تغاريد حرة .. صرنا غنيمة حرب    تحديد موعد أولى جلسات محاكمة الصحفي محمد المياحي    دبلوماسي امريكي: لن ننتظر إذن تل أبيب لمنع اطلاق النار على سفننا    عيد ميلاد صبري يوسف التاسع والستين .. احتفال بإبداع فنان تشكيلي وأديب يجسد تجارب الاغتراب والهوية    عيد ميلاد صبري يوسف التاسع والستين .. احتفال بإبداع فنان تشكيلي وأديب يجسد تجارب الاغتراب والهوية    عيد ميلاد صبري يوسف التاسع والستين .. احتفال بإبداع فنان تشكيلي وأديب يجسد تجارب الاغتراب والهوية    وكالة: الطائرات اليمنية التي دمرتها إسرائيل بمطار صنعاء لم يكن مؤمنا عليها    أرقام تاريخية بلا ألقاب.. هل يكتب الكلاسيكو نهاية مختلفة لموسم مبابي؟    أرقام تاريخية بلا ألقاب.. هل يكتب الكلاسيكو نهاية مختلفة لموسم مبابي؟    السعودية تقر عقوبات مالية ضد من يطلب إصدار تأشيرة لشخص يحج دون تصريح    تعيين نواب لخمسة وزراء في حكومة ابن بريك    صنعاء.. عيون انطفأت بعد طول الانتظار وقلوب انكسرت خلف القضبان    وسط فوضى أمنية.. مقتل وإصابة 140 شخصا في إب خلال 4 أشهر    رئاسة المجلس الانتقالي تقف أمام مستجدات الأوضاع الإنسانية والسياسية على الساحتين المحلية والإقليمية    ضمن تصاعد العنف الأسري في مناطق سيطرة الحوثي.. شاب في ريمة يقتل والده وزوجته    السامعي يتفقد اعمال إعادة تأهيل مطار صنعاء الدولي    وزير الاقتصاد ورئيس مؤسسة الإسمنت يشاركان في مراسم تشييع الشهيد الذيفاني    انفجارات عنيفة تهز مطار جامو في كشمير وسط توتر باكستاني هندي    سيول الامطار تجرف شخصين وتلحق اضرار في إب    الرئيس : الرد على العدوان الإسرائيلي سيكون مزلزلًا    *- شبوة برس – متابعات خاصة    القضاء ينتصر للأكاديمي الكاف ضد قمع وفساد جامعة عدن    السيد القائد: فضيحة سقوط مقاتلات F-18 كشفت تأثير عملياتنا    تكريم طواقم السفن الراسية بميناء الحديدة    صنعاء .. شركة النفط تعلن انتهاء أزمة المشتقات النفطية    اليدومي يعزي رئيس حزب السلم والتنمية في وفاة والدته    مطار صنعاء "خارج الخدمة".. خسائر تناهز 500 مليون دولار    السعودية: "صندوق الاستثمارات العامة" يطلق سلسلة بطولات عالمية جديدة ل"جولف السيدات"    المرتزقة يستهدفون مزرعة في الجراحي    لوموند الفرنسية: الهجمات اليمنية على إسرائيل ستستمر    . الاتحاد يقلب الطاولة على النصر ويواصل الزحف نحو اللقب السعودي    باريس سان جيرمان يبلغ نهائي دوري أبطال أوروبا    بعد "إسقاط رافال".. هذه أبرز منظومات الدفاع الجوي الباكستاني    محطة بترو مسيلة.. معدات الغاز بمخازنها    شرطة آداب شبوة تحرر مختطفين أثيوبيين وتضبط أموال كبيرة (صور)    شركة الغاز توضح حول احتياجات مختلف القطاعات من مادة الغاز    كهرباء تجارية تدخل الخدمة في عدن والوزارة تصفها بأنها غير قانونية    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الحاج علي الأهدل    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    وزير الشباب والقائم بأعمال محافظة تعز يتفقدان أنشطة الدورات الصيفية    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض رسوم جمركية على بوينغ    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صيادو الحديدة.. فرائس للقصف والبطالة
نشر في أخبار اليوم يوم 14 - 11 - 2017

يجلس الصياد "سالم عبده" على قاربه الصغير داخل مرسى الصيادين في بلدة الخوبة الساحلية شمال غرب محافظة الحديدة يسترجع لحظات عصيبة قضاها بعد نجاته قبل عامين من قصف جوي للتحالف استهدف تجمع للصيادين في جزيرة عقبان بمديرية اللحية شمال الحديدة.
