عدن أون لاين/ تقرير / رنا عبدالحميد سلام: ينتظر اليمنيون بشغف إصدار الرئيس عبد ربه منصور هادي مرسوم رئاسي يحدد فيه موعد انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل أهم استحقاقات اتفاق التسوية السياسية و يعد الحوار الوطني بمثابة الفرصة الأخيرة أمام اليمنيين للعبور إلى المستقبل وبناء الدولة اليمنية الحديثة وتجنيب البلاد ويلات الحروب والتمزق , و طرح كافة القضايا الوطنية على طاولة الحوار والبحث عن حلول ومعالجات جذرية لها بروح ومسئولية وطنية تشارك فيه كافة القوى السياسية والحزبية والشباب والمرأة ومنظمات المجتمع المدني والحراك الجنوبي والحوثيين وبرعاية دولية وإقليمية. وكانت اللجنة الفنية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني قد أنهت تحضيراتها الأساسية لعقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل،وسلمت للرئيس هادي تقريرها النهائي،( قبل اسبوعين) والمتضمن التصورات والآلية المقترحة ونّسب التمثيل لمكونات الحوار،بعد ستة أشهر من العمل الشاق والمتواصل. أعقبها إصدار الرئيس هادي لعدة قرارات رئاسية قضت بإعادة هيكلة القوات المسلحة وضم قوات الفرقة الأولى مدرع والحرس الجمهوري لقيادة وإشراف وزارة الدفاع كإحدى خطوات التهيئة للحوار الوطني , ولاقت تلك القرارات ارتياحا و تأييدا شعبيا منقطع النظير وترحيب إقليمي ودولي واسع. رغم الترحيب والتأييد الشعبي والدولي الواسع لقرارات الرئيس إلا أنها لم تكن كافية وملبية لكل تطلعات الشارع اليمني بقواه الثورية والحزبية المختلفة التي مازالت تنتظر من الرئيس هادي إصدار قرارات عاجلة تقضي بتنفيذ "النقاط ال20" التي أقرّتها اللجنة الفنية للحوار بداية سبتمبر الماضي ، وأوصت بتنفيذها تهيئة للحوار ، وضماناً لإنجاحه. وركزت "النقاط ال20" على معالجة أهم المطالب الحقوقية في الجنوب حيث طالبت بإجراء مُعالجات جادة وعادلة للقضية الجنوبية ، وإزالة آثار حرب صيف 1994م ، ومعالجة أوضاع الموظفين المدنيين والعسكريين الذين سرحوا من أعمالهم ، وإعادة أراضي ومؤسسات الدولة في الجنوب ، وإطلاق سراح المعتقلين على ذمة الاحتجاجات في المحافظات الجنوبية ، وإلغاء ثقافة وتمجيد الحروب،و توجيه اعتذار رسمي للجنوب من شركاء الحرب صيف 1994م واعتذار شركاء حروب صعدة ، لأبناء المناطق المتضررة منها ، ومعالجة آثارها ، وتسريع هيكلة المؤسستين الأمنية والعسكرية وإخضاعهما لقيادة وزارتي الدفاع والداخلية ، والتحقيق في انتهاكات أحداث 2011 م ) وكانت الناطقة باسم اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني ، أمل الباشا ، قد أكدت في تصريحات صحفية سابقة أن الرئيس عبد ربه منصور هادي أبلغ أعضاء اللجنة الفنية ، في اجتماع الثالث من ديسمبر الجاري، عزمه إصدار عدّة قرارات ، قبل انعقاد مؤتمر الحوار لمعالجة الأوضاع في الجنوب وصعدة وسيعقبها قرارات أخرى تزامناً مع انعقاد المؤتمر ، لصعوبة تنفيذ جميع "النقاط ال20"دفعة واحدة. القيادية في الحزب الاشتراكي خولة شرف أكدت في حوار صحفي نشرته الثورة الرسمية أن صدور قرارات رئاسية تقضي بمعالجة الأوضاع في الجنوب وفقا "للنقاط ال20" تمثل ضرورة لإثبات حسن النوايا وتخفيف حدة الاحتقان السياسي في الشارع الجنوبي وتحفيز قوى الحراك على المشاركة في الحوار. ومع اقتراب موعد الحوار الوطني أخذت القضية الجنوبية بعدا وطنيا ..