ارتفاع ضحايا قصف العدو الصهيوني لمدرستين تأويان نازحين الى 52 شهيدا    الجنوب.. معاناة إنسانية في ظل ازمة اقتصادية وهروب المسئولين    قيادي في "أنصار الله" يوضح حقيقة تصريحات ترامب حول وقف إطلاق النار في اليمن    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    هي الثانية خلال أسبوع ..فقدان مقاتلة أمريكية "F-18" في البحر الأحمر    كيف تُسقِط باكستان مقاتلات هندية داخل العمق؟    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الاربعاء 7 مايو/آيار2025    وزير الشباب ومحافظ ذمار يتفقدان أنشطة الدروات الصيفية    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    عشرات القتلى والجرحى بقصف متبادل وباكستان تعلن إسقاط 5 مقاتلات هندية    الإرياني: استسلام المليشيا فرصة تاريخية يجب عدم تفويتها والمضي نحو الحسم الشامل    الكشف عن الخسائر في مطار صنعاء الدولي    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    مكون التغيير والتحرير يعمل على تفعيل لجانه في حضرموت    إقالة بن مبارك تستوجب دستوريا تشكيل حكومة جديدة    57 عام من الشطحات الثورية.    الحوثيين فرضوا أنفسهم كلاعب رئيسي يفاوض قوى كبرى    الإمارات تكتب سطر الحقيقة الأخير    تتويج فريق الأهلي ببطولة الدوري السعودي للمحترفين الإلكتروني eSPL    في الدوري السعودي:"كلاسيكو" مفترق طرق يجمع النصر والاتحاد .. والرائد "يتربص" بالهلال    بذكريات سيميوني.. رونالدو يضع بنزيما في دائرة الانتقام    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    صرف النصف الاول من معاش شهر فبراير 2021    لماذا ارتكب نتنياهو خطيئة العُمر بإرسالِ طائراته لقصف اليمن؟ وكيف سيكون الرّد اليمنيّ الوشيك؟    طالبات هندسة بجامعة صنعاء يبتكرن آلة انتاج مذهلة ..(صورة)    بين البصر والبصيرة… مأساة وطن..!!    التكتل الوطني: القصف الإسرائيلي على اليمن انتهاك للسيادة والحوثي شريك في الخراب    بامحيمود: نؤيد المطالب المشروعة لأبناء حضرموت ونرفض أي مشاريع خارجة عن الثوابت    الرئيس المشاط: هذا ما ابلغنا به الامريكي؟ ما سيحدث ب «زيارة ترامب»!    تواصل فعاليات أسبوع المرور العربي في المحافظات المحررة لليوم الثالث    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    الكهرباء أول اختبار لرئيس الوزراء الجديد وصيف عدن يصب الزيت على النار    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 6 مايو/آيار2025    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    ودافة يا بن بريك    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    برشلونة يواجه إنتر وسان جيرمان مع أرسنال والهدف نهائي أبطال أوروبا    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عدن.. مدينة الحب والسلام ترسو على جنائز الدم
عودة شبح الاغتيالات ومسلسل التفجيرات يفزع الحالمون بالعيش ويصطاد أرواح التواقون للحياة..
نشر في أخبار اليوم يوم 30 - 11 - 2017

يعود مجدداً شبح الاغتيالات والتفجيرات في العاصمة المؤقتة عدن، جنوبي اليمن، مستهدفة بشكل أساسي قادة عسكريين وأمنيين، في وقت تحاول السلطات الأمنية تركيز وجود صلب لها في المدينة. وخلال الفترة الأخيرة استرعت عدن، المتابعين للشأن الأمني في البلد، بسبب تركيز جماعات مسلحة لعملياتها في مناطق المحافظة
لم تكد بعد تكون قد خفت وتيرتها، حتى عادت عمليات الاغتيال والتفجير وبشدة. ويوما بعد آخر تزداد هذه العمليات ضراوة، والتي إن نجا منها البعض، لكنها تحصد أرواح العشرات إما برصاصة قاتل أو عبوة ناسفة أو تفجير بعملية انتحارية يستهدف مؤسسات ومقار حكومية.