وشرد سالم ببصره بعيداً وهو يستعيد شريط الذكريات ولحظات الخوف والرعب التي عاشها بعد نجاته بأعجوبة من القصف الجوي الذي خلّف أكثر من 100 قتيل وجريح وحول ضفاف الجزيرة النائية إلى بركة من الدماء.
يقول سالم عبده كل ما أتذكره أصوات انفجارات هزت ساحل الجزيرة تلاها صراخ وهلع ورعب ودماء في كل مكان.. جثث متناثرة وأشلاء محترقة واستغاثات جرحى نزفوا على شاطئ الجزيرة حتى فارقوا الحياة.
مشاهد الموت ماتزال عالقة بذاكرة سالم، وصور الدماء التي سالت شاخصة حتى اللحظة أمام ناظريه رغم نجاته من تلك المجزرة التي خلفت قصصاً مأساوية أبطالها مئات الأسر البائسة التي فقدت عائلها الوحيد وخسرت لقمة عيشها وطعامها المعتاد.
استهداف متكرر
تفتح شهادة الصياد سالم عبده الباب أمام استهداف التحالف المتكرر للصيادين حيث قتل قبل يومين أكثر من 12 صياداً وأصيب نحو 5 آخرون بقصف لمروحيات الأباتشي التابعة للتحالف على جزيرة بمديرية اللحية شمال محافظة الحديدة.
وتعرض مئات الصيادين في محافظة الحديدة خلال الفترة الماضية، لعمليات استهداف مباشرة من طيران وبحرية "التحالف العربي" في الجزر ومراكز الإنزال السمكي، وسقط مئات الضحايا بحجة الاشتباه بقوارب تهريب أسلحة إلى جماعة الحوثي.
وأصبح الاستهداف المتكرر للصيادين ومناطقهم من قبل التحالف يهدد حياة آلاف الأسر التي تعتمد بشكل أساسي على الصيد كمصدر دخل وحيد فضلاً عما ترتب عليه من توقف لنشاط الصيادين ومراكز الإنزال التي أغلقت كلياً في البحر الأحمر، من الخوخة إلى باب المندب ومن شمال اللحية إلى ميدي الحدودية مع السعودية.
وقال الصياد حمدي أبكر وهو من أبناء منطقة الخوبة شمال الحديدة، ل"المشاهد" إنه نزح من منطقته إلى مدينة الحديدة بحثاً عن مصدر رزق آخر بعد استهداف قوات التحالف مركز الإنزال السمكي في المنطقة وتدمير الكثير من القوارب خلال عمليات لتعقب قوارب يشتبه في نقلها أسلحة للحوثيين.
وأضاف بأن تكرار عمليات الاستهداف دفعت أكثر من 70% من الصيادين في محافظة الحديدة إلى العزوف عن المهنة والنزوح إلى أماكن أخرى وأصبحوا عاطلين يعتمدون على معونات شحيحة يقدمها برنامج الغذاء العالمي.
ويسيطر الحوثيون على الحديدة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2014، وتعد واحدة من المحافظات اليمنية الإيرادية المهمة، خاصة في مجال الثروة السمكية كونها تطل على البحر الأحمر، وفيها يقع ميناء الحديدة وأهم مراكز الإنزال السمكي وتصديره.
نار الحوثي تكويهم
وتزداد حياة الصيادين بمحافظة الحديدة (غربي اليمن) بؤساً مع استمرار سيطرة جماعة الحوثي على هذه المدينة الساحلية.
وتشارك المليشيات المسلحة الصيادين في خُمس المحصول، إضافة إلى رسوم تحت مسميات أخرى، وما بقي من إيرادات الصيادين تستهلكه المشتقات النفطية التي يزودون بها قواربهم، والتي يحصلون عليها بأسعار مضاعفة من السوق السوداء التي يسيطر عليها الحوثيون.
