الرياض: تحركات مليشيا الانتقالي تصعيد غير مبرر وتمت دون التنسيق معنا    بن حبريش وحلفه ومصافي وادي حضرموت الصامتة: شعارات عامة ومصالح خاصة    ويتكوف يكشف موعد بدء المرحلة الثانية وحماس تحذر من خروقات إسرائيل    باكستان تبرم صفقة أسلحة ب 4.6 مليار دولار مع قوات حفتر في ليبيا    الأميّة المرورية.. خطر صامت يفتك بالطرق وأرواح الناس    أرسنال يهزم كريستال بالاس بعد 16 ركلة ترجيح ويتأهل إلى نصف نهائي كأس الرابطة    قتلى وجرحى باشتباكات بين فصائل المرتزقة بحضرموت    شرعية "الروم سيرفس": بيع الوطن بنظام التعهيد    تركيا تدق ناقوس الخطر.. 15 مليون مدمن    بيان بن دغر وأحزابه يلوّح بالتصعيد ضد الجنوب ويستحضر تاريخ السحل والقتل    الجنوب العربي: دولة تتشكل من رحم الواقع    ذا كريدل": اليمن ساحة "حرب باردة" بين الرياض وأبو ظبي    نيجيريا.. قتلى وجرحى بانفجار "عبوة ناسفة" استهدفت جامع    حضرموت.. قتلى وجرحى جراء اشتباكات بين قوات عسكرية ومسلحين    سلامة قلبك يا حاشد    سلامة قلبك يا حاشد    المدير التنفيذي للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي بشير سنان يكرم الزملاء المصوّرين الصحفيين الذين شاركوا في تغطية بطولات كبرى أُقيمت في دولة قطر عام 2025    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    ذمار.. مقتل مواطن برصاص راجع إثر اشتباك عائلي مع نجله    الجزائر تفتتح مشوارها بأمم إفريقيا بفوز ساحق على السودان"    النائب العام يأمر بالتحقيق في اكتشاف محطات تكرير مخالفة بالخشعة    فتح ذمار يفوز على فريق 22 مايو واتحاد حضرموت يعتلي صدارة المجموعة الثالثة في دوري الدرجة الثانية    تعود لاكثر من 300 عام : اكتشاف قبور اثرية وتحديد هويتها في ذمار    ضبط محطات غير قانونية لتكرير المشتقات النفطية في الخشعة بحضرموت    مؤسسة الاتصالات تكرم أصحاب قصص النجاح من المعاقين ذوي الهمم    شباب عبس يتجاوز حسيني لحج في تجمع الحديدة وشباب البيضاء يتجاوز وحدة حضرموت في تجمع لودر    سوريا.. قوة إسرائيلية تتوغل بريف درعا وتعتقل شابين    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل في مشروع سد حسان بمحافظة أبين    لملس يتفقد سير أعمال تأهيل مكتب التعليم الفني بالعاصمة عدن    أبناء العمري وأسرة شهيد الواجب عبدالحكيم فاضل أحمد فريد العمري يشكرون رئيس انتقالي لحج على مواساته    مصلحة الجمارك تؤيد خطوات الرئيس الزُبيدي لإعلان دولة الجنوب    الدولار يتجه نحو أسوأ أداء سنوي له منذ أكثر من 20 عاما    الرئيس الزُبيدي: نثمن دور الإمارات التنموي والإنساني    الحديدة تدشن فعاليات جمعة رجب بلقاء موسع يجمع العلماء والقيادات    هيئة الزكاة تدشن برامج صحية واجتماعية جديدة في صعدة    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    رئيس مجلس الشورى يعزي في وفاة الدكتور "بامشموس"    هدوء في البورصات الأوروبية بمناسبة العطلات بعد سلسلة مستويات قياسية    دور الهيئة النسائية في ترسيخ قيم "جمعة رجب" وحماية المجتمع من طمس الهوية    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم النهضة العماني في كأس الخليج للأندية    اختتام دورة تدريبية لفرسان التنمية في مديريتي الملاجم وردمان في محافظة البيضاء    تونس تضرب أوغندا بثلاثية    وفاة رئيس الأركان الليبي ومرافقيه في تحطم طائرة في أنقرة    قراءة أدبية وسياسية لنص "الحب الخائب يكتب للريح" ل"أحمد سيف حاشد"    إغلاق مطار سقطرى وإلغاء رحلة قادمة من أبوظبي    البنك المركزي يوقف تراخيص فروع شركات صرافة بعدن ومأرب    الفواكه المجففة تمنح الطاقة والدفء في الشتاء    هيئة الآثار: نقوش سبأ القديمة تتعرض للاقتلاع والتهريب    تكريم الفائزات ببطولة الرماية المفتوحة في صنعاء    مستشار الرئيس الاماراتي : حق تقرير المصير في الجنوب إرادة أهله وليس الإمارات    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    تحذيرات طبية من خطورة تجمعات مياه المجاري في عدد من الأحياء بمدينة إب    مرض الفشل الكلوي (33)    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن.. عودة أجواء الحرب الأولى
مصير قاتم ينتظر اليمنيين لمرحلة جديدة من الأزمة الاقتصادية والإنسانية..
