مصادر: العليمي يوجه الشؤون القانونية باعتماد قرارات أصدرها الزُبيدي    الحديدة.. مليشيا الحوثي تقطع الكهرباء عن السكان وتطالبهم بدفع متأخرات 10 أعوام    إسرائيل تسلمت رفات أحد الاسرى المتبقين في غزة    إسرائيل تسلمت رفات أحد الاسرى المتبقين في غزة    هالاند يقود النرويج لاكتساح إستونيا ويقربها من التأهل لمونديال 2026    الرئيس عون رعى المؤتمر الوطني "نحو استراتيجية وطنية للرياضة في لبنان"    تسجيل أربعة أحداث زلزالية في المياه الإقليمية اليمنية    قراءة تحليلية لنص "فشل ولكن ليس للابد" ل"أحمد سيف حاشد"    الرياض.. توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز الطاقة في اليمن بقدرة 300 ميجاوات بدعم سعودي    جرحى الجيش الوطني يواجهون الإهمال ويطالبون بالوفاء    قبائل بني نوف في الجوف تُعلن النفير العام والجهوزية لمواجهة الأعداء    تعادل الامارات مع العراق في ذهاب ملحق المونديال    عدن.. البنك المركزي يغلق منشأة صرافة    صنعاء.. البنك المركزي يوجه المؤسسات المالية بشأن بطائق الهوية    شرطة العاصمة: نسبة الضبط تجاوزت 91% .. منها 185 جريمة سرقة    الرئيس المشاط يعزي رئيس مجلس النواب    أغلبها استقرت بمأرب.. الهجرة الدولية تسجل نزوح 90 أسرة يمنية خلال الأسبوع الماضي    طائرة الاتفاق بالحوطة تتخطى تاربة في ختام الجولة الثانية للبطولة التنشيطية لكرة الطائرة بوادي حضرموت    جوم الإرهاب في زمن البث المباشر    الغرابي.. شيخ قبلي متهم بالتمرد وارتباطات بشبكات تهريب في حضرموت والمهرة    "إيني" تحصل على حق استغلال خليج السويس ودلتا النيل حتى 2040    استهداف العلماء والمساجد.. كيف تسعى مليشيا الحوثي لإعادة هندسة المجتمع طائفيًا؟    صنعاء: تحذيرات من 3 ليالي صقيع    وزير الصناعية يؤكد على أهمية تمكين المرأة اقتصاديا وتوسيع مشاركتها في القطاعات التجارية    غموض يلف حادثة انتحار مرافِق المخلافي داخل سجنه في تعز    اتحاد كرة القدم يحدد موعد الدوري اليمني للدرجة الأولى والثانية ويقر بطولتي الشباب والناشئين    تدشين حملة رش لمكافحة الآفات الزراعية لمحصول القطن في الدريهمي    القصبي.. بين «حلم الحياة» و«طال عمره» 40 عاما على خشبة المسرح    وداعاً للتسوس.. علماء يكتشفون طريقة لإعادة نمو مينا الأسنان    عدن.. انقطاعات الكهرباء تتجاوز 15 ساعة وصهاريج الوقود محتجزة في أبين    شبوة:فعالية تأبينية مهيبة للإعلامي والإذاعي وكروان التعليق الرياضي فائز محروق    جراح مصري يدهش العالم بأول عملية من نوعها في تاريخ الطب الحديث    الذهب يهبط من أعلى مستوياته في 3 أسابيع    ريال مدريد يختصر اسم "البرنابيو" ويحوله إلى ملعب متعدد الأغراض    مناقشة آليات توفير مادة الغاز المنزلي لمحافظة البيضاء    واشنطن تكشف عن التنازلات التي قدمها الشرع في البيت الأبيض    وزير الصحة: اليمن يواجه أزمات مركبة ومتداخلة والكوارث المناخية تهدد الصحة العامة فيه    اول موقف من صنعاء على اعتقال الامارات للحسني في نيودلهي    حل الدولتين في فلسطين والجنوب الغربي    لماذا قتلوا فيصل وسجنوا الرئيس قحطان؟    