عدن اونلاين/ تقرير: فؤاد مسعد في مثل هذا اليوم قبل 29 سنة تم الإعلان عن تأسيس المؤتمر الشعبي العام في صنعاء (عاصمة شمال اليمن حينها) كمظلة سياسية وقاعدة جماهيرية، لتضم جميع القوى السياسية والتيارات الفكرية ومختلف تشكيلات المجتمع، وعلى قاعدة تحريم الحزبية تعامل الجميع مع هذا الكيان بوصفه حزب الجميع حين وجد في صفوفه الإسلاميين والاشتراكيين والقوميين من ناصريين وبعثيين وغيرهم من القوى والتيارات التي كانت موجودة في شمال اليمن، وظل هذا الكيان هو الحزب المعلن بينما البقية يعملون في ظروف سرية في أجواء تعتبر الحزبية خيانة وفق نظرية مشهورة عن الرئيس الراحل/ عبدالرحمن الارياني الذي قال إن الحزبية تبدأ بالتأثر وتنتهي بالعمالة، واستمر المؤتمر بزعامة العقيد/ علي عبدالله صالح يحكم الشمال بعقلية شمولية ورؤى توافقية أبقت على القيادة في شخص الرئيس صالح بوصفه رئيسا للجمهورية وامينا عاما للمؤتمر وقائد أعلى للقوات المسلحة والأمن، ناهيك عن إمساكه بتلابيب أهم الأجهزة الرسمية وغير الرسمية، وظل هذا الوضع مسيطرا حتى تحقيق الوحدة وإعلان التعددية الحزبية في عام 90م، و فور السماح بتشكيل الأحزاب بصورة علنية عاد معظم قواعد المؤتمر إلى أحزابهم خصوصا الاشتراكيين والإسلاميين الذين أسسوا "الإصلاح" وهكذا بالنسبة لبقية الأحزاب، السؤال المطروح على بقايا المؤتمر في عيد ميلاده ال29: ماذا بقي من هذا الحزب؟ إذا افترضنا جدلا أنه حزب، قبل الثورة انسحب الكثيرون من المؤتمر، وفي فترات متباعدة ظلت قواعده تتسرب من داخله، وبعد الثورة تصدع بنيانه إثر استقالات جماعية تقدم بها غالبية القيادات العليا والوسطى خصوصا الأشخاص الذين ظلوا يحظون بثقة واحترام المواطنين، تصدعت كتلة المؤتمر النيابية ولم يبق إلا قلة قليلة لا وزن لها مقارنة بقائمة المغادرين والمستقيلين الذين ذهبوا يؤسسون لأنفسهم كيانا جديدا، كما انهارت جدران الثقة لدى قواعد المؤتمر في المديريات والمحافظات على إيقاع الثورة الشعبية التي اندلعت قبل بضعة أشهر، ماذا بقي للمؤتمر وماذا تبقى منه؟ بقي الآن الرئيس المخلوع مصابا والراعي جريحا والبركاني بوقا ناعقا ومعه المحترفين الجدد الوافدين من تيارات سياسية أخرى ضمن صفقات متفاوتة أبرمتها السلطة معهم لتطعيم المؤتمر بخبراتهم، وهم اليوم يتسلمون مهام القيادة التنظيمية للمؤتمر ويمسكون بمؤسساته الإعلامية ويتولون الحديث باسمه والدفاع عنه إزاء هجمات الخصوم، والشعب اليمني كله غدا خصما عنيدا لحزب سيء السمعة، ابرز المحترفين في قيادة المؤتمر احمد بن دغر القيادي الاشتراكي السابق ورئيس دائرته الإعلامية، يتولى اليوم مهامه في المؤتمر باعتباره أمينا عاما مساعدا، وتعود اليه كثير من قضايا التنظيم والإدارة خصوصا بعد مغادرة عبدالقادر باجمال الذي حاول دون جدوى إعداد المؤتمر لمواجهة الأحزاب بوصفه حزبا سياسيا، لكنه أخفق إخفاقا شديدا، احمد الصوفي الذي كان اشتراكيا متطرفا صار اليوم ناطقا رسميا باسم النظام، يحظى بسمعة سيئة نتيجة انتهازيته التي يعرف بها، وهو الذي أثار عليه وعلى السلطة موجة سخرية حينما انتحل صفة ناشط شبابي في الثورة في اتصال هاتفي أجرته قناة الجزيرة واخترقه الأمن اليمني، ليحل الصوفي ضيفا متحدثا عن سقوط النظام وهروب الطاغية. عبده الجندي القادم من الحزب الناصري، يقوم الآن بما كان يقوم به محمد سعيد الصحاف وزير إعلام العراق في الحرب الأمريكية عام 2003م، ومثلهم طارق الشامي القادم من اتحاد القوى الشعبية ويتولى الدفاع عن السلطة باعتباره رئيسا لدائرته الإعلامية ومؤخرا رئيس وكالة الأنباء اليمنية سبأ. الخلاصة أي مستقبل ينتظر هذا الحزب الذي آل أمره إلى غير أهله؟ و أي مصير يراد لحزب تركه مؤسسوه ورواده ليتم العبث به من أمثال البركاني والشامي والصوفي؟ أصبح المؤتمر اليوم قرية خاوية على عروشها، لقد غدا مدينة أشباح تخلو من الحياة و لا أثر فيها إلا لكتائب الحرس الجمهوري وجنود الأمن المركزي وهم يخطون النهاية السوداء لنظام حكم حان إسقاطه.