بعد ساعات من إعلان جماعة الحوثيين، يوم الخميس الحادي عشر من يناير الجاري، إطلاق صاروخ باليستي باتجاه معسكر للقوات السعودية في منطقة نجران السعودية الحدودية مع اليمن، أكد التحالف العربي اعتراض الدفاعات الجوية السعودية للصاروخ، متهماً إيران بالاستمرار بدعم الجماعة ب“قدرات نوعية“. ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن المتحدث باسم التحالف العربي، العقيد تركي المالكي، قوله إنه “في تمام الساعة الخامسة وإحدى وثلاثين دقيقة من مساء الخميس، رصدت قوات الدفاع الجوي عملية إطلاق صاروخ باليستي من قبل المليشيات الحوثية الإيرانية من محافظة عمران داخل الأراضي اليمنية باتجاه أراضي المملكة“. وذكر المالكي أن “الصاروخ كان باتجاه مدينة نجران، وتم إطلاقه بطريقة مُتعمدة لاستهداف المناطق المدنية والآهلة بالسكان“، وقد تم اعتراضه وتدميره، دون خسائر، معتبراً أن ما أسماه ب“العمل العدائي من قبل الجماعة الحوثية المدعومة من إيران يثبت استمرار تورط دعم النظام الإيراني بدعم الجماعة الحوثية المسلّحة بقدرات نوعية، في تحدٍّ واضح وصريح لخرق القرار الأممي (2216) والقرار (2231) بهدف تهديد أمن المملكة العربية السعودية وتهديد الأمن الإقليمي والدولي“. ودعا متحدث التحالف المجتمع الدولي ل“اتخاذ خطوات أكثر جدية وفعّالة“ لوقف ما وصفه ب“الانتهاكات الإيرانية السافرة باستمرار تهريب ونقل الصواريخ الباليستية والأسلحة للجماعات الإرهابية والخارجة عن القانون“، على حد قوله. وأعلنت الجماعة، في وقت سابق الخميس، إطلاق الصاروخ الباليستي، إذ نقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية، بنسختها التي يديرها الحوثيون، عن مصدر عسكري، أن القوة الصاروخية أطلقت صاروخاً باليستياً من نوع “قاهر M2″، على معسكر للقوات الخاصة ومرابض طائرات الأباتشي في منطقة نجران. وقال المصدر إن الصاروخ “أصاب هدفه بدقة“، فيما أكد التحالف اعتراضه. منظومة دفاع جوي وفي تطور عسكري لافت، أعلن الحوثيون إدخال منظومة صواريخ جديدة تستهدف الطائرات، وكشفوا أن “وحدة الدفاع الجوي اليمنية استعادت قدراتها وأصبحت أقوى وأقدر على المواجهة والتصدي لسلاح الجو المعادي”، في وقت كثّف طيران التحالف من ضرباته على العاصمة صنعاء للمرة الأولى، بعد أكثر من ألف يوم على انطلاق عمليات التحالف العربي بقيادة السعودية، تعلن جماعة الحوثيين، عن إدخال صواريخ دفاع جوي تستهدف الطائرات، في تطور يمكن أن يمثّل تحولاً هاماً في مسار الحرب الدائرة في البلاد، ويتيح فرض معادلة عسكرية جديدة في حرب اليمن، بعد أن كان الدفاع الجوي بمثابة نقطة الضعف الأبرز، التي جعلت الحوثيين وحلفاءهم، مكشوفين أمام ضربات التحالف، منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، لكنهم اليوم يقولون إنهم أصبحوا قادرين على استهداف الطائرات. وأعلن الحوثيون، الأربعاء، عن إدخال منظومة صواريخ أرض – جو جديدة، إلى ميدان المعركة، وأنها “مطورة محلياً بخبرات وكفاءات وطنية بحتة”. مشيرين، إلى أن المنظومة تمكنت الأيام الماضية، من إسقاط طائرة حربية تابعة للتحالف من طراز “تورنيدو” في محافظة صعدة، كما تمكّنت من إصابة مقاتلة حربية أخرى نوع F-15، في سماء العاصمة صنعاء. وكان التحالف اعترف بسقوط الأولى، وقال إنه أنقذ طياريها، إلاّ أنه لم يصدر تعليقاً بالنفي أو التأكيد، على الطائرة الأخرى، التي عرضت الجماعة مقطع فيديو قالت إنه يوثّق استهدافها في سماء صنعاء. ووفقاً للبيان الصادر عن القوات الجوية والدفاع الجوي الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن وحدة الدفاع الجوي اليمنية، “وعلى الرغم من