ويعيد مسلسل الاغتيالات وعمليات التفجير الإرهابية هذه إلى الأذهان، السيناريو المماثل الذي شهدته المدينة العام الماضي، بعد أن كانت تلك الجرائم، توقفت بمجرد أن بسطت السلطات الأمنية سيطرتها على المدينة، وهو ما يضع أكثر من علامة استفهام عن سبب ذلك، وفقاً لمراقبين.
عمليات اغتيال وتفجيرات يصفها كثيرون بالممنهجة، تشهدها عدن وعدد من المحافظات المحررة، زادت وتيرتها مؤخراً بشكل ملحوظ، طالت مسئولين في السلطة المحلية وتجاراً وصفوة من الضباط الأمنيين والعسكريين وقيادات في المقاومة الشعبية، ومدنيين عُزل ورجال دين وعلماء.
ووفق إحصاءات خاصة جمعها المحرر في صحيفة "أخبار اليوم"، نالت عدن النصيب الأكبر من تلك الاغتيالات، ودخلت إلى صفها- مؤخرا- محافظات اقتربت من التحرير الكامل، كمحافظة شبوة ومأرب، فبدأت ترتفع وتيرة تصفية كثير من المسئولين والفاعلين في المجتمع.
ويأتي تصاعد وتيرة الاغتيالات في اليمن وخاصة في مدينة عدن بصورة لافتة، في الوقت الذي لا تنجح فيه الأجهزة الأمنية في الكشف عن من يقف وراء هذه الاغتيالات، الأمر الذي دفع الكثير من المراقبين إلى النظر بشك واتهام للأجهزة الأمنية ذاتها لها حيال هذا الملف.
وبرز تنظيم الدولة الإسلامية في عدن باعتباره فاعلاً رئيسيا في القيام بمثل هذه الاغتيالات، لكن الكثيرين يشيرون بأصابع الاتهام لجماعة الحوثي والجهاز الأمني للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، في تسهيل هذه العمليات وتوجيهها وتقديم الدعم لها بعد دحرهم من عدن، خاصة تلك العمليات التي تستهدف المقار العسكرية والحكومية بشكل متكرر.
ويبدي متابعون شكوكهم في لعب جهات متعددة في عدن والمحافظات المجاورة دورا كبيرا في الاغتيالات وخاصة العمليات التي تستهدف شخصيات ناشطة في العمل السياسي والعسكري والحقوقي بهدف تصفيتهم وإفراغهم من الساحة.
ويرى متابعون وناشطون في تلك الاغتيالات بأنها باتت تكشف وبوضح عن مستوى تدني الأوضاع في المحافظة وتدهورها إلى درجة لا يمكن السكوت عليها. ويُطالب كثيرون الأجهزة الأمنية بعدن بالكشف السريع عن المعلومات التي تمتلكها بعد نحو عامين شهدت اغتيالات دامية تقف وراءها أطراف لا شك أن التحقيقات كشفت جانبا منها في خضم الغموض الذي تفرضه سلطات المحافظة.
ولم يتوقف مسلسل الاغتيالات الذي يطال المحافظات الجنوبية منذ أن بدأ عقب تحرير عدن من قبضة قوات الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح في منتصف عام 2015. وتنوعت عمليات الاغتيال مؤخرا في عدن ولحج وأبين، وتركز الكثير منها في مدينة عدن وبينها ما طال رجال دين ومسؤولين حكوميين وعسكريين وناشطين.
وتأتي هذه الحوادث بعد فترة توقفت فيها موجة الاغتيالات ومسلسل التفجيرات الإرهابية عقب استعادة المدينة من الحوثيين وحلفائهم في يوليو 2015. وكانت برزت مع مطلع العام 2016م إلى الواجهة عمليات الاغتيالات التي استهدفت شخصيات دينية وعلماء رجال أمن ومقاومة وشخصيات اجتماعية وسياسية في عدن.
حلقات سيناريو انتقامي
كشفت الحوادث والاختلالات الأمنية التي شهدتها محافظة عدن مؤخرا، عن مخطط فوضى كبير، للعبث بأمن واستقرار المحافظة، والانتقام من قياداتها وأبنائها، وما "الاغتيالات"، إلا إحدى حلقات هذا المسلسل الطويل.
