في زمن الحوثي ازدهرت الأسواق السوداء على امتداد المناطق التي تسيطر عليها الجماعة، ولم تكن المشتقات النفطية هي السلعة الوحيدة التي أنشأت لها الجماعة سوقاً سوداء من أجل الإثراء الفاحش من تجارتها غير المشروعة. شبكة مافيا دولية عبارة للقارات يعمل ضمنها إيرانيون ولبنانيون لحساب الانقلابيين في بيع الآثار، الذين تمارس مليشياتهم النهب المفرط للمتاحف الوطنية والمواقع الأثرية، ويلقى لصوص الآثار حفاوة غير مسبوقة في بورصة السوق السوداء. حاليًا، تواجه الآثار اليمنية التي تعود أغلبيتها إلى القرن الثامن قبل الميلاد، خطر الهدم والسرقة والنهب منذ اندلاع الحرب، حيث ارتفع معدل سرقة وتهريب الآثار بشكل كبير إلى خارج البلاد، التي كانت تعرف سابقًا باسم "اليمن السعيد". هدم وسرقة ونهب ومنذ انطلاق عمليات عاصفة الحزم في مارس 2015 أصبحت المواقع الأثرية اليمنية مباحة أمام القصف المتبادل بين مليشيات الحوثيين من جهة، والمقاومة الشعبية من جهة أخرى، وغارات طائرات التحالف العربي بقيادة السعودية من جهة ثالثة، حيث رصدت العديد من الإحصائيات الرسمية الصادرة عن الهيئة العامة للآثار والمتاحف اليمنية أضرارًا بالغة تعرضت لها مواقع أثرية في مناطق مختلفة من اليمن. ففي محافظة صنعاء تعرض "قصر السلاح" المقام على أنقاض قصر غمدان الشهير الذي يعتبر واحدًا من أقدم القصور ومن عجائب الهندسة المعمارية، إلى الدمار، سكن فيه الملك سيف بن ذي يزن، آخر ملوك الدولة الحميرية، الذي حكم في القرن السادس للميلاد، وذكره كتاب "الإكليل" للمؤرخ اليمني أبو محمد الحسن الهمداني، كما اعتبره الرحالة محمد القزويني أحد عجائب بلاد العرب، إضافة إلى تعرض بعض المنازل الأثرية في مدينة صنعاء القديمة وقرية فج عطان إلى أضرار بالغة، جراء القصف الذي تتعرض له العاصمة بشكل متواصل. كما تعرض "مسجد وضريح الإمام عبد الرزاق بن همام الصنعاني" الواقع في منطقة حمراء بقرية دار الحيد بمديرية سنحان لتدمير بالغ. وفي محافظة تعز تسبب القصف الجوي في تعرض "قلعة القاهرة" التاريخية والتي بنيت في عصر الدولة الصليحية (1045-1138م)، إلى أضرار جسيمة، ولعبت القلعة سالفة الذكر أدوارًا عسكرية وسياسية خلال تاريخها الطويل، كما أن الأيوبيين اتخذوها مقرًّا لإقامتهم وحكمهم بعد دخولهم اليمن عام 1173م، فضلًا عن أنها كانت مقرًّا لحكم الرسوليين الذين قادوا اليمن في الفترة من (1229-1454م). وذكرت تقارير أن الحوثيين اتخذوا القلعة مقرًّا للقصف على المواقع الواقعة تحت سيطرة المقاومة الشعبية، الأمر الذي نتج عنه إغارة طائرات التحالف العربي عليها. ومحافظة عدن دُمِّرت فيها "قلعة صيرة" التاريخية، التي بنيت في القرن الحادي عشر الميلادي، وكان لها دور دفاعي في حياة المدينة خلال المراحل التاريخية المختلفة، إضافة إلى تضرر "مسجد جوهرة" التاريخي، كما تعرض الطابق الثالث من "المتحف الوطني" للقصف، والذي يعود تاريخ بنائه إلى عام 1912 في عهد السلطان فضل بن علي العبدلي. ومحافظة صعدة تعرضت فيها "المدينة القديمة" إلى القصف الجوي، إضافة إلى مسجد "الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم" أحد أقدم وأهم جوامع المدينة، والذي تم بناؤه في عام 290 هجرية، فتم تدميره. كما طال الخراب العديد من المحافظات الأخرى، ففي محافظة الجوف تعرض سور "مدينة براقش" الأثرية التي بُنيت في فترة ما قبل القرن الخامس قبل الميلاد للتدمير، وفي محافظة مأرب تعرض سور "معبد أوعال صرواح" إلى التشقق، ويعود تاريخه إلى الدولة السبئية، وبُنِي في القرن السابع قبل الميلاد، أما محافظة الضالع فدُمِّرت فيها "دار الحسن" الأثرية الواقعة بقرية دمت التاريخية، والتي يعود تاريخها إلى فترة عصور ما قبل الإسلام. نهب واسع وتهريب رسمي وكشفت مصادر دولية رفيعة، عن ازدهار غير مسبوق، شهدته السوق السوداء العالمية لتجارة الآثار اليمنية، منذ انقلاب مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية، واستيلائها على السلطة في ال 21 من سبتمبر 2014م. مؤكدة ان قيادة في جماعة الحوثيين مقربة من زعيم الجماعة قامت خلال الثلاث السنوات الماضية بعملية تهريب آلاف القطع الأثرية اليمنية والنادرة إلى خارج اليمن وبيعها بمساعدة تجار ايرانيين ولبنانيين وغربيين، يعملون ضمن عصابة ومافيا تجارة الآثار في السوق السوداء العالمية لتاريخ وآثار الشعوب. ونقلت صحيفة 26 سبتمبر عن مسؤولين يمنيين في هيئة الآثار اليمنية قولهم أن رئيس هيئة الآثار في صنعاء، مهند احمد السياني، الموالي لجماعة الحوثيين، يشرف على عملية تهريب وإخراج القطع الأثرية اليمنية من اليمن وبيعها في الأسواق الأوروبية والأمريكية، مستغلا حالتي الحرب والانفلات وغياب سلطات الدولة اللذان نتجا عن انقلاب المليشيا واستيلائها على مؤسسات الدولة. وبحسب المصدر أوضح المسئولين اليمنيين بأن مهند السياني ومعه قيادات من الانقلابيين، استغلوا الحرب المشتعلة وقاموا بعملية نهب واسعة للمواقع الأثرية في المحافظاتاليمنية والمتاحف الوطنية في العاصمة والمحافظات، والادعاء بأن تلك المواقع الأثرية دمرت في الحرب جراء تعرضها للقصف وان المتاحف الوطنية تعرضت للنهب من قبل عصابة تعمل ضمن مافيا متخصصة في تجارة الآثار، جراء الانفلات وغياب سلطات الدولة. وأكدت المصادر أن رئيس هيئة الآثار اليمنية، مهند السياني، يتنقل بين أسواق بيع الآثار المسروقة في دول أوروبا، بحجة انه يتتبع الآثار اليمنية المعروضة في تلك الأسواق والبحث مع المنظمات الدولية المعنية عن تمويلات لحماية ما تبقى من آثار واستعادة مايمكن استعادته من القطع الأثرية اليمنية المسروقة. لكن تنقل السياني وتحركاته بين دول أوروبا ما هو إلا تمويه للتغطية على عملية البيع الواسعة لآثار اليمن. وحصل ما يسمى برئيس هيئة الآثار الموالي للانقلابيين في صنعاء، مهند السياني، قبل ثلاثة أشهر على 75 ألف دولار قال أنها دعم من منظمة اليونسكو للعلوم والثقافة التابعة للامم المتحدة، لشراء طاقة شمسية لإضاءة مكاتب هيئته في صنعاء.. لكن مراقبون لم يستبعدوا أن يكون هذا المبلغ المعترف به جزء من مبالغ كبيرة يجنيها السياني من وراء القطع الأثرية التي يتم سرقتها وتهريبها إلى السوق السوداء العالمية خارج