عدن تعيش الظلام والعطش.. ساعتان كهرباء كل 12 ساعة ومياه كل ثلاثة أيام    قضية الجنوب: هل آن الأوان للعودة إلى الشارع!    تدشين منافسات بطولة الشركات لألعاب كرة الطاولة والبلياردو والبولينغ والبادل    جروندبرغ يقدم احاطة جديدة لمجلس الأمن حول اليمن 5 عصرا    الإعلان عن القائمة النهائية لمنتخب الناشئين استعدادا للتصفيات الآسيوية    القرود تتوحش في البيضاء وتفترس أكثر من مائة رأس من الأغنام    حضرموت.. تُسرق في وضح النهار باسم "اليمن"!    احتجاج على تهميش الثقافة: كيف تُقوِّض "أيديولوجيا النجاة العاجلة" بناء المجتمعات المرنة في الوطن العربي    وزير الإعلام الإرياني متهم بتهريب مخطوطات عبرية نادرة    الواقع الثقافي اليمني في ظل حالة "اللاسلم واللاحرب"    ارشادات صحية حول اسباب جلطات الشتاء؟    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    5 عناصر تعزّز المناعة في الشتاء!    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حصدت أرواح عدد كبير من أبناء المنطقة وحملت مخلفاتها سرطان الدم ..شركات نفطية تجلب الموت إلى منطقة الضليعة بحضرموت وسط تساهل السلطة
نشر في أخبار اليوم يوم 28 - 07 - 2009

"شبح الموت يلاحق أبناء الضليعه" عنوان عبر به بحث عن وجع الجرح الدامي وعمق المعاناة الجماعية لأبناء الضليعة بمحافظة حضرموت وتعبيرا عن صرخة أرض وشعب مهدد بالموت بين لحضةٍ وأخرى بعد أن أضرت به الشركات النفطية وتغاضت الحكومة.
البحث الذي أعده الباحث/ عبدالله سعيد سالم باكرشوم والذي خرج بعشرين صفحة من القطاع الصغير كشف عن حجم المعاناة والمأساة التي يعيشها أبناء الضليعة والتي كانت أحلاماً جميلة قبل مجيء الشركات النفطية الا أن القدر ذهب بها بعيدا واستبدلت تلك الأحلام بركام ومخلفات الشركات السامة والقاتلة والتي أصبحت تهدد حياة المواطنين.
بدأ البحث بمدخل عاطفي إنساني بحت حيث قال :" أكثر من الإيدز يقلق المواطنين في العديد من المناطق بحضرموت كابوس فضيع، إنه التلوث الذي تخلفه العمليات الاستكشافية التي تقوم بها الشركات النفطية العاملة في مواقع متفرقة بمحافظة حضرموت ومنها الضليعة التي يعايش الأهالي الكارثة كيومياتهم، ويعيشون المأساة بتفاصيلها المرعبة. . حيث يتم رمي مواد كيماوية من مخلفات عمليات الحفر، حول آبار المياه وعلى جنبات الطرق وفي كل مكان والنتيجة إصابات عديدة ب ( لوكيميا الدم الحادة ) الذي يفضي إلى الموت المؤكد.
لا ندري ما هي الأسباب الحقيقية التي تدفع معظم الشركات النفطية التي تعمل في مجال الحفر والتنقيب عن النفط في بلادنا إلى أن تتعمد عدم الالتزام بالاتفاقيات المبرمة بينها وبين الحكومة اليمنية، ولكن قد يكون السبب الحقيقي خلف ذلك غياب هيبة الدولة وعدم وجود مسئولين يعملون بنية صادقة وبروح المسؤولية من أجل مصالح المواطنين وما يحفظ أرواحهم وحقوقهم الآدمية.
رغم صراخ الأهالي المفجوعين بالكارثة. . . وفي ظل صمت الجهات المسئولة في الدولة. لم يعد الأمر مجرد حالات إصابة بمرض عابر إنه وباء، ربما لم يجانب الصواب من اعتبره طاعون العصر. إنما ما يحدث هو عملية قتل شنيعة، يمارسها القائمون على الشركات النفطية وسط تغاضى ولا مبالاة بعض المعنيين الرسميين في الحكومة.