ويقول محللون سياسيون إن عودة عمليات التفجير والاغتيالات في عدن بات أمر متوقع، وتنامي الظاهرة، في هذا التوقيت وغيابها في الأشهر الماضية، دليل كافي على أن هناك من يريد خلط الأوراق أمام الحكومة القوات حققت للحيلولة دون تحقيق أهدافها في تطبيع الحياة في المحافظات المحررة وبينها العاصمة المؤقتة عدن.
ويتهم المحللون الانقلابيين في استخدام أوراقهم، في الاغتيالات والتفجيرات، مشيرين إلى نظام المخلوع صالح "حليف الحوثيين" دأب على الاغتيالات، منذ صعوده للسلطة عام 1987، وعمد لها في كل فترات ضعفه، وفي الحروب الداخلية، وكانت إما مقدمة لحرب، أو نهاية لحرب، واستخدام تلك الورقة، في سبعينات، وثمانينات، وتسعينات القرن الماضي مع القيادات الجنوبية.
ويرى مراقبون أن القوى التي لا يخدمها مشروع التحرير وتطبيع الأوضاع في المحافظات المحررة تعمد إلى مشروع إقلاق الأمن والاستقرار في هذه المناطق؛ لإظهار أن الشرعية لم تستطع تثبيت الأمن في المدن الخاضعة لسيطرتها. واعتبروا مايحدث في محافظة عدن من اغتيالات وتفجيرات سيناريو ممنهج يستغله الطرف المستفيد منه من أجل خلق الفتنة بين بعض التيارات في المقاومة والمكونات.
إرباك المشهد
عادت عمليات الاغتيالات مجددا، وبشكل غير مسبوق، في مدينة عدن، جنوبي اليمن، بعد أن كانت تقلصت حدتها بشكل ملحوظ، مع عودة الدولة، واستقرار الحكومة في عاصمتها المؤقتة، وكذا نشاط الأجهزة الأمنية، التي تمكنت من القبض على عشرات المتهمين بالضلوع في تلك الجرائم.
وفيما يرجع مراقبون ذلك إلى ضعف الأداء الأمني في المحافظة الذي بدوره أعاد عمليات الاغتيالات في المحافظة. يتوقع متابعون أن تتسع دائرة الاغتيالات خلال المرحلة المقبلة، لافتين إلى أن ما حدث في الأسابيع الماضية كان نتيجة طبيعية للشحن وتبادل التهم بين مكونات سياسية وفي المقاومة، بالعمل لحساب أطراف أخرى، داخلية وخارجية.
وتتعالى حدة مطالب أبناء المدينة المتكررة للسلطة المحلية وللأجهزة الأمنية بالتحرك، لوضع حد لهذا الدم. وينوه مراقبون إلى استغلال أطراف أخرى في صفوف الانقلابيين لخارطة الخلافات بين بعض المكونات السياسية والحكومة الشرعية، وتنفيذ عمليات بغرض الإيقاع بها، وتوسيع دائرة الخلاف. وكانت العاصمة المؤقتة عدن شهدت عمليات تفجير واغتيال يعتقد أن لها مغزى سياسي لأحد الأطراف في الصراع ك صالح وشركائه، وكان ملف الاغتيالات هو الأبرز.
ويفسر مراقبون تصاعد أعمال الاغتيال، بوجود خلايا نائمة تتبع مليشيا الانقلاب لإرباك المشهد في المحافظة وزعزعة الأمن في المناطق المحررة بعد أن خسرتها المليشيا عسكرياً. ودعا المراقبون إلى سرعة تفعيل دور الأجهزة الأمنية في المحافظات المحررة والعمل على التنسيق بين كل الأجهزة الأمنية والعسكرية لضبط الأمن ومنع مثل هذه الجرائم التي باتت تتصاعد في مشهد يومي يسعى من خلاله الانقلابيون إلى تشويه صورة المقاومة والسلطة الشرعية.