نشر في أخبار اليوم يوم 13 - 11 - 2017

بدا من التطورات التي شهدتها اليمن خلال أيام مضت، كما لو أن الزمن قد عاد إلى لحظة الحرب الأولى في البلد.. فالأزمة الإنسانية المستمرة وشبح طوابير المواطنين أمام محطات الغاز والمخاوف من شبح المجاعة وتحوّل بلدهم إلى سجن كبير، كان أبرز ما بدا ظاهراً، كنتيجة لتصعيد التحالف بإغلاق المنافذ.
ويعد مراقبون إغلاق المنافذ وما رافقه من تصعيد، تمثل بدعوات للبعثات الدبلوماسية بعدم التواجد بمناطق سيطرة الحوثيين وإعلان قائمة 40 قيادياً حوثياً مطلوباً للسعودية، مؤشراً لتصعيد غير مسبوق للحرب الدائرة في البلد منذ قرابة ثلاث سنوات، والتي تبدو فرص وقفها أضعف من ذي قبل، وبالمقابل تراجع فرص الحل السياسي إلى حد كبير، ما لم تطرأ تطورات مغايرة في الأيام المقبلة.
تبدو الإجراءات التي اتخذتها السعودية في اليمن بعد إطلاق صاروخ بالستي باتجاه الرياض، تحديداً في شقها المتعلق بإغلاق منافذ البلاد براً وبحراً وجواً، أقرب إلى عقاب جماعي إضافي لليمنيين في ظل فشلها في حسم الحرب في مواجهة مليشيات الحوثيين وصالح، حد تعبير نشطاء ومراقبين.
التصعيد يعود للواجهة
التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات يعلن إغلاق جميع منافذ البلاد براً وبحراً وجواً، بعد ساعات قليلة من إعلان قائمة تضم 40 من قيادات جماعة الحوثيين مطلوبين بتهمة الإرهاب واستهداف أمن السعودية، ليبدو أن اليمن بعد الصاروخ الذي انفجر مساء السبت في سماء العاصمة السعودية الرياض، وتناثر جزء من حطامه على مطارها الدولي، ليس كما قبله، بعدما وجهت الرياض أصابع الاتهام مباشرة إلى النظام الإيراني، بتهريب السلاح إلى الحوثيين.
إعلان التحالف، فجر الاثنين، الإغلاق المؤقت لكافة المنافذ اليمنية الجوية والبحرية والبرية بدا مستغرباً، خصوصاً في ظل وقوع أغلب تلك المنافذ بحراً وجواً وبراً في مناطق سيطرة الشرعية وقوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات. أما التبرير الذي قدم للإغلاق فتمثل في "سد الثغرات الموجودة في إجراءات التفتيش الحالية، والتي تسببت في استمرار تهريب الصواريخ والعتاد العسكري" إلى المليشيات الحوثية التابعة لإيران في اليمن.