اليمن، وان إعلانه عنه وادعائه بان زياراته وسفرياته المتكررة إلى خارج اليمن ما هي إلا في مهمة عمل وطني لحماية تاريخ وآثار اليمن، من اجل أن تسمح له السلطات الأمنية التابعة للشرعية التحرك والخروج عبر المنافذ الجوية والبرية الخاضعة لسيطرة الشرعية دون اعتقاله أو منعه. وعاد المدعو مهند السياني إلى العاصمة صنعاء قبل ثلاثة أشهر، عبر مطار سيئون، بسهولة ويسر ولم تعترضه الأجهزة الأمنية في مطار سيئون الذي تسيطر عليه الشرعية أو آية نقطة من نقاط الجيش الوطني الممتدة من المطار حتى حدود محافظة البيضاء، رغم الأهمية الكبيرة التي يتبوأها في سلطات انقلاب صنعاء. آثار مصيرها مجهول وكشفت مصادر في هيئة الآثار اليمنية، عن مئات القطع الأثرية اليمنية، التي كان يتشكل منها ما يسمى بالمتحف المتنقل في الدول الأوروبية. وقالت تلك المصادر التي فضلت عدم ذكر اسمها، بحسب ما نقلته 26 سبتمبر،: إن مئات القطع الأثرية النادرة اليمنية تم إخراجها قبل نحو عشر سنوات إلى خارج اليمن، بدعوى إقامة معرض متنقل للآثار اليمنية بين دول الاتحاد الأوروبي. وأضافت: أن محتويات ذاك المتحف المكون من مئات القطع الأثرية النادرة لا أحد يعرف مصيرها حتى اللحظة، وهل ما تزال موجودة ومعلوم مكانها، أم قد لحقت بأخواتها إلى السوق السوداء لتجارة الآثار، أولم يلحقها الأذى والتشويه والتزييف. وأكد مسؤولو هيئة الآثار أنهم لايعرفون عن عشرات القطع الأثرية التي غادرت اليمن قبل عشرات السنين لغرض الاستجمام «الترميم» ولم تعد إلى موطنها حتى اليوم. واعتبر مراقبون مهتمون بالآثار اليمنية، أن ال21 من سبتمبر 2014 ، فاتحة لعصر جديد في نهب الآثار اليمنية التي عبرت الحدود بشكل أو بآخر. حيث طال النهب الذي نشأت له سوق سوداء مفتوحة يشرف عليها قادة من جماعة الحوثي، معظم متاحف المدن التي وصلوا إليها، وكانت البداية من مدينة عدن التي اجتاحها الحوثيون في مارس 2015 وخاضوا فيها حربًا مدمرة أتت على معظم مبانيها ومعالمها التاريخية، قبل أن تمتد أياديهم إلى متحفها الوطني في منطقة «كريتر» في قلب المدينة، وكذا المتحف العسكري في المنطقة ذاتها. ونفس الأمر جرى على المتاحف الوطنية في تعز والحديدة وحضرموت ومختلف المواقع الأثرية في محافظاتإبومأربوالجوف وشبوة وغيرها. وأشاروا إلى انه بمجرد انفلات زمام السيطرة على المتاحف الوطنية عقب سيطرة الحوثيين، نشأت مافيا منظمة لتجارة الآثار طالت يديها المتحف الوطني بصنعاء والذي يعد البنك المركزي للآثار اليمنية. وكشفت التقارير عن اختفاء العديد من أثمن قطع المتحف الوطني بصنعاء، التي يعتقد بأنها عبرت الحدود لتصل إلى تجار آثار دوليين. وكانت السلطات الأمنية السويسرية قد أعلنت مؤخرًا عن ضبط قطع أثرية مسروقة من اليمن وليبيا وسوريا في جنيف. زعيم ثورة اللصوص مصادر يمنية مطلعة، كشفت عن تمكن زعيم الانقلابيين السيء عبدالملك الحوثي، خلال السنتين الماضيتين من جمع ثروة تقدر بعشرات الملايين من الدولارات عن طريق عمليات منظمة لتهريب الآثار اليمنية تجري تحت إشراف مباشر منه، وتتولاها مافيا آثار تضم شخصيات إيرانية