محاولة يائسة لوأد الدولة
في الأسابيع الماضية استرعت محافظة عدن، جنوبي اليمن، المتابعين للشأن الأمني في البلد، بسبب تركيز جماعات مسلحة لعملياتها في مناطق هذه المحافظة محاولة أن تجعل منها مقرا بديلا لمحافظة أبين لتنفيذ عملياتها حيث كان قد مني فيها بهزيمة قاصمة على أيدي القوات الحكومية المدعومة من قبل التحالف العربي، وفقاً لمراقبين يؤكدون أن التنظيمات الإرهابية تحاول تركيز وجود صلب لها في اليمن مستغلة واقع الحرب التي يشهدها البلد بين القوات الحكومية ومليشيا المتمرّدين الحوثيين المتحالفين مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
ورغم تلك الحرب تصرف القوات الحكومية جزءا من مجهودها لمقارعة التنظيمات الإرهابية يدعمها في ذلك التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، وأيضا الولايات المتحدة التي لم تنقطع طائراتها المسيرة عن توجيه ضربات مركّزة تستهدف بشكل خاص العناصر البارزة في تنظيم القاعدة وقياداته الميدانية في اليمن.
وبحسب خبراء في شئون الجماعات الإرهابية فقد كان لإحكام القوات الحكومية سيطرتها على محافظة أبين أن مثّل أحد أكبر الإنجازات على صعيد مواجهة التنظيم المتشدّد على الأراضي اليمنية.
وتشهد المحافظات المحررة، عمليات اغتيال ممنهجة وتفجيرات، طالت رجال أمن، ومسئولين في الدولة، وقيادات في بعض الأحزاب، وبعض قادة المقاومة الشعبية، ومدنيين عُزل. ونالت عدن النصيب الأكبر من تلك الاغتيالات، ودخلت إلى صفها- مؤخرا- محافظات اقتربت من التحرير الكامل، كمحافظة شبوة ومأرب، فبدأت ترتفع وتيرة تصفية كثير من المسئولين والفاعلين في المجتمع.
ويعيد مسلسل الاغتيالات والتفجيرات التي تشهدها محافظة عدن، إلى الأذهان السيناريو المماثل الذي شهدته صنعاء، إبان رئاسة رئيس الوزراء الأسبق لحكومة الوفاق الوطني، محمد باسندوة، والتي استمرت منذ أواخر 2011، وحتى سقوط الدولة في سبتمبر/أيلول 2014، لكن تلك الجرائم الممنهجة توقفت بمجرد سيطرة الانقلابيين على العاصمة، وهو ما يضع علامة استفهام عن سبب ذلك.
ويتهم عديد من المسؤولين والسياسيين اليمنيين، الانقلابيين بالوقوف وراء عمليات الاغتيال تلك، سعيا لإفشال مساعي الحكومة الشرعية في تطبيع الحياة في الأراضي المحررة، ولإعاقتها عن التقدم باتجاه صنعاء، واستعادة الدولة.
وعن أسباب تنامي ظاهرة الاغتيالات في المناطق المحررة، يقول محللون سياسيون، إن حكم المخلوع علي عبدالله صالح لليمن ثلاثة عقود ونيف، جعلت له أذرع ومخالب كثيرة فيها، وأنه يستخدم الآن أدواته تلك؛ للعمل على إقلاق الأمن والسكينة فيها، لتكون ورقة رابحة يستخدمها أمام المجتمع الدولي، لإثبات أن الشرعية عاجزة عن تحقيق الاستقرار في المناطق المحررة، وأنه حين خرج منها انتقلت إلى حضن الفوضى والإرهاب.
مشيرين إلى أن هناك الكثير من التنظيمات المتطرفة، التي كانت قد سيطرت على بعض المناطق والمحافظات، حتى جاءت قوات الشرعية وخلصت المجتمع منها، وهي تنتقم من ما تعرضت له من ضربات موجعة، وتحاول أن تحقق أي اختراق في جدار الشرعية، على أمل العودة من جديد.
ويرون أنه أن من الطبيعي أن تتعرض اليمن ل"هزات أمنية كثيرة"، كونها تعيش مرحلة انتقالية، وعاشت حربا مدمرة، مع عدو عنصري لا مبادئ عنده أو قيم، ولا يتورع عن ارتكاب الجريمة في أي وقت وزمان، طالما وهي تحقق له بعض أهدافه.
وفي اعتقاد مراقبين فإنه لا يمكن تفسير ظاهرة الاغتيالات، بمعزل عن الإرهاب والجريمة السياسية المنظمة في اليمن، والتي كانت ملازمة للدولة، التي تخلق نظامها السياسي من خارج بينة النظام السابق، وأن العمليات الإرهابية، هي إحدى أدوات الانقلاب والثورة المضادة، كونها حدثت مع انتقال مشروع الدولة من صنعاء إلى عدن.
