قبل الخوض في التفاصيل: ملاحظة (1) طالما وأن مقالنا اليوم حول البلطجة بكافة صورها فيجب التنويه إلى أن استيعاب الفكرة مطلوب وبشدة فلذلك نصيحة أعد قراءة ما سيكتب مرات عدة حتى تصل الفكرة .. لا تخجل فقد قمت بها مسبقاً!
ملاحظة (2) طالما وأن البلطجة مقيتة أياً كان نوعها وعقيدة من يؤمنون بها! .. فلا داعي للمنافحة فقط نتيجة الاشتراك في العرق ، الجنس، أو حتى الموقف السياسي!
الجزء الأول: بلطجتهم! كنت وما زلت "أنبهر " بطرق البلطجة الشهيرة ومنذ سنوات عدة لإخواننا الساكنين "شمال اليمن" سواء ما كان مسموعاً كقصص تتداول أو مواقف تشاهد أو حتى المشاركة في أحداثها - كضحية - في كثير من الأحيان.. وأكبر مثال على ذلك النهب الذي يتعرض له "الجنوب" منذ مرحلة ما بعد حرب صيف 1994م.
للعلم البلطجة الموجودة ليست بالضرورة مفصلة على مقاسنا كجنوبيين .. ولو أننا ك "سذّج" في معرفة هذه الممارسات أولاً .. وسيطرة "المنتصر" لاحقاً قد ساهم في تحويل المسألة من مجرد بلطجة متفرقة وفردية التأثير إلى "استباحة" كاملة الدسم .. ومن قبل المؤسسات والجماعات وحتى الأفراد أنفسهم
وأكاد أجزم أن المسألة لا تعدو كونها تطبيق طبيعي لحقيقة علمية فيزيائية وهي نظرية "الأواني المستطرقة" التي توضح كيفية تساوي مجموعة من الأواني بمستوى واحد من الماء مهما اختلفت أشكالها بمجرد التوصيل بينها ..
بمعنى أننا "الجنوبيين" بالنسبة لهم مجرد إناء فارغ و "نظيف" سرعان ما امتلئ بكافة مجاري "النهب والسرقة والبلطجة" بحيث تساوينا -ولله الحمد والمنة- مع بقية ربوع اليمن "التعيس" محققين الهدف الرئيسي من العملية وهي "توحيد" قلوب العباد على كره النظام وملحقاته التي قضت على مكونات دولة لم يكن "العبث والنهب" إحدى مقوماتها رغم سلبياتها الكثيرة..
للعلم يوجد ارتباط وثيق بين "بلطجتهم" وبين "الأراضي" بصورة رئيسية حيث تشتهر لديهم بلطجة "البسط" أولاً ومن ثم التفاوض لاحقاً .. ناهيك عن منظومة بيع "الأرض" مرات متعددة ولزبائن مختلفين ومن ثم لربما يقوم البائع نفسه بالتحكيم وإصلاح ذات البين .. حول أحقية الأرض واستحقاق ملكيتها في مشهد كاريكاتوري ساخر لمن يسمع عنها ومرير -بنكهة العلقم- لمن يعيش أحداثها..
أكثر ما هو مقيت في "بلطجتهم" أنها تسير في جماعات لا تختلف كثيراً عن قطعان "الضباع وابن آوى" في الأسلوب مضافاً إليها السلاح والعدد .. وتختلف عنها في أنها ليست بالضرورة أن تتم بنفس الصورة الوحشية فقد تطورت الأساليب فلربما يجتمع "عقيد الأمن" و "المهندس" و "التاجر" و "المثقف" وحتى "المتدين" الذي لا ينهاه إيمانه وصلواته وعباداته عن اغتصاب المال الحرام..
تتقيد بلطجتهم بمجموعة من القيم "الحميدة" .. من أهمها أن لا تضر أو تتعارض مع التوجه العام للقبيلة في واحدة من "أسمى" صور التكافل "العصابي" و "الارتزاقي" .. ولذلك يمكن حد و تقليص مثل هذه الانتهاكات من خلال التنقيب في التسلسل القبلي/الاجتماعي واعتماد من له "كلمة" لا ترد من أهل الخير والصلاح ورؤوس القوم لدرء هذه الفوضى..
ولذلك ونتيجة لمثل هذه الممارسات يستغرب الكثير من أخواننا في الشمال -اعتذر مقدماً - من استخدام اللفظ العنصري المقيت "دحابشة" .. فالحكاية لا ترتبط بالمظاهر بقدر ماهية السلوكيات و الممارسات المطبقة على أرض الواقع..
تحية للشرفاء فنحن لا نقصدكم بمقالنا هذا.. النتيجة حتى الآن (1-0) لصالح "بلاطجتنا الجنوبيين" ..