و صدور قرارات رئاسية لمعالجة الوضع في الجنوب صار مطلبا شعبيا لمعظم القوى والمكونات السياسية الثورية و قيادات الحراك المؤيدة للحوار الوطني ويتعرض الرئيس هادي لضغوط شعبية وسياسية مستمرة للتعجيل بتنفيذ "النقاط ال20" قبل بدء الحوار الوطني من أجل تهيئة الأجواء لعقد الحوار في مناخ صحي نقي . وفي ما يتعلق بمشاركة قوى الحراك في الحوار الوطني أكد جمال بن عمر مبعوث الأمين العام للأم المتحدة قبل مغارته صنعاء الاثنين الماضي أن معظم قوى الحراك الجنوبي ستشارك في الحوار الوطني .. وتمارس الدول الراعية " للمبادرة الخليجية" ضغوطا متواصلة على قيادات الحراك الجنوبي في الخارج وكثفت اتصالاتها معها من أجل دفعها للمشاركة في الحوار . وتعكف الأحزاب السياسية ومكونات الحوار الرئيسية على إعداد قوائم بأسماء ممثلها في الحوار الوطني بعد دعوة اللجنة الفنية لها بتقديم قوائم بأسماء ممثليها لكن يبدوا أن المعضلة الرئيسية التي تواجه الأحزاب تكمن في اختيار قوائم ممثليها وفقا للمذكرة التفسيرية لجمال بن عمر ، اذا أن على كل مكوّن أن يمثل شبابه بما لا يقل عن 20%، والنساء ب30%، وعليه أن يمثل الجنوب بما لا يقل عن 50 %، ويراعي مع ذلك الفئات والاعتبارات الأخرى. و الأخذ بتلك المحددات ، سيتعين - مثلاً- على حزب كالإصلاح الذي حظي ب50 مقعداً أن يخصص منها 10 مقاعد للشباب ، و 15 معقداً للنساء، توزع بالمناصفة على شباب ونساء في الشمال والجنوب ، فيما يتحتم عليه أن يوزّع 25 مقعداً على السياسيين والعلماء والأكاديميين، والمهنيين ، والمشايخ والمهمّشين وممثلي المُحافظات ، وبالتساوي بين الشمال والجنوب. ولن يكون الأمر أقل تعقيداً بالنسبة للمؤتمر وحلفائه ، الذي سيتعين عليه توزيع 112 مقعداً على مكونات حزبه ، يضاف إليها 12 حليفاً وبذات الآلية السابقة المشار إليها في حالة حزب الإصلاح. وفيما يتعلق باختيار ممثلين الشباب والمرأة ومنظمات المجتمع المدني شكلت اللجنة الفنية لجنتين من أعضائها واحدة من الشمال لاختيار " 60" عضوا من المكونات الثلاثة بواقع "20"عضوا عن كل مكون ولجنة أخرى من الجنوب لاختيار (60) عضوا لنفس المكونات . وكان جمال بن عمر أعاد في مُذكرته التفسيرية المقرّة من قبل اللجنة ، تقرير نسبة اعتماد أي قرار في المؤتمر والتي سبق للجنة الفنية أن أقرتها بنسبة 90% (509 مقاعد)، ورأى بن عمر أنها عالية جداً وعصيّة على التحقيق ، ليزيد في تقرير نسبة 75 % من المقاعد (424 مقعداً)، وهي النسبة المطلوبة في اعتماد القرار للمرة الثانية ، إذا ما تعذر قبوله بالنسبة السابقة ، موضحاً أن أياً من المكوِّنات المختلفة غير قادرة على مجرد الاقتراب من هذه النسبة ، وهو الأمر الذي لن يتيح لأي طرف القدرة على التحكم بالمؤتمر أو السيطرة عليه ، ولذلك فإن اعتماد أي قرار في المؤتمر سوف يتطلب بالضرورة التفاوض وتقديم التنازلات المتبادلة. لكن إذا أمعن النظر في نسب التمثيل لمكونات الحوار التي أقرتها اللجنة الفنية وبإشراف جمال بن عمر حضورا طاغيا للقوى المدنية التي ترفع شعار الدولة المدنية الحديثة. وفي حال تمكن الجنوبيون الذين يمثلون بنسبة 50% من قوائم مؤتمر الحوار الوطني تجاوز خلافاتهم وانتمائهم الحزبي ووضعوا مصلحة الجنوب خاص واليمن عامة وتوحد الجميع تحت شعار بناء الدولة المدنية الحديثة وعملوا على استقطاب القوى المدنية في المحافظات الشمالية المتطلعة لبناء الدولة المدنية (المرأة , الشباب , منضمات المجتمع المدني, الأحزاب اليسارية ) وعمل الجميع من أجل الانتصار للقضايا الوطنية ووضع اللبنات الأساسية للدولة المدنية بغض النظر عن شكل و مسميات هذه الدولة سواء كانت فيدرالية من إقليمين أو اتحادية من عدة أقاليم , فإن الوصول , حينها نستطيع القول أن اليمنيين تجاوزوا الماضي بكل مآسيه واتجهوا نحو المستقبل وبناء الدولة المدنية الحديثة.