وفاة امرأة وإنقاذ أخرى بعد أن جرفتهن سيول الأمطار في إب    وزارة الخدمة المدنية تعلن الأربعاء إجازة رسمية بمناسبة عيد العمال العالمي    استهداف سفينة حاويات في البحر الأحمر ترفع علم مالطا بثلاث صواريخ    واشنطن والسعودية قامتا بعمل مكثف بشأن التطبيع بين إسرائيل والمملكة    رغم القمع والاعتقالات.. تواصل الاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين في الولايات المتحدة    منازلة إنجليزية في مواجهة بايرن ميونخ وريال مدريد بنصف نهائي أبطال أوروبا    الهجري يترأس اجتماعاً للمجلس الأعلى للتحالف الوطني بعدن لمناقشة عدد من القضايا    افتتاح قاعة الشيخ محمد بن زايد.. الامارات تطور قطاع التعليم الأكاديمي بحضرموت    الذهب يستقر مع تضاؤل توقعات خفض الفائدة الأميركية    اليمن تحقق لقب بطل العرب وتحصد 11 جائزة في البطولة العربية 15 للروبوت في الأردن    ''خيوط'' قصة النجاح المغدورة    وفاة ''محمد رمضان'' بعد إصابته بجلطة مرتين    الفريق علي محسن الأحمر ينعي أحمد مساعد حسين .. ويعزي الرئيس السابق ''هادي''    «الرياضة» تستعرض تجربتها في «الاستضافات العالمية» و«الكرة النسائية»    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    الريال اليمني ينهار مجددًا ويقترب من أدنى مستوى    كانوا في طريقهم إلى عدن.. وفاة وإصابة ثلاثة مواطنين إثر انقلاب ''باص'' من منحدر بمحافظة لحج (الأسماء والصور)    بين حسام حسن وكلوب.. هل اشترى صلاح من باعه؟    السعودية تكشف مدى تضررها من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    ريمة سَّكاب اليمن !    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    الشيخ هاني بن بريك يعدد عشرة أخطاء قاتلة لتنظيم إخوان المسلمين    حزب الرابطة أول من دعا إلى جنوب عربي فيدرالي عام 1956 (بيان)    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    مشادة محمد صلاح وكلوب تبرز انفراط عقد ليفربول هذا الموسم    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العميد "عبدالله مثنى": الحراك للهاوية وشباب الحراك وضعهم سيء ومفكك
نشر في عدن أون لاين يوم 09 - 04 - 2012


عدن اون لاين/ وفاق/ حاوره: شفيع العبد
كغيره من أبناء جيله لم يحصل على حقه في التعليم، وحين انطلقت ثورة 14 أكتوبر المجيدة التحق بها في نهاية عامها الثالث "1966م" عبر جبهة حالمين، مسقط رأسه حيث شهدت ولادته في "1948م".
انضمامه للثورة جعله يختار لنفسه السلك العسكري، فألتحق بالحرس الشعبي والقوات الشعبية إلى أن استقر به المقام في "سلاح المدرعات" بالقوات المسلحة، حيث تدرج فيها من "فني مدرعات" إلى "مدير إدارة الأفراد" قبل أن تأت حرب صيف 94م وتلقي به بعيداً عن أسوار العسكرية التي عشقها، كما ألقت بالوحدة بعيداً لتعيد إنتاج نظام "الجمهورية العربية اليمنية" وتحيل الجنوب إلى ساحة "احتلال". بعد سنوات ثلاث على تلك الحرب تم تسريحه قسراً كغيره من زملاءه في جيش "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية"، الذين أفاقوا من هول ما حدث، وانتفضوا، لينفخوا في شعب الجنوب روح النضال السلمي وكسر حاجز الخوف، ليقف على قدماً واحدة مطالباً باستعادة أمجاده ودولته.
عقب اعتصام "7 يوليو 2007م"، حاول نظام "الاحتلال" أن يعيدهم إلى أعمالهم بهدف صرف أنظارهم واهتماماتهم عن ميادين وساحات النضال، لكنه اخفق في ذلك، برغم قرار العودة المشوّه، حيث تمت إعادتهم دون السماح لهم بالعمل، وبحقوق منقوصة.
