من عدن من قلب المدينة التي لازلتُ فيها أبحث عن معالم وجهي... مدينة حيث تُنحر الورود فيها...والقمر الخرافي لم يبتسم لنا بعد منذ زمن...كل شيء يبدو متوجهاً نحو الانزلاق هاهنا...حتى أولئك الباحثين عن التنفس...وهم يتقطّعون.. وأنا..ألتحم!! الآن ..!!!نسمع صوت الرعد...ولكنه ليس رعداً قادماً من السماء...بل قادماً من فوهات الموت التي نصبت لنا عمداً...يريدون أن تمطر السماء دون سحب...ليس قطرات المطر...ولا ذلك الرذاذ الذي ينعش الروح...أو هتان رباني....بل قطرات من غازات السموم...ورذاذ من بارود...وهتان ينزل علينا من السماء حمماً...تخترق أجسادنا...وتسيل دماءنا...نموت فلا يبكي علينا أحداً.. نموت ..نذبح ...بسب ألئك اللذين...سلخوا جلودنا في الوطن.. وصنعوا منها خيوطاً...يستخدمها صانعي الأحذية...وعملوا منها...أحزمة.. وأغلفة... وحافظات تتسع..لقطع المسدسات...وقفازات لليدين... نموت ..نذبح ...بسب ألئك اللذين جعلوا سماءنا ملبدة بغيوم سوداء.... تمطر قهرا دماً... وبقايا من رذاذ التعفن في جثث الأوباش المطالبين بالحرية... نموت ..نذبح ...بسب ألئك...اللذين قرروا أن يجعلوا من عظامنا...علامات وشواهد في الطرقات ترشد... القادمين الجدد... إلى بقايا مقابر كان أصحابها...قد كتبوا على أكفهم... حروفا مبهمة اسمها وطن.. نموت ..نذبح ...بسب ألئك... اللذين ارتقوا في يوم ما... من بحيرة يملؤها الوحل... وبقايا دماء...ليزيد نقيقهم...ويرتفع ويعلوا أكثر.... فيرتقون إلى أعالي بركة ماء يختلط بها.. بقايا أحقادهم... فترقوا ووصلوا إلى موقع القرار.. نموت ..نذبح ...بسب أولئك... القادمين الجدد... الذين قرروا أن يرصفوا شارع الحرية... بدمائنا... ليمشوا على بقايا أجسادنا التي أصابها التعفن في نهار دموي...لم يجروء أحد الاقتراب منها.... إلا بقايا غربان... وبعض كلاب ضالة تنهش... فما يهم بعد أن تموت... أن سحلوك ميتاً.. نموت ..نذبح ...بسب ألئك...لأنهم يحاولون العودة... في (لوك) جديد... بعد أن عملوا عمليات شد.. وشفط.. وتكبير... لأجسادهم... ولكن تلك الكروش المنتفخة.... لازالت باقية .. وعقلية الماضي لم تتأثر بعد... نموت ..نذبح ...بسب ألئك..اللذين لا يحملون من الرشد إلا اسماً...تناسوا أنهم مسئولون عن الجميع..فأبوا إلا أن يكون تثبيت الأمن والأمان بفوهات المصفحات...والقناصة ..وبانتهاك حرمات المواطنين..وقتل أبنائهم وتعذيبهم... نموت ..نذبح ...بسب وحيدٍ الذي أصبح هو القانون والقضاء والعدل ...وحيد..اختار لنا ترف الموت ... كي لا نبقى أموتاً في حضرة الحياة.... ليتني أصير دبوساً أثقب به كل كروش الضفادع المنتفخة... وافقأ عينيها ... كي لا ترتقي مرة أخرى لموقع القرار...