وأخرى لبنانية تابعة لحزب الله. وكانت مصادر محلية في محافظة ذمار، قالت أن قيادات ما تسمى باللجنة الثورية العليا بالمحافظة وبمساعدة قيادات حوثية تنتمي إلى مديرية الحداء قامت بنهب عشرات القطع الأثرية من منطقة بينون التاريخية ونقلتها إلى محافظة صعدة وأيضا إلى جهة مجهولة، منوهة إلى أن أبرز المتورطين في العملية هو القيادي الحوثي يحي عبدالوهاب الديلمي المكنى – أبو علي. كنوز وطرق تهريب وأكدت المصادر، أن جماعة الحوثي يركزون على جبهات القتال التي أشعلتها منذ مارس 2015 في محافظاتمأربوالجوفوتعز وشبوة، كون هذه المحافظات تحوي أبرز كنوز الآثار اليمنية. ووفقا للمصادر فإن جماعة الحوثي تقوم بتهريب الآثار من تلك المحافظات عبر أطقم وعربات عسكرية وسيارات إسعاف مع إيهام الناس أنها تحمل جثث قتلى، ومن ثم يتم نقل القطع الأثرية إلى محافظة صعدة أو المناطق القريبة من سواحل البحر الأحمر في محافظتي حجة والحديدة. وأضافت المصادر أنهم بعد ذلك يقومون بتحميل القطع الأثرية في قوارب تتحرك من السواحل اليمنية تحت غطاء ممارسة الصيد في عمق المياه الإقليمية وتستقبلها في عرض البحر قوارب قادمة من السواحل الإرتيرية تابعة لمافيا الآثار المكونة من شخصيات إيرانية وأخرى لبنانية من جماعة حزب الله. شريك استراتيجي وقامت جماعة الحوثي بعملية تهريب لواحدة من أقدم نسخ القرآن الكريم المحفوظة في الجامع الكبير بصنعاء والتي كتبت على جلد الغزال، وهي نسخة نادرة، حيث باعتها قيادات في الجماعة الحوثية لرجل أعمال إيراني مقابل 3 ملايين دولار أمريكي عبر وسيط كويتي. وفي مارس الماضي وُجهت اتهامات للحوثيين بتسهيل تهريب أقدم نسخة من التوراة في إطار صفقة سمحت لدفعة من آخر يهود اليمن بالتوجه إلى إسرائيل، وظهرت النسخة النادرة التي توارثها حاخامات اليهود اليمنيين إلى خمسمائة سنة. واستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في تل أبيب، 19 يهوديًا قدموا من اليمن إلى إسرائيل وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إن المجموعة التي قدمت من مدينة ريدة تضمنت حاخام الجالية هناك الذي أحضر مخطوطة للتوراة يعتقد بأن عمرها ما بين 500 و 600 عام.. تبادل أدوار ومواقع وكان الباحث اليمني توفيق السامعي، قال في تصريحات صحفية: إن تجارة الآثار وتهريبها في اليمن كان يقوم بها شخصيات مهمة في النظام السابق بواسطة أسواق سوداء سرية في المناطق التاريخية، واستخدموا باحثين عربًا للتعرف على أهمية القطع الأثرية وزمنها ومدلولاتها. وأشار السامعي إلى أن وزيرًا في حكومة الرئيس السابق كان يقيم متحفًا خاصًا في بيته للآثار ويستقبل في منزله لصوص الآثار ومتتبعيها والبائعين بشكل مستمر. وأضاف: أن تجارة وتهريب الآثار انتقلت إلى قيادات حوثية بعد اجتياح صنعاء في سبتمبر 2014 ، وتصدرت قيادات بارزة في الجماعة هذه التجارة، ولكن بشكل أكثر سفورًا وعشوائية، حيث إن هناك سوق سوداء لتجارة الآثار في سوق الملح بباب اليمن يقوم تجار متخفون وعصابات تتبع الجماعة الحوثية بالبيع والشراء فيها لأجانب ومافيا آثار من خارج اليمن.