تلك جزئية من معاناة ضيفنا لهذا الأسبوع العميد "عبدالله مثنى عبدالله حسن"، الذي زرناه في منزله المتواضع بعدن، تحدثنا معه في قضايا تهم الجنوب تجدون تفاصيلها بين السطور القادمة:

** التصالح والتسامح قيمة إنسانية عظيمة، ربما استطاع أبناء الجنوب من خلالها تحويل آثار صراعاتهم السابقة إلى نقطة انطلاق للتعايش الاجتماعي والسياسي.. حدثنا عن نشأة الفكرة وكيف تم إخراجها للنور؟
التصالح والتسامح لم تكن بدايته في 2006، حيث سبقته إرهاصات كثيرة، وجهود بذلت لترميم الشرخ الجنوبي، أتذكر انه في أواخر 2004 بدأ يتبلور شيء كهذا عبر الجمعيات الخيرية، حينها كنت أمين عام جمعية حالمين الخيرية، وبدأت الانتهاكات تتجلى أمامنا، منها اعتداء على شخص اسمه "القعقوع" من حالمين حيث تم "سحبه" بصورة مهينة من قبل العسكر، بعد الاعتداء تداعينا مع إخواننا أعضاء جمعية ردفان واجتمعنا في مقر جمعيتهم، وشكلنا لجنة لمتابعة القضية و اخترنا المحامي "جمال الجعبي" للترافع في القضية حتى استطعنا استصدار حكم ضد القائم بالانتهاك.
** مقاطعا.. عفواً أنت تتحدث هنا عن جهود قمتم بها في إطار محافظة لحج فقط؟
انا أتحدث هنا عن تسلسل أحداث سنصل من خلالها للرد على سؤالك الأول، دعني أكمل.
** أكمل كما تشاء...
اللجنة المشكلة تلك وانا احد أعضائها، ظلت مستمرة في عملها ومتابعة قضايا الانتهاكات التي تحدث، وبعد تلك الحادثة وتحديداً في أواخر 2005م تم اغتيال " فريد محمد فريد" 2005م، وعملت اللجنة في البحث عن خلفيات الاغتيال وإصابة نجل المسلمي، ومشكلة أخرى تعرض لها محمد محسن القطيبي، حتى وصلنا إلى تبني المشاكل الموجودة على مستوى الجنوب، وشكلنا لجنة تضامن للقضايا الجنوبية.
** هذه اللجنة التي شكلتموها للنظر في القضايا على مستوى الجنوب.. ما هي ابرز أعمالها؟
كثيرة هي المهام التي قامت بها اللجنة، من أهمها القيام بتوثيق قضايا الانتهاكات المختلفة "قتل- تسريح من العمل- نهب أراضي وغيرها"، وإصدارها في بيان موجه للسلطات اليمنية ومجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة و للرأي العام في أكتوبر 2005 في جمعية يافع. إضافة إلى ذلك فإن اجتماعاتنا كانت بشكل أسبوعي، وعندها بدأنا نفكر جدياً في موضوع التصالح والتسامح، لأن اللقاءات التي كانت تعقد أغلبية الحاضرين فيها من أبناء محافظة لحج. وموضوع التصالح والتسامح يتطلب إشراك كل أبناء الجنوب بمختلف أطيافهم حتى نسهم في النضال من اجل القضية الجنوبية.
** ما الذي عملتموه بهذا الصدد، وكيف تم تواصلكم مع باقي المحافظات؟
في البدء قمنا بالبحث عن جمعيات لأبناء عدن وحضرموت وشبوه وأبين وان نتواصل مع القائمين عليها لتكون البداية. وكانت البداية عن طريق جمعية "العواذل" في المعلا، وقمنا بزيارتهم 20 ديسمبر 2005، وكان في استقبالنا مجموعة كبيرة وتحدثنا عن أهمية التصالح والتسامح وان نتجاوز الماضي وخلافاته على اعتبار انه المتسبب فيما وصلنا إليه، لأن التاريخ سيلعننا إذا لم نتحمل مسئولية أولادنا، ورحبوا بالفكرة وأعلنوا أن من ينبش الماضي ليس منا.