وحمل تعميم التحالف بإعلانه عن إغلاق "كافة المنافذ اليمنية"، تفسيرات متعددة، إذ إنه يعني مناطق الشرعية (ما لم يتم استدراكها لاحقاً بالاستثناء). أما في مناطق سيطرة الحوثيين وحلفائهم الموالين لعلي عبدالله صالح، فإن ميناء الحديدة المطل على البحر الأحمر، والذي تصل إليه أغلب الواردات التجارية إلى البلاد، يعدّ هو المتضرر الأول، بالإضافة ما يتعلق بالرحلات الجوية لمنظمات الأمم المتحدة إلى مطار صنعاء الدولي، المغلق أمام الرحلات التجارية منذ أكثر من عام.
وربط بيان التحالف الخاص بإغلاق المنافذ بين الخطوة ووصول صاروخ بالستي انطلق من اليمن، خصوصاً أنه يعد أول صاروخ يقترب من الهدف الذي تم إطلاقه نحوه، وهو مطار الملك خالد الدولي في الرياض، خلافاً للصواريخ السابقة التي كان التحالف عادة ما يعلن اعتراضها وإسقاطها في مناطق بعيدة.
مؤشرات عاصفة جديدة
ولم يكن إغلاق المنافذ هو التصعيد الوحيد، إذ دعت قيادة التحالف المواطنين اليمنيين وكافة "الأطقم المدنية من بعثات إنسانية وإغاثية للابتعاد عن مناطق العمليات القتالية وتجمعات المليشيات الحوثية المسلحة والأماكن والمنافذ التي تستغلها تلك المليشيات". وحثت "البعثات الدبلوماسية على عدم التواجد في المناطق غير الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية". علماً أن أغلب البعثات أغلقت أبوابها في صنعاء منذ فبراير/ شباط ومارس/ آذار 2015، في حين بقيت السفارة الروسية من أبرز البعثات التي تواصل عملها حتى اليوم.
ومن أبرز الخطوات التصعيدية على الإطلاق، إعلان السعودية غير المسبوق، عن أسماء 40 قيادياً في جماعة الحوثيين، اتهمتهم ب"تخطيط وتنفيذ ودعم الأنشطة الإرهابية المختلفة في جماعة الحوثي"، التي وصفتها ب"الإرهابية". ورصدت السعودية مكافآت مالية ل"من يدلي بأي معلومات تُفضي إلى القبض عليهم أو تحديد أماكن تواجدهم".
وبصرف النظر عن الأسماء، التي هي في الغالب من القيادات البارزة أو الفاعلة، فإن أبرز ما يمثله الإعلان عنها بعد أكثر من عامين على بدء عمليات التحالف بقيادة السعودية في البلاد، أنه مؤشر على تراجع فرص الحل السياسي إلى حد كبير، وعودة التصعيد مجدداً، مع عقبات إضافية أمام الحل السياسي، بالنظر إلى الملابسات التي ترافقت مع الإعلان والاتهامات المضمنة في بيانات التحالف، باعتبار الحوثيين "جماعة إرهابية"، تابعة لإيران، وبأنها تستهدف أمن المملكة.
ومن الجانب الآخر، كان اللافت في القائمة، أنها شملت قيادات الحوثيين ومسؤولين في الجماعة أو الحكومة التي شكلتها، ولم تشمل القيادات العسكرية التابعة لصالح، الأمر الذي يمثل تطوراً له ما له من التبعات على صعيد تحالف الحوثيين وصالح في ظل الخلافات المتصاعدة بين الطرفين منذ أشهر.
وذهبت بعض التفسيرات إلى أن الخطوة بإعلان القائمة، وبقدر ما هي تصعيد جاءت كردة فعل على الصاروخ الذي استهدف الرياض، وتتناغم مع التطورات الإقليمية والدولية بالتصعيد ضد حزب الله وإيران، فإنها في موازاة ذلك، تمثل مسماراً في نعش “تحالف الضرورة” بين الحوثي وصالح.
