبوزة شهيداً , استغل قحطان ذلك الحدث وأعلن قيام الثورة المسلحة ضد الوجود الاستعماري البريطاني وأذيع الخبر من إذاعات صوت العرب والقاهرة وصنعاء ودمشق وبغداد في وقت واحد .وفي 24 / ديسمبر / 1963م دعاء فيصل الشعبي إلى حل فرع حركة القوميين العرب فرع الجنوب بعد موافقة قيادة الحركة المركزية وأعلن انضمام الفرع إلى صف الثورة وعقد الاجتماع في منطقة الشيخ عثمان وحضرته قيادات الحركة في المناطق وهم : ( 1- علي عبد العليم 2- محمد سعيد مصبعين 3- محمد علي هيثم 4- علي ناصر محمد 5- سالم ربيع علي 6- علي صالح عباد ) وتم في هذا الاجتماع اتخاذ قرار بوقف المنشورات والبيانات باسم الحركة وتم إصدارها تحت المسمى الجديد باسم الثورة بقيادة الجبهة القومية .وفي يناير 1964م تم عقد لقاء في الشيخ عثمان ترأسه فيصل وفي هذا الاجتماع تم تقييم الموقف العسكري في ردفان وجرى الاتفاق على البدء في العمليات العسكرية الفدائية في العاصمة ( عدن ) وأن توسع دائرة المعركة وتفتح جبهات قتال جديدة في بعض المناطق وهذا ما تم تنفيذه لاحقاً حيث فتحت ( 12 ) جبهة قتال في مختلف المناطق وكان من أهداف انتقال المعركة إلى قلب المستعمرة عدن والمناطق الأخرى هو تخفيف الضغط على جبهة ردفان وإيصال صوت الثورة إلى الرأي العام ودخول قضية الجنوب إلى المحافل الدولية وإثبات قدرة الشعب في الجنوب على تحمل مسؤولياته في الوقوف ضد المستعمر وحماية شعب الجنوب من بطش الاحتلال وبعد فتح جبهة عدن عمل فيصل الشعبي شخصياً على إدخال أول شحنة سلاح إلى قلب المستعمرة وذلك في 30 / نوفمبر / 1964م وهي عبارة عن مجموعة قنابل يدوية وعدد محدود من الرشاشات الآلية والذخائر وفي 18 / يوليو / 1964م أشرف بنفسه على دخول بعض من تلك الشحنة إلى قلب القاعدة البريطانية في خور مكسر وفي 26/يوليو/1964م أي بعد أسبوع واحد فقط قام الفدائيون بضرب المطار الحربي لقوات الاحتلال الواقع في مدينة خور مكسر وتم خلالها إحراق ثلاث طائرات حربية نوع ( هنتر – ولي?رلي ) وكانت أول عملية تفتح جبهة عدن ينفذها الفدائيون ويومها أصدر فيصل الشعبي البلاغ رقم ( 1 ) عن جبهة عدن وكلف المناضل الفدائي ( محمد سعيد مصعبين ) بنقل البلاغ إلى القيادة العامة وفي 29 / يوليو / 1964م أذيع من راديو ( صوت العرب ) بالقاهرة وبصوت الإذاعي المصري ( أحمد سعيد ) عن فتح جبهة عدن وكانت ثالث جبهة بعد ردفان والضالع وفي 10 / أغسطس / 1964م أشرف على تنفيذ عملية إطلاق عدة صواريخ نوع (بازوكا) على البنك الشرقي والمجلس التشريعي والإذاعة أشار إليها راديو ( لندن ) بالقول : ( إن الأعمال الحربية قد انتقلت إلى قلب القاعدة البريطانية بعدن) .لقد خطط وشارك وأشرف فيصل الشعبي على مجمل العمليات الجريئة والنوعية التي لا يتسع هنا المجال لذكرها , وفي 15 / أغسطس / 1964م وصل فيصل الشعبي إلى تعز قادماً من عدن وقام بترتيب أعضاء القيادة المركزية التنفيذية للجبهة القومية من التالية أسمائهم :- (قحطان محمد الشعبي – سيف أحمد الضالعي –سالم زين محمد – طه مقبل – علي السلامي – جعفر علي عوض – علي محمد سالم الشعبي – عبد القادر سعيد طاهر – خالد عبد العزيز – نور الدين قاسم – عبد الفتاح إسماعيل – أحمد صالح الشاعر – علي عبد العليم) . وفي 1/سبتمبر/1964م عاد إلى عدن وقاد الكفاح المسلح ثانية ولم يغادر عدن إلا بعد تشكيل قيادة جديدة للقطاع الفدائي بعدن مكونة من التالية أسمائهم :- ( 1- علي عبد العليم 2- أحمد صالح الشاعر 3- نور الدين قاسم 4- عبد الفتاح إسماعيل 5- خالد عبد العزيز )وفي مارس 1965م شارك فيصل الشعبي في لقاء بالقاهرة بدعوة من الجامعة العربية بهدف إيجاد إطار تنظيمي موحد للعمل التحرري بين الجبهة القومية وحزب الشعب الاشتراكي والرابطة وقد مثل الجبهة القومية في هذا الاجتماع كل من : 1- قحطان الشعبي 2- فيصل الشعبي 3- سالم ربيع