بتلك الخطوات بدأ التمهيد للتصالح والتسامح، وبعد ذلك تبادلنا الزيارات للجمعيات المتواجدة في عدن، وتزامنت تلك الجهود مع الذكرى ال20 ليناير المشئومة وصادف عيد الأضحى المبارك، واتفقنا نحولها إلى مناسبة للتصالح والتسامح، فاقترحنا أن نقوم بزيارة الوالد "عبدالله عبدالكريم" فشجعنا على تلك الخطوة وبادر بالاتصال ببعض الشخصيات من أبين وشبوه بحكم علاقته الطيبة بهم.
** عندها اتفقتم على أن يكون اللقاء في جمعية ردفان الخيرية؟
لا ..اتفقنا أن يكون اللقاء في جمعية يافع، لكن في الموعد المحدد تفاجئنا برفض رئيس جمعية يافع احتضان اللقاء في الجمعية، فاضطررنا لنقله إلى جمعية ردفان.
** صف لنا أجواء اللقاء كيف كانت؟
صعب على النفس أن تصف تلك اللحظة التي اجتمع فيها طيف من أبناء الجنوب بعد شتات بسبب صراعات سياسية كانت تتحكم فيها نزوات البعض وغباءهم السياسي، أتذكر إنني ألقيت كلمة ترحيبية، كما تحدث رئيس جمعية ردفان "محمد محسن".
** الم يشهد اللقاء أي إشكاليات كانت ربما تفشله؟
حدث شيء من هذا لكننا استطعنا أن نتداركه، حيث أن العميد "ناصر النوبة" كان قد نسق مع احمد عبدالله الحسني المقيم في بريطانيا ليلقي كلمة عبر الهاتف، وكان من بين الحضور بعض العناصر المحسوبة على السلطة، فرفضوا فكرة أن يلقي الحسني كلمة عبر الهاتف، وأمام إصرار الحضور على إن تلقى الكلمة انسحبوا، وبذلنا جهد في إقناعهم دون جدوى ثم عملنا على استكمال فقرات اللقاء بشكل مختصر، حيث لم يتجاوز انعقاده الساعة إلى الساعة والنصف.
** ما هي ردود أفعال السلطة تجاه اللقاء والمشاركين فيه؟
عند الساعة الخامسة عصراً أقدمت وحدات من الأمن على محاصرة الجمعية كما قامت بإغلاقها، ومن ثم تمت مصادرة ترخيص عمل الجمعية، ومازالت الجمعية مغلقة حتى اليوم، إضافة إلى توجيه تعميم على النقاط الأمنية وأقسام الشرطة بأسماء (35) مشارك في اللقاء لاعتقالهم. إرهاب السلطة لم يشل حركتنا ولم يوقف عملية التصالح والتسامح حيث شهدت كل محافظات الجنوب تأسيس ملتقيات وإقامة مهرجانات للتصالح والتسامح.
** في تلك الفترة أتذكر إن الجهود كانت تبذل لعقد مؤتمر وطني للتصالح والتسامح، لكن شيء من هذا لم يحدث، إلى ما ترجع أسباب ذلك؟
عندما انتقلت عملية التصالح والتسامح للمحافظات واستكمال تشكيل الهيئات والملتقيات، اتفقنا على أن يكون ممثلي المحافظات مندوبين للمؤتمر الوطني، الذي حالت الظروف دون عقده وتم تجميد العمل، وندع ذلك للأيام لكشف الأسباب.
