كانت نكتة سياسية عميقة تداولها الناس في عدن أواخر الثمانينات عندما اجتمع وفد جنوبي رفيع مع قادة الشمال في صنعاء للتهيئة للوحدة المشئومة.. وتصادف يومها مباراة كرة قدم بين ناديي الوحدة والشعب .. فعندما يسأل سائل .. هاه ما الأخبار .. تكون الإجابة " الشعب اثنين والوحدة لا شيء ." لم تكن طرفة عابرة .. بل هي حكمة بليغة عميقة تعبر عن واقعنا المرير الذي يحاول بعضنا القفز عليه مرتكزين على عواطفهم و,آمالهم وأوهامهم .. في حال أحسنوا النية وأحسنا بهم الظن .. لأن هناك بعض آخر يستميت في الدفاع عن الوحدة ليس إيمانا بها بل استماتة في الدفاع عن مصالح ذاتية ارتبطت بها وفي مقدمة أولئك أباطرة البر والبحر الذين قسموا البلاد ووزعوها "على ما يشتهي الوزان ". وهناك جنوبيون مع الأسف يريد الواحد منهم أن يكون شماليا أكثر من الشماليين أنفسهم .. وتجده يردد عبارات عقيمة في تقديس الوحدة .. لعلها دعاية انتخابية مبكرة ..لأن الشماليين يخجلون هذه الأيام من ذكر تلك العبارات الممجوجة .. احتراما لتضحيات أبناء الجنوب وثباتهم ... تبآ لها من وحدة لم تستطع أن تتحدث عن نفسها وترغّب الناس بمزاياها وإنجازاتها .. للوحدة مرادفات كثيرة عند الجنوبيين منها ..,النهب , الفساد ,الرشوة , الظلم , القهر , التخلف , الفوضى . الهمجية .التهميش الخ فلماذا تصرون على أن تجرعوا الجنوبيين هذه المرارات .. ألا يستحقون عيش كريم وأرضهم تزخر بكل المقومات .. وهم شعب لطيف مسالم يتطلع لبناء دولة حديثة يسودها الأمن والنظام ويعمها الرخاء .. إنكم بهذه الوحدة تظلمون أبناء الشمال والجنوب معا ً لأن السواد الأعظم من أبناء الشمال لا يريدون دولة نظام وقانون ويرون في ذلك تكبيل لهم وكتم لأنفاسهم .. دعوهم يعيشون بالطريقة التي تناسبهم ويضطجعون على الجهة التي تريحهم .. بالأمس وفي أحدى القنوات الفضائية ظهر احد أبناء الشمال النافذين وقالها بكل بجاحة مفاخرا بأن "السعودية أوقفت راتبي منذ عام ..ويريد أن يقول بسبب مواقفي المؤيدة للثورة وكأنه يساوم على تعويض " لم يخبرنا ما هي وظيفته التي استحق عليها ذلك الراتب طوال السنوات الماضية .. لكن الشيخ سنان ابو لحوم قالها بكل صراحة .. نحن الشماليون "شعب نقدس الزلط " فكيف نوفق بين من يقدس الزلط ويبيع كل شيء من أجلها مع من لا تعني له الزلط شيئا بل خرج بمسيرات مطالبا بتخفيض راتبه لتخفيف أعباء الدولة وسلم لها كل شيء .بل أن سلاطين الجنوب في دول الجوار ليس لديهم رواتب لا من اليمن ولا من غيرها ومع ذلك يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف وعزة النفس وكذلك كثير من الشخصيات الجنوبية .. في حين يتبجح ذلك الطفل المعجزة بأنه يحصل على راتب من الخارج ناهيك عما يحصلون عليه من الداخل بالبطش والغطرسة .. تلك هي ثقافة الشمال وهذا هو الفرق بيننا وبينهم .. لذا لا تتعبوا أنفسكم في الترقيع .. فطالما وقد تعذر الإمساك بالمعروف فليكن التسريح بإحسان ...