وبدأ البحث حريصا على معرفة أسباب إهمال هذه القضية الإنسانية وأسباب فشل كل التوجيهات التي تصدر بدفن هذه المخلفات السامة والتي يذهب ضحيتها العشرات يوميا، متسائلا : لماذا لم تتخذ الحكومة الإجراءات اللازمة للتخلص من هذا المرض القاتل رغم الاعتراف بوجوده ؟ وما هي السياسات التي تعمل بها الشركات النفطية في بلادنا. وقد أعتمد البحث على ( مطالب ومناشدات المواطنين والبلاغات العاجلة التي تدعو السلطة إلى الإسراع في القضاء على هذا المرض والوباء بالإضافة إلى اعتراف السلطة بوجود هذه الكارثة وأن أسبابها تعود إلى المواد السامة الناتجة عن مخلفات الحفر ورغم ذلك لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة.
واستعرض البحث المغالطات التي تقوم بها اللجان القادمة إلى المنطقة والتعتيم الذي يتم على جميع الفحوصات والتقارير من البعثات الطبية الزائرة للمناطق المنكوبة جراء السموم ومخلفات الحفر.
بداية المأساة
تزايدت حالات الإصابة وحالات الوفاة من جراء انتشار أمراض خطيرة ناتجة عن مخلفات الحفر وأعمال التنقيب التي تقوم بها الشركات النفطية العاملة في الضليعة بمحافظة حضرموت.
وارتفع صراخ الأهالي بالشكاوي أن الشركات المنقبة عن النفط في مناطقهم تقوم بترك مخلفات حفرياتها مكشوفة وعرضة للشمس والأمطار مما تسبب في انتشار العديد من الأمراض الفتاكة بينهم، وأهمها وأخطرها سرطان الدم (لوكيميا الدم الحادة) ( (Acute my eleid leukemiaحسب تقارير طبية محلية وأجنبية وشبه المرض بالكارثة الإنسانية أو طاعون العصر الذي لازال يحصد الأرواح حيث توفيت حالات كثيرة جراء المرض فيما البعض لازالت تخضع للعلاج فضلا عن تزايد حالات الإصابة وانتشارها يوميا.
لم تقتصر الإصابة على الأهالي فحسب بل طالت الحيوانات والمواشي في المنطقة التي استباحت الشركات النفطية جمالها برمي بقايا ومخلفات عملياتها التثقيبية بوجه الأرض.
وقال الأهالي :" إن الوباء المنتشر في المنطقة يحتل أرقاما قياسية بشكل يومي ويبقى مسلسل الموت مستمراً حتى يقضي على آخرنا".
من ينقذهم؟
أهالي مناطق( الضحايا ) كانوا يعتقدون أنه بمجرد أشعار المسئولين بنبأ الكارثة سينطلقون لإنقاذهم ولذلك ارتفعت الصيحات والصرخات بتقديم المناشدات والمذكرات العديدة إلى المسئولين في محافظة حضرموت يشكون فيها الكارثة التي حلت بهم ويطالبون بإجراءات عاجلة لإنقاذهم ومحاسبة المتسببين فيها. . لكن لم يحدث شئ من هذا فلم يكن المسؤلون عند حسن ظن أهالي المنطقة.
وطالب الأهالي السلطة المحلية بالمحافظة بالإسراع في إرسال بعثة طبية لفحص المواطنين والتربة والمياه والمحاصيل الزراعية وتوفير الحماية والوقاية من تلك الإمراض ووضع الإجراءات اللازمة للحد من انتشارها وكذالك العمل على التخلص من النفايات السامة التي تركتها الشركات النفطية في المنطقة وشددوا على محاسبة المتسببين في انتشار ذلك المرض القاتل ومحاكمة مرتكبي الجريمة التي تكاد تهلك الحرث والنسل ولكن المسئول الأول عن هذه الجريمة هي الحكومة فمن يحاسبها ؟. . بالإضافة إلى المطالبة بالتعويض العادل لأسر الضحايا جراء الوباء الذي خلفته شركات النفط وبدلا من أن تقدم تلك الشركات الخير لهم كما كانوا يعتقدون جلبت لهم الموت والدمار والوباء بالإضافة إلى أن تلك الشركات تريد طمس هوية ومعالم منطقة "منتر" كما ورد في البحث.