** بعد ملتقيات التصالح والتسامح اخذ الشكل النضالي بُعداً آخر.. وظهرت لنا الجمعيات.. كيف جاءت الفكرة؟
بعد الإخفاق في عقد مؤتمر وطني للتصالح والتسامح، بدأ التفكير في البحث عن آلية عمل أخرى، فوجدنا أن تأسيس جمعيات لكل فئات المجتمع للدفاع عن حقوق منتسبيها هي الأنسب، فكانت البداية من جمعية الضالع كنموذج يحتذى به، وكنا في عدن كلما طرحنا الفكرة نواجه بالرفض من قبل البعض، فكان الاتفاق أن ننظم اعتصام أمام ديوان المحافظة للمتقاعدين العسكريين، وسلمنا مذكرة تحمل مطالبنا، وتحولت إلى اعتصامات أسبوعية، حتى اقتنعوا بضرورة تشكيل لجنة تحضيرية مهمتها الجلوس مع المحافظ الذي بدوره خاطب رئيس الجمهورية ووزير الدفاع، وأرسلوا مندوبين من بيننا للمتابعة في صنعاء لكن دون استجابة.
** بعد رفض الاستجابة لمطالبكم من قبل النظام.. كيف كانت ردة فعلكم؟
لم نيأس واستمرينا في التصعيد السلمي، وعملنا على ترتيب صفوفنا، وقررنا تأسيس جمعية بصورة قانونية تتبنى قضايانا وتدافع عنها، واخترنا لجنة تحضيرية من بيننا برئاسة العميد "ناصر النوبة"، وقدمنا أوراقنا للجهات المختصة وفق الإجراءات القانونية وانتظرنا شهراً كامل دون أي رد، فأشهرنا الجمعية بقوة القانون، ثم تواصل التأسيس في المحافظات، وبعد الاستكمال تم إشهار مجلس التنسيق الأعلى. تم بعد ذلك نقل المهرجانات والاعتصامات من أمام المحافظة إلى ساحة الحرية، وكان يوم 7 يوليو 2007 هو بوابة كسر حاجز الخوف والتأكيد بان القضية الجنوبية قضية سياسية بامتياز.
** كنا نشاهد أبناء الجنوب يخرجون تلبية لنداء واحد صادر عن مجلس التنسيق الأعلى ويلتحمون في فاعلية واحدة يصدر عنها بيان موحد، عكس ما نشاهده اليوم.. البعض يحملكم المسئولية في مجلس التنسيق بسبب الخلافات بينكم التي عصفت بالمجلس وقضت عليه؟
اتفق معك فيما ذهبت إليه، لكن المتسبب في ذلك ليس كل المجلس وإنما الرموز التي رفضت مبدأ "تدوير المناصب" داخل المجلس، وهو المبدأ المنصوص عليه في اللوائح المنظمة لعمل المجلس للحد من هيمنة الرموز وإيجاد عمل مؤسسي وجماعي. خوف البعض من ضياع الرمزية منه هو الذي أوصل الأمور إلى هذا الحد، وسببت لنا الإرباك في العمل وأصبحت عائق أمام العمل المؤسسي المنظم .
** من وجهة نظرك متى كانت البداية الحقيقية لإعاقة العمل المؤسسي والتأسيس للعمل الفردي بهدف حفاظ كل رمز على ذاته ومنجزه؟
الإعاقة الحقيقية ظهرت أثناء الترتيبات لمهرجان التصالح والتسامح في13 يناير 2008، وما تلاها مباشرة من خلال قيام "النوبة و باعوم" منفردين بتشكيل هيئة وطنية احدهما رئيس والآخر أمين عام، والاعتماد على مبدأ التعيين بحثاً عن رموز، والانتقال إلى مرحلة الهيمنة والظهور. بعدها تحولنا إلى مكونات وتسابقنا على تشكيل الهيئات وإعلانها وهي التي تفتقر إلى المؤسسية ومنهجية من الأدنى إلى الأعلى.
** آلا تفكرون في إعادة ترتيب مجلس التنسيق الأعلى لجمعيات المتقاعدين العسكريين والأمنيين والمدنيين؟
منذ أكثر من سنتين عقدنا أكثر من لقاء لإعادة ترتيب وضع جمعية المتقاعدين العسكريين لأن اغلب قياداتها تحولوا إلى رموز، إلا إن هناك أشخاص لا ننكر مشاركتهم النضالية الأولية معنا صاروا يفكرون بعقلية غير واضحة لتحويل المتقاعدين إلى حزب او تيار سياسي، فنحن نرفض هذا العمل لأنه لن يخدم المتقاعدين وهم الذين كانوا من أوائل من خرج للساحات. المرحلة تتطلب توحيد الجهود وإعادة ترتيب المجلس وفق أسس مؤسسية.
