بالطبع بعد إدانة اجرام القتل المفتوح للمدنيين العزل وهي جريمة لا يمكن تبريرها ولا داعي لتكرار ذلك, يقفز بداعي الذهول سؤال متكرر تفرضه اللحظة الجنوبية العمياء وافرازاتها المتجددة حيث الفراغ اللماع فراغ اللا نُخب مع صلابة اللاوعي في توجيه دفة الانفعالات في الاحداث العامة، ويكون السؤال المكرر هنا : هل نتحلى بشجاعة النقد الداخلي كجنوبيين لمواجهة شق آخر من الخطر مقابل لخطر عنف صادر من سلطة الجيش، وهو من الخطأ والخطر بحيث لا يمكن اغفاله بل ان اغفاله هو جزء من الجريمة اذا صحت منا النوايا للانتصار للضحايا الآمنين من أي مسببات او مسهلات او مدخلات او ممهدات لعمليات قتالية يقوم بها افراد أو جماعات بين التجمعات السكنية تكون سبباً في اهدار المزيد من ارواح العزّل الآمنين المسالمين ,عمليات لا تعطي حلولاً لأي اشكالات من اي نوع بل تزيد من تعقيدها مع زيادة كلفة في ازهاق الارواح وشحن الأجواء المشحونة اصلاً ! .. الشباب الجنوبيون هل عندهم وبالتأكيد عندهم القدرة على إعلاء صوت النقد الشجاع لمبدأ العمل المسلح بين المدنيين كعنوان خطر لحالة خطرة تتزيا بزي النضال لا يمكن القبول بها والتساهل معها مبدأياً تحت أي مبرر لمالها من نتائج وخيمة وقد اكدت الوقائع انها ليست ذات جدوى حقوقية أو سياسية بل العكس تماماً نتائجها خسائر اليمة في الارواح يرافقها استغلال اعلامي انتهازي دون أي منفعة للناس .. وعودةً للتساؤل مرة اخرى هل من استطاعة وهي غير متعسرة طبعاً لإقامة عملية مراجعة بإعلاء صوت نقد توعوي فيما حصل ويحصل في الجنوب ولنتحدث عن قضية اللحظة في الآونة الاخيرة من اشتباكات وعمليات قتال " باسم المقاومة الجنوبية " في محيط من تجمعات سكنية آمنة يذهب ضحيتها المدنيون المسالمون ولا تعود بأي نفع للقضية بل بضرر وخسارة كبيرة في الارواح! هل من صوت مناضل شجاع ينتصر للناس للمساكين العزل اللذين يقتلون في منازلهم دون ذنب أي أولئك اللذين لا تربطهم بامتيازات البيض ومحمد علي أحمد اي قُربى وهم فقراء لا يملكون قصوراً عالية يحتمون بها ولا اموالاً تساعدهم على الهرب من نير حروب أهلية لا يمكن ايقافها في بلد يعج بأمراء حروب متلونين ببزات عسكرية رسمية أو ببزات نضال مصطنع ! هذا النقد المطلوب هنا لا يبرئ المجرم في الجيش ولا يعطيه اي عذر بل يتحمل هو مسئوليته كاملة لكنه يضيئ جوانب معتمة من اسباب نشوء أخطار الموت وهي اسباب مسكوت عنها غالباً والاسئلة هنا تأتي لدفع شجاعة الحديث عن المسكوت عنه انتصاراً للناس اللذين لا تهمهم شعارات الوحدة والانفصال اكثر من اهتمامهم بسلامة ارواح ابنائهم وأحبائهم فلا مقدس هنا سوى الإنسان ..هل لنا ان ننتصر للضحايا بنقد الاسباب المؤدية لقتلهم .. هل لنا ان نخلص لهم هم لا لشيء آخر في نفوسنا .. ! ألم يحن وقت كسر حرمة النقد اللذي هو عملية إحياء ضرورية للعقل ..