وبصورة مجملة، يمثل إغلاق المنافذ وما رافقه من دعوات للبعثات الدبلوماسية بعدم التواجد بمناطق سيطرة الحوثيين وكذا إعلان قائمة 40 قيادياً حوثياً مطلوباً للسعودية، مؤشراً إلى تصعيد غير مسبوق للحرب الدائرة في البلاد منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، ليبدو وكأن الحرب عادت إلى الأيام الأولى التي بدأت فيها "عاصفة الحزم"، وأُعلن معها عن إغلاق المنافذ وغيرها من الإجراءات، لتبدو فرص ومؤشرات وقف الحرب أضعف من ذي قبل، ما لم تطرأ تطورات مغايرة في الأيام المقبلة.
بوادر مجاعة أضخم
أظهرت تطورات الأيام القليلة الماضية، ملامح مرحلة جديدة من الأزمة الاقتصادية والإنسانية الخانقة، عمّت البلاد بنسبٍ متفاوتة من محافظة إلى أخرى، مع ارتفاع أسعار العديد من السلع الغذائية وانعدام المشتقات النفطية في محطات الوقود وإغلاق ما تبقى من المنافذ الجوية، جنباً إلى جنب مع التدهور المريع والمستمر لأسعار الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، وانتقال البلاد إلى مستوى جديد من الكارثة التي تهدد الملايين.
وأكد سكان في العاصمة تراجع مستوى الحركة العامة على المستويين الخاص والعام كنتيجة للأزمة، في ظلّ مخاوف من اشتدادها مع كل يوم إضافي، إذا ما استمر إغلاق الموانئ التي تصل عبرها أغلب الواردات التجارية من الخارج، في حين لا يزال المئات من المسافرين اليمنيين جواً عالقين في المطارات في انتظار عودة الرحلات الجوية، بمن فيهم المرضى، الذين يحتاجون للعلاج في الخارج.
وأكد محللون اقتصاديون إن إغلاق الموانئ، يعني أن الحركة الاقتصادية في البلاد ستتعرض إلى انتكاسة كبيرة. سيؤدي إغلاقها إلى موجة إرباك واسعة، ستصيب القطاع التجاري بالشلل. في حين عبر تجار عن مخاوف كبيرة من حدوث أزمات معيشية خانقة، في ظل ارتفاع جنوني لأسعار السلع الغذائية والوقود نتيجة إغلاق المنافذ وحجب الواردات.
وعبّر مواطنون في العاصمة اليمنية صنعاء، عن خشيتهم من أن يؤدي الإغلاق للمنافذ إلى انعدام بعض المواد الغذائية والمشتقات النفطية المستوردة في الغالب، بما من شأنه أن يخلق أزمة إنسانية مضاعفة فوق الأزمة التي تعانيها البلاد في الأصل، ما لم يعلن التحالف في وقتٍ لاحق، تفاصيل تسمح بدخول الواردات الغذائية، والتي تتعرض للتفتيش بآلية تراقبها الأمم المتحدة، لكن التحالف شكك بتلك الإجراءات أكثر من مرة.
تحذيرات من مأساة إنسانية
وتعالت أصوات المنظمات الإنسانية والدعوات الدولية بالتحذير من أكبر مجاعة في العالم يشهدها اليمن، في أعقاب قيام التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية بإغلاق منافذ البلاد براً وبحراً وجواً، بعد ما يقارب ثلاث سنوات من حرب متواصلة خلّفت مأساة إنسانية، وخلقت ملايين من الفقراء والمشردين والمرضى.
الأمم المتحدة وأكثر من 20 منظمة إنسانية دولية عارضت قرار التحالف العسكري بفرض حصار برّي وبحري وجوّي على اليمن، مؤكّدة أنّ ذلك يقرّب ملايين اليمنيين من "الجوع والموت". وحثت الأمم المتحدة، التحالف الذي تقوده السعودية على إنهاء منع وصول المساعدات الإنسانية إلى اليمن، الذي يعمق معاناة نحو سبعة ملايين إنسان يعيشون في ظروف شبيهة بالمجاعة.
وقال ينس لارك، المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان للصحافيين في جنيف "إذا لم يتم الإبقاء على هذه القنوات، على شرايين الحياة هذه، مفتوحة فإن الأمر سيكون كارثياً على الناس الذين يواجهون ما أطلقنا عليه بالفعل أسوأ أزمة إنسانية في العالم". وأضاف لارك "ينبغي استئناف إدخال الوقود والطعام والأدوية إلى البلد"، مشيرا إلى أن أسعار الوقود ارتفعت 60% وأسعار غاز الطهو تضاعفت مرتين مباشرة بعد الإغلاق..