** لو طلبت منك مقارنة بين الحراك الجنوبي السلمي في 2007 واليوم؟
حراك 2007 شهد اندفاع جماهيري وإحساس متعاظم بالقضية وحيويتها، تلك الجماهير التي كانت تنتقل من ساحة إلى أخرى من اجل القضية التي آمنت بها، كانت تفترش الساحات ولا تجد شيء تأكله إلا خبزاً جاف وشاي، بل أن بعضهم خبزاً وماء، ورأيت احدهم يربط على بطنه حجراً ليسد جوعه حتى ذرفت عيناي، وضع اليوم يبعث على القلق واشعر بخوف مما نعيشه من عشوائية وغياب روح القبول بالآخر التي كانت سائدة اللحظات الأولى لانطلاقة الحراك.
** ألا ترى أن العمل الفردي وصناعة زعامات وحب الذات وسيطرة مناطق على صناعة القرار من بين الأسباب التي أوصلت الأمور إلى ما هي عليه اليوم؟
كل ما ذكرته صحيح، وهي أشياء نرفضها جملة وتفصيلاً، حرصاً منا على وحدة الحراك ووحدة أبناء الجنوب. نحن نواجه أصحابنا في محافظة لحج وجهاً لوجه، وبالذات البعض في مديريتين من هذه المحافظة يعملون بشكل مخيف، دون أدنى احترام للتضحيات التي قدمتها هذه المحافظة التي تفتقر لكثير من الخدمات والبنى التحتية، ويريدون احتكار قيادة الحراك في هذه المديريتين وهذا لا يشرف أبناءها ولا أبناء المحافظة. واجهناهم كثيراً وأشعرناهم بأننا غير مقتنعين بهم وبسلوكياتهم ونزعاتهم الذاتية وحبهم للتسلط.
** ما هو الحل من وجهة نظرك لتفادي مثل هذه الإشكاليات؟
الحل في النضال من اجل إرساء مداميك العمل المؤسسي والاحتكام إليها في مرحلتنا النضالية والمراحل التالية، ما نزرعه اليوم سنحصده غداً، نحن لا نريد أن نحصد مأساة، يكفينا ماضينا المتخم بالمآسي. من اجل الجنوب علينا بالعمل المؤسسي وروح الجماعة لأنها الحل لهذه المشكلة التي تعيق الحراك.
** الخلافات اليوم أخذت منحى آخر.. خلافات على أساس تصنيفات "فيدرالي وفك ارتباط".. كيف تنظر لها؟
لو كانت الخلافات على هذا النحو لتمكنا من إعادتها إلى اختلاف وتباين حميد على مشاريع ورؤى، لكنها في حقيقتها خلافات ذاتية وليست جوهرية سببها الرئيس رفض "الزعامات" الجهود التي بذلت لتوحيد قيادة الحراك خلال السنوات الماضية ورفضهم للعمل المؤسسي، ويجعلون اليوم من الفيدرالية حجة لاستمرارهم في الخلافات وابتعادهم عن توحيد الحراك وانتهاج العمل المؤسسي.
** آلا ترى أن الخلافات بين القيادات في الخارج أثّرت سلباً على الداخل؟
أثّرت بشكل فضيع، لكن المشكلة ايضاً أن الداخل جعل منها حجة لابتعاده عن العمل على توحيد الرؤى والجهود. الداخل هو من أوصل القضية الجنوبية للعالم، وجعل منها قضية حيوية وهامة، وكما فعل ذلك بإمكانه أن ينتصر لنفسه مرة أخرى متى صدقت النوايا.