العقل المفتقد في عتمة مخيفة من علو صوت التحيزات الجهوية القبلية الحزبية النفعية المتداخلة العمياء، و التي لا تعبأ بالدم بقدر ما تندفع لدعم عقائدها المعلنة خططها ومصالحها واهوائها بشراسة لا تعترف فيها بجمل العصر.. الحقوق والحريات والمراجعات على اساس انساني صرف يعتني بالدليل والعقل لا بالشعار المرسوم والعقيدة القتالية النضالية المعلنة المبررة لكل سوء ! من أقل ما يقال حيال أهم مظاهر الخلل الآن ان العمل العسكري بين المدنيين خطر وخطأ كبير! .. هل هي جريمة هذه الجملة ! ..هل هي صعبة لهذا الحد ! هل هي علمياً وعملياً خاطئة ! هل هي اخلاقياً خاطئة ! لا طبعاً لا شيئ من ذلك .. فقط تحتاج لشجاعة النقد المقاوم المناضل المنتصر للوعي مزيةُ الإنسان فلا نضال بدون وعي , ولا قيم يمكن ان تداس باسم النضال واي قيمة هي قيمة النقد لحماية الناس من تولد اسباب العنف والقتل باي وسيلة واي طريقة ممكنة ليس لشيئ , فقط انتصاراً للآمنين العزل اللذين لا يخسر سواهم في هكذا فوضى للرصاص ..للفتيات الصغيرات المزهقة ارواحهن ظلماً ..للطيبين المتعبين اللذين لا تعرفهم الفنادق الفارهة .. لا لشيئ آخر ! ألا يستحقون منا شجاعة ان نقول لا لعملية تسهيل إزهاق ارواح جديدة بهكذا حروب عبثية عدمية لا ينتصر فيها أحد سوى الدم المراق ! لم لا يقال مثلاً بان الحرب ليست لعبة افراد أو جماعات انما هي قرار سياسي مدروس بمرجعية سياسة وطنية موحدة في اطار مشروع جامع وبفهم ودراسة للواقع والميدان اي هو قرار واضح المعالم والاطر معلومة ومدروسة مساراته ونهاياته وليس رسماً مجتزأ مبهم وغير مكتمل معلق في خيال ابطال منصات الشقاق الشهيرة وهي المنصات التي لم تفلح أن تنجز شكلاً موحداً لمنصة سياسية جامعة على كثرة فعالياتها ومهرجاناتها عوضاً ان تنجز مشروعاً سياسياً ينتصر لمصالح الناس وهو المطلب الاهم الهارب بينما بغرابة ومجازفة مقلقة يحضر المشروع العسكري المقاوم ليعوض النقص السياسي الخطر أو ربما ليحل بديلاً له بعنوان استرداد دولة لازالت مصنوعة في الخيال في ظل فشل تاريخي مرهق للتفاهمات السياسية الاجتماعية الجنوبية منذ فشل احتواء صراع 86 الكارثي العظيم اللذي عاد ابطاله الفاشلون المشاهير مرةً أخرى للميدان ذاته اللذي احالوه ركاماً ودماء ًبغبائهم المتين لكنهم عادو هذه المرة ليكونوا واجهات حل لمشاكل كانوا طرفا فاعلاً في خلقها ومظهراً فادحاً من مظاهرها في تراجيديا جنوبية محيرة تستمر فيها دورات تبادل الهزيمة والفشل بكل وقاحة علانية ودون اي حياء من تاريخ منظور ليس ببعيدة فيه بشاعات القوم وكارثية تفكيرهم وجنون حروبهم التي شهدت لها المنطقة بتميزها في علو الكلفة وفرادة الوحشية .. وهي لحظة جنوبية محيرة بالفعل وحوادثها لا مفهومة ولا مبررة فعلى سبيل المثال تسبق رصاصات المسلحين المبعثرين المشاريع السياسة