ويعيش الصيادون حالة خوف بسبب المؤشرات السيئة التي قد تفقدهم مهنتهم، ومن أبرزها انعدام المشتقات النفطية، وفرض رسوم جبائية من قبل الحوثيين يذهب بعضها إلى ما يعدّونه "دعما للمجهود الحربي".
ويقول الصياد إبراهيم جابر إنهم يتعرضون لعمليات ابتزاز من قبل الحوثيين الذين يأخذون عنوة ما يفرضونه من رسوم، وأكد للجزيرة نت أن الكثير من زملائه الصيادين أوقفوا قواربهم وأصبحوا غير قادرين على مزاولة المهنة نتيجة ارتفاع سعر المشتقات النفطية والرسوم الكبيرة وقلة الإنتاج الذي لا يفي بمتطلبات أسرهم اليومية.
وتتفاقم معاناة الصيادين باستهداف طيران التحالف عددا من مراكز الإنزال السمكي، التي تعدّ منافذ لتسويق الأسماك التي يعود بها الصيادون، ومن ثم الحصول على مردود مالي يعينهم وأفراد عائلاتهم على مجابهة متطلبات الحياة.
وقال الصياد محمد متين -وهو من أبناء مديرية الخوخة- إنه نزح من منطقته إلى مدينة الحديدة بحثاً عن الرزق ليواصل مهنته في صيد الأسماك، بوصفها مصدر دخله الوحيد بعد استهداف قوات التحالف مركز الإنزال في المديرية وتدمير الكثير من القوارب خلال عمليات لتعقب قوارب يشتبه في نقلها أسلحة للحوثيين.
ورأى متين أن عملهم يعد مغامرة يضطرون لخوضها من أجل لقمة العيش، وأوضح أن الكثيرين عزفوا عن المهنة بسبب المخاطر المحدقة بهم.
أما الصياد محمد سالم فأكد أن وقف عمليات التصدير بسبب تأثير المواجهات على الأوضاع في الحدود مع السعودية قلل من نشاطهم وأثر على مدخولهم، وأكد أن الأسواق المحلية محدودة وأرباحها بسيطة.
وقال سالم إن الصيادين يتفادون الإبحار مسافات كبيرة داخل البحر خوفا من البوارج الحربية للتحالف على خط التماس للمياه الإقليمية.
وأبدى الصياد انزعاجه من الوضع الراهن الذي يعصف بالاقتصاد اليمني نتيجة "مجازفة جماعة الحوثي على حساب أبناء الشعب اليمني".
مخاطرة
"نخوض مغامرة خطرة ونذهب بأرجلنا إلى الموت بحثاً عن لقمة العيش, قد نعود بطعام لأطفالنا وقد لا نعود".. بهذه الكلمات بدأ محمد علي, صياد من مدينة الحديدة حديثه ل”المشاهد” عن المخاطر المحدقة بالصيادين في سواحل البحر الأحمر.
ويضيف وملامح التوتر بادية على وجهه: "نحمل أكفاننا معنا في كل رحلة صيد قد لانعود منها ونراقب السماء أكثر من مراقبة قاع البحر خوفاً من الطائرات ولانستطيع الإبحار بعيداً خوفاً من استهداف بحرية التحالف".
وأوضح محمد علي الذي لم يعرف مهنة في حياته إلا مهنة الصيد بأن هذا الوضع أجبر نحو 70 في المائة من صيادي محافظة الحديدة على هجر البحر والبحث عن مهنة أخرى غير الصيد تؤمن لأولادهم لقمة العيش.
وأشار إلى أن عمليات التهريب التي يقوم بها الحوثيون عبر قوارب صيد عرضت الصيادين في محافظة الحديدة لخطر القصف من قبل طيران التحالف وبوراجه الحربية بالإضافة إلى مروحيات الأباتشي.
