تنظر واشنطن وحليفتها الأبرز الرياض إلى أعمال الفوضى الذي يقودها المجلس الانتقالي والذي يسعى إلى تقويض تواجد الحكومة الشرعية بأنها تسهل الطريق أمام عودة سيطرة القاعدة وداعش على مناطق واسعة في جنوباليمن. وصعد الجيش الأميركي حملته لمكافحة الإرهاب ضد تنظيم "القاعدة" في اليمن بالإضافة إلى تنظيم "داعش" منذ تولي الرئيس ترامب السلطة في عام 2017. وتتصاعد التجاذبات الإقليمية في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، ليصل الأمر هذه المرة إلى دخول الولاياتالمتحدة بشكل مباشر.. ظهور مفاجئ لقائد القيادة المركزية الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال جوزيف فوتيل من العاصمة المؤقتة عدن مطلع سبتمبر الجاري، برفقة قائد الأركان العامة اللواء الركن/ طاهر العقيلي وعدد من قيادات وزارة الدفاع اليمنية، قال الخبر الرسمي أنه جاء لمناقشة أوجه التعاون بين البلدين في مكافحة الإرهاب وتطوير قوات خفر السواحل اليمنية لمكافحة التهريب. زيارة القائد العسكري الأميركي الكبير إلى عدن استبقها بزيارتين إلى الرياض وابوظبي بحسب الحساب الرسمي للسفارة الأميركية لدى اليمن على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" ، وجاءت عشية التصعيد الذي دعا له المجلس الانتقالي الجنوبي في عدنوالمحافظاتالجنوبية وتخللتها أعمال فوضى وقطع للطرقات. تخللت تلك الزيارة تفقد قاعدة العند الجوية والتي تعد مؤشرا على استئناف الولاياتالمتحدة التعاون مع الحكومة اليمنية لتأهيل الجيش اليمني والذي توقف بسبب انقلاب جماعة الحوثي في سبتمبر 2014م. • قلق اميركي.. توقيت الزيارة عكس قلق واشنطن من تنامي نشاط الجماعات المتطرفة (داعش و القاعدة) في جنوباليمن وهو ما يفسر موقفها الرافض للاعتراف بالمجلس الانتقالي وقوات الحزام الأمني الموالية له والمدعومة من دولة الإمارات شريكا في محاربة الإرهاب وفقا لمراقبين. مطلع أغسطس الماضي نشرت وكالة الأسوشتدبرس الأميركية تقريراً كشفت خلاله عن انضمام (250) عنصر من القاعدة إلى قوات الحزام الأمني ضمن صفقة لانسحاب القاعدة من مناطق سيطرت عليها في جنوباليمن في وقت سابق. الملف الآخر الذي تم مناقشته بين القائد العسكري الأميركي البارز وقائد الأركان اليمني وفقا للخبر الرسمي هو تأهيل واشنطن لقوات خفر السواحل اليمنية، وهو ذات الملف الذي دفع مع أسباب أخرى المجلس الانتقالي إلى تفجير حرب يناير الأخيرة ضد القوات الموالية الشرعية في عدن، حيث سبقتها زيارة السفير السعودي إلى عدن وتوقيع اتفاق مع وزارة النقل اليمنية يقضي بموجبه إسناد مهمة تأمين الموانئ اليمنية إلى قوات خفر السواحل المدربة أميركياً. وهدفت الرياض عبر هذه الخطوة إلى تضييق الخناق على عمليات تهريب الصواريخ الإيرانية الصنع عبر السواحل الجنوبية إلى الانقلابيين الحوثيين، وهو ما أفشله الانتقالي و استمرت عمليات اطلاق الصواريخ الباليستية من قبل الانقلابيين الحوثيين ضد السعودية حتى الآن. • منع الانتقالي من جنيف.. الغارات الأميركية بدون طيار بلغت (21) غارة منذ بداية عام 2018بحسب الإحصائيات الرسمية، تركزت في 5 محافظات هي البيضاء (9) حضرموت (8) وشبوة (2) وأبين (1) ومأرب (1).وتظهر تركز الضربات في محافظاتجنوباليمن ومحافظة البيضاء التي تعتبر الحزام الحيوي للمحافظاتالجنوبية. تلك القناعات بشأن المجلس الانتقالي حذت بالسفير الأميركي لدى اليمن ماثيو تولر إلى القول منتصف أغسطس الماضي بأن مشاركة المجلس الانتقالي في مشاورات جنيف (غير ممكنة)، مؤكدا بأن المشاورات ستجري بين الشرعية والانقلابيين. إذن فمنع الانتقالي من حضور جنيف كان بسبب فيتو أميركي/سعودي، التحفظ الأميركي كان معلوما دوافعه في حين كشفت الهتافات المناوئة لأنصار المجلس الانتقالي في فعالية في منطقة (ردفان) ضد الملك سلمان مطلع سبتمبر الجاري موقف السعودية المتطابق مع الأميركان. • إفشال انقلاب جديد.. تقول المعلومات من مصادر عسكرية مطلعة أن مخطط للانقلاب على الشرعية و السيطرة على العاصمة عدن من قبل القوات الموالية للانتقالي كان السيناريو المطروح بقوة بعد دعوة الانتقالي للتصعيد لكن زيارة القائد العسكري الأميركي ولقائه برئيس الأركان العامة في قصر معاشيق أفشله. وبالمقابل كان هناك ضوء اخضر أميركي سعودي للشرعية بالحسم العسكري في عدن وضواحيها في حال مضى مخطط الانتقالي إلى نهايته، حيث استبق قائد الاركان العامة زيارته إلى عدن بنزول ميداني للمناطق العسكرية الأولى والثانية ومحوري الغيظة وعتق لتفقد الجاهزية القتالية للألوية العسكرية لأول مرة. المخطط الانقلابي فسر حصر المجلس الانتقالي في بيانه سبب منعه من حضور مشاورات جنيف باعتراض الحكومة الشرعية، وتجنبه لذكر موقف السعودية، لإعطائه غطاء لتحركاته العسكرية لاحقا. و ظهرت المناطق التي تحظى حضور سعودي مثل محافظاتشبوة ووادي حضرموت والمهرة أكثر انضباطا في حين شهدت محافظاتعدن ولحج والضالع وساحل حضرموت التي تسيطر عليها دولة الامارات أعمال فوضى و قطع للطرقات و إحراق صور قيادات دول التحالف وبدا وكأن الوضع يخرج عن سيطرة الجميع. • طمأنة الأميركان.. التدخل المباشر لواشنطن في الجنوباليمني يعد مؤشرا على فشل المعالجات في ملف مكافحة الإرهاب و شعور الأميركان بعدم جدية في هذا الملف وهو ما حاولت أبوظبي إثبات عكسه عبر تصريح مسئول قواتها في المكلا العميد الركن مسلم الراشدي الذي قال "بغض النظر عما يحدث في النزاع ككل في اليمن، ستواصل الإمارات العمل حتى يتم القضاء على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب كتهديد إقليمي وعالمي" وذلك في تصريح لوكالة الانباء الفرنسية منتصف أغسطس الماضي. ويأتي ذلك في محاولة إيصال رسائل طمأنة للأميركان. وشهدت العاصمة المؤقتة عدن هجمات انتحارية نفذتها (داعش) واستهدفت مقار المخابرات العامة في نوفمبر 2017م و معسكر قوات مكافحة الإرهاب في فبراير 2018م وذهب ضحيته المئات بين قتلى وجرحى بينهم نساء وأطفال.