ويشدد متابعون على ضرورة اليقظة الأمنية والاستخباراتية رفيعة المستوى، من قِبل القوات الشرعية، والتي يجب أن تكون بعيدة عن بيئة النظام السياسي السابق الذي أطاحت به الثورة الشبابية. وتشير تقارير إلى أن غياب الدولة والبنية الاقتصادية الهشة للبلاد والصراع السياسي الذي استخدمته التنظيمات الإرهابية كورقة رابحة زاد من تدفق الأموال من الخارج إليه، يمثل سبباً رئيسياً في فشل جهود مكافحته.
ويرى مراقبون أن القضية الأمنية أولوية مقدمة على ما سواها من الأمور الأخرى، وبالأمن يستقيم عود الحياة، وبدونه يبقى كل شيء عرضة للاضمحلال والفناء. مشيرين إلى أن الاغتيالات التي تشهدها عدن، والمحافظات المحررة، لا تأتي صدفة، ولا هي مجرد أعمال عابرة فحسب، لكنها تمثل جزءًا من الحرب القذرة التي أشعلها الانقلابيون، ولم تنطفئ نارها.
وفيما أكد المراقبون أنه بمقدور الأجهزة الأمنية احتواء مثل هذه الأمور متى ما توفرت لها الإمكانيات اللازمة. دعوا الحكومة الشرعية لأن تكون أكثر جدية في التعاطي مع هذا الملف، وإلا تكتفي بعقد اللقاءات والمشاورات، كون الأمر خطير جدا والسكوت والتغاضي عن مثل هذه الجرائم والتعامل مع الدماء التي تراق بشكل شبه يومي، بنوع من التسويف والمماطلة في اتخاذ الإجراءات، من شأنه تشجيع مثل هذه الجماعات على حصد المزيد من الأرواح.
أميركا في طريق الدم
منذ عام 2002، تواصل الولايات المتحدة برنامجا خاصا لمحاربة الإرهاب في اليمن، على إثر استهداف تنظيم القاعدة مدمرتها البحرية الشهيرة "يو إس إس-كول" قبالة شواطئ عدن، جنوب اليمن، عام 2000. ومع بداية العام الحالي 2017، تطورت العمليات الأمريكية لتصل إلى تنفيذ محاولات اعتقال مشفوعة بقتل الأبرياء، عبر عمليات إبرار جوية مسنودة بهجمات لطائرات مروحية ودعم طائرات دون طيار(الدرونز)، كما حدث في بلدة "يكلا" الصغيرة بمحافظة البيضاء وسط اليمن، في 29 يناير/كانون الثاني 2017، التي سنفرد لها محورا خاصا.
وفقا لبيان أصدرته وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) في الأسبوع الأول من مارس/آذار 2017، شن الطيران الأمريكي، خلال بضعة أيام، 30 غارة على معاقل جماعة أنصار الشريعة التابعة لتنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب باليمن، شملت ثلاث محافظات، هي: البيضاء، وأبين، وشبوة. الأمر الذي كشف عن تحول كمي ونوعي غير مسبوق في مواجهة التنظيم منذ بدء هذا البرنامج عام 2009، خصوصا إذا ما علم أن الإجمالي السنوي للغارات في العامين 2012 و 2016، بلغ على الترتيب 41 و 38 غارة جوية.
يقول الخبير العسكري/ علي الذهب مع أن هذا التحول بدا عنيفا، إلا أنه أصبح مسألة غير قابلة للتأجيل من وجهة نظر الإدارة الأمريكية تجاه ما تعده أخطر الشبكات الإرهابية المهددة للأمن القومي الأمريكي وحلفائها في المنطقة، الذين مثلت اليمن بالنسبة لهم، ساحة بديلة لطرد متطرفي بلدانهم إليها، في ظل سيادة مشهد إقليمي مكتظ بالجماعات المتطرفة، ابتداء من غرب آسيا حتى شرق وشمال إفريقيا؛ لذلك كان القصد من هذه الهجمات – على ما يبدو – حرمان التنظيم من القيام بعمليات إرهابية متوقعة، بالتنسيق مع بعض تلك الجماعات.
كانت أولى مؤشرات تحول السياسة الأمريكية تجاه القاعدة في اليمن، العملية العسكرية التي استهدف بها الجيش الأمريكي بلدة "يكلا" بمحافظة البيضاء، وسط اليمن، في 29 يناير/كانون الثاني 2017، التي نفذت بالتعاون مع القوات المسلحة الإماراتية، التي سبق أن لعبت دورا مماثلا إلى جانب قوات من الجيش اليمني في استعادة مدينة المكلا من قبضة أنصار الشريعة، في إبريل/نيسان 2016.
وبحسب علي الذهب، وهو باحث استراتيجي في الشئون العسكرية، كان الملفت في تلك العملية، أنها جاءت بعد تسعة أيام فقط، من خطاب الرئيس الأمريكي الجديد "دونالد ترامب"، الذي ألقاه أثناء حفل تنصيبه في 20 يناير/كانون الثاني 2017، وتوعد فيه بنسف ما وصفه ب"التطرف الإسلامي"، فكانت العملية، كما يبدو، ترجمة لذلك الخطاب، ولتكون مفتتحا لمعركة جديدة مع الإرهاب يغلب عليها طابع الإثارة والانتهازية، كأبرز صفتين لترامب نفسه.
يقول الذهب: لقد كشف الحشد الكبير لعملية "يكلا"، وما تلاها من تكثيف ملفت للهجمات الجوية، أن الإدارة الأمريكية تحاول، إلى جانب أهدافها الآنية المرصودة، التحرر من خيبة الأمل التي خلفتها معاركها الطويلة والمنهكة مع التنظيم، ولتؤكد أن الإرهاب تهديد يمس الأمن القومي الأمريكي، بدرجة أولى، لا الأمن الدولي والإقليمي فقط. وأن التحول في المواجهة ما هو إلا امتداد مطور لجهود إدارة أوباما، التي لم تكن الطائرات بلا طيار تبرح المجال الجوي اليمني طيلة السنوات الخمس الماضية من ولايته.
ويعتقد باحثون أن العمليات العسكرية ضد القاعدة شابها كثير من الاستغلال ما أضعف جديتها بعكس الحرب ضد القاعدة في 2012 بعد الثَّورة السلمية (2011). فقبل هذا التاريخ استغل نظام الرئيس اليمني السابق التنظيم لزيادة نفوذه أو للمزايدة من أجل الحصول على تدريب للقوات التي يقودها نجله.
وتتطرق دراسة حديثة صدرت عن وحدة الاستراتيجيات في مركز أبعاد للدراسات إلى تحولات الدور الأمريكي الجديد في اليمن حيث وصل دونالد ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية عاقداً العزم على التخلص من الجماعات الإرهابية التي تهدد الأمن القومي لبلاده، ويأتي تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب في مقدمة تلك التهديدات، ولذلك صعدت الإدارة الجديدة من عملياتها في اليمن بشكل سريع وقوي.
وتشير الدراسة إلى الأهداف الأمريكيَّة الجديدة في اليمن المتمثلة بمواجهة تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب إضافة إلى مواجهة التمدد الإيراني وإعادة العلاقات مع دول الخليج العربي لذلك زادت من دعمها لعمليات التحالف العربي المواجهة للحوثيين.
وتظهر مؤشرات التحول الأمريكي من خلال رصد تقدمه الدراسة ل100 اليوم الأولى من نشاط إدارة ترامب في اليمن، وهو ما يعدل ولاية أوباما كاملة، كما أن الهجوم البري الأمريكي على قرية وسط اليمن وقتل عشرات المدنيين دون تحقيق أهداف يشير بوضوح إلى فشل أولي لما تريد إدارة ترامب تحقيقه، ويكشف نشاط المائة يوم الأولى بعد الهجوم على تلك القرية أن هناك تنسيقاً خلفياً مع أجهزة مخابرات مازالت موالية للرئيس اليمني السابق أو الحوثيين من أجل تحقيق الأهداف الأمريكيَّة في البلاد.
ويوضح الخبير العسكري/ علي الذهب أنه في المحصلة المفترضة، يظل نهج أمننة الإرهاب، عاجزا بمفرده عن التأثير في هذا المعترك المعقد، كما قد تكون نتائجه عكسية.. ولو كان هذا الأسلوب ناجعا، لكان الإرهاب في اليمن قد لفظ أنفاسه منذ سنوات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.