وأكد بأن عشرات الصيادين تم القبض عليهم من قبل بحرية التحالف في المياه الإقليمية اليمنية بحجّة الاشتباه بتهريبهم أسلحة للحوثيين ولايزالون يقبعون في سجون بالسعودية منذ أكثر من عام.
وكان سكان مدينة الخوبة الساحلية بمحافظة الحديدة قد ناشدوا في شهر إبريل الماضي الحكومة اليمنية التخاطب مع قوات التحالف بكشف مصير 23 صيادا لا يزالون مفقودين ولا يعرف مصيرهم منذ خروجهم من جزيرة دهلك الارتيرية أثناء عودتهم إلى الخوبة حيث يعتقد أنه تم إلقاء القبض عليهم.
مطرقة الحوثي وسندان التحالف
تحول الآلاف من الصيادين في محافظة الحديدة، غربي البلاد، إلى فريسة للبطالة والظروف المعيشية القاسية، منذ نحو ثلاثة أعوام، بسبب جرائم الحوثيين المتمثلة في زرع الألغام البحرية على سواحل الحديدة وفرض الجبايات من جهة واستهداف مراكبهم وقراهم من قبل قوات التحالف من جهة أخرى.
وأصبح غالبية الصيادين وأهاليهم يكابدون العوز بعدما أصبح الساحل الغربي لليمن ساحة معارك بين القوات الحكومية المدعومة من التحالف من جهة والحوثيين وقوات الرئيس السابق صالح من جهة أخرى.
وإضافة إلى ظروف الحرب، وارتفاع أسعار الوقود، فإن صيادي الحديدة يعانون من فرض جماعة الحوثيين إتاوات على الصيادين الذين ما زالوا يخاطرون بحياتهم في البحر، بحجة دعم المجهود الحربي.
وتتفاقم معاناة الصيادين في هذه المحافظة الساحلية يوما بعد آخر، نتيجة أعمال العنف المتصاعدة على سواحل البحر الأحمر وتوقف الكثير من قوارب صيد الأسماك التي تعد مصدر رزق للعديد من الأسر على امتداد الشريط الساحلي للمحافظة.
خسائر كبيرة
كشف تقرير صادر عن هيئة مصائد البحر الأحمر الواقعة تحت سيطرة الحوثيين أن نحو 18000 صياداً توقف نشاطهم في سواحل البحر الأحمر بفعل استهداف التحالف لمراكب الصيد.
وأوضح التقرير الصادر في إبريل الماضي أن التحالف استهدف أكثر من 200 قارب صيد تقليدي و14 مركز وميناء صيد مقدراً القيمة الإجمالية للقوارب المدمرة بما يقارب ال(5 مليون دولار) والقيمة الإجمالية لخسائر البنية التحتية بأكثر من (13 مليون دولار).
وأشار إلى أن القصف تسبب في توقف أربعة آلاف و586 قارباً عن العمل، من ميدي بحجة مرورا بالحديدة وإلى المخا بمحافظة تعز، قدرت خسائرها ب 655 مليوناً و170 ألف دولار.
وتراجعت صادرات اليمن بشكل كبير بحسب تقرير هيئة مصائد البحر الأحمر إلى حدود (8 مليون طن) و تراجعت إيرادات الدولة من رسوم الصادرات للثروة السمكية في البحر الأحمر بنسبة 80% .
وألحقت الحرب خسائر كبيرة بقطاع الصيد البحري في اليمن بلغت أكثر من ثلاثة مليارات دولار، كما تسببت في أضرار مباشرة بمصادر العيش لأكثر من 2.5 مليون شخص، في حين بلغ عدد المنشآت المتوقفة أكثر من خمسين منشأة، وفق تقرير حكومي صادر في أبريل/ نيسان الماضي.
شكوى للبحر
وتحوّل الآلاف من صيّادي الأسماك في محافظة الحديدة، غربي اليمن، إلى فريسة للبطالة والظروف المعيشية القاسية، في ظلّ الحرب والحصار المفروضَين على البلد، وتحوّل مناطق واسعة من الشواطئ والسواحل اليمنية إلى مسرح عمليّات عسكرية ومناطق محظورة.