** لو تمعنّا في وضعية شباب الحراك الجنوبي لوجدناهم يسيرون على نفس نهج الخلافات والتباينات والانقسامات.. بحكم قُربك منهم وما يربطك من علاقات ايجابية معهم الم تعملوا على تقريب وجهات النظر بينهم؟
لا اخفي عليك ألمي واستيائي الشديد من الحالة التي وصل إليها الشباب من انقسامات، حاولنا جاهدين أن نوجد عملية تحالفيه وجلست مع قيادات الساحة وطلبوا مني اختيار مجموعة عمل، وشكلنا لهم فريق عمل لتوحيدهم والخروج من هذه الخلافات، لكن وضعهم سيء ومفكك، وقلت ل"قاسم عسكر" ابتعدوا عن الشباب، لكنهم فككوهم للأسف لم نجد من يتحمل مسئولية وطنية ويبعد الشباب عن خلافات وصراعات الماضي. واجدها فرصة أن انصح بالشباب بالتقارب من بعضهم والعمل على توحيد صفوفهم ونبذ الخلافات.
** وسط كل هذه الإشكاليات.. الحراك إلى أين؟
الحراك إلى الهاوية، ونتيجة لعدم تحمل المسئولية اشعر أن النهاية قريبة، لذا على الجميع إن يتحمل مسئوليته وان نبدأ بشكل جماعي وان نفكر في إعادة العمل المؤسسي، والعمل على إنشاء هيئة وطنية جامعة لكل الطيف، لأن الحراك لن يكون بمفرده قادراً على إخراج الوطن من هذا المأزق ومحنته. علينا إن نتحمل مسئوليتنا الوطنية وان نتجه للحوار لا يجاد قيادة توافقية وبرنامج سياسي توافقي وميثاق شرف توافقي.
** تحت شعار التصالح والتسامح نجد البعض يعمل على تعزيز الخلافات بصورة مستمرة؟
فعلاً البعض جعل من التصالح والتسامح شعار يختبئ تحت عباءته بتمرير أهداف غير سوية وأفعال غير أخلاقية تتنافى كلية مع القيمة الأخلاقية للتصالح والتسامح، وآخر تلك المشاهد ما حدث في (2012) فبدلاً من التفكير بالقيم الأخلاقية وإعطاءها حقها حولوها إلى انتفاع مصلحي.
** في ختام هذا الحوار ما هي النصيحة التي تسديها للجنوبيين على اختلاف تكويناتهم واتجاهاتهم؟
عليهم أن يقبلوا ببعضهم وان يستفيدوا من التصالح والتسامح وان يرضوا بالحوار الوطني الجنوبي وان يكون الجنوب لكل الجنوبيين، وان نصل إلى هيئة وطنية سياسية قادرة على أن تخرجنا من هذه المحنة بعودة دولتنا، وان نحترم التصالح والتسامح وما يعنيه من قيمة أخلاقية، ليس بالمزايدات ولكن بالقيم التي جعلت الناس تسامح بأغلى شيء في حياتها وان يحترموا تضحيات الشباب والشهداء والجرحى وأسرهم التي تعاني من الويلات دون أن نحس فيهم. عليهم أن ينقلوا شبابنا للمستقبل الآمن بعيداً عن أضرار الماضي وبعيد عن الحيل وخلق الشتات يكفي ما وصلنا إليه. لم نصل إلى هذه المرحلة إلا لأننا رفضنا الآخر والاستماع إليه.
كما أتمنى من إخواننا في محافظة لحج والرموز التي أصبحت عائق أمام قضية الجنوب أن يراجعوا أنفسهم ويتيحوا الفرصة للجميع للمشاركة لأن الكل معني بقضية الجنوب، لان مثل هذه التصرفات ستجرنا للماضي، نرجو منهم أن يقرؤوا الحقيقة الموجودة وان يدركوا بأن الجنوب لكل أبناءه وان يقبلوا لغة الحوار والابتعاد عن التمترس وراء الشعارات التي نعرفها ونعرف ماذا تعني وماذا يعنون من خلال رفعها، فنحن نعرف بعضنا جيداً ومساهمة كل واحد في هذا العمل.
نقلا عن صحيفة وفاق الأسبوعية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.