عدن أونلاين/كتب/ إبراهيم حيدرة: تسابقت المواقع الالكترونية فور إعلان قرارات الرئيس عبد ربه منصور هادي, ونشرت أسماء الأشخاص الذين شملتهم تلك القرارات, وتطرقت لسيرة كل شخص منهم, وتناولت الجانب السياسي والمناصب التي تقلدها خلال مراحل حياته السياسية, وكان من أولئك المشمولين بقرارات رئيس الجمهورية, الدكتور علي حسن الأحمدي, محافظ محافظة شبوة, الذي عُين رئيسًا لجهاز الأمن القومي, فهو رجل أكاديمي ومن الكفاءات المشهود لها, خلال المناصب التي تقلدها منذ مطلع التسعينات. بعيدًا عن تلك المناصب التي تقلدها الدكتور الأحمدي, في هذه المرة سوف نخرج عن المألوف, ونقف مع الوجه الآخر من حياة الأحمدي, الذي ربما لا يعلمه إلا القليل من الناس, سوف نقف مع الأحمدي الشاعر, الذي تغنى بشعره الفنانين, فهو شاعر وله العديد من القصائد والأعمال الشعرية, ومن تلك الأعمال التي ألّفها الاحمدي في مراحل شبابه؛ أوبريت بعنوان (مأساة قلبين), وألّفه عندما كان طالبًا في الصف الثاني الثانوي, واشتهر الاوبريت فيما بعد ب ( أوبريت حسناء) ، وهو عبارة عن قصة أبطالها (حسناء ومحمد) ويوجد الأوبريت في شريط (كاسيت) ويبدأ بمقدمة حوارية يصور فيها الشاعر حسناء بأنها فتاة قروية جميلة ترعى اغنامها في سفح جبل يطل على وادٍ أخضر فتقول حسناء: خُضر المراعي عجبني في السهول الجميلة والعشب غطى الثراء والورد فتح سبيلة يا محّسَن اليوم وادينا إذا سال سيله والزرع ملئ الحجل وزاد حبه وكيله اشرب زلال نبع وادينا وانشق عليله محلى جمال الطبيعة في بلدنا الجميلة ويظهر الشاب (محمد) من خلف صخرة التي كان مختبئ خلفها يراقب حسناء ويستمع إلى غنائها فيقول محمد:أنت جميلة ولا تكفيك كلمة جميلة سبحان من عطاء لك ذا العيون الكحيلة واعطاك من غير ما أعطى للبشر من فضيلة والحسن هذا جعل عقلي يضيع دليله ثم يذهب محمد إلى والده يطلب منه أن يخطب حسناء من أبوها فيقول محمد مخاطبًا والده :فتاة من قريتي وأنت تعرف أباها حسينة اخلاق, ربي بالمحاسن كساها ويرد عليه الوالد مذكرًا أيها بنت عمه فيقول :وبنت عمك تباها لمن وانالك بغاها من سبعة اعوام خاطبها ولالك سواها فيرد محمد :يا والدي بنت عمي حس كأني أخاها ماكنت أفكر تزوجها والا ابا عناها وفجأ يدخل العم مستغربًا من ما يدور بين محمد وأباه فيقول العم :أيش الخبر يا محمد أصواتكم أش علاها خليتوا الناس في القرية تسمع صداها وألمشكلة أيش يا أحمد قل لنا مبتداها فتقاطع الأم مخبرة أن محمد هو سبب المشكلة فتقول :هذا محمد ولد عاصي هو ذي وراها ما يسمع الأب وأمه ما ي دوُّر رضاها يشتي زواج من وليدة ما ندري أيش قفاها وأبوه ما هو راضي قاله مالباها فيقول العم :مادام له رغبته ونظرته ذي يراها لا تتركه يا حمد يذهب ضحية هواها مدام ما يريد بنتى ليش زوجه اياها والليل هي بنا با نخطب الي بغاها دام الهواء قد شبك قلبي مبعد رواها
وتتم الخطوبة لمحمد من حسناء ومن ثم الزواج .. ثم يحكي الأوبريت باقي مراحل الحياة الزوجية التي عاشها محمد وزوجته حسناء, وما صاحبها من ألم الفراق والغربة, ثم تنتهي القصة بفراق الحبيبين وطلاق حسناء, بعد عودة محمد من الغربة, و تدخل والده الذي أمره بطلاقها, عندها لم تجد حسناء ما تعبر به تجاه ذلك التصرف الذي قام به زوجها إلا هذه الأبيات فتقول :ليش حطمت حبي ليش مزقت قلبي *** بعد ما كنت لك سلمت روحي وقلبي ليش بعد ذا المدة ليش تظلم وتنسى*** والليالي الجميلة بعتها بعد غُلبي وهكذا تنتهي قصة حسناء ومحمد, وينتهي هذا الأوبريت الجميل, بأسلوب حواري شيق, من إبداعات الدكتور الأحمدي في مراحل شبابه بداية السبعينات.. وقد حاولت اختصاره وإلا فهو أوبريت طويل, والهدف من ذلك هو الإشارة إلى شخصية الدكتور الأحمدي متعددة المواهب, فإلى جانب كونه سياسي من الطراز الرفيع فهو شاعر ومؤلف, وله كتابات وأبحاث, خصوصًا في مجال تخصصه (العلاقات الاقتصادية الدولية) وكانت الفرقة الفنية التابعة لمكتب الثقافة بشبوة, قد أعادت أدى هذا الأوبريت في أحدى المناسبات, بحضور الدكتور الأحمدي, قبل حوالي ثلاثة أعوام. وإذا كان هذا المنصب الحساس والجهاز الامني الكبير قد أسند لأكاديمي مدني وسياسي ناجح, وفوق هذا شاعرًا رومنسيًا حساس, ويعشق الجمال فيمكن القول: إن الربيع اليمني وثورته الشبابية تتفتح بإزهار توحي بالدولة المدنية, و" وجود مثل هؤلاء الأشخاص, في مثل هذه المناصب المفصلية يمثل انتصارًا كبيرًا للثورة واستكمالًا لتحقيق أهدافها في نزع مخالب المخلوع" حسب تعبير الكاتب منير الماوري, وهي أيضًا مؤشر على عهد الرئيس الهادي الجانح إلى دولة المواطنة مستوعبًا خريف الاستبداد الذي لفظته الشعوب العربية إلى غير رجعة.