وبينما يزخر اليمن، الذي يمتلك 2520 كيلومتراً من السواحل، بثروة سمكية هائلة، تزداد أوضاع آلاف الصيّادين اليمنيّين تعقيداً، في وقت تنعدم فيه المشتقّات النفطية المشغّلة لأغلب قوارب الصيد.
وأظهر تقرير اقتصادي أن 65% من الصيّادين اليمنيّين فقدوا سبل عيشهم، جرّاء الحرب المندلعة منذ مارس 2015م، والتي ألحقت أضراراً كبيرة بالقطاع السمكي، الذي يعدّ من أهمّ القطاعات في البلاد.
وأشار التقرير، إلى أن 650 ألفاً من العمّال في مجال التعبئة والتخزين والنقل في قطاع الصيد والأسماك فقدوا أعمالهم، فيما توقّفت أغلبية خدمات قطاع الأسماك في اليمن بسبب الحرب.
وفي حين رصد التقرير انخفاضاً كبيراً في الصيد التقليدي، العام الماضي، بنحو 75% في تعز والحديدة، وبما يقارب 50 % في المحافظات اليمنية الأخرى، بالمقارنة مع عام 2014م، لفت، في المقابل، إلى تزايد أنشطة الصيد غير المرخّصة وغير القانونية، والتي تستغلّ حالة الصراع والفراغ، وغياب سيطرة الحكومة والنظام الرقابي.
وأكد التقرير، الصادر عن برنامج نظام معلومات الأمن الغذائي، تضرّر الصيد التجاري الذي كان ينتج أكثر من 600 طنّ في اليوم الواحد قبل تفاقم الأزمة، وبالمثل انخفضت صادرات الأسماك بشكل ملحوظ بسبب إغلاق منافذ الشطآن، ونقاط الخروج البحرية، ومنافذ موانئ التصدير، باستثناء كمّيات بسيطة لا تُذكر تمّ نقلها بواسطة الشاحنات والحاويات من المهرة إلى عمان.
واستعرض التقرير التحدّيات الكبيرة التي تواجه تنمية القطاع السمكي في اليمن، مركّزاً، بشكل خاصّ، على نتائج الصراع الحالي على ذلك القطاع، والمتمثّلة في القيود المفروضة على الاستيراد والوصول إلى البحر، وندرة المحروقات وارتفاع أسعار الوقود والنقل و مرافق التخزين، إضافة إلى إعاقة الصراع والرقابة العسكرية، على طول الساحل، حركة الصيد بشكل كبير، حيث يتمّ استهداف قوارب الصيد، خصوصاً في محافظات الحديدة وتعز وحجّة.
نازحون أو عرضة للقصف
وتعرّض كثير من الصيّادين اليمنيّين، خلال الفترة الماضية، لعمليّات استهداف مباشرة، من طيران وبحرية "التحالف العربي" في الجزر اليمنية ومراكز الإنزال السمكي، وسقط ضحايا بينهم، بحجّة الاشتباه بقوارب تهريب أسلحة إلى الحوثيين. واستهدفت الضربات الجوّية الصيّادين وقواربهم وقراهم في السواحل الغربية، والجزر اليمنية في البحر الأحمر، وساحل أبين على بحر العرب.
وخلّفت تلك الغارات مئات الضحايا، من رجال ونساء وأطفال بسطاء ضيّق الحصار عليهم سبل الرزق، ولاحقتهم القاذفات بالقنابل والصواريخ.
ويعمل أغلب سكّان الشريط الساحلي التهامي في الصيد، إلّا أن معظمهم نزحوا من المنطقة تاركين منازلهم وأعمالهم، ومنتشرين في مناطق مختلفة بعد اشتداد الحرب، وتصاعد أعمال العنف على سواحل البحر الأحمر.
هكذا أجبرت عمليّات الاستهداف المتكررة لقوارب الصيد الصيّادين على النزوح، والبحث عن مصدر رزق آخر، لتوفير قوت أطفالهم، وتحسين ظروفهم الاقتصادية الصعبة.
