أتذكر عندما مات البابا شنودة وذهب بعض علماء الإسلام لتعزيتهم ونشرت صورة عن ذلك في أحد الصفحات وجدت حملة شديدة على من قام بذلك ودخلت في العديد من الحوارات معهم ومن هنا أكتشفت أن هناك مفاهيم خاطئة زرعت وربت فينا عن أهل الكتاب وددت أنا العبد الفقير إلى الله أن أوضحها لكم ، المفاهيم ليست عن التعزية أو شئ من تلك الأمور الصغيرة فالأمر عندما تمعنت فيه وجدته واسع للغاية وأن هناك مفاهيم يجب أن تصحح ... قال الله سبحانه وتعالى عن أهل الكتاب في سورة آل عمران ... ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون ( 113 ) يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين ( 114 ) وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين ( 115 ) أن ركزنا في هذه الأيات الرائعة فهي تنزع الكثير من المفاهيم الخاطئة التي زرعت وتربت فينا عن أن جميع من لايؤمنون بدين الإسلام فهم كفار ولافرق بين الكتابي والغير كتابي بحكم أن الجميع سواء في النار. أخواني نراجع الآيات ونركز فيها ونجد أن الله قال في بداية الآية ليسوا سواء !!! لايجب المساوة بينهم جميعهم كما يفعل الكثير منا للأسف ... وأن ركزنا عندما قال في الآية الثانية يؤمنون بالله واليوم الآخر ولم يذكر الأيمان بالرسل فقط ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر وهم بالفعل الكثير منهم يؤمنون بذلك ومن ثم ميز منهم مجموعة وهم الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات ومن ثم ياتي الوصف الأجمل حيث قال عنهم الصالحين !!! وفي الأخير قال الله سبحانه وتعالى ومايفعلوا من خير فلن يكفروه ، أتعلمون مامعنى فلن يكفروه أي أن ذلك العمل الذين يقومون له لن يذهب هباءً وفي الأخير الله هو الذي يعلم المتقين ومن في النار ومن في الجنة وهي أمر لله وحده وليس نحن من نقوم بتقسيم الجنة والنار لنا ولهم فلا أحد يدخل الجنة بعمله ، بل برحمة من أرحم الراحمين ... نذكر قصة من سيرة خير المرسلين وفي قصصه عبر يجب الإستفادة منها حيث تعلمنا هذه القصة متى يضع أيدينا في أيدي أهل الكتاب وغيرهم حيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعد عودته من الطائف بعد أن ذهب أليهم وحاول نشر الدعوة لهم فرموه بالحجارة إلى أن دمت قدماه صلى الله عليه وسلم وعندما عاد وهو في الطريق لدخول مكة فجلس خارج مكة كي لايتم إيذائه عند دخولها فأتي له المطعم أبن عدي وقد كان من الكفار ولكن كان يوجد في قلبه خير فخرج من مكة وعرض على الرسول الجور أي أن يدخل مكة تحت حمايته فلم يرفض الرسول ولم يقل أنت من المشركين ولا يجب أن أدخل تحت حماية أحد المشركين أنظر إلى حكمة الرسول فوافق فدخل تحت حمايته وحماه المطعم في الفترة من عودته للطائف إلى حين هجرته للمدينة. أيضاً أتذكر عندما قام أحد العلماء بزيارة المسجد الأقصى حدث عليه هجوماً وهو شئ متوقع بل أن بعض الهجوم عليه كان شخصياً وليس له علاقة بموضوع الزيارة نفسها وأنا هنا لا أريد أن أتحدث عن هذه الموضوع حيث أنني قد تحدثت عنه من سابق ولكن أود أن أتحدث عن فتاة أمريكية تدعى ريتشار كودي كانت تعيش في واشنطن وكانت متأثرة بما يقع على الفلسطينين من ظلم فسافرت وتركت النعيم التي كانت تعيش فيه وذهبت لفلسطين وهي في بداية العشرينات من عمرها وذهبت إلى رفح من اجل الدفاع عن منازل الفلسطنين التي تهدم لدرجة أنها وقفت امام أحد البلدوزرات التي تريد هدم أحد المنازل ولم تتحرك صموداً إلى أن دهستها وماتت !!! أليست هذه من الذين يسارعون في الخيرات أم أنها شريرة لأنها دخلت بفيزة إسرائيلية !!!! أجيبوني ؟؟؟ ثم كيف تريدون مننا دعوتهم للدين كما كان سيدنا سيد المرسلين ونحن ننفرهم منا بأسليبنا هذه حتى وصلت لدرجة أن قرأت في أحد الصفحات أن تهنئة أهل الكتاب بأعيادهم هو من الدخول في ملتهم !!! أتقوا الله وأفهمو دين سيد المرسلين فهماً صحيحاً بعيداً عن الأفاق والنظرات الضيقة ... أولاً هل من العيب محبة غير اهل الكتاب ؟؟ سؤال غريب حيث أننا تربينا وتعلمنا على أنه لايجوز محبة غير المسلمين وهناك الكثير من أمثالي ولكن أن فكرنا ملياً نجد أن هناك بالفعل مفاهيم أن تصحح ... أنظروا إليه صلى الله عليه وسلم عندما زاره وفد نجران المسيحي الغير مسلم أين أستقبلهم الرسول !! أستقبلهم في المسجد النبوي هذه أولاً وثانياً عندما حان وقت صلاتهم قاموا ليصلو فغضب ونهاهم الصحابة فقال صلى الله عليه وسلم دعوهم وسمح لهم أن يصلوا صلاتهم في المسجد النبوي وهم غير مسلمين !!! أنظروا إلى سيرة الرسول كيف يتألى بالقلوب بكافة الطرق أنظروا إلى الأحترام للغير دون مذلة أو أهانة فلايعني ذلك مولاتهم ، ولا أقصد الأحتفال بأعيادهم وأنما مجرد تهنئتهم من باب تأليف القلوب والبر في التعامل معهم . ثم لايوجد دليل شرعي منع تبادل الألفاظ الحسنة مع غير المسلمين من أهل الكتاب فالله سبحانه وتعالى يقول ولاتستوي (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ )... نرجع لسيرة الرسول حيث أنه كان يحب عمه المشرك حباً شديداً لدرجة أنه كان واقف على رأسه على فراش الموت يحاول أن يدخله الإسلام وقال له ياعماه قل كلمة أشفع لك فيها عند الله وعند وفاته حزن الرسول عليه حزناً شديدا لدرجة انه سمي بعام الحزن لوفاة زوجته سيدتنا خديجة وعمه أبو طالب بل أن الآية تثبت حب الرسول لعمه حيث قال الله ( إنك لا تهدي من أحببت ... هل يعقل أن الدين الذي يسمح لك بالزواج بكتابية يمنعك من محبتك لها !!! أي دين هذه !!! لولا محبة الرسول صلى الله عليه وسلم للعالمين مادخلوا في الدين الإسلام أفواجاً وماكان تحول كل ذلك الكره في قلب سيدنا عمر بن الخطاب إلى حب شديد إلى أن أصبح أحد الخلفاء الراشدين. أستغرب أحياناً في صلاتي وعند القنوت أسمع دعوات يتفزز منها قلبي وهي دعوات ضد اليهود والنصارى بأن يزلزل الأقدام من تحتهم أو يرمل نسائهم وييتم أطفالهم وما إلى ذلك مع أنني أكتشفت أن جميع تلك الأدعية لم ترد عن الرسول صلى الله عليه وسلم. الأدعية التي وردت عن النبي ضد غير المسلمين كانت دعوات في حالة حرب أولاً وثانياً لو نظرنا إلى الدعاء فقط كان يقول رضي الله عنه ...اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب أهزمهم وأنصرنا عليهم ... فقط لاغير دعاء بدون تعدي حيث قال الله سبحانه وتعالى ... ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين .. أي أن الآية تحذر من الأعتداء حتى بالدعاء ... دعوات الرسول صلى الله عليه وسلم لم تكن على دين آخر غير دين الإسلام بل كانت دعواته على أعداء الدين ... اعلم أن العديد سوف يقول أن الإسلام الأن مستهدف من الجميع فأقول لك هذه أحلامك وتخيلاتك فقط يستهدفوك على أيش وأنت لم ترفع هذه الدين بالصورة الحسنى ولم تمثله التمثيل الحسن كما أمرنا صلى الله عليه وسلم وأصبحنا في وضع وللأسف أقوله لانحسد عليه بل وضع يتم التعاطف معنا لضعفنا وقلة حيلتنا وهواننا على الناس... ماقام به الدنمركيون من رسومات سيئة لا ألومهم في ذلك بل ألوم أنفسنا فهم رسموا تلك الصور نتيجة لما يرونه ناتج عن هذه الدين مننا نحن في التعامل معهم من صور سيئة نقلناها للأسف عن مفاهيم خاطئة عن ديننا بدرت من أنفسنا فنحن من صور لهم الدين بهذه الصورة ونحن من نستحق العقاب والمقاطعة لا هم . أذكر لكم قصة للفاروق عمر بن الخطاب حدثت له في القدس بعد فتحها حيث كان هناك العديد من المسحيين وكان الفاروق مع أحد القساوسة في كنسية القيامة الشهيرة وآتى وقت الصلاة للمسلمين فقال عمر أين أصلي فقال له القسيس صلي هنا !! فماذا قال عمر ؟ قال : ماكان لعمر أن يصلي في كنسية القيامة فيأتي الناس من بعده فيقولون هنا صلي عمر ويبنون عليه مسجداً !!! خاف عمر بن الخطاب أن تتحول الكنيسة إلى مسجد وصلى خارج المسجد والذي يعرف الآن بمسجد عمر وإلى يومنا هذه لايزال يتجاور مسجد عمر وكنيسة القيامة وهذه يجسد التعايش الحقيقي والنظرة الإنسانية للأمور ومن ناحية شرعية ... الغريب أنني أكتشفت معلومة أن هناك كان يوجد معبد بالأندلس أيام النهضة الإسلامية وكان هذه المعبد لليهود الغريب في الأمر عندما ترى هذه المعبد اليوم تجد فيه العمارة العربية المعروفة فتستغرب كيف معبد يهودي بطراز عربي فتكتشف أن من بناه هو العرب لهم !!! أخواني أن الحب الذي أدعو له ليس محبة تقليد أعمى كما نرى من البعض وللأسف الحب الذي يجب أن يكون هو حب الهداية والرحمة التي تحلى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع غير المسلمين. في الأخير أود أن أذكر جميع المسلمين إن كنا فعلاً نحترم سيد المرسلين فيجب علينا أحترام العهود التي أطلقها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لغير المسلمين ... الكثير قد لا يعلم أن سيدنا محمد الذي أرسل رحمة للعالمين وليس للمسلمين فقط صلى الله عليه وسلم قد أعطى عهد لوفد نجران المسيحيين حيث قال فيه بالحرف أنقله لكم من كتاب فقه الحضارة الإسلامية للدكتور محمد عمارة : لنجران وحاشيتها وسائر من ينتحل دين النصرانية في أقطار الأرض ، جوار الله ، وذمة محمد رسول الله على أموالهم وأنفسهم وملتهم وغائبهم وشاهدهم وعشيرتهم وبيعهم وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير أن أحمي جانبهم وأذب عنهم وعن كنائسهم وبيعهم وبيوت صلواتهم ومواضع الرهبان ومواضع السياح وأن أحرس دينهم وملتهم أين كانوا بما أحفظ به نفسي وخاصتي وأهل الإسلام من ملتي ، لأني أعطيتهم عهد الله على أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين وعلى المسلمين ما عليهم حتى يكونوا للمسلمين شركاء فيما لهم وفيما عليهم. هذه عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لنصارى الأرض وليس فقط لنصارى نجران ..... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأعذروني على الإطالة ...