تعرّضها للتدمير ومحاولة إخراجها عن الخدمة، قد استعادت قدراتها تدريجياً وأصبحت أقوى وأقدر على المواجهة والتصدي لسلاح الجو المعادي”، وتعهّدت بأنها “ستضاعف الجهود على المستويات كافة وبكل الوسائل المتاحة ومواصلة التطوير، حتى تتحقق القدرة الوطنية الواجب امتلاكها”، لمواجهة ما وصفته ب”العدوان الغاشم”، مضيفةً أن ما تمتلكه وما تسعى لامتلاكه من سلاح جوي وقدرات دفاعية “حق مكفول” لكل الشعوب. وتعدّ هذه المرة الأولى التي يعلن فيها الحوثيون عن إدخال منظومة صواريخ دفاع جوي إلى العمل، فيما أكدت مصادر قريبة من الجماعة في صنعاء، أن “جهود تشغيل منظومة الدفاع الجوي، كانت منذ بدء العمليات العسكرية للتحالف، الهم الأول الشاغل لعسكريي الجماعة”، والذين سعوا إلى تفعيل منظومات الدفاع الجوي اليمني التقليدية التي كانت شبه معطلة مع بدء عمليات التحالف، وتعرّضت مواقعها لقصف جوي مكثف، أكثر من مرة. تصعيد التحالف وبعد ساعات من إعلان الحوثيين عن إدخال منظومة صواريخ أرض – جو، صعّدت مقاتلات التحالف من ضرباتها الجوية في العاصمة صنعاء، وقصفت معسكر “الاستقبال” الواقع شمال العاصمة، وتحديداً في منطقة “ضلاع همدان”، بأكثر من 30 غارة جوية. ولم تستبعد مصادر محلية في العاصمة، أن يكون القصف، مرتبطاً بإعلان الحوثيين عن المنظومة، بحال كان لدى التحالف، اعتقاداً أن المواقع المستهدفة لها علاقة بالصواريخ التي تم الإعلان عنها. من جهة أخرى، فُسرت الضربات الجوية بأنها استفزاز للحوثيين للكشف عن منظومتهم، التي قال الحوثيون إنها استهدفت طائرتين بأقل من 24 ساعة، خلال الأسبوع الجاري. مسارات جديدة وفي ظلّ اعتماد قوات التحالف على المقاتلات الحربية، يمكن لدخول منظومة دفاع جوي تهدّد طائرات التحالف، أن يمثّل تحولاً محورياً في مسار المعركة، الأمر الذي يعتمد على مدى قوة وفاعلية الصواريخ التي أعلن عنها الحوثيون، باستهداف الطائرات، خصوصاً أنها في كل الأحوال، وكما يقول خبراء عسكريون، لن تكون قادرة على القيام بمهام الدفاعات الجوية الحديثة التي تمتلكها الدول، بقدر ما تكون قادرة على الوصول إلى بعض الطائرات، وتعتمد على الأرجح، تقنية تطوير صواريخ (سام – أرض – جو)، التي كانت بحوزة الجيش اليمني، ووقعت في أيدي مسلحي الجماعة. ومنذ الساعات الأولى لعملياته في اليمن في 26 مارس/آذار 2015، تمكّن التحالف من تعطيل القوات الجوية اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون وحلفاؤهم بشكل كامل، كما استهدف مختلف مواقع الدفاع الجوي التي استخدمت في الأشهر الأولى الدفاعات الأرضية (مضادات الطائرات)، بدون جدوى في الوصول إلى المقاتلات الحربية، لتتوقّف عن استخدامها في وقتٍ لاحق. وثائق سرية وقبل نحو عشر سنوات، كان هناك صواريخ مضادة للطائرات منتشرة حتى خارج حوزة الأجهزة الرسمية، إلاّ أنّ الولاياتالمتحدة الأميركية مارست ضغوطاً على السلطات اليمنية لتدمير وبيع صواريخ دفاع جوي، بمبرّر أنها تمثّل تهديداً للطائرات الأميركية بدون طيار، والتي بدأت التحليق وتنفيذ ضربات جوية في اليمن بعد هجمات 11 سبتمبر /أيلول 2001. إلاّ أن الضربات الأميركية، دخلت مرحلة جديدة منذ أواخر العام 2009. ووفقاً لوثائق “ويكيليكس” المسربة في سنوات سابقة، قام خبراء أميركيون بالإشراف على تعطيل منظومات الدفاع الجوي، مقابل تعويضات للحكومة اليمنية، إذ جرت عملية تدمير الصواريخ بين عامي 2004 و2007. وأشارت إحدى الوثائق إلى أن وزارة الدفاع اليمنية أنكرت امتلاكها مزيداً من الصواريخ، إلاّ أنها وفقاً لمسؤول آخر، كانت تحتفظ بها، وتطالب بمنظومة دفاع جوي حديثة مقابل تسليمها. ويبدو أن عملية تعطيل الدفاع الجوي اليمني وإخراجها عن الجاهزية، استمرت خلال المرحلة الانتقالية، وهو ما أشار إليه البيان الصادر عن الحوثيين. إذ ذكر أنّ “وحدة الدفاع الجوي للجمهورية اليمنية، رغم تعرّضها للتدمير ومحاولة إخراجها عن الخدمة من قبل رموز العمالة والخيانة خدمة لأسيادهم الصهاينة، قد استعادت قدراتها تدريجياً”. الجدير بالذكر، أن الحوثيين وعلى الرغم من الضربات الجوية الكثيفة منذ نحو ثلاث سنوات، تمكنوا من تحقيق مفاجآت عسكرية، كان أبرزها، إعادة منظومة الصواريخ البالستية إلى العمل، بما فيها تلك التي استهدفت العاصمة السعودية الرياض في الأشهر الأخيرة، قاطعةً مدى غير مسبوق، أو معروف لدى الجيش اليمني بامتلاكه. وقال التحالف إن إجمالي الصواريخ التي استهدفت السعودية حتى اليوم بلغ 86 صاروخاً بالستياً. وكان التحالف أعلن بعد 27 يوماً من انطلاق عملياته في اليمن وتحديداً في أبريل/نيسان 2015، أنه تمكّن من حدّ خطر الصواريخ البالستية. وبعد أشهر من إعلانه، عادت تدريجياً إلى أرض المعركة، بل وتطورت بشكل ملحوظ. وهو ما يشير إلى سعي الحوثيين المستمر لتطوير قدراتهم العسكرية، ومنها الدفاع الجوي. كما أعلنت الجماعة العام الماضي عن “طائرات بدون طيار”، وقالت إنها ستكون قادرة على القصف. ويبقى الدفاع الجوي، الذي يمثّل تهديداً للطائرات، تحوّلاً هو الأهم، إذا ما أثبت فاعلتيه في المرحلة المقبلة. إسقاط طائرتين وتهديد الحدود في الوقت الذي يحاول الحوثيون وقف الانهيارات في صفوفهم وتصعيدهم أخيراً هجماتهم باتجاه الحدود السعودية، حقّقت الجماعة انتصاراً سياسياً، تمثّل بالاجتماع الذي عقدته قيادات “المؤتمر” الموجودة في صنعاء وموقفها الذي صبّ بخدمة الحوثيين، في ظلّ عودة جهود الأممالمتحدة للسلام. وفي تطور لافتٍ، أعلن الحوثيون استهداف طائرتين حربيتين تابعتين لدول التحالف، الأولى سقطت يوم الأحد الماضي في منطقة “كتاف”، بمحافظة صعدة الحدودية مع السعودية، واعترف التحالف بسقوطها، لكنه أرجع أسباب ذلك إلى “خلل فني” وأعلن عن تنفيذ عملية لإنقاذ طياريها، والثانية، الاثنين الماضي، إذ أعلن الحوثيون أنهم أصابوا طائرة من نوع F-15 في أجواء صنعاء، قالوا إنها سقطت، قبل أن يتراجعوا في وقت لاحق معلنين إصابتها. ومنذ بدء عمليات التحالف بقيادة السعودية في مارس/ آذار 2015، يعدّ الدفاع الجوي نقطة الضعف الأبرز بالنسبة للحوثيين وحلفائهم، إذ لم يفقد التحالف سوى عدد محدود من الطائرات على الرغم من العدد الكبير من الضربات الجوية وطول أمد الحرب التي تقترب من ثلاث سنوات. ومن غير المؤكد ما إذا كان الحوثيون قد استطاعوا بالفعل إطلاق صواريخ قادرة على الوصول للطائرات. إلّا أنّ مصادر يمنية قريبة من الجماعة، أكدت ل”العربي الجديد”، أن الحصول على أسلحة أو تطوير صواريخ قادرة على استهداف الطائرات، من أبرز أولويات الجماعة، التي أعلنت خلال الحرب عن تطوير صواريخ بالستية وطائرات بدون طيار (تجسسية بالغالب)، إلّا أن ما يتعلق بالدفاعات الجوية لا يزال محلّ شكوك من قبل المتابعين. وبالتزامن، صعّد الحوثيون أخيراً هجماتهم باتجاه الحدود السعودية، حيث أعلنت الجماعة، رصد مقتل ستة جنود سعوديين وإصابة خمسة آخرين (اعترفت وسائل إعلام سعودية بسقوط أعداد منهم)، خلال مواجهات وعمليات قنص لمسلحي الجماعة في المناطق الحدودية، وتحديداً على حدود محافظة صعدة وإلى جانبها حجة (شمالي غرب)، من الجانب اليمني، ومناطق عسير وجيزان ونجران من الجانب السعودي. وشمل التصعيد إطلاق صاروخ بالستي على الأقل، يوم الجمعة الماضي، استهدف وفقاً للحوثيين، معسكر “قوة الواجب” في نجران، وأعلن التحالف في المقابل اعتراض الصاروخ.