عدن اونلاين/خاص/ محمد علي محسن ما أخشاه على ثورة اليمن هو رهن مصيرها للخارج المنشغل كثيرا بقضايا دولية أهم من بكثير من ثورة واقعة في بلد لا يحظى باهتمام الولاياتالمتحدة أو دول الاتحاد الأوربي أو تركيا أو إيران أو حتى الشقيقة الكبرى السعودية التي إذا ما خيرت بين حلفائها التقليديين فأنها ستنحاز للنظام العائلي . الرئيس اوباما ووزيرته هيلاري هما اليوم في معركة سياسية ودبلوماسية غايتها إسقاط حق الفلسطينيين في العضوية الكاملة في الأممالمتحدة ودون استخدام حق النقض (الفيتو) ، إضافة إلى هذه القضية المقلقة لإدارة اوباما هناك أيضا العلاقة التركية الإسرائيلية وما يستلزمها من دور أمريكي فاعل ومؤثر لإعادة الدولتين إلى سابق عهدهما ، ففي الحالتين نحن إزاء انتهازية أمريكية لا تكترث بغير الظفر بمال وأصوات اللوبي الصهيوني ذو التأثير والنفوذ القوي في أية انتخابات أمريكية . وإذا كان دور الولاياتالمتحدة لا يتعدى الدور الثانوي اللوجيستي دبلوماسيا وعسكريا في ثورة ليبيا فأن هذا الدور في بقية الثورات المصرية والتونسية واليمنية وحتى السورية ؛لا يرقى إلى مصاف قوة ونفوذ الولاياتالمتحدة ، فبرغم أهمية ما يجري اليوم في سوريا إلا أن البيت الأبيض بدا منهكا وتعبا ربما من حروبه المكلفة والمرهقة للخزينة الأمريكية وما نتج عنها من أزمات مازالت ماثلة في كيان أكبر اقتصاديات العالم . على هذا الأساس كان ولابد من رؤية الدور الأوربي أكثر حضورا وفعالية من دور الولاياتالمتحدة باعتبارها الدولة الأولى الحاملة لراية حروب الخليج والعراق وأفغانستان والإرهاب والسلاح النووي في إيران وكوريا الشمالية وحقوق الإنسان والتجارة والإعلام وغيرها . نأتي على أوربا وهي هنا فرنسا وبريطانيا وألمانيا ، فبرغم أن فرنسا وبريطانيا شكلتا ولأول مرة جناحا التحالف الدولي ضد نظام ألقذافي واليوم تجاه نظام الرئيس بشار إلا أن أحدا ليس بمستطاعه إغفال الدور المحوري الذي لعبته دول الخليج في مسألة إسقاط نظام ألقذافي أو دورها الثانوي غير الداعم لنظام الأسد . فلولا هذا الدعم الخليجي –تحديدا السعودي – ولولا نفط ليبيا ومساحتها الكبيرة المهددة لجنوب أوربا بالهجرة والجريمة المنظمة ولولا أهمية سوريا البوليتيكية المحورية في أية معادلة سياسية في المنطقة ؛لما تحمست دول الناتو في شن حرب تكبدها مليارات الدولارات ولما تجرأت الجامعة العربية على استصدار قرار تاريخي يأذن لمجلس الأمن التدخل المباشر ولما ولما .. دعكم من ليبيا ولننظر إلى ثورتي سوريا واليمن ! سنرى أوروبا أكثر حماسة وجرأة من أمريكا وحتى الخليج ذاته ، فبعد أن كان هذا الخليج فاعلا رئيسا في إسقاط نظام ألقذافي رأيناه بالمقابل أقل حماسة وهمة إزاء ثورتي اليمن وسوريا ، فباستثناء دولة قطر المغردة في سرب الثورات الشعبية العربية المناهضة لجمهوريات العائلات بقية دول الخليج خفت صوتها وتراجع خلف هواجس ومشكلات وحسابات سياسية وطنية وطائفية وحقوقية . لم يخط السفير البريطاني في اليمن جوناثان ويلكس حين طلب من اليمنيين (ألا يتوقعوا حلا خارجيا أو معجزة تأتي من الخارج )فدول الخليج ستظل تتمنى من الرئيس أن يوقع مبادرتها بينما أمريكا ودول الاتحاد الأوربي تخشى وتأمل وتدعو للبدء في نقل السلطة وفقا ومبادرة الخليج ، إما روسيا والصين وبعد رفضهما لقرار دولي ضد سوريا فأن موقفهما تجاه ثورة اليمن لا يعلمه سوى الراسخون في لعبة الأممالمتحدة . المطلوب من اليمنيين ألا يعولوا كثيرا على الخارج فهناك من القضايا الدولية ما هو أهم من ثورة اليمن ، هذه المجتمع الدولي لن يستطيع إجبار الرئيس صالح من دون قوة ضغط مجتمعية داخلية ، لا شيء يغري في هذا البلاد المنكوبة والمنهوبة ، لا يوجد من هو أفضل من صالح وعائلته على الأقل للولايات المتحدة ولدول الإقليم الممانعة لقيام ثورات شعبية عربية . نعم هناك تحول كبير وهام إزاء ثورة اليمنيين ولكن المهم هو ما سنقوم به نحن من فعل ثوري حاسم ، ما لم نبتدع طرقا وأساليب جديدة من شأنها إسقاط رأس النظام وأتباعه وخلال مدة وجيزة ؛فلا ننتظر من الخارج سوى التنديد والمطالبة ! صحيح أن هذا الرئيس بات في حُكم المخلوع ظاهريا ودبلوماسيا ، ومع كل ما نراه من دول أوربا وأمريكا إلا أن ذلك لا يكفي ، فهذه الثورة يجب أن يكون رهانها على الداخل أولا وأخيرا . ففي جميع الأحوال اليمنيون هم وحدهم من سيقرر كيف ومتى سيتم الحسم ؟ اليمن بالنسبة لأوربا وأمريكا وحتى تركيا والصين وروسيا غير سوريا وليبيا ومصر وتونس ، على هذه القاعدة ينبغي ألا نشغل أنفسنا كثيرا في مسألة إسقاط النظام من واشنطن أو لندن أو باريس أو غيرها من العواصم . فهذه الدول أيا كان موقفها داعما أو رافضا لبقاء صالح فأنها في المجمل لن تكون إلا مع مصلحتها وهذه المصلحة أيا كان ارتباطها بالحاكم الفرد إلا أنها في العلاقات الدولية لا تصل لحد التضحية بالمجتمعات إذا ما ثارت وأرادت التغيير . فعلى العكس من روسيا والصين وغيرها من الدول الممانعة لمسألة تصدير الديمقراطية وحقوق الإنسان ؛هناك ثمة قيم متأصلة منحازة لهذه الثورة وعلينا ألا نيأس أو نحبط إذا ما كانت غائبة أو غافلة عنا الآن ، بل علينا بدرجة أساسية انتزاع هذا الحق الجمعي والإنساني انتزاعا ،وهذا بالطبع لن يأتي من الأممالمتحدة أو الجامعة العربية أو الخليج بقدر ما يأتي من الداخل وتحديدا من مقاومة وتضحية وإيثار اليمنيين ذاتهم .