علي 4- محمد أحمد البيشي 5- قاسم عبد الله الزومحي 6- عبد الله محمد المجعلي 7- عبد الله مطلق صالح إلا أن اللقاء فشل ولم يتوصل إلى نتيجة للتباعد في الأراء والمواقف . وفي شهر يونيو 1965 تمكن جهاز المخابرات البريطانية في عدن من اعتقال قيادة القطاع الفدائي في عدن وعددهم ( 49 ) ولم يفلت من الاعتقال عدا شخصين ويعود السبب إلى أن شاب أردني من أصل فلسطيني يدعى ( زكي قريح ) موفد من حركة القوميين العرب قدم لتدريب القطاع الفدائي وقد حضر أحد الاجتماعات وتمكن من معرفة قيادة القطاع وكان ذلك خطأً فادحاً للسرية وطبيعة العمل وحينها أبلغ المخابرات البريطانية وعند انكشاف أمره وعلمه بذلك عاد سراً إلى الأردن وحكم عليه بالإعدام غيابياً وتم ملاحقته من قبل الحركة ونفذ فيه الإعدام , وفي 9 / أكتوبر / 1965م عاد فيصل الشعبي من زيارته لبعض الدول العربية وأعاد ترتيب أوضاع القطاع الفدائي في عدن للمرة الثانية وأعاد للجبهة القومية وقطاعها قدرتهما العسكرية بأكثر فعالية الأمر الذي أذهل المخابرات البريطانية خصوصاً وأنها كانت تعتقد إن جبهة عدن قد ضربت في الصميم وكلف بقيادة القطاع الحاج صالح باقيس وخلفه سالم ربيع علي بقيادة القطاع بعد أن تم استقدام عناصر من جيش التحرير من الأرياف إلى جبهة عدن.شارك فيصل الشعبي في الإعداد والتحضير للمؤتمر الأول للجبهة القومية المنعقد في الفترة من 21 – 22 / يونيو / 1965م بحارة المستشفى بمقر الجبهة القومية بمدينة تعز وقد حضر المؤتمر ( 42 ) عضواً ولم يتمكن فيصل الشعبي من المشاركة في المؤتمر الثاني لاحتجازه في القاهرة ومعه قحطان الشعبي وقد شارك في أعمال هذا المؤتمر ( 51 ) عضواً .يعد فيصل الشعبي من أبرز معارضي الدمج القسري بين الجبهة القومية وجبهة التحرير الذي تم في 13 / يناير / 1966م لأنه تم بطريقة غير تنظيمية وأدى إلى تمزيق جبهات القتال وعشية
الدمج كان فيصل الشعبي في جبهة عدن مستمراً في قيادة الثورة وقطاعها الفدائي وفي صبيحة 14 / يناير / 1966م وصل إلى تعز وبرفقته أحمد صالح الشاعر بهدف احتواء عملية الدمج وطرحها من جديد وفي 23 / يناير / 1966م طلب فيصل الشعبي عقد اجتماع عاجل للمجلس الوطني لقيادة الثورة للوقوف أمام ما حدث وتم توجيه الدعوة لانعقاد المجلس في ذات اليوم إلا أن جهاز المخابرات المصري في تعز حال دون انعقاد الاجتماع و خلال تواجده في تعز دبرت له المخابرات المصرية سفره إلى القاهرة بحجة إجراء محادثات مع الفيصل الآخر ومقابلة الزعيم المصري جمال عبد الناصر وهناك تم اعتقاله إلى جانب قحطان الشعبي الذي كان متواجداً في القاهرة ومنعا من التحرك والمغادرة من قبل الأجهزة الأمنية المصرية لمدة تسعة أشهر بعدها استطاع فيصل أن يغادر مصر بعد أن قام بترتيبات محددة أوهمت السلطات المصرية بأن زوجته تتلقى العلاج في إحدى مستشفيات بيروت فسمح له بزيارتها وأفلت من الاحتجاز واتجه من بيروت إلى تعز وفي 20 / أكتوبر / 1966م دخل جبهة عدن بمفرده وقرر بشريعة خطوة 14 / أكتوبر / 1966م المعارضة والرافضة للدمج واستمر في قيادة الكفاح المسلح في جبهات القتال المختلفة وبرغم من إعلان الدمج إلا أن الجبهة القومية وبحنكة هذا القائد ورفيق دربه قحطان الشعبي ظلت محتفظة بسريتها ومتمسكة بقواعدها ومكانتها التنظيمية حيث ظلت القيادة المنبثقة عن المؤتمر الثاني المنعقد في جبلة طوال فترة التعايش والهدنة ضمن قوام جبهة التحرير تسعى في محاولات دائبة مع الأجهزة المصرية لإعادة النظر في عملية الدمج والعمل على تأسيس وحدة وطنية وشراكة حقيقية على أسس سليمة ورفض أسلوب الوحدة الوطنية المفروضة من فوق وكانت المخابرات المصرية تتوهم من عملية الدمج واحتجاز قادة الجبهة سيمكنها من ترتيب الأوضاع على حساب الجبهة القومية وبعد الاتصالات العديدة لقيادة الجبهة القومية مع القيادة المصرية والتي لم تثمر عن