وفي المناطق الآمنة نسبيّاً، يخشى كثير من الصيّادين في تهامة الإبحار لمسافات بعيدة في عرض البحر بهدف الحصول على صيد وفير، وذلك خوفاً من أن تطالهم عمليات القصف الخاطئة من قبل مقاتلات "التحالف العربي"، والتي سبق وأن راح ضحيّتها العشرات من الصيّادين في محافظة الحديدة.
ويمتد الشريط الساحلي في الحديدة حوالي 329 كيلومتراً، ابتداءاً من اللحية شمالاً إلى الخوخة جنوباً، ويضمّ 40 تجمّعاً سمكيّاً، و15 مركز إنزال سمكي.
وينتج صيّادو الحديدة كلّ عام أكثر من 22 ألف طنّ سنويّاً من مختلف الأسماك والأحياء البحرية، وهناك 43 جمعية تعاونية سمكية، منها 25 جمعية نشطة وفعّالة في المحافظة.
كارثة اقتصادية
وبخصوص الظروف الاقتصادية التي تواجه الصيادين في محافظة الحديدة؛ حذر الراصد لدى اللجنة الوطنية لرصد انتهاكات حقوق الإنسان غالب القديمي من وقوع كارثة اقتصادية تصيب الصيادين نتيجة تعرضهم لاعتداءات من قبل أطراف الحرب في اليمن.
وقال القديمي في تصريح ل"المشاهد" أن صيادي الحديدة تعرضوا لانتكاسة غير مسبوقة، نتيجة الحرب التي ضاعفت معاناتهم والمخاطر التي يتعرضون لها كاستهدافهم من قبل طيران التحالف الذي ارتكب مجازر مروعة بحق الصيادين قبالة سواحل المحافظة.
وأوضح أن معاناة الصيادين لم تقتصر على الضربات الجوية المباشرة، فثمة جريمة أخرى ارتكبها الحوثيون تتمثل في زراعة الألغام بمعظم المناطق الساحلية المأهولة بالسكان والجزر والسواحل المتاخمة للمدن بالإضافة إلى عمليات الابتزاز والنهب والمصادرة لأملاك للصيادين ومضايقتهم في لقمة عيشهم ما دفع بالكثير من الصيادين إلى التوقف عن ممارسة مهنة الصيد.
وأشار إلى أن الصيادين أصبحوا بين نارين فإما أن يمارسون مهنتهم فيصبحون ضحية لطيران التحالف وألغام الحوثيين وقوات صالح أو يظلون عاطلين عن العمل في ظل وضع إنساني وكارثي وشحة ما تقدمه المنظمات الإغاثية من مساعدات.
تراجع الإنتاج
يشير تقرير برنامج نظام معلومات الأمن الغذائي إلى أن ندرة وارتفاع تكلفة الوقود، وانعدام الأمن في المحافظات الساحلية، أثّرا بشكل كبير على ممارسات الصيد، وخفّضا حجم نتاجه في جميع أسواق المحافظات الوسطى والساحلية.
وأضاف أن تراجع الإنتاج أثّر بشكل مباشر على 50 بالمائة من الصيّادين، الذين فقدوا سبل العيش والدخل والأمن الغذائي للأسرة، ولم يعد بإمكانهم الحفاظ على رفاهية أسرهم.
ولاحظ أن كمية الأسماك المتاحة والمتوفّرة في صنعاء والمحافظات الأخرى قد انخفضت بشكل كبير، ويرجع ذلك إلى الكمية المحدودة من صيد الأسماك، والمشاكل المتعلّقة بسلامة وأمن التجّار الذين ينقلونه إلى العاصمة، بالإضافة إلى التحدّيات المتعلّقة بالتخزين والتبريد الناتجة من نقص الكهرباء والوقود.
وتترقب أنظار الصيادين بعيون حائرة كل المستجدات على الصعيد السياسي والتطورات الميدانية على مناطق المواجهات القتالية، وأملهم الوحيد أن تزول العتمة التي تسببت فيها الميليشيا الانقلابية، وأفقدتهم الآمال، سوى الانتصارات التي يحققها الجيش الوطني حاليا ليدحر هذه العصابات التي جثت على أنفاس الفقراء وزادت من قتامة الأوضاع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.