بين المسئولين الجنوبيين وبين اللجوء إلى الاعتكاف علاقة وطيدة في كل مرة تحتدم فيها المواقف وتسوء الظروف. فبعد أربع سنوات من التوقيع بين شركاء الوحدة دشن علي سالم البيض (الجنوبي) أول اعتكاف في العصر الحديث اليمني عندما غادر صنعاء واستقر في عدن احتجاجا على تصرفات علي عبدالله صالح ، ثم كان الإعتكاف الثاني والثالث قبل وبعد التوقيع على وثيقة العهد والإتفاق عائدا من الأردن إلى عدن وليس العاصمة صنعاء ، ليكون ذلك بمثابة القشة التي قصمت ظهر الوثيقة وأشعلت حرب الصيف. وفي ذروة الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام علي عبدالله صالح عام 2011م هدد نائب الرئيس حينها عبدربه منصور هادي بمغادرة صنعاء والإعتكاف في عدن إثر شعوره بعد قبول الاطراف للإتفاقات والتوقيع على المبادرة الخليجية وترك الأمور للمجهول على قاعدة (أنا رب إبلي وللبيت رب يحميه).. وأخيرا وليس آخر رئيس الوزراء اليمني الحالي محمد سالم باسندوه يختار الأردن للإعتكاف متهما جهات من عائلة الرئيس بعرقلة قراراته.. ولعل المتابعين لجلسات مؤتمر الحوار في أسبوعه الأول نائب ريس المؤتمر الدكتور ياسين سعيد نعمان وهو ينهض من الكرسي ويهدد بمغادرة القاعة بعد رفض المتحدثة (فايقة العدنية) الإلتزام بالوقت وإنهاء مداخلتها، وتكرار نعمان كلماته الحانقة (يا فائقة انتهى الوقت)... كما يبرز القيادي الإصلاحي محسن باصرة في اعتكاف طال أمده مقاطعا مؤتمر الحوار وصدارة الفعل الحزبي في التجمع اليمني للإصلاح –لأسباب غامضة- وقد قدم اعتذارا لقيادة حزبه مؤكدا أنه ذاهب للعلاج في المملكة العربية السعودية. السؤال الذي يبرز أمام المراقب لما الاعتكاف ومغادرة الجبهة دون المواجهة هو وسيلة القيادات الجنوبية على العكس من ذلك في تصرفات وردة فعل المسئولين في الشمال. البعض يرى أن الانسحاب والاعتكاف دون الإستقواء بالمنصب والنفوذ هو تصرف مدني سلمي راقي، فلا بديل عن الاعتكاف والانسحاب سوى اللجوء إلى خيارات غير سلمية سوف تضر بالجميع. الغريب في الامر أن اللجوء لخيار الاعتكاف والانسحاب لدى القيادات الجنوبية ليس أصيلا في كل مشوارها السياسي إذ شهدت عدن دورات عنف في حقب ماضية وحل الصراع بدلا عن الانسحاب الاختياري. بينما يرى فريق أن الانسحاب تخلي عن المسئولية واختيار أسهل الطرق وعدم مغالبة ومصارعة العوائق والسعي عمليا لتطويعها وتذليلها.