وقد لفتت المنظمات، ومن بينها "كير" و"أنقذوا الأطفال" و"الإغاثة الإسلامية"، إلى أنّ نحو ثلثَي سكّان اليمن يعتمدون على الإمدادات الآتية من الخارج. وأضافت أنّ أكثر من 20 مليون شخص في حاجة إلى مساعدات إنسانية، من بينهم سبعة ملايين يواجهون ظروفاً "تشبه المجاعة". ونبهت أنه من المتوقّع أن تنفد الإمدادات الغذائية في غضون ستّة أسابيع، أمّا اللقاحات فخلال شهر واحد فقط. وطالبت المنظمات في بيان أصدرت الخميس ب"فتح فوري" لجميع المطارات والموانئ.
محلياً لاقى قرار التحالف بإغلاق المنافذ كافة، استياءً لدى مختلف الأوساط اليمنية، التي رأت أن القرار يفرض عقاباً جماعياً على ملايين اليمنيين، خصوصاً مع شموله للمناطق والمحافظات المحررة، وهي المناطق الأكبر من حيث المساحة وعدد المنافذ، لكنها الأقل من حيث الكثافة السكانية التي تتركز في المحافظات الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثيين وحلفائهم أو في المناطق المشتعلة بالمواجهات والمتأثرة بالحرب كمحافظة تعز.
وعقب موجة الإدانات الدولية التي تضامنت مع السعودية إزاء الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون واستهدف مطار الرياض الدولي، مساء السبت الماضي، أدى قرار التحالف بإغلاق المنافذ، إلى موجة مغايرة من ردات الفعل التي عبّر أصحابها عن رفضهم للحصار المفروض على اليمن، وأبرزها دعوة مجلس الأمن الدولي، يوم الأربعاء الماضي، التحالف، لإبقاء الموانئ والمطارات اليمنية مفتوحة لإيصال المساعدات الإنسانية.
فيما حذّرت الأمم المتحدة، وعلى لسان مساعد الأمين العام للشؤون الإنسانية مارك لوكوك، من أنّ الحصار الذي يفرضه التحالف على اليمن، يجعل البلد يواجه "المجاعة الأضخم" منذ عقود، مما قد يؤدي إلى سقوط ملايين الضحايا، في وقت أصدرت 15 منظمة دولية، بياناً يطالب بالاستئناف الفوري لإيصال المساعدات، ويحذّر من كارثة في حال استمر الإغلاق.
وجاءت تصريحات لوكوك بعد اجتماع مغلق عقده مجلس الأمن الدولي بطلب من السويد، الدولة غير دائمة العضوية في المجلس، لنقاش الوضع الإنساني في اليمن. واقترحت خمس خطوات على المجلس، إضافة إلى رفع الإجراءات التي فرضتها دول التحالف، وإلا فستضرب المجاعة اليمن.
كما حذر المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك من أن هناك سبعة ملايين يمني على حافة المجاعة وأن إغلاق الموانئ سيفاقم أوضاعهم، بعدما كانت الأمم المتحدة قد تمكنت من الحيلولة دون وقوع المجاعة في الأشهر الأخيرة في اليمن. وناشد الأطراف المتنازعة أخذ الحيطة وتجنيب المدنيين الكوارث كما ضمان سلامة عاملي الإغاثة.
من جهتها، أطلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر نداءً عاجلاً لإبقاء الحدود اليمنية الجوية والبحرية والبرية مفتوحة بهدف السماح للإمدادات الإنسانية الحيوية بدخول البلاد. وقال المدير الإقليمي للجنة لمنطقتَي الشرق الأدنى والشرق الأوسط روبير مارديني إنّ “الغذاء والأدوية والمستلزمات الضرورية الأخرى لا غنى عنها لنجاة 27 مليون يمني أنهكهم بالفعل النزاع الذي دخل عامه الثالث”.