الجامعة لاستعادة دولة بلا معالم لم يعرِّف أو يعرِف ماهيتها وتكوينها أحد جنوباً ولا شمالاً وحين تكون اللحظة الجنوبية ماضية على هذا النسق المجازف من اللامعقول بلا أدنى شك نكون حينها في حالة احتياج صارخة لصوت العقل والمسؤلية ان يتحدث أمام جنون المصطلح النضالي وسطوته المبشرة بالعبث والفوضى .. المحير والمخيف في آن هو ذاك الاعلان المقلق لما تسمى المقاومة المسلحة في الضالع عقب الجرائم الاخيرة وهو جاء مفاجئاً دون هدف محدد مدروس ودون مرجعية أو مشروع سياسي قابل للحياة , الحياة التي لا تبدوا مهمة كثيراً او غير حاضرة في جمل النضال الجنوبية الممجدة للموت والانتقام.. وأخيراً حين يظهر العبث بملامحه جلياً فلا مناص أخواني الجنوبيين من ان تكسروا صنم "تحريم النقد والمراجعة " للعمل الجنوبي في عقيدة حراك 2011م اللذي كرسته لايف واخواتها من مؤسسي خطاب التجهيل العنيف في وعي الجنوبيين بمبررات واهية تنتشر بين العامة و يلوكها النخبة تماهياً معهم و استغفالاًً واستغلالاً لهم بجمل مخادعة للعاطفة سالبة للعقل ك"لا تشقو الصف وواحدية العدو والمحتل يتربص والمقاوم وجملة من صور عقيدة ولاء وبراء لمعارك وهمية لا تمت لواقع ومعاناة وتطلعات الجنوبيين بصلة انما كم وافر من تزوير وتغييب للعقل بل وصناعة وعي مهزوم هارب من الحقائق يضفي قداسة المظلومية للقضية للهروب من تقويمها ونقد قياداتها وتكويناتها وفاعليها كتجربة انسانية خاضعة للخطأ والخلل هذا الغياب المزمن للنقد هو اللذي اعطى فسحةً للأخطار والحماقات ان تتحرك دون محاسبة مع تكريس ممنهج لشخص الجنوبي المقاوم والمناضل اللذي لا يخطئ ولا يجرم" حتى لوكان من أعوان صالح الجنوبيين " فلا يمكن لاحد ان يقترب من معاينة ونقد أدائه النضالي في حضور العدو المطلق" الشمالي الشرير" فضلاً أن يطالبه بتصحيح مساره واصلاح العوج وهنا تبدوا كارثة التسليم بالنضال المقدس دون مراجعة وتقويم وهو ما يريده بالضبط ذوي الاغراض الخاصة ويطلبوه وقد تحقق لهم للأسف الشديد ان يرقصوا ويغنوا على الاشلاء والجثث بكل انتهازية تحمي مصالحهم في فضاءات القضية دون اي مسائلة وان يحجزوا لهم مكاناً جديداً في جنوب كانوا ضالعين بشكل مباشر في تدميره وأصبحوا الآن رواد تحريره في مفارقات قضية لا تنقضي عجائبها.. إن اعلان الكفاح المسلح في هكذا بيئة ممزقة ودون مرجعية سياسية اخلاقية انسانية لا يخفى خطره على عاقل متابع وان استمرار الجرائم في الحدوث باسم النضال بمشاركة الجيش دون نقد لن يكون سوى عاملاً مساعداً لسيلان الدم وانعدام الأمن وهي جريمة لا يمكن لعاقل ومناضل مخلص ان يسكت عنها او يساهم بمرورها .. نعم لكسر صنم اللا نقد .. نعم لسلطة الوعي والضمير .. .. ولأنكم تخطئون وتجرمون معه حين لا تقولون ما يجب عليكم ان تقولوه وجب عليكم أن تتحدثوا الآن ... والله من وراء القصد ...