فعل ملموس علاوة على احتجاز قيادة ( الجبهة والتفاوض ) مما أثر على الكفاح المسلح وهذا ما أفرز لدى قيادات وقواعد الجبهة القومية شعوراً بضرورة إعلان الكفاح المسلح بصورة مستقلة عن جبهة التحرير وفي 29 نوفمبر - 3 ديسمبر / 1966م تزعم فيصل الشعبي مؤتمر الجبهة القومية الثالث المنعقد في منطقة ( حمر ) قعطبة والذي حضره ممثلو المناطق وغالبية القيادة العامة وقرر المؤتمر رفض اتفاقية الإسكندرية حول الدمج الموقعة في أغسطس 1966م وقرر بشرعية خطوة 14 / أكتوبر / 1966م وقرر الانفصال عن جبهة التحرير بإجماع (52 ) مندوباً وتحفظ ( 12 ) مندوباً وغياب اثنين بعذر وكلف فيصل الشعبي وعبد القادر أمين بصياغة قرارات المؤتمر وتم ذلك في إحدى مساجد قعطبة وأعاد المؤتمر انتخاب فيصل و قحطان الشعبي إلى القيادة ومثل ذلك صدمة للمخابرات المصرية . وأثناء عملية الدمج في 13 / يناير / 1966م أعلن راديو القاهرة وصنعاء عن قيادة جديدة لجبهة التحرير مؤلفة من التالية أسمائهم : 1- علي السلامي 2- سالم زين 3- طه مقبل 4- سيف الضالعي 5- عبد الفتاح إسماعيل 6- محمد سالم باسندوه 7- الأمير جعبل بن حسين العوذلي 8- عبد الله الأصنج 9- السلطان أحمد الفضلي 10- عبد الله محمد المجعلي 11- عبد القوي مكاوي أميناً عاماً وتم إقحام سيف الضالعي ضمن قوام القيادة المعلنة دون التشاور معه و خلال انسحاب الجبهة القومية من جبهة التحرير واجهت ضغوطاً شديدة إلى جانب حرمانها من المساعدات العربية والدولية وحملات إعلامية شرسة وعنيفة تمثلت في توقيف البرامج الإذاعية الموجهة من تعز وصنعاء وصوت العرب ضد الجبهة وقادتها وبسبب فقدان الدعم توجهت الجبهة القومية إلى الجماهير الشعبية واعتمدت عليها في المعركة واستطاعت استقطاب العمال والفلاحين والقطاع النسائي والطلاب والصيادين لأن التنظيم كان يتحلى بمواصفات ( القيادة الحكيمة المؤمنة الصادقة والنزعة الإنسانية السامية والنموذج الأخلاقي والسياسي المتفرد والمقدرة القيادية ونكرات الذات وإيثار الآخر والسرية التامة والأمانة والتفاني والإخلاص ) وهذا الذي جعل الجبهة القومية منتصرة وأكسبها ثقة الشعب كذلك بفعل الثقل التنظيمي داخل الجيش والأمن الاتحادي وقد كان للقائد الحكيم ورجل الإقناع والتأثير والدهاء والذكاء والفطنة والخطابة فيصل الشعبي ومعه رفيق دربه قحطان الشعبي دوراً فاعلاً في إيصال الرسالة إلى وعي الجماهير من خلال خطاباته ومقابلاته وكل ما يصدر عنه من بيانات تحث الجماهير على الإيمان بالثورة وعدالة قضيتها وبسبب الخطاب الثوري التعبوي الحماسي لهذا القائد الفذ التفت جماهير الشعب حول الثورة والجبهة القومية وأمدتها بالمال والسلاح والرجال .الشهيد فيصل الشعبي هو من خطط مع أفراد التنظيم السري للجبهة القومية في الجيش والأمن بقيادة المقدم أحمد محمد بلعيد والرائد محمد قاسم عليو لسيطرة الجبهة القومية على مدينة كريتر في 20 / يونيو / 1967م واستمرت السيطرة لمدة أسبوعين حينها تمردت القوات العسكرية المتمركزة في معسكر ( ليك لين ) وهذا ما عجل بسحب القوات البريطانية من الأرياف ومنذ بداية يوليو 1967م وعندما بدأت تلوح في الأفق بشائر النصر تفرغ فيصل الشعبي لإسقاط المناطق الريفية حيث خطط للمرحلة الأخيرة من حرب التحرير والاستيلاء على السلطة في دويلات ومشيخات وأمارات وسلطنات الجنوب العربي , ففي 26/أغسطس/1967م أسقط فيصل الشعبي سلطنة الحواشب ومعه رفاق الدرب محمد أحمد البيشي وعلي جاحص ومجموعة من الفدائيين وفي طريق عودته اعترضهم عدد من العناصر المنشفة عن الجبهة القومية في منطقة ( جول مدرم ) وتم تسليمهم إلى يد المخابرات المصرية في تعز وتم ترحيل فيصل والبيشي في الحال إلى القاهرة وعذب بقية رفاقهم في سجون المخابرات المصرية بتعز . وبعد سقوط المناطق الريفية بما فيها حضرموت والمهرة حتى نهاية أكتوبر 1967م وسيطرت الجبهة القومية عليها وإدارتها لشؤون المناطق بواسطة اللجان الشعبية ثم أن حصل الاقتتال الأهلي في 3 / نوفمبر / 1967م ولمدة ثلاثة أيام وفي 6/نوفمبر/1967م اشترك فيصل الشعبي في المفاوضات الدائرة في القاهرة بين الجبهة القومية وجبهة التحرير بهدف وقف الاقتتال وكان الوفد المفاوض عن الجبهة القومية مكون من : 1- قحطان الشعبي 2- فيصل الشعبي 3- محمد أحمد البيشي وعن جبهة التحرير كل من : 1- عبد القوي مكاوي 2- عبد الله الأضج 3- عبد الله مطلق صالح وأثناء تلك المباحثات أعلنت قيادة الجيشين الاتحادي والنظامي انحيازهما إلى صفوف الجبهة القومية وتم حسم القضية والصراع بشكل نهائي وقطع وفد الجبهة القومية المفاوضات وسافر مباشرة إلى جنيف لتوقيع اتفاق الاستقلال يوم 22 / نوفمبر / 1967م.وبعد نيل الاستقلال الناجز في 30 / نوفمبر / 1967م وعند تشكيل أول حكومة وطنية عين فيصل الشعبي وزيراً للاقتصاد والتجارة والتخطيط . وفي المؤتمر الرابع للجبهة القومية المنعقد في الفترة من 2 – 8 / مارس / 1968م أعيد انتخابه ضمن قوام القيادة العامة واللجنة التنفيذية للجبهة القومية و قوامها ( 41 ) عضواً وقد حصل على غالبية الأصوات.وفي 24 / أغسطس / 1968م أصدرت القيادة العامة قراراً تنظيمياً قضى بموجبه تعيين كل من : فيصل الشعبي وعلى عبد العليم وعبد الفتاح إسماعيل وخالد عبد العزيز أعضاء في اللجنة التنظيمية للجبهة القومية ومهمتها الرد الإعلامي وتفنيد ما يروج له الإعلام المعادي ومن جملة ما قامت به اللجنة في سياق عملها الرد على الافتراءات والمغالطات التي ساقها وسردها نايف حواتمه في كتابه الموسوم ب( أزمة الثورة في الجنوب ) وكان محور الرد ماتضمنه كتاب ( كيف نفهم تجربة الثورة في الجنوب ).يعد الشهيد فيصل الشعبي وإلى جانبه علي عبد العليم ومحمد أحمد البيشي وأحمد صالح الشاعر ومحمد علي هيثم ومحمد صالح عولقي وعباد ناصر الحسني وحسين الجابري وعلي ناصر محمد وأحمد ناصر الخادم أعضاء اللجنة الأمنية التي قامت بتاطير واستقطاب العناصر العسكرية داخل أجهزة الجيش الاتحادي والأمن واستطاعوا تكوين خلايا تنظيمية داخل صفوف المؤسستين بما لديهم من قدرة على التأثير والإقناع والسرية المطلوبة وبما يتمتعون به من ولاء وثقة الجنود والضباط وبعد الاستقلال واعترافاً بما قدمته مجموعة الضباط والجنود من خدمات أيام معركة التحرير فقد طرح لأول مرة ضرورة اشتراك عناصر من التنظيم السري داخل المؤسستين إلى صفوف القيادة العامة وفي المؤتمر الرابع المنعقد في مدينة (زنجبار) في الفترة من 2 – 8 / مارس / 1968م تم استقطاب العناصر التالية إلى صفوف القيادة العامة وهم : 1- حسين عثمان عشال 2- أحمد صالح الضالعي 3- علي عبد الله الميسري 4- ناجي عبد القوي محمد 5- أحمد سالم عبيد 6- عبد الله مجور 7- علي مقبل .وفي 6 / إبريل / 1969م كلف فيصل الشعبي بتشكيل الحكومة الثانية بعد الاستقلال حيث حصل لقاء في شهر يوليو 1968م حضره كل من : 1- صالح مصلح 2- علي عنتر 3-عادل خليفة 4- فيصل الشعبي 5- سالم ربيع علي 6- عبد الباري قاسم 7- صالح أحمد مقبل 8- سالم جميل 9- علي شائع 10- سفيان قائد 11- قائد صالح - حيث طرح عادل خليفة وزير العدل والأوقاف في حكومة قحطان ضرورة إيجاد منصب رئاسة الوزراء لأسباب خلافية مع الرئيس قحطان وإعتراضه على وجود بعض الوزراء في الحكومة وفي الفترة من 6 – 20 / إبريل / 1968م عمل فيصل الشعبي على تشكيل الحكومة وتم توزيع الحقائب الوزارية على النحو التالي : 1- فيصل الشعبي رئيساً للوزراء ووزيراً للخارجية 2- محمد صالح عولقي وزيراً للدفاع 3- محمد علي هيثم وزيراً للداخلية 4- عبد الله علي عقبة وزيراً للثقافة والإرشاد 5- أحمد صالح الشاعر وزيراً للزراعة 6- عبد الملك إسماعيل وزيراً للاقتصاد والتجارة والتخطيط ومديراً لمكتب رئيس الوزراء 7- سيف أحمد الضالعي وزيراً للمالية 8- علي ناصر محمد وزيراً للحكم المحلي 9- عمر كتبي عمر وزيراً للعمل والخدمة المدينة 10- محمد عبد القادر بافقيه وزيراً للتربية والتعليم 11- عادل محفوظ خليفة وزيراً للعدل والأوقاف 12- حيدر أبو بكر العطاس وزيراً للأشغال والموصلات 13- أحمد سعيد صدقة وزيراً للصحة .وفي بداية فبراير 1968م تم الاتفاق على تشكيل لجنة تحضرية تقوم بالإعداد والتحضير للمؤتمر الرابع وتقدم الوثائق وفقاً لما تقتضيه ظروف المرحلة لإقرارها في المؤتمر وفي بداية مارس 1968م تم تشكيل لجنة مكونة من التالية أسمائهم : 1- فيصل عبد اللطيف الشعبي 2- علي عبد العليم 3- عبد الفتاح إسماعيل 4- عبد الله الخامري 5- علي صالح عباد ( مقبل ) وفي نهاية شهر فبراير 1968م سافر فيصل الشعبي إلى جمهورية الصين الشعبية في مهمة عمل رسمية للإطلاع على تجربة الصين الشعبية يرافقه سيف الضالعي وعلي عنتر وأثناء غيابه وبتصرف أحادي قام الخامري ومن خلفه نايف حواتمه الذي كان آنذاك متواجداً في عدن وبايعاز من عبد الفتاح بإعداد وثائق من طرف واحد قدموها إلى المؤتمر قبل عرضها ودراستها من قبل اللجنة التحضيرية المشكلة وكانت بمثابة مفاجئة لغالبية الأعضاء وتم رفضها وعدم الاعتراف بها حيث تنص على برنامج سياسي لا يتفق مع الواقع وظروف المرحلة وقد كان الهدف من ذلك إفشال المؤتمر من قبل عبد الفتاح و الخامري وعبد الله الأشطل وسلطان أحمد عمر بسحب ما قاله المناضل عبد الحميد الشعبي في مقابلة صحفية له حينها تدخلت بعض الأطراف على أساس إيجاد حلول وسط يخرج بها المؤتمر ترضي الجميع وتم الاتفاق على مجموعة قرارات إلا أن هذا الطرف رفض الالتزام بها.وفي يوم الخميس الموافق 19 / 6 / 1969م حصل اجتماع للقيادة العامة يتعلق بممارسة المسؤوليات والصلاحيات لأعضاء القيادة العامة وكان الهدف من هذا الاجتماع تجريد الرئيس قحطان من صلاحياته لصالح بعض أعضاء القيادة العامة او من أطلق عليهم (العائدين) واستمرت الاجتماعات قرابة أسبوع وكان ذلك بداية العد التنازلي وبروز الخلاف والشقاق إلى السطح بين الجناحين الريديكالي ( العقائدي ) والتقليدي ( المحافظ على الثوابت الوطنية ) وما أطلق عليه فيما بعد اليمين واليسار وإزاء إصرار تلك العناصر انسحب كل من فيصل الشعبي وعلي عبد العليم وسيف الضالعي وخالد عبد العزيز وعبد الله علي عقبة وتوفيق عوبلي لعدم جدوى الحوار وجمد أحمد صالح الشاعر نفسه من عضوية القيادة العامة وفي مساء السبت الموافق
21 / 6 / 1969م عقدت القيادة اجتماعاً آخر ناقشت فيه الموقف المتدهور وأثناء الاجتماع أشعر الحضور بأن الرئيس قحطان ورئيس الوزراء قدما استقالتهما وتم قبولهما والإعلان عنهما صباح 22 / يونيو / 1969م وتم الإعلان عن مجلس للرئاسة مكون من خمسة أعضاء , وبذلك تمكنت القوى الطامحة إلى السلطة والزعامة من بلوغ أهدافها وتمكنت من الدفع والزج ببعض المناضلين الشرفاء خدمةلأجندتها حينها وقع الكثير من المناضلين في فخ التنظير الأجوف وشراك الشعارات البراقة التي ترفعها تلك القوى المتربصة ودفع هؤلاء المناضلين بأثر رجعي ودون استثناء ثمناً باهظاً وخرج الكل خاسر .لقد تعرض فيصل الشعبي ورفيق دربه قحطان الشعبي إلى حملة ظالمة ومنظمة قبيل انعقاد المؤتمر العام الرابع بشهرين وما نشر على صدر صحيفة ( الثوري ) في عددها ( السادس ) الصادر يوم السبت الموافق 30 / يناير / 1968م وتحت عنوان (الثورة في خطر .. استبدال العيون الزرق بالعيون السود) لكتابه عبد الله الخامري يندرج في هذا السياق وأزاء ذلك استنكرت القيادة العامة للجبهة القومية وشجبت بإجماع أعضائها الحاضرين في الاجتماع ما ورد في ذلك العدد من تشكيكوتهم موجهة إلى سلطة الجبهة القومية وحكومة الثورة وعلى ضوء ذلك أصدرت القيادة العامة بيان تؤكد فيه التزام الجبهة القومية وقيادتها بخطها الثوري التقدمي الذي أوضحته في ميثاقها الوطني , كما أصدرت قرار بتوفيق كاتب المقال وهيئة تحرير الثوري وهم : 1- عبد الله الخامري 2- عبد الله شرف 3- عبد الله الوصابي , كما اتخذت قرار بتجميد سلطان أحمد عمر وعبد الله الخامري وعلى صالح عباد ( مقبل ) من مناصبهم ومسؤولياتهم وحول حقيقة ما جرى لفيصل الشعبي يؤكد الأخ علي مقبل مرشد في مقابلة له مع صحيفة ( 14 أكتوبر ) الصادرة يوم 23 / يناير / 1990م وفي سؤال للصحيفة وماذا بالنسبة للحكم على فيصل الشعبي ؟ أجاب مرشد بالقول : ( هو ليس حكماً إنما نحن بعدها جئنا وعملنا لها تركيبة بعد 22 / يونيو / وفيصل من العناصر البارزة وقائد من قادتنا فكان المسئول السياسي والعسكري هو وسالمين وعن الرواية أجاب : ( الرواية التي سمعناها غير مقبولة في منطق اليوم )..!! لقد حصل نزيف داخل ( جسد البيت الجنوبي ) وتعرض قادته ورموزه منذ الوهلة الأولى للاستقلال وفي مختلف المراحل لمؤامرات داخلية وخارجية كانت من صنيعة الأوصياء والأدعياء (الأمميون والقوميون) العابرون للحدود الهاربون من المجاعة والبطش وبسبب فتح الوطن على مصراعيه وممارسة الانتهازية السياسية والشعارات الفوضوية التي رفعها الدخلاء والغرباء الوافدون الذين جعلوا من ساحة الوطن حقل لتجارتهم الهدامة وأفكارهم وأهوائهم المريضة وبذلك عاثوا في الوطن فساداً وزرعوا الفتنة وقبلوا الأمور وبذروا الشقاق داخل الصف وأخذوا بالمناضلين قتلاً وتشريداً وخسر الوطن جراء أفعالهم وغلوهم خيرة أبنائه ورجالاته وهذا ما أوصلنا إليه من حال وكل المعطيات والوقائع تدلل على ذلك ولم يتوقف ذلك النزيف ولعل الطيبة والتسامح هي مأساة فيصل و قحطان والقيادات الجنوبية من بعدهم مع من ارتكبوا الأخطاء المتكررة من الدعاة والواعظين الوافدينالذين أرادوا تلقين المناضلين الحقيقيين دروساً في الثورية والنضال ولديهم غرائز جبلت الثار والانتقام .رحم الله أبا ( علاء ) لقد كان رجل علمي وليس ممن يقومون بالتنظير من الأبراج العالية يربط القول بالفعل ويتواجد في كل مكان وموقع تحتاج إليه الثورة وكان رجل عقلاني ومنطقي وواقعي يتصرف بحكمة وينبذ الدفع المتهور وحذر منه كثيراً ويؤمن بحل الخلافات بين الرفاق على طاولة الحوار وكان رجل عزم وثبات ومبدئية حتى النخاع ولأبعد الحدود, رحم الله أبا ( عليا ) لقد بذل الغالي والنفيس في سبيل الوطن وبذر تربة هذه الأرض وغرس فيها ( فسيل الثورة ) وأضاء الطريق لرفاق دربه شموعاً متوهجة وهم يخوضون غمار الحياة النضالية والكفاحية وقدم حياته ومداركه في سبيل انتصار الثورة وإرساء دعائم النظام الوطني, رحم الله أبا ( عائد ) لقد كان رجل دولة من الطراز الرفيع ومعدن المناضلين النادر وكان ينبذ الشقاق والاختلاف واحدي السلوك والتفكير النابع من الضمير والقلب حرصاً منه على حماية الثورة وأهدافها السامية والنبيلة وكان يؤمن بالتعددية السياسية ويتقبل الرأي الآخر ولا يتأفف ولا يتبرم منه , رحمه الله رحمة الأبرار لقد كانت حماسته ومواقفه لم تتسم بالعفوية بل تميزت بالروية الواضحة لكل نشاطه الثوري منذ البداية فاستطاع في أتون الصراع الوطني التحرري الذي خاضته طلائع الثورة منذ الوهلة الأولى أن يجعل من نفسه أداة للتغيير الجذري وهو دون منازع يعد صاحب النهوض الثوري الذي نشأ في عدن والأرياف لقد كان حقاً فيصل و قحطان الشعبي وعلي عبد العليم (أعضاء المثلث الثوري دون منازع) ولقد استلم السلطة من باب التكليف وتركها قناعة وطواعية وهو زاهد عنها .الشهيد فيصل الشعبي له العديد من الأعمال الفكرية والإصدارات أهمها :• كيف نفهم تجربة الثورة في الجنوب .• مؤتمر لندن للخيانة .• هذه هي الجبهة القومية .• الجبهة القومية قائدة الكفاح المسلح .• اتحاد الإمارات المزيف .• أضواء على الثورة في الجنوب المحتل .• تقييم في تاريخ الثورة والدولة .هذه بعض ومضات وملامح من تاريخ الشهيد فيصل الشعبي وهذه سيرته دون تحيز وتعصب وتجني على أحد . وما حصل من تباعد وأشاق في الصف لا شك أنهبفعل العدو الدخيل والأجنبي وأحياناً من صنع الحليف عن جهل بسبب تباين في وجهات النظر وتخبط سياسي لدى البعض وأخطاء وتشوهات اعترت البعض لعدم فهم طبيعة المرحلة والظروف بسبب النقل الميكانيكي لما يعتمل في بعض البلدان والقفز على الواقع المحلي والدفع المتهور الذي جلبه الطامحون الدخلاء مما أوصلنا إلى حالة كهذه وإلى فراغ تاريخي لنخبة المناضلين الأفذاذ الرعيل الأول وانتقلنا من اجتزاء التاريخ وتزييفه إلى مصادرة وطمس التاريخ ومعها ضاعت الحقوق وضاع الحق وكان وقع ذلك أشد إيلاماً على النفوس فهوت بنا الرياح من علياء سماء الحلم والمجد إلى هاوية العدم واليوم نكون أو لا نكون .لقد رحل جيل الثورة ( الإكتوبرية ) تباعاً إلى عالم الخلود السرمدي وتاريخ الثورة ورجالاتها الأوائل يكاد يتلاش بل طمر ودفن مع رفاتهم لذا فإن خاتمة اجتهادنا المتواضع هذا هدفنا من خلاله وضع خطوط أولية لتاريخ سيرة شخصية جسدت في سلوكها العملي والنضالي قيم الثورة والحرية والوطنية الصادقة ولهذا فإن التدوين الشامل لصولات وجولات الشهيد فيصل الشعبي من الواجب أن تكتب علي أيدي رفاقه الذين لا زالوا على قيد الحياة فهم أجدر وأقدر من يكتب عنه , فتاريخ الثورةوأبطالها لم يكتب عنه إلا قليل على أيدي بعض الأخوة العرب والمستشرقين أمثال ( فيتالي نوكمين وأحمد عطية المصري ) .ولا يسعنا في هذه المناسبة إلا أن تنحني هاماتنا إجلالاً وإكباراً أمام هامتنا الباسقة الشهيد البطل ( فيصل الشعبي ) وكل قادتنا صانعي مجد شعبنا وتاريخ أمتنا آبائناالرعيل الأول من المناضلين الذين سطروا التاريخ بأحرف من نار ونور وضحوا بالغالي والنفيس وبذلوا العرق والمال والدم في سبيل عزتنا وكرامتنا وسيادتنا واستقلالنا فمن الواجب على جيل الحاضر والمستقبل أن ينهل ويستلهم من تراثهم وأفكارهم وبهداهم يقتدي وأن يستفيد من الدروس والعبر بمزيداً من التراص والتظافر والتلاحم لمجابهة الأخطار المحدقة وفي سبيل استعادة الحق كامل الحق.وختاماً فإن مما لا شك فيه إن عوامل كثيرة قد حالت في شحة المعلومات التي توثق لحياة الشهيد البطل والتي افتقدناها في زحمة الأحداث المتتالية ولذلك فإننا لا نستطيع أن نفي القامة الوطنية الباسقة والقائد العظيم حقه من الوفاء لذاء نستميحك عذراً أيها القائد الفذ ..وبالمقابل نأمل تفهم ما قمنا به من تدوين عبر هذا الرصد المتواضع لحياة الشهيد فما هو إلا قطرة في بحر النضال وسفر التاريخ الناصع لقائدنا المغوار ونعد ذلك محاولة اجتهادية حاولنا فيها ومن خلالها توثيق ما أمكن من اللحظات والأحداث الهامة والتاريخية في حياة الشهيد التي سطرها بأحرف من نار ونور ولا شك إن سيرته بلا حدود فلا يستطيع أحد إن يفي علمنا البارز حقه وأن سطر آلاف الصفحات وعشرات الكتب عن سيرته وما قمنا به من تدوين مبسط يعتريه الكثير من النقص والقصور ولكن أردنا في محاولة اجتهادية وبعد أربعة عقود ونيف على رحيل الشهيد أن نملأ بعض الفراغ محاولين بذلك اقتناص وتوثيق ما أمكن توثيقه من تاريخ الشهيد الحافل بالعطاء والمآثر والبطولات والتضحيات الجسام لكي لا ينسى ويتبدد أثره في زحمة الزمان والمكان بأحداثه المتسارعة دون أن تدركه وتتناقله أجيال الحاضر والمستقبل لتستلهم منه وقبل أن يطمس ويطوي للأبد في غياهب النسيان .ستظل أبا ( علاء ) تضحياتكم ونضالاتكم عالقة في الذهن محفورة في الذاكرة والوجدان أبا (عليا) ستظل أفكاركم راسخة في التفكير وملهمة للأجيال أبا ( عائد ) ستظل حياً في القلوب وفي الذاكرة الوطنية الحية .ولك السلام .. وعليك السلام .. وإليك السلام من أصدقائك وزملائك ورفاقك ومحبيك .. ويقرئك السلام علاء ، وعليا ، وعائد .وفي جنات الخلد مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا (آمين) .


الإنجازات العظيمة والتاريخية في حياة الشعوب والأمم يصنعها رجال عباقرة أفذاذ وعظماء يسطرون التاريخ ويدونون أنصع صفحات البطولة والتضحية والفداء المعزز بالنصر والمكلل بالمجد والعزة والكرامة عبر ما يقدمونه من شرف البذل والعطاء في سبيل مجد أمتهم وازدهار أوطانهم وفي سماء الوطن الحبيب يبرز اسماً لامعاً يمتلك نبلاً وأخلاقاً , كفاحاً ونضالاً , قيادتاً وريادتاً . شخصية سطرت صفحات زاهية من البطولات والتضحيات , شخصية لها سجل مجيد وتاريخ حافل بالمآثر عبر المسيرة الكفاحية والنضالية لشعبنا من أجل التحرر والاستقلال , شخصية أرعبت المستعمرين بشجاعتها الأسطورية وأصلتهم جحيماً , شخصية صالت وجالت الجبال والهضاب والسهول والوديان ريفاً وحضراً طولاً وعرضاً تحمل بيدها بندقية وأصبعها على الزناد وبالأخرى قلم وفي الوجدان والذاكرة قضية وفكر متقد , شخصية زلزلت الأرض تحت أقدام المستعمر وقضت مضاجع الإمبراطورية التي لم تغب عنها الشمس , شخصية استثنائية كانت ( نبراساً للثورة ) من المؤمنين الصادقين الذين يمتلكون عزماً وثباتاً صنديد وفذ , ماجد وشجاع , مكافح ومجاهد , شخصية سطعت في سماء الوطن وحلقت كثيراً , شخصية لن تنساها ذاكرة التاريخ والذاكرة الوطنية الحية إنه الشهيد البطل ( فيصل عبد اللطيف الشعبي ).
ففي 1 / إبريل / 1970م وعند الساعة الثانية ظهراً غاب نجم القائد والإنسان وصعدت روحه الطاهرة إلى بارئها يومها تم إذاعة الخبر الحزين مقتل ( استشهاد ) ( فيصل الشعبي ) في معسكر ( الفتح ) وأذيع البيان بلسان ( عبد الله الخامري ) وزير الإعلام وقتذاك وجاء في بيان ( الفرية المختلقة والرواية الساذجة ) أن فيصل الشعبي حاول انتزاع السكين من يد الحارس ..!! وبعد الحادثة الأليمة نشرت مجلة ( الحارس ) التي يرأس تحريرها حينذاك (راشد محمد ثابت) في عددها ( العاشر ) السنة ( الأولى ) الصادر في 15 / إبريل / 1970م بعد أسبوعين على الحادثة جملة من الافتراءات وتحت مسمى ( وثائق دامغة بخط العناصر المتآمرة ضد الثورة ) وهي عبارة عن رسائل مزعومة وعددها ( 5 ) رسائل متبادلة من داخل السجن بين فيصل الشعبي وكل من : علي عبد العليم وعوض ناصر النخعي وعلوي عبد الإله وكما جاء في حيثيات الزيف ( اغتيال الرفيق عبد الفتاح إسماعيل كان أول العمليات المدبرة لتصفية العناصر الثورية وتقويض النظام ) .. جملة الرسائل ليس فيها من دلالة وليست بخط فيصل ورفاقه الآخرين إطلاقاً ..!! وفي الأول من إبريل 2012م تصادف الذكرى الثانية والأربعين لاستشهاد رائد الثورة ونبراسها ومن باب الحقيقة والوفاء والإنصاف لهذه القامة السامغة ندون ما أمكن من السيرة الحافلة لعلمنا البارز بين دفتي هذه السطور :
ولد ( فيصل عبد اللطيف الشعبي ) في أسرة فلاحية تقطن قرية (شعب ) المجاورة طور الباحة ناحية الصبيحة الواقعة قرب السلطنة العبدلية اللحجية حالياً محافظة لحج عام 1936م وبعد مقتل الشيخ ( عبد اللطيف الشعبي ) والد فيصل كفله الشيخ ( محمد رشاد ) زوج والدته وتربى في كنفه إلى جانب أخيه غير الشقيق ( عبد القوي محمد رشاد ) .
نال فيصل عبد اللطيف الشعبي قسطاً من التعليم حيث تلقى تعليمه الابتدائي في المدرسة (العدلية ) بجبل حديد عام 1945م وهي مدرسة تضم أبناء المشائخ والسلاطين وتسمى ب (كلية أبناء السلاطين ) التي فتحت أبوابها عام 1936م ثم انتقل عام 1951م إلى المدرسة (المحسنية ) في حوطة لحج ودرس فيها المرحلة الإعدادية وفي عام 1954م غادر الوطن للدراسة إلى الجمهورية العربية المتحدة حيث مكث في حي ( جاردن سيتي ) ثم منطقة (العجوزة ) ودرس الثانوية والجامعة وتخرج بدرجة بكلاريوس من كلية التجارة والاقتصاد عام 1959م.
عمل فيصل الشعبي على تكثيف نشاطه السياسي منذ أن كان طالباً في القاهرة حينها انضم إلى حركة القوميين العرب أثناء دراسته وهو أول طالب من أبناء الجنوب العربي ينضم للحركة وبعد التخرج من الدراسة عام 1959م عاد إلى أرض الوطن وأسس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.