المواطنون وهم يعيشون الكارثة ويسمعون عنها في مناطق أخرى تتواجد فيها الشركات النفطية وقد يحتار البعض في تطبيق أي القاعدتين من أجل الحفاظ على سلامتهم وجمال مناطقهم الباهي ( فعل الخير مع الشركات وتسهيل الأمر عليهم وحسن إكرام الضيافة ) أو (فعل الشر ومضايقتها وإخراجها من المنطقة )أما القاعدة الأولى فقد عمل بها أبناء مناطق الضليعة ولم يحصدوا منها إلا المرض القاتل والمؤكد للموت عاجلا، أما القاعدة الثانية فيعمل بها أبناء القبائل الكبرى مما يسبب للشركات القلق والتخويف والترهيب حتى يحصلوا على مطالبهم.
حلموا بالنعيم بمجيء الشركة ولكنها جلبت لهم الموت
منذ العام 2002 م قدمت شركة بحرية للتنقيب عن النفط تسمى ((مول)) في مناطق مديرية الضليعة التي تقع في الهضبة بين المكلا و دوعن بمحافظه حضرموت وقد استبشر الأهالي خيرا وحلموا بنعيم وافر سوف يتدفق عليهم كونهم يستضيفون شركة نفطية وكانت أول مطالبهم الماء، فالمنطقة جبليه مرتفعه، والوصول إلى المياه يتطلب حفارات متطورة وتصوروا أن الشركة النفطية (مول ) بمعداتها الجبارة سوف تحقق لهم ذلك المطلب، إلا أن الأمر لم يسر كما كان ينبغي بل تم أخذ الأراضي التي منهم لوقوعها في نطاق عمل الشركة دون تعويض.
وعندها وجه المواطنون العديد من الرسائل والاستغاثات إلى كافة الجهات الرسمية يطالبون فيها بالماء والتعويض عن الأراضي والسلطة المحلية خاطبت الشركة راجية منهما تلبية مطالب المواطنين تقديرا لجهودهم ألا أن الشركة لم تعر هذه المطالب أي اهتمام مما خلق لدى الأهالي انطباعا بأن الشركة تحضى بدعم ومساندة من قوى ونافذين أكبر وأعلى من السلطة المحلية، وهي بذلك ترمي عرض الحائط بكل ما عليها من التزامات بل تركت بقايا مواد كيماويه ونفايات ومخلفات أعمالها مكشوفة حول الآبار. . وقد اعتبر الأهالي ذلك الإهمال وعدم دفن المخلفات بالطرق السليمة والمتعارف عليها قتلا جماعيا للمواطنين الأبرياء وجريمة شنعاء، كما جاء في استغاثة أهالي منطقة (منتر) والمناطق المجاورة إلى رئيس وأعضاء المجلس المحلي بالمديرية. مع العلم أن المنطقة لم تعرف مرضا فتاكا كسرطان الدم إلا العام 2004م عقب أعمال شركة مول للبترول وأعمال التنقيب عن النفط في المنطقة.
سرطان الدم الذي ذهب ضحيته ثلاثة أشخاص والرابع لازال تحت العلاج، وقد زار وفد طبي من وزارة الصحة المنطقة وأخذ عينات من المواد السامة وفحوصات لعدد من المواطنين ولم تصل أي نتائج لتلك الفحوصات كما لم يتم دفن هذه النفايات، وهنا المواطنون لم يعودوا يطالبون بالماء والتعويض بل فقط بحقهم في الحياة خالية من الأمراض.
وأشار المواطنون إلى جرف السيول للمخلفات التي تركت جوار الآبار إلى مناطق أخرى ووضعتها في مصادر المياه التي يشرب منها المواطنون وهو الأمر الذي فجر الكارثة علما بأن قول الخبراء أن السموم تزداد وتتبخر كلما ما هطلت الأمطار مع الرياح، فقد أصيب إلى عام 2005م (14) من المواطنين في الضليعة وتحديداً (منتر) بمرض سرطان الدم حسبما أثبتته تقارير طبية محلية وأجنبية ولم يفلح الأطباء في مستشفيات عديدة في صنعاء و المكلا والأردن في علاج حياة (5) من المرضى الذين فارقوا الحياة بسبب شدة المرض وقد فارقوا الحياة جمعيهم في أوقات متقاربة أما المرضى الباقون لا يزالون يصارعون الموت ويتلقون العلاج. . وتوالت حالات الوفاة حتى وصلت إلى (9) حالات و(6) تخضع للعلاج.
