لا يختلف اثنان على أهمية المؤسسة العسكرية في حماية البلد وحماية أرضه وثرواته وشعبه ومنجزاته, فهي من أهم المؤسسات الوطنية التي تلعب دوراً حقيقياً في استقرار البلد وأمنه. غير أن الانحراف التي أصاب بعض قيادات هذه المؤسسة في معظم أوطاننا العربية منذ عدة عقود صيرها من مؤسسة أمنية تُجيد فن الدفاع والقتال إلى مؤسسة سينمائية تُجيد فن المراوغة والخداع والتمثيل على شعوبها بل وتحاكي هوليوود الأمريكية في إنتاج أضخم المعارك الحربية الوهمية التي تنتهي بمزاج مخرجها, ولا تتعدى الشاشة التي تُعرض عليها. لقد كافح وناضل المواطن العربي لإخراج المستعمر من أرضه ودفع أغلى التضحيات لكي ينعم بحياة آمنة مستقرة يجد فيها نَفَس الحرية ليستنشقها دون رقيب لشهيقها أو زفيرها, لكن سرعان ما تلاشى هذا الحلم بعد الاستقلال حيث استولى العسكر على مقاليد الحكم في معظم البلاد العربية, وقاموا بإقناع الجماهير بتمثيليات هزلية بأنهم المخلّص المُخلص لأوطانهم, مغييبين وعي الجماهير بحقيقتهم السوداء حيث استخفوهم فأطاعوهم. واليوم بعد ثورات الربيع العربي عاد العسكر إلى هوليوود مرةً أخرى لإنتاج درامات جديدة الأشكال, قديمة الأهداف, لإقناع الجماهير بأنهم الأجدر في حكم البلاد والعباد, وأن الذين يعادوهم هم شر ذمة حقيرة قليلة تُعادي الوطن والمواطن. لقد نسي هؤلاء أن هوليوود الأمس ليست هوليوود اليوم, وأن وعي الجماهير اليوم ليس وعي الجماهير بالأمس التي تقتنع بمجرد بيان هوليوودي يُصور الخائن بطل, والعميل أمين. لقد فضحت جماهير الوعي في مصر اليوم بمختلف فئاتها هوليوود العسكر هناك, وبينت حقيقة الفيلم السينمائي الحقير الدائر هناك, وفضحت المُنتج الهوليوودي الأمريكي و المخرج المخابراتي الأمني, وصاحب البطولة السيسي, والإدارة المالية الخليجية, ومنسق الأزياء السلفي والكنيسي. وما أن تنتهي هوليوود من فيلم السيسي إلا وتجهز فيلماً آخر من افلام الأكشن , بطله هوليوودي آخر ( حفتر) , الذي يريد أن يخلص ليبيا من أعداءها ويقود البلاد إلى بر الأمان – على حسب البيان الهوليوودي-. ولكن مشاهدو اليوم ليس كالأمس, فهاهم ثوار ليبيا يخرجون ببيان بالأمس يكشفون حقيقة البطل الهوليوودي (حفتر), ويصفونه بالمجرم القاتل , ويذكّرون الشعب الليبي ببطولاته الإجرامية في حق الشعب الليبي. وهكذا سيتم إنتاج أبطال هوليووديين يخلصون الأوطان من أعداءها , وما أظن اليمن عنهم ببعيد, فبطلها الهوليوودي تم إنتاجه ولم يبقَ إلا إنزال ملصقات الإعلان في الوقت المناسب للعرض.