في السياق، ندّدت منظمة "أطباء بلا حدود" برفض التحالف السماح لطائراتها بالوصول إلى اليمن منذ خمسة أيام، بهدف تقديم المساعدات الإنسانية لمحتاجيها. وحذّر رئيس بعثة المنظمة إلى اليمن جاستين آرمسترونغ من أنّ تأثير الإغلاق على الرجال والنساء والأطفال في اليمن بات ملموساً، ويضع مئات آلاف الأرواح في خطر، مشيراً إلى أنّ الاقتصاد اليمني المتهالك سوف يزداد سوءاً، وهو الأمر الذي يصعّب على اليمنيين تلبية احتياجاتهم الأساسية.
حجب الواردات يهدد بكارثة
وتوقفت حركة الواردات والمساعدات منذ إغلاق التحالف المنافذ، إثر سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون واعترض بالقرب من مطار الملك خالد شمالي شرق الرياض مساء السبت الماضي.
وأكدت مصادر مسؤولة في ميناء الحديدة، في تصريحات صحفية، أن بحرية التحالف العربي، منعت السفن والبواخر التجارية من التوجه إلى الميناء الواقع في منتصف الساحل الغربي لليمن على البحر الأحمر، يوم الاثنين الماضي، وأرسلت إخطاراً إلى البواخر والسفن الراسية بمغادرة الميناء الخاضع للحوثيين.
وقالت المصادر، إن إخطاراً آخر صدر من مركز آليات الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش في جيبوتي، يطلب من السفن التجارية مغادرة ميناء الصليف أيضا (شمال غرب الحديدة) الخاضع كذلك للحوثيين.
ولا يقتصر إجراء التحالف على إغلاق ميناء الحديدة، بل يطاول ميناء عدن المطل على خليج عدن (جنوب البلاد) والخاضع للحكومة الشرعية. وقالت مصادر في ميناء عدن، في تصريحات صحفية، أنه كان متوقعا وصول سفينة خلال اليومين القادمين من مشتقات البنزين للاستهلاك المحلي والديزل، ولكن السفينة غيرت مسارها إلى جيبوتي، في الوقت الذي تشهد فيه مدينة عدن أزمة وقود خانقة وتزايد عدد ساعات انقطاع التيار الكهربائي.
وكانت شركة مصافي عدن الحكومية، قد بدأت نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في ضخ آخر كمية متوفرة من المازوت (الديزل) تبلغ 1500 طن، لإعادة تشغيل محطات الكهرباء المتوقفة في عدن، وفق مهندس في الشركة في تصريحات لوكالة “الأناضول”.
سجن كبير تنهشه الأزمات
عندما اندلعت الحرب في اليمن قبل أكثر من عامين ونصف العام، كان من السهل نسبياً على اليمنيين مغادرة البلاد أو القدوم إليها رغم الحظر المفروض من التحالف الذي تقوده السعودية، لكن هذه المرة يتحول اليمن إلى سجن كبير تنهشه مجاعة واسعة متوقعة.
ومنذ إغلاق التحالف العربي بقيادة السعودية بشكل شامل المنافذ البرية والبحرية والجوية لليمن توقفت حركة الواردات والمساعدات إلى اليمن، في حصار خانق يهدد بكارثة وفق تحذير الأمم المتحدة، التي طالبت بضرورة الإبقاء على شرايين الحياة.
وأصبح المواطنون اليمنيون رهائن من جديد، لحصار خانق تفرضه قوات التحالف العسكري بقيادة السعودية، بعد إغلاق جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية، رغم تعالي التحذيرات الدولية من حدوث كارثة في البلد الذي يعيش بالأساس أكثر من ربع سكانه في ظروف شبيهة بالمجاعة، وفق تأكيدات الأمم المتحدة.
ويبدو أن إجراءات الحصار المشدد هذه المرة ستؤدي إلى وضع كارثي. وبجانب الأزمة الغذائية وتفاقم أسعار السلع، عادت أزمة اليمنيين العالقين في الخارج للظهور من جديد بعد إغلاق جميع منافذ البلد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.