المواقف تكشف الأقنعة عمّن فقدوا بوصلة الجنوب.!    الحديدة و سحرة فرعون    الكثيري يدعو البيئة لتعزيز التنسيق مع المنظمات الدولية    ادانات دولية واسعة لجريمة العدوان الأمريكي على ايران    الدولار في عدن 3000    الإمارات ومليشياتها تضاعف من معاناة المواطنين بالجنوب    خبراء :المشروبات الساخنة تعمل على تبريد الجسم في الحر الشديد    اليