الصحة: إصابة 21 مواطنًا جراء استهداف العدوان مصنع اسمنت باجل    وقفة نسائية في حجة بذكرى الصرخة    ثلاثة مكاسب حققها الانتقالي للجنوب    شركة النفط توضح حول تفعيل خطة الطوارئ وطريقة توزيع البنزين    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الافراج عن موظفة في المعهد الديمقراطي الأمريكي    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    تواصل اللقاءات القبلية لإعلان النفير العام لمواجهة العدوان الامريكي    سوريا .. انفجار الوضع في السويداء بعد دخول اتفاق تهدئة حيز التنفيذ    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    الرهوي يناقش مع الوزير المحاقري إنشاء منصة للأسر المنتجة    بمتابعة من الزبيدي.. إضافة 120 ميجا لمحطة الطاقة الشمسية بعدن    الزعوري يبحث مع الأمم المتحدة تعزيز حماية وتمكين المرأة في اليمن    الكثيري يبحث مع فريدريش إيبرت فتح آفاق دعم دولي للجنوب    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    إلى رئيس الوزراء الجديد    عطوان ..لماذا سيدخل الصّاروخ اليمني التّاريخ من أوسعِ أبوابه    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    أرواحهم في رقبة رشاد العليمي.. وفاة رجل وزوجته في سيارتهما اختناقا هربا من الحر    القسام توقع قوة صهيونية بين قتيل وجريح بكمين مركب في خانيونس    الأرصاد تتوقع أمطاراً رعدية بالمناطق الساحلية والجبلية وطقساً حاراً بالمناطق الصحراوية    تفاصيل جديدة لمقتل شاب دافع عن أرضه بالحسوة برصاص من داخل مسجد    بيع شهادات في جامعة عدن: الفاسد يُكافأ بمنصب رفيع (وثيقة)    من أين تأتي قوة الحوثيين؟    تدشين برنامج ترسيخ قيم النزاهة لطلاب الدورات الصيفية بمديرية الوحدة بأمانة العاصمة    نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور عبدالله العليمي يعزي في استشهاد عمر عبده فرحان    بدء تنفيذ قرار فرض حظر على الملاحة الجوية لمطارات الكيان    رسميًا.. بايرن ميونخ بطلًا للبوندسليجا    تشيلسي يضرب ليفربول ويتمسك بأمل الأبطال    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    ورطة إسرائيل.. "أرو" و"ثاد" فشلا في اعتراض صاروخ الحوثيين    وزير الصحة ومنظمات دولية يتفقدون مستشفى إسناد للطب النفسي    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    فيما مصير علي عشال ما يزال مجهولا .. مجهولون يختطفون عمه من وسط عدن    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    تطور القدرات العسكرية والتصنيع الحربي    ملفات على طاولة بن بريك.. "الاقتصاد والخدمات واستعادة الدولة" هل يخترق جدار الأزمات؟    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    مرض الفشل الكلوي (3)    العشاري: احراق محتويات مكتب المعهد العالي للتوجيه والارشاد بصنعاء توجه إلغائي عنصري    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    التحذير من شراء الأراضي الواقعة ضمن حمى المواقع الأثرية    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    ريال مدريد يحقق فوزًا ثمينًا على سيلتا فيغو    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصندوق الأسود للقاعدة في أبين ... تفاصيل شافية من الألف إلى الياء (الحلقة الأولى)
نشر في عدن أون لاين يوم 08 - 08 - 2011


عدن اونلاين/ نقلا عن الشارع/تقرير:محمد غزوان
البحث عن معلومات تخص القاعدة أمر يثير الريبة، والحنق، عند سكان أرياف وقرى مديرية "مودية"، حتى إن كانت تلك المعلومات تتحدث عن الماضي، أو معلومات لا علاقة لها بالأماكن التي يتواجد ويختبئ فيها عناصر القاعدة. لهذا أصبح لزاماً على من يريد تتبع حاضر القاعدة في أبين، أن يسأل في البداية عن الوضع الإنساني الذي يعيشه أبناء هذه المحافظة جراء لعنة القاعدة، ثم السؤال عن استبسال المسلحين القبليين في قتال مسلحي القاعدة.