السلطة اعترفت بوقوع الجريمة ولكنها لم تحاسب المجرمين ففي رسالة من وزير النفط السابق تفيد بصرف عشرة آلاف دولار لمصابين بهذا المرض مع أربع تذاكر سفر لهم ومرافقيهم لغرض العلاج لتضررهما بسبب التلوث البيئي الحاصل في المنطقة، وكذلك مخاطبة المحافظ والذي وجه بدوره مذكرة للمدير التنفيذي لشركة مول المجرية بتاريخ 26| 6 |2005م يطلب فيها من الشركة دفن هذه المخلفات، وبهذه الاعترافات الرسمية وهذه الأوامر والتوجيهات التي تؤكد علم السلطة ويقينهما بان الكارثة قائمة ومتزايدة إذا بقيت المخلفات مكشوفة ولكن هذه الأوامر لم تحترم ولم تنفذ بعد.
ورغم الاعتراف بهذه الجريمة والكارثة الإنسانية التي أصبحت تهدد المئات بل الآلاف من المواطنين لماذا لم تقم السلطة باتخاذ الإجراءات اللازمة ولو البسيطة من أجل الوقاية من هذا المرض ؟ يتساءل المواطنون.
مغالطات وتعتيم
تحت الإلحاح المستمر من الأهالي تم أخذ عينات من بقايا الحفر ومن المياه الجوفية كما تفيد رسالة مختبر الصحة بالمكلا إلى رئيس اللجنة الوطنية للطاقة الذرية وأرسلت إلى العاصمة صنعاء لإجراء الفحوصات عليها من حيث التلوث الإشعاعي والعناصر الثقيلة ولكن لم يطلع أحد على نتائج الفحص وتم التعتيم عليها، غير أن نتائج الجريمة واضحة للعيان وتؤكدها التقارير الطبية عن حالات الإصابة والتي تعرض لها العديد من مواطني المنطقة. . وقد أكد الأهالي في رسالتهم إلى محافظ حضرموت بأن مجموعة من الأفراد قدموا إلى المنطقة وأخذوا عينات من التربة لفحصها لمعرفة مدى تلوثها لكن العينات أخذت من مكان بعيد عن موقع النفايات وبهذه الطريق المستهترة بحياة المواطنين تبقى الكارثة لتحصد أكبر عدد من الأرواح. . . كما أن المقاول الذي كلف بدفن المواد طلبت الشركة منه شهادة انجاز من السلطة المحلية حتى يستلم مخصصاته المالية وبالفعل حصل على الشهادة فمن يحاسب هؤلاء ؟ وقد وصلت المواد السامة المشعة ومخلفات الشركة إلى مستودعاتهم بين أوساط العائلة الواحده والمواد الغذائية كما ذكر الأخ عمر بن علي بلحرك أن حراسه الشركة (جنود) قدموا عرض بيع لابنه (مرعي) جالونين متوسط الحجم وقيل له انه طلاء من الممتاز مقابل تسديد ديونهم في البقاله وثمن الجالون 2500 ريال يمني فوافق ابنه مرعي وأخذهما إلى المستودع لطلاء جدران البيت في وقت لاحق ولكن دخل الشك في أمر الجالونين أيهما من قبل أفراد العائلة لأن الشكل غير مألوف وعندما جاء وفٍٍٍد من الهيئة الوطنية للطاقة الذرية إلى المنطقة لفحص المواد التي تركتها الشركة عرض عليه الجالونين فوضعوا جهازا خاصاً على مسافة منهما فأصدر هذا الجهاز صوت خاصاً ، قال فعرفنا فيما بعد أن الصوت دلالة على خطورة المادة ودلالة على وجود مواد مشعة.
ولكن هذه الحكاية للجالونين وما فيهما من مواد مشعة قضية في غاية الخطورة لأنها تقود الجميع إلى سؤال كبير: ما حاجة حفر الآبار البترولية بالمواد المشعة؟ وإذا كان ثمة استخدام لما لم تستهلك هذه المادة رغم أن الشركة قد أنهت أعمالها والأجدر بها أن تستفيد منهما في مواقع أخرى وخاصة أن الجالونين لازالا مغلقين.
عبدالله الذي يبلغ من العمر ستة أعوام على وشك الموت مصاب بسرطان الدم ، والطفل احمد الذي يبلغ من العمر عشرة أعوام لا يعرف متى سيفارق الحياة جراء اصابته بالمرض. . أما الأخ صالح بلحرك بات يحتضن طفله البالغ من العمر خمسة أعوام بين ذراعية وفي حضنه ولا يعرف متى سيفارق حضن أبية هو الأخر. وعلي صالح باكرشوم يقول :"فقدت طفلتي التي تبلغ من العمر ( 14 ) عاماً والتي كنت احلم واطمح بان تكون ربة بيت وتنجب أحفاداً".
أما سالم عبدالله باكرشوم الذي يعمل مدرساً ويبلغ من العمر ( 26 ) عاماً يقول :" لازلت اخضع للعلاج وتكاليف تغيير الدم خمسة وثلاثين ألف دولار بينما الحكومة لا تمنح أكثر من عشره آلاف إذا كان لك حظ بعد عناء شديد فمن أين لي كل ذلك وأنا لا حول لي و لاقوه" أما سالم مبارك بابدر الذي يبلغ من العمر ( 23 ) عاماً بقي يذوق مرارة الحياة منتظرا الموت بين لحظه وأخرى وبقى الأمل معلق بالخالق وحده. . وزوجة الأخ سعيد بلعجم المصابة بهذا المرض الفتاك وسبق لها العلاج في الداخل والخارج لكن لا جدوى من ذلك ولا يعرف أولادها متى سيفقدونها ، أما أخوه علي احمد بابدر وعلي سعيد بلملس وصالح عمر با صالح وسعيد علي بلحرك ومحمد سالم بلعجم وسالم عبدالله بابدر جميعهم غادروا الحياة مع من غادر من أخوانهم بسبب هذا المرض القاتل مخلفين ورآهم أسراً وايتاماً.
أهالي المنطقة فقدوا الأمل بالمسؤولين وبقي أملهم معلقاً بعد الخالق بحقوق الإنسان الذي غاب عن هذه الكارثة الإنسانية ولم يذكر له ذكراً رغم أنها أصبحت قضية رأي عام. . واتجه المواطنون رافعين أيديهم متضرعين شاخصة أبصارهم لله وحدة طالبين الانتقام من الشركة ومن المسئولين الذين انحازوا إلى الشركة، منتظرين الموت بقلوب مؤمنة.
وطالب البحث على لسان الأهالي بتوجه لجان ذات الاختصاص إلى المناطق المنكوبة لمعايشة المأساة ووضع حد لانتشارها والقضاء عليها، ومقاضاة الشركة النفطية المجرية "مول" لتكون عبره لشركات النفطية الأخرى، ومحاسبة كل من تسبب في اندلاع هذا الوباء الذي تسبب في إزهاق العديد من الأرواح.
وأوصى البحث أيضا بتقديم الدعم المادي والمعنوي لأسر الضحايا وتحمل تكاليف علاج المصابين بالوباء جراء المخلفات السامة.
المراجع:
الباحث استند في بحثه إلى المراجع التالية :
-رسالة وزير النفط والمعادن بتاريخ 24/7/2005م-الإضرار البيئية في منطقة الضليعة.
-تقارير طبية من مستشفى الثورة العام - بضه الخيري - عمان الجراحي - (إلى من يهمه الأمر)
-صحيفة الفرسان -بلاغ إلى من تهمه حياة الناس - العدد (80) يوليو 2005م.
-صحيفة المحرر - التلوث يحصد الأرواح في حضرموت - العدد (16)مايو 2006م.
-الرسالة الموجهة من مكتب وزارة الصحة والسكان م / الضليعة بتاريخ 27/9/2005م إلى مكتب وزارة الصحة م /حضرموت.
-الرسالة الموجهة من أمين عام محلي حضرموت إلى وزارة النفط والمعادن بتاريخ 29/3/2005م.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.