تعيين نواب لخمسة وزراء في حكومة ابن بريك    صنعاء.. عيون انطفأت بعد طول الانتظار وقلوب انكسرت خلف القضبان    رئاسة المجلس الانتقالي تقف أمام مستجدات الأوضاع الإنسانية والسياسية على الساحتين المحلية والإقليمية    ضمن تصاعد العنف الأسري في مناطق سيطرة الحوثي.. شاب في ريمة يقتل والده وزوجته    السامعي يتفقد اعمال إعادة تأهيل مطار صنعاء الدولي    شبكة امريكية تكشف تكلفة عملية ترامب العسكرية على اليمن    وسط فوضى أمنية.. مقتل وإصابة 140 شخصا في إب خلال 4 أشهر    في واقعة غير مسبوقة .. وحدة أمنية تحتجز حيوانات تستخدم في حراثة الأرض    انفجارات عنيفة تهز مطار جامو في كشمير وسط توتر باكستاني هندي    وزير الاقتصاد ورئيس مؤسسة الإسمنت يشاركان في مراسم تشييع الشهيد الذيفاني    سيول الامطار تجرف شخصين وتلحق اضرار في إب    الرئيس : الرد على العدوان الإسرائيلي سيكون مزلزلًا    *- شبوة برس – متابعات خاصة    القضاء ينتصر للأكاديمي الكاف ضد قمع وفساد جامعة عدن    السيد القائد: العدوان الإسرائيلي على غزة "جريمة القرن" وتفريط الأمة له عواقب    السيد القائد: فضيحة سقوط مقاتلات F-18 كشفت تأثير عملياتنا    تكريم طواقم السفن الراسية بميناء الحديدة    السودان.. اندلاع حريق ضخم إثر هجوم بطائرات مسيرة في ولاية النيل الأبيض    الأرصاد يحذر من تدني الرؤية الأفقية والصواعق الرعدية وعبور الجسور الأرضية    صنعاء .. شركة النفط تعلن انتهاء أزمة المشتقات النفطية    صنعاء .. الافراج عن موظف في منظمة دولية اغاثية    مطار صنعاء "خارج الخدمة".. خسائر تناهز 500 مليون دولار    اليدومي يعزي رئيس حزب السلم والتنمية في وفاة والدته    المرتزقة يستهدفون مزرعة في الجراحي    السعودية: "صندوق الاستثمارات العامة" يطلق سلسلة بطولات عالمية جديدة ل"جولف السيدات"    باريس سان جيرمان يبلغ نهائي دوري أبطال أوروبا    . الاتحاد يقلب الطاولة على النصر ويواصل الزحف نحو اللقب السعودي    بعد "إسقاط رافال".. هذه أبرز منظومات الدفاع الجوي الباكستاني    محطة بترو مسيلة.. معدات الغاز بمخازنها    شرطة آداب شبوة تحرر مختطفين أثيوبيين وتضبط أموال كبيرة (صور)    شركة الغاز توضح حول احتياجات مختلف القطاعات من مادة الغاز    كهرباء تجارية تدخل الخدمة في عدن والوزارة تصفها بأنها غير قانونية    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الحاج علي الأهدل    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    الزمالك المصري يفسخ عقد مدربه البرتغالي بيسيرو    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض رسوم جمركية على بوينغ    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    وزير الشباب والقائم بأعمال محافظة تعز يتفقدان أنشطة الدورات الصيفية    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البنك المركزي والسياسة المالية.. بوصلة تائهة ووظيفة مفقودة
نشر في أخبار اليوم يوم 01 - 11 - 2017

تظل السياسة المالية واحدة من أوجه العجز التي تعانيها الحكومة الشرعية، بحسب اتهامات مراقبين وخبراء اقتصاد يشيرون إلى أن أبرز هذه الأوجه تتمثل بانحسار وظيفة البنك المركزي اليمني في إدارة العوائد والإيرادات المالية المنعدمة أصلاً، وفشلها في تفعيل وظائف المصرف الأساسية في الحفاظ على الاستقرار النقدي وتمويل استيراد احتياجات السوق المحلية من السلع الأساسية.
فضلاً عن سياسية التمويل بالعجز التي انتهجتها الحكومة لمواجهة العجز في النقدية، وإقدامها على خطوة تحرير سعر الصرف بقرار سياسي، والاستمرار في ضخ المزيد من العملة المطبوعة وبكميات كبيرة دون غطاء نقدي أو سقف قانوني، وغيرها سلبيات رافقت عمل المصرف المركزي منذ نقله إلى العاصمة المؤقتة عدن قبل عام.
وأمام غياب كل هذه الأفق وانعدام مصادر الإيرادات التي سترفد خزينة الدولة بمبالغ ضخمة، ومن شأنها أن تعين الحكومة في إدارة شئونها، عملت الحكومة على طبع الأموال لمواجهة عجزها في صرف مرتبات الموظفين في بعض المناطق المحررة، وإنفاقها في جوانب لا تخدم التنمية والدولة بتاتاً.
وكانت الحكومة اليمنية قد طبعت مبالغ ضخمة من العملة اليمنية من دون غطاء مالي من العملات الصعبة وهو الأمر الذي أدى إلى تضخم العملة المحلية في السوق مقابل انعدام للعملة الأجنبية.
ويعيب مراقبون على تصرف حكومة بن دغر مع الأموال الواصلة إليها، والتي أنفقتها على جوانب لا علاقة لها بخدمة المواطنين، وبذلك ظلت كل مؤسسات الحكومة ومرافقها سواء المركزية أو في المحافظات، عاجزة وفاشلة في تأدية مهامها، وغير قادرة على النهوض، وفقاً للاتهامات.
وأكد رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي اليمني/ مصطفى نصر أن حكومة بن دغر مؤهلة لإدارة الوضع، لكن منحها أي أموال إضافية لن يشكل إلا حالة فساد جديدة للحكومة.
انهيار وعجز
ويواصل الريال اليمني انهياره، في ظل عجز حكومي عن وضع الحلول المناسبة لوقف تدهور العملة الوطنية ولجوءها لإجراءات غير مجدية، حد اتهامات مراقبين وخبراء اقتصاد. وتجاوز سعر صرف الدولار الواحد حاجز ال400 ريال يمني في تداولات سوق الصرافة وهو أعلى سعر يسجله تدهور قيمة الريال منذ بدء الحرب في البلاد مقارنة بسعر 215 ريالاً للدولار قبل الحرب.
واعتبر رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي/ مصطفى نصر أن الاقتصاد اليمني ضحية فشل الحكومة الشرعية وحكومة الحوثي وصالح في صنعاء. وأكد أن تدهور سعر الريال مثال واضح لعجز البنك المركزي بعدن ومزيد من السحب على المكشوف والتجريف للاقتصاد اليمني في صنعاء.
وقال نصر أن انهيار الريال كارثة سيعاني منها كل يمني وسيتحمل عبئها الأكبر الفقراء الذين سينضمون بأعداد أكبر إلى المجاعة المحققة، مؤكداً أن بإمكان الحكومة والتحالف عمل شيء للتخفيف من هذا الخطر، وأول الخطوات دعم البنك المركزي ليستعد السيطرة على السوق المصرفية. وأوضح إن إدارة البنك المركزي الحالية غير مؤهلة لذلك والتحديات المحلية والإقليمية اكبر من أن يواجهها طرف أو مؤسسة بمفرده.
ويأتي تدهور قيمة الريال في ظل استمرار الحكومة في طباعة العملة المحلية ما يزيد من عملية الانهيار كما تقوم حكومة الانقلاب في صنعاء بسياسة مالية عبثية عبر الدين، حيث طالبت حكومة الانقلاب من البرلمان المصادقة على تمويل عجز الموازنة من السحب المكشوف من البنك المركزي اليمني بصنعاء.
وحذر خبراء اقتصاديون من أن استمرار السياسة المالية العبثية لكل من الانقلاب والشرعية سيقود إلى كارثة قد تمتد إلى أجيال قادمة.. معتبرين تلّويح الحكومة باتخاذ إجراءات منها إغلاق محلات الصرافة غير المرخصة، غير مجدية لوقف أو حتى وضع حد لانهيار العملة المحلية كونها لا تمتلك أي احتياطي من النقد الأجنبي.
ودعا خبراء اقتصاديون الحكومة والتحالف بالتدخل لوقف انهيار العملة الذي ينعكس على السلع الغذائية الأساسية في وقت تحذر تقارير المنظمات الدولية من مجاعة ستطال 7 مليون يمني، مطالبين دول التحالف بالضغط على عدد من الدول والمؤسسات الدولية النقدية بالإفراج عن حسابات الحكومة اليمينية في الخارج والسماح للحكومة بأخذ جزء من الأموال التي لديها في البنوك الخارجية لوقف هذا الانهيار للعملة المحلية. كما طالبوا بإقالة مجلس إدارة البنك المركزي الحالية التي فشلت في إدارة السياسة المالية والنقدية للبنك.
ويدعو خبراء اقتصاديون الحكومة اليمنية إلى التدخل وعمل حلول من شانها أن تعيد للريال اليمني عافيته واستقراره أمام العملات الأجنبية، بدلاً من الاستمرار في طباعة المزيد من العملات دون سقف أو غطاء قانوني.
اعتراف بالفشل
مؤخراً ظهر محافظ البنك المركزي اليمني/ منصر القعيطي في لقاء له على قناة العربية السعودية ليؤكد عجز البنك عن توفير السيولة وحاجته ل "10" مليار دولار العام القادم. ولفت إلى "أن الاقتصاد اليمني بحاجة إلى مزيد من السيولة، وتوفر البنكنوت من كل الفئات خلال العام القادم 2018، بما يوازي تريليون ريال يمني (وهي تعادل نحو 5 مليارات دولار أميركي) لتوفير السيولة اللازمة، وتريليون ريال آخر لاستبدال العملة التالفة من الأسواق، ولتجاوز حالة الاختناقات الكبيرة التي يمر الجهاز المصرفي الذي لا يستطيع أن يوفر السيولة اللازمة للجمهور.
ونبّه القعيطي إلى جملة من التحديات التي واجهتها إدارة البنك المركزي تمثلت في "خزائن البنك الفارغة من العملة المحلية، فلا مخزون ولا رصيد، والنقص الشديد من الأوراق النقدية "البنكنوت" في السوق المحلية، وأخطر من ذلك هو استنفاد الانقلابيين كامل الاحتياطات من النقد الأجنبي، والتي بلغت في سبتمبر 2014 (5.2 مليار دولار) مما أدى إلى عجزه عن القيام بوظائفه، وتوقفه عن سداد رواتب الموظفين في جميع محافظات الجمهورية، وعدم قدرته على سداد الالتزامات الخارجية متعددة الأطراف والثنائية".
وقال القعيطي، إن البنك استعاد الثقة مع البنوك الخارجية، رغم جسامة التحديات التي واجهها خلال العام الأول من فترة انتقاله للعاصمة عدن. وأشار إلى أن البنك تمكن- بعد لقاءات واجتماعات طويلة وشاقة مع البنك الفدرالي الأميركي من استعادة الثقة والامتثال، وتفعيل بعض الحسابات لدى البنوك الخارجية، وهو مؤشر كبير وهام جدا لا يمكن إغفاله في مسار إعادة الحضور الدولي للبنك المركزي اليمني.
وتحدث القعيطي- في اللقاء التلفزيوني- عن ما أسماها "الجهود الكبيرة لإقناع المؤثرين الدوليين بأسباب ومبررات ودوافع اتخاذ قرار النقل.. وكانت نتيجة ذلك استعادة موارد كانت مجمدة في الخارج، وهو بصدد انجاز آخر يتمثل إعادة الثقة وفتح الحسابات لدى البنوك الأوروبية.
وكشف خبراء اقتصاديون أن الحسابات الحكومية في الخارج مجمدة من قبل المؤسسات المالية الدولية، مشيرين في الوقت ذاته، إلى أن حسابات الحكومة في الخارج تصل إلى أكثر من "615" مليون دولار أميركي، مؤكدين أنه حتى في حال تم الإفراج على حسابات الحكومة الشرعية في الخارج من العملة الصعبة فإنه لن يتوقف تدهور العملة المحلية، كون هذا المبلغ قليل جداً.
ترتيبات المواجهة
إلى ذلك كشف البنك المركزي بالعاصمة المؤقتة عدن عن ترتيب لطباعة كميات من مختلف الفئات النقدية، وذلك لاستبدال التالف، ورفد الاقتصاد بالسيولة، ولسداد المرتبات للموظفين والمتقاعدين بشكل منتظم. وبحسب تقرير سنوي للبنك نشرته وكالة الأنباء الحكومية "سبأ"، تُقدر العملة التالفة في السوق بنحو 90 بالمائة من حجم النقد المتداول.
وقال التقرير إن استنزاف الاحتياطي النقدي من 5.4 مليارات دولار أمريكي، إلى 600 مليون دولار، منذ سبتمبر 2014 حتى مايو 2016، أدى إلى تعليق البنوك المراسلة حسابات البنك الخارجية، وأن استنزاف الاحتياطات الخارجية تسبب باستنفاد خيارات معالجة وضع البنك، وعجزه عن سداد التزاماته الداخلية في صرف المرتبات، وعجزه في الوفاء بالتزاماته الخارجية.
وأشار إلى أن الاستنزاف للاحتياطات الخارجية، أدى إلى استنفاد المخزون النقدي بالعملة الوطنية خلال نفس الفترة، والقيام بضخ الأوراق النقدية التالفة الآيلة للتدمير، مقابل عجز البنك عن الطباعة أو استقبال منح وقروض خارجية.
وقال التقرير إن البنك كان مكبلاً ويرزح تحت الهيمنة والتهديد من قِبل الحوثيين في صنعاء. وتطرق إلى جملة من التحديات التي واجهها البنك المركزي منذ نقل مقر إدارة وعمليات البنك إلى العاصمة المؤقتة عدن، لأن فكرة النقل كانت بمثابة تأسيس بنك مركزي جديد. وأفاد أن قيادة البنك المركزي اليمني تمكنت من التواصل لتفاهمات مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في أكتوبر 2017م، لتقديمهم دعم فني واستشاري مشترك للبنك المركزي في عدن.
ونوه خبراء اقتصاد إلى أن الحكومة تحتاج لدعمها من قبل دول التحالف والمجتمع الدولي بوديعة في البنك المركزي بعدن لا تقل عن ملياري دولار إضافة إلى إطلاق حساباتها في الخارج، لكي يستعيد البنك دوره في ضبط سعر صرف الدولار وبقية العملات الأجنبية مقابل الدولار.
هجوم لاذع
ويهاجم اقتصاديون بشدة، فشل الحكومة الشرعية في تفعيل وظائف البنك المركزي منذ نقله قبل عام، وإقدامها على خطوة تحرير سعر الصرف بقرار سياسي، في خطوة للفت الانتباه وتدمير ما تبقى من حياة في جسد الاقتصاد المتهالك.
وأوضح مصطفي نصر- رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي بأن قرار التعويم الصادر عن البنك المركزي يعني التخلي عن السعر الرسمي الذي حدده البنك سابقا للدولار (250 ريال مقابل الدولار الواحد) لصالح السعر الجديد الذي سيتحدد من قبل البنك المركزي وفقا لمخزون العملات وتداولات السوق.
وقال أن التحكم في سعر الصرف يمثل صلب السياسة النقدية لكن السؤال الأهم هل البنك المركزي ما يزال لاعبا رئيسيا في السياسة النقدية حتى يتخذ قرار بهذا الحجم؟ وهل يمتلك الأدوات الكافية لذلك في ظل تراجع مصادر النقد الأجنبي لدي الحكومة بل انعدامها؟.
وأشار نصر إلى أنه منذ نقل البنك المركزي في سبتمبر 2016م إلى عدن أثبتت إدارة البنك المركزي فشلها وعجزها عن تفعيل البنك المركزي للقيام بأدواره المفترضة ابتداء من الرقابة علي البنوك وتفعيل السويفت وانتهاء بالعبث بالعملة المحلية المطبوعة من الريال اليمني وبيعها للصرافين بدلا من استخدامها لتعزيز الثقة بالقطاع المصرفي، ناهيك عن غياب المحافظ ونائبه عن البنك المركزي وتكليف قائم بأعمال لإدارة البنك في أصعب مرحلة يمر بها وعدم انتظام الاجتماعات الدورية لمجلس إدارته.
وقال رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي: من الواضح أن للقرار انعكاسات سلبية علي كل التعاملات الرسمية التي كانت تعتمد السعر الرسمي ومنها الجمارك حيث سترتفع الجمارك فعليا بنسبة 45٪ وبالتالي ستنعكس تلك الزيادات علي أسعار السلع المستوردة.
وحذر من أن قرار تعويم الريال قد يشكل المسمار الأخير في نعش البنك المركزي اليمني التابع للحكومة الشرعية في حال لم تعترف به حكومة الحوثي وصالح ولم يمتلك الأدوات القادرة علي تحكمه بسعر الصرف في السوق، فقرار التعويم يتطلب إدارة فاعلة للسياسة النقدية تخفف من آثاره السلبية وهو ما تفتقر إليه إدارة البنك المركزي الحالية، حد نصر.
وفي رؤيته للإصلاحات المالية الضرورية أورد خبير الاقتصاد والنفط اليمني/ محمد الزوبه عدد من الحلول تتمثل في المحافظة على القدرات المالية للبنك المركزي بتوريد كل الإيرادات الحكومية في كل اليمن إلى البنك المركزي، وتحويل كل حوالات المغتربين والتي تصل إلى حوالي أكثر من 12 مليار ريال سعودي أي حوالي أكثر من ثلاثة مليار دولار عن طريق البنك المركزي.
كما طالب الخبير الزوبة بتوقيف بيع أذون الحزانة الوهمية وبدون غطاء سيوله أو مرجعية قيمية، والحد من انتشار ظاهرة الصرافة والمضاربة المالية، وسحب كل الأوراق المالية القديمة التي أخرجتها سلطة صنعاء الانقلابية للتداول وهي في حكم المعدومة والتي تتجاوز مئات المليارات وسببت تضخم مضاعف أدى إلى فقدان الريال لقيمته الشرائية، وأخيراً إعادة السيطرة على الحركة البنكية الخاصة في اليمن وتهدئة الأسواق والتحذير من التعامل غير القانوني في قضية التحويلات أو التعامل خارج سيطرة البنك المركزي.
دور مفقود
وينتقد اقتصاديون غياب دور البنك للقيام بوظائفه الأساسية في الحفاظ على الاستقرار النقدي وتمويل استيراد احتياجات السوق المحلية من السلع الأساسية. وكان لغياب دور البنك المركزي اليمني، بعد نقله إلى العاصمة المؤقتة عدن، وكثير من البنوك عن مزاولة أنشطتها بشكلها الطبيعي، أن تسبب في انتشار كبير وغير مسبوق لشركات ومحلات الصرافة بشكل يدعو للاستغراب في ظل عدم استقرار الوضع في البلاد وارتفاع صرف العملات أمام الريال اليمني الذي أوعز ناشطون أن أحدى أسباب انهياره انتشار شركات الصرافة وعدم تدوير العملة في البنك المركزي.
وبالتزامن مع الوضع الاقتصادي المنهار في السوق المحلية اليمنية تزايدت حالات بيع وشراء العملات في السوق السوداء خصوصاً بعد تحرير سعر العملات الأجنبية من قبل البنك المركزي اليمني وإخضاعها لأسعار التداول العالمية التي تخضع لعروض البيع والطلب.
ويعزو مراقبون انتشار شركات ومحلات الصرافة خصوصاً في محافظة عدن لأسباب مختلفة، منها عدم الرقابة من البنك المركزي ومتابعة تصاريح فتح الشركات ومزاولة الأعمال فيها. وقال خبراء اقتصاد إن انتشار محلات الصرافة في ظل تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد ودون ترخيص لهذه المحلات والتلاعب بسعر الصرف للعملة المحلية ينذر بكارثة اقتصادية.
ويصف اقتصاديون سياسة تقويض عمل البنك المركزي بعدن بالمدمرة والتي أدت إلى تفاقم كارثة انهيار وتدهور الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية حتى وصل سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار الأمريكي 401، فيما وصل الريال السعودي إلى 110 ريالات في أسوأ وضع وصل إليه الريال اليمني منذ بدء الحرب.
وتأتي ظاهرة انتشار محلات الصرافة في ظل تدهور كبير لسعر صرف العملة الوطنية أمام الدولار الأمريكي وبيع العملة الصعبة للمواطنين في السوق السوداء.
وتشهد أسعار صرف العملة الوطنية، انحدارا مخيفا أمام العملات الأجنبية، مع استمرار حكومة الشرعية في ضخ المزيد من العملة المطبوعة وبكميات كبيرة دون غطاء نقدي، وتعطيل وظائف البنك المركزي منذ قرار نقله إلى عدن في سبتمبر من العام الماضي.
مؤشر خطير
مواصلة الريال اليمني تدهوره غير المسبوق والمستمر أمام العملات الأجنبية، وتحديداً الدولار الأمريكي والريال السعودي، يعده خبراء اقتصاد مؤشر حتمي لمرحلة جديدة من التضخّم، ستؤدي بدورها إلى مضاعفة معاناة المواطنين، حيث تبدو نسبة الفقر في ارتفاع متواصل في أوساط المجتمع لدرجة لم تشهدها البلاد قط.
ويؤكد متابعون أن الحكومة اليمنية تتحمل مسؤولية عدم وضع حد لتدهور العملة المحلية مقابل العملة الأجنبية، وخاصة في المحافظات المحررة، رغم ضخ طبعات جديدة للريال اليمني من الخارج، وتوفر كميات كبيرة من السيولة خلافاً لما يحدث للمناطق التي يسيطر عليها الإنقلابيون في صنعاء.
وحذر خبراء اقتصاديون الحكومة اليمنية من الصمت تجاه انهيار العملة الوطنية، مطالبين إياها بإيجاد الحلول اللازمة لهذا الانهيار الذي من شأنه أن يتسبب، وفقاً لتأكيداتهم، بارتفاع المواد الغذائية الأساسية ويفاقم من حد الأزمات التي يتعرض لها المواطن اليمني. كما حذروا من مخاطر الانهيار المتسارع للعملة الوطنية، وآثاره في تفاقم معاناة المواطنين المعيشية في بلد يشهد حالة حرب مستمرة توقفت خلالها أهم الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية.
وفي اعتقاد مراقبين فإن عدم تحمل الحكومة مسؤوليتها، وعلى رأسها محاربة المتلاعبين بصرف العملات والجشعين من التجار ممن يستغلون الظروف القائمة في البلاد، ساهم في انهيار العملة ومضاعفة معاناة المواطن والتاجر وغيرهم من شرائح الشعب.
ويرى خبراء اقتصاد أن قرار البنك المركزي تعويم الريال هو تحصيل حاصل لفقدان البنك وسائل السيطرة، بمعنى افتقاره للنقد الأجنبي وكذلك السيولة من العملة المحلية، ويشيرون إلى أن البنك يواجه العديد من المشكلات التي أجبرته على اتخاذ قرار التعويم، في ظل حالة انتشار محلات الصرافة، وربما حالة المضاربة التي قد تتم على الدولار، وارتفاع سعره.
ويحذر رئيس مركز الإعلام الاقتصادي مصطفى نصر من تدهور سعر الريال لان ذلك يعني كارثة سيعاني منها كل يمني وسيتحمل عبئها الأكبر الفقراء الذين سينضمون بأعداد اكبر إلي المجاعة المحققة. وقال أن "تدهور سعر الريال مثال واضح لعجز البنك المركزي بعدن ومزيدا من السحب علي المكشوف والتجريف للاقتصاد اليمني في صنعاء".
ولإيجاد حلول عملية للتخفيف من خطر تدهور الريال أشار نصر إلى أن أولى الخطوات في هذا الاتجاه هو دعم البنك المركزي ليستعيد السيطرة على السوق المصرفية. وأوضح أن إدارة البنك المركزي الحالية غير مؤهلة لذلك، والتحديات المحلية والإقليمية أكبر من أن يواجهها طرف أو مؤسسة بمفردها.
مطالبات
وبحسب خبراء اقتصاد فإن الريال اليمني سيواصل تهاويه أمام الدولار الأمريكي والريال السعودي نتيجة المضاربة التي ينتهجها التجار في السوق المالية، إضافة إلى سبب سياسية التمويل بالعجز الذي انتهجته الحكومة الشرعية لمواجهة العجز في النقدية بعد نهب الانقلابيين للاحتياطي النقدي في البنك المركزي بصنعاء قبل أن يتم نقله إلى عدن.
ويعيش الريال اليمني تدهور مستمر غير مسبوق منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول العام 2014. وتوقف تصدير النفط، الذي تشكل إيراداته 70% من دخل البلاد، مع توقف المساعدات الخارجية والاستثمارات الأجنبية والسياحة.
ويطالب خبراء الاقتصاد الدولة باتخاذ إجراءات لإعادة استقرار سعر الريال، ووضع حد لانهيار الاقتصاد، من خلال إعادة تأهيل حقول النفط والغاز وإعادة التصدير، لاعتبار هذه الموارد تشكل 70% من موارد العملة الصعبة، وتفعيل عملية تحصيل الموارد المركزية والمحلية من الموانئ والمطارات والضرائب والجمارك، وتشغيل مصافي عدن وغيرها من الموارد بما يساهم في ضخ السيولة في شرايين الحياة الاقتصادية للبلد وعبر توريدها للبنك المركزي.
ولا يزال القطاع المصرفي في البلاد يشهد حالة من الفوضى العارمة وسط عجز متصاعد من البنك المركزي للإمساك بزمام الأمور. وكما تسود السوق المالية والاقتصادية مخاوف كبيرة من استمرار انهيار الريال اليمني، تأتي تحذيرات خبراء الاقتصاد من مخاطر الانهيار المتسارع للعملة الوطنية، وآثاره في تفاقم معاناة المواطنين المعيشية في بلد يشهد حالة حرب مستمرة توقفت خلالها أهم الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية.
ويشدد مراقبون على ضرورة قيام الحكومة، وتحديدًا البنك المركزي اليمني، بممارسة دوره في ضبط السياسة النقدية في البلد، لا سيما وأن البنوك المحلية تعاني من تكدس العملات الأجنبية بالدولار والريال السعودي، ولم تتمكن من نقلها منذ بداية الحرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.