كانت البداية مع أحمد محمد الحسني، وهو أحد أعضاء اللجنة الأهلية لأبناء جعار، التي كانت تتكون من 12 عضواً. ناقشت مع الحسني ظاهرة تفشي عناصر القاعدة في مدينة جعار. والحسني نائب مدير المركز الصحي في جعار، ومن سكان هذه المدينة، وقد أصبح اليوم لاجئاً في منطقة "آل حسنة" بحكم أنه متزوج بشقيقة أحد مشائخ المنطقة الذي آواه في منزله بحكم رابطة النسب.
قال الحسني إنه قبل أن يستولي مسلحو القاعدة على مدينة زنجبار، سقطت مدينة جعار في أيديهم. ويقول إن مدينة جعار أكبر من زنجبار من حيث المساحة والسكان، والبناء العمراني.
كانت بداية ظهور عناصر القاعدة في جعار قبل نحو عامين، وبالتحديد في شهر رمضان قبل المنصرم. وقال الحسني إن نشاط مسلحي القاعدة بدأ بتنفيذ عمليات اغتيالات استهدفت عدداً من رجال الأمن؛ سواء اغتيالات فردية أو جماعية، مثلما حصل للنقطة العسكرية التي في جعار، والتي تقع في جوار "الرجل"، حيث هاجم مسلحو القاعدة هذه النقطة العسكرية وقت الفطور، وتمكنوا من قتل 10 جنود. هنا بدأ الانفلات الأمني: جنود وأشخاص يقتلون في ظل غياب كامل للدولة التي لم تكلف نفسها عناء ملاحقة مسلحي القاعدة. يقول الحسني: "لم توضح السلطة للناس من الذي قام بعملية الاغتيال. واستمرت الأوضاع بهذا الشكل حتى فوجئنا، قبل نحو عام، بمجاميع مسلحة تتوافد إلى جعار، وحين كنا نسألهم عن سبب ذلك التوافد الكثيف إلى المدينة، كان الرد أنهم هاربون من قصف مناطقهم في مديرية لودر، وعندما تكاثروا قاموا باستئجار منازل في مدينة جعار، وكانوا يجلبون عوائل معهم، وقبل 4 أشهر بدأت عوائلهم تختفي، وبقي الرجال المسلحون، وهنا تخوف أهالي جعار منهم، وذهبوا إليهم وسألوهم: ماذا تريدون بالضبط من مدينة جعار؟ فكان ردهم أنهم سوف يقومون بعمليات عسكرية وهجومية حتى يستحوذوا على غنائم مقابل رواتب 6 أشهر عند الدولة التي توقفت عن صرفها..".
الحسني كان ضمن اللجنة الأهلية التي شكلها أهالي جعار، وكلفوها بالحديث مع مسلحي القاعدة، الذين قال إنهم قالوا لهذه اللجنة "إنهم كانوا يناصرون السلطة ويعملون لحسابها، وإن السلطة فركت بهم وتخلت عن صرف رواتبهم، وإنهم سوف يقاتلون الجيش ويكسبون الغنائم..".
ويضيف: "كانت البداية إسقاط قوى معسكر مصنع 7 أكتوبر الذي حاصره مسلحو القاعدة، وجميعهم من خارج أبين، لمدة، وتمكنوا من السيطرة عليه، واغتنموا منه معدات عسكرية كثيرة، ثم بعدها سارعوا في إسقاط النقطة العسكرية التي كانت في دار الرئاسة، حيث قاموا بحصار هذه النقطة لمدة يومين، وشاهدنا خلال الحصار إطلاق 3 قذائف مدفعية من جهة اللواء العسكري، ولكن كافة تلك القذائف وقعت على 3 منازل في جعار، وما زالت إحدى تلك القذائف في أحد المنازل حتى اليوم..".
ويُتابع: "ثم بعد ذلك تمت وساطة بأن يستسلم الجنود ويغادروا مواقعهم العسكرية بسلام، وبمجرد أن استولى مسلحو القاعدة على نقطة دار الرئاسة في جبل خنفر، تقدموا جهة منطقة المخزن، وهناك حصل اشتباك بينهم وبين الجيش، واستمر الاشتباك لمدة يومين، وتم قصف مدينة جعار بقوة، واستمر الاشتباك في المخزن، وانتقل أيضاً إلى منطقة "جسر أبو شنب"، حيث تمكن مسلحو القاعدة من السيطرة على الكتيبة العسكرية التي كانت تقاتل هناك..".
ويفيد الحسني بأن المعارك كانت تدور بقيادة أبو علي، وأبو خالد، اللذين قال إنه شاهدهما وهما يستوليان على دبابة في "جسر أبو شنب" عندما كان في طريقه لإخراج أسرته عبر قرية "بري" من جعار إلى خلف منطقة المسيمير، "لأننا كنا نتعرض للقصف الذي يوجه ضدنا من اللواء العسكري الذي أجبرنا على النزوح".
وأضاف: "وبعد أن أوصلت أسرتي إلى عدن، عدت من نفس الخط عصراً، وشاهدت وساطة بين القوات العسكرية وهذه المجاميع، التي قامت باقتياد المعدات العسكرية إلى داخل جعار، بعدها هدأت الأوضاع ما يقارب 20 يوماً، بعدها فوجئنا بأخبار يتداولها الشباب وتقول إن حوالي 20 سيارة محملة بالمسلحين قدمت من محافظة مأرب إلى جعار، وتم إيواؤهم في المنازل، التي كانت خاصة بالبعثة الطبية الصينية، وبعدها مباشرة اتجهوا إلى المزارع الموجودة في منطقة "الديو" المعروفة بالجرائب، وطول هذه المزارع 6 كيلومترات باتجاه الكود والمسيمير..".
وتابع: "في اليوم الثاني، بتاريخ 27/5، علمنا في الصباح أن مدينة زنجبار سقطت بأيدي المسلحين، وهم نفس هؤلاء المسلحين القادمين من اتجاه مأرب، وآخرون انضموا إليهم من المسلحين المتواجدين في جعار من قبل، وعلمنا أنهم بدأوا بالسيطرة على منطقة الكود، ثم اتجهوا إلى إطلاق السجناء، ثم اتجهوا إلى البنوك، ابتداءً بالبنك الزراعي، ونهاية بالبنك الأهلي، وبعدها كثرت أعدادهم بشكل كبير، وكنا نُشاهد بحوزتهم سيارات متنوعة، وجميعها بوضع ممتاز، إضافة إلى الدراجات النارية، وبدأت مدينة جعار تتعرض للقصف من معسكر اللواء، ولكن الذي أجبرنا على الخروج النهائي هو قصف الطيران، والذي كان قصف يوم كل جمعة يكون متميزاً من جانب قوته وقسوته".
الشريط القبلي الذي كان يُمثل مؤخرة تعبوية تحول إلى جبهة مضادة
رصدنا، أثناء تواجدنا في مودية، كافة التحركات القبلية التي تواجه القاعدة في الشريط الصحراوي، الذي يمتد على مسافة تصل إلى 150 كيلومتراً؛ يبدأ من بعد مدينة زنجبار، التي تقع تحت قبضة القاعدة، وتدور فيها معارك طاحنة حالياً، وينتهي في شبوة. هذا الشريط الصحراوي يعتبر مؤخرة تعبوية ومساندة لتنظيم القاعدة، كان يمده بالمال والرجال، إلا أنه تحول إلى جبهة مضادة لقتال القاعدة، التي سبب لها هذا التحول ضربة قاصمة في عملية تشكيل الإمارة المزعومة وامتداد نفوذها وفرض السيطرة القاعدية.
مجرد أن يخرج الزائر من مدينة مودية يتبين بوضوح أن حدود تواجد ونفوذ اللواء 111 العسكري، المرابط في الجهة الشمالية الشرقية، تنتهي عند بوابة لودر من الجهة الجنوبية، والتي يسيطر من بعدها شباب القبائل على الجانب الأمني في كافة الطرق. لقد قامت كل قبيلة بنصب خيام ونقاط أمنية على الخطوط والطرق العامة من أجل ضبط الجانب الأمني، والحد من تحركات عناصر القاعدة وأتباعها، الذين طلب منهم رجال القبائل مغادرة أراضيهم، حتى وإن كانوا ينتمون لهذه القبائل. وطلب رجال القبائل من أفرادهم المنتمين للقاعدة العودة إلى منازلهم، أو مغادرة المنطقة مع مسلحي القاعدة.
وعلى طول الخط الذي قامت صحيفة "الشارع" بتمشيطه من منطقة لودر، وحتى مودية، وقرى "آل عشال"، وفي اتجاه "الوضيع"، والطرق الفرعية الأخرى، وجدت القبائل حاضرة في نقاط أمنية، ومتأهبة لأية مواجهة مع مسلحي القاعدة في أراضيها. وأكد عدد من المسلحين القبليين أنه لم يعد هناك وجود لأي عناصر قاعدية في مناطقهم، ومجرد أن يعلمون أن هناك عناصر قاعدية في أي مكان يلزمون القبيلة التي تتواجد على أراضيها عناصر القاعدة بإخراجها، وإن طلبت منهم العون في حالة رفض عناصر القاعدة طلب القبيلة، يتحركون لعونها في إخراج مسلحي القاعدة من أراضيها. وأكدوا لمندوب الصحيفة أنه بإمكانه التحرك بأمان ولا خوف من أي تواجد للقاعدة.

تنظيمات فرعية متعددة ومقاتلون يأتي أغلبهم من أسر فقيرة
"القاعدة" لا تعني تنظيماً واحداً، بل هي مجموعة واسعة من التنظيمات والانتماءات ذات التوجه الجهادي، التي لها عقيدة ونظرة مشتركة. وعندما تنكشف هوية أحد أفراد التنظيم يتفاجأ أفراد حيه بذلك، ويقولون إنه كان شخصية مسالمة وهادئة. فمثلاً؛ من تم القبض عليهم في حي "السنينة" بالعاصمة صنعاء، ضمن خلية عُرفت ب"خلية السنينة"، كانوا مجموعة من الشباب اليافعين الذين لا يمكن أن تلتفت إليهم الأنظار.
يتكون تنظيم القاعدة من مجموعات واسعة من التيارات الدينية، والناشطين، كما أسلفنا، غير أن كافة هذه التنظيمات والانتماءات، والأشخاص، تدور حول الفكر الوهابي والسلفي المتشدد، وجميعها لا تتفق مع الصوفية والزيدية. ولهذا يبدو أن من أولويات هذا التنظيم في اليمن القضاء على الصوفية والزيدية. وقد لعبت شخصيات نافذة في السلطة، من ثمانينيات القرن الماضي، دوراً كبيراً في توطيد وتوسع خلايا تنظيم القاعدة، ومحاربة الصوفية والزيدية. وحتى اليوم ما زال مشائخ السلفية يرفضون إدانة تنظيم القاعدة. ويُمكن القول إن هذه المجموعة الواسعة التي تنضوي تحت لواء القاعدة، تتكون من 5 هياكل أساسية:
1- القيادة المركزية: يُمثلها اليوم أيمن الظواهري، بعد وفاة بن لادن، وهذه القيادة لا تسيطر بشكل مباشر، ولا تدبر العمليات الميدانية، ولا تعطي التوجيهات إلا بشأن القليل منها.
2- التنظيمات الفرعية: هي تيارات وجمعيات ذات طابع متشدد تتواجد في كثير من المناطق، وهي تنتج ناشطين متشددين يتحول كثير منهم إلى قيادة خلايا القاعدة.
3- المناصرون: هم شبان متأججون بالحماسة، يتحدر أغلبهم من أسر فقيرة. وبين هؤلاء مقاتلون، وتجار، وسياسيون، وو..
4- العقائديون: يأتي هؤلاء من طبقات اجتماعية متنوعة، وغالباً ما يكونون حصلوا على تعليم إسلامي سلفي، ويتولون عملية الوعظ، والإرشاد الديني. وأهم نقاط أيديولوجيتهم الجهاد الاقتصادي والسياسي، ففي 2005؛ قدم العالم السعودي التابع لتنظيم القاعدة الشيخ عبدالله بن ناصر الرشيد، صورة وصفية للفكر الأيديولوجي للجهاد الاقتصادي لتنظيم القاعدة، في كتابه "حكم استهداف المصالح النفطية"، وقال إن القيام بهذا النوع من "الجهاد" هو "من أقوى الطرق التي بها نستطيع الانتقام من الكافرين في هذه المرحلة الحالية، فهي تستهدف مباشرة لب اقتصاد الأعداء".
5- المقاتلون: هؤلاء هم الذخيرة الميدانية التي يعتمد عليها القاعدة، وينحدرون، في الغالب، من أسر فقيرة، وتحصيلهم التعليمي محدود.
إن أهم ما يميز القاعدة عن غيرها من التنظيمات أو الأفراد الذين يناصرون أساليب العنف لتحقيق غاياتهم السياسية، هو أن الهدف الأساسي بالنسبة لهم يتمثل في إعادة نظام الخلافة الإسلامية، وذلك بواسطة الصراع العنيف مع الولايات المتحدة وحلفائها في الغرب.

أماكن التدريب والاجتماعات
حاولنا تتبع الأماكن التي يتمركز، ويتحرك فيها مسلحو القاعدة. إجمالاً؛ لهذا التنظيم أثر في أغلبية قرى أبين. وتمكن التنظيم من وضع آثاره ومسمياته في عدد من القرى، مثل "جبل الشهيد العنبري"، الواقع في أرض "المياسر"، الذي أطلق عليه هذا الاسم نسبة لأحد ناشطي القاعدة قتل فيه.
عندما وصلنا إلى هذا الجبل كانت تُرابط أسفله نقطة أمنية تابعة لقبيلة "المياسر"، وقد شاهدنا في قمة هذا الجبل مدفعاً ذا عيار متوسط (12/7). يقع هذا الجبل على الطريق التي تؤدي إلى قرية "الوضيع"، التي زرتها. أفاد عدد من أهالي المنطقة بأنه تم اغتيال العنبري عندما كان عائداً من مودية، ومتجهاً إلى الوضيع.
ليس هذا الجبل هو المعلم الوحيد الذي يذكّر السكان بالقاعدة، أو يلفت انتباه الزائر بقوة حضور هذا التنظيم في هذه الأرض، بل هناك معالم وأماكن أخرى تؤدي ذات الشيء.
إن الأهم في ما نورده في هذه الفقرة هو تلك المساحات التي كانت مخصصة من أجل تدريب رجال القاعدة، وأماكن التدريب تعددت بحكم أهميتها، ففي أدغال منطقة "ثعوبة" كانت هناك قطعة أرض تقع بين سلسلة من الجبال التي يصعب الوصول إليها عبر السيارات لوعورة الطريق التي تمر عبرها، فتحته بين جبلين يكادان أن يكونا ملتصقين، والدراجات النارية هي الوحيدة التي تتكفل بعملية إيصال الإمدادات لذلك الوكر. لم يعد هذا المكان اليوم يستخدم للتدريب، وإلا ما تمكنا من الوصول إليه بأمان، ولكن إلى عهد قريب كان يعتبر من الأوكار التي لا يستطيع أي شخص غير قاعدي الوصول إليه أو السؤال عنه.
طبيعة التنظيم أنه لا يبقى فترة طويلة في مكان معروف وبارز، ومكان التدريب لا يتم البقاء فيه فترة طويلة، خاصة حين يكون في أماكن خالية من السكان، ويسهل محاصرتها واستهدافها بقذائف ثقيلة. كانت هناك أيضاً أماكن أخرى يتم الاعتماد عليها لتدريب واجتماع العناصر القاعدية، وتلك الأماكن تعتبر أكثر أمناً، وهي المدارس، فمسلحو القاعدة استخدموا العديد من مدارس القرى كساحات للتدريب والاجتماعات، وتسبب ذلك في إلحاق العديد من المتاعب بسكان تلك القرى، من خلال البلاغات غير الدقيقة التي كانت تنقل عبر من يتعاملون مع الجهات الحكومية، والتي كانت لا تعطي لمرسل البلاغ والمتقبل وقتاً كافياً لدراسة الإحداثيات، وبعجل كان يتم التحرك لقصف تلك القرى بحجة التواجد لعناصر القاعدة الذين كانوا غالباً ما ينجون من ذلك القصف، بينما سكان القرية كانوا يدفعون ضريبة ذلك التواجد على حساب مساكنهم وأرواحهم.

أماكن تواجد القاعدة
- مسلحو القاعدة يعودون للتمركز في "ثعوبة" التي صرفت السلطة فيها أراضي واسعة لجماعات جهادية عام 92
رغم ما يبذله الأهالي من أجل مقاومة تواجد تنظيم القاعدة، إلا أن هناك من يسهل لمسلحيه عملية تنقلهم، لضمان مواصلة بقائهم هنا. ومساء الخميس المنصرم؛ أبلغت "الشارع" مصادر قبلية موثوقة أن مجاميع من مسلحي القاعدة عادت للتمركز في منطقة "ثعوبة"، الواقعة على الطريق المؤدية إلى المكلا على بعد نحو 70 كيلومتراً من مودية.
وقالت المصادر إن مسلحي القاعدة عادوا للتمركز في "ثعوبة" منذ بداية أول أيام شهر رمضان، بقيادة عبدالعظيم الفطحاني. ويمتلك تنظيم القاعدة أرضية واسعة في "ثعوبة"، صرفت لهم من قبل السلطة عام 1992، عندما كانوا ينشطون تحت مسمى جهادي آخر، واستخدموها، يومذاك، كمعسكر للتدريب. "ثعوبة" أرض وعرة يصعب الوصول إليها.
اليوم يتواجد مسلحو القاعدة في مناطق عدة في محافظة أبين، وأهمها منطقة "ذوبة"، التي تقع على بعد 7 كيلومترات من مديرية مودية، إضافة إلى منطقة "القوز"، القريبة أيضاً من مودية، والتي ينحدر منها عدد من عناصر القاعدة، الذين ما زالوا مصرين على أن يواصلوا جهادهم مع القاعدة.
وعودة مسلحي القاعدة للتمركز في "ثعوبة" تقول إن عملية انتعاش القاعدة لن تتوقف بشكل يؤدي إلى إنهاء تواجدها ما لم يتم التنسيق مع كافة القبائل، والتي لن يتم لها ذلك إلا باجتماع عام يتم الاتفاق فيه والتعاهد على تقليص وجود القاعدة. وفي كل الأحوال، فإن عملية هزيمة القاعدة ميدانياً غير مجدية للقضاء على تواجدها بشكل كامل، حتى وإن تم ذلك، فإنها سرعان ما ستظهر مرة أخرى. المطلوب هو هزيمة القاعدة كفكر، وهذا ما يجب أن تعيه القوى التي تتبنى عملية محاربة القاعدة.
إستراتيجية التفريخ
تنظيم القاعدة في اليمن هو عبارة عن كيان متجول يتنقل من مكان إلى آخر، بحسب ما تقتضيه الظروف وتسمح به، فعندما يزداد عليه التركيز، وتشتد قوة المواجهات ضده في إحدى المناطق، يرحل إلى مكان آخر يجد فيه مقومات بقائه وانتعاشه، حيث يكون السكان المحليون إما مؤيدين للقاعدة، أو متعاطفين معه ومع أفراده. لهذا تبدو هزيمة تنظيم القاعدة بشكل نهائي صعبة؛ ذلك أنه عندما يُهزم في منطقة يظهر في أخرى.
غالباً ما يُقال إن القيادة المركزية للقاعدة تتواجد في باكستان، وتضم القيادة الرئيسية للتنظيم، وكبار معدي إستراتيجيته. ومع أن هذه القيادة تقدم الإرشادات الروحية و"الجهادية" والمادية، والتوجيهات الإستراتيجية، إلا أنها في الواقع لا تسيطر بشكل مباشر على نشاط التنظيم. ولعل تنظيم القاعدة يكتسب قوة من عمله كمجموعة جزر وبؤر منفصلة، مدعوماً بحركات فرعية مساندة له، وقاعدة اجتماعية واسعة توفر لناشطيه الدعم المالي.
وبؤر تنظيم القاعدة عبارة عن جماعات تتلقى الدعم من قبل القيادة المركزية للتنظيم بمستويات مختلفة ومتفاوتة، وهي عبارة عن فروع مستقلة عن القيادة المركزية للتنظيم، لا تتبعه مباشرة، إلا أن بعضها يتلقى الدعم والتدريب من قبل شبكات فاعلة ومركزية داخل التنظيم.
تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب اتبع نفس الإستراتيجية العليا لتنظيم القاعدة الأم في تفريخ فروع مستقلة عنه داخل اليمن، مثل ما يسمون ب"أنصار الشريعة" و"جماعة الجهاد"، وغيرهما.
يرفع تنظيم القاعدة ونشطاؤه الموت إلى مستوى أعظم الأعمال البطولية، ويتصور أتباعه أنهم يُمثلون ذروة الجهاد، وهذا الأمر دعم القاعدة، وجعل الانضمام إليه مرتبة صعبة الوصول لا ينالها إلا المخلصون، ولهذا فإن القاعدة لا يحبذ أو يستقطب بقدر ما يعرض نفسه للمنقادين، ومن ثم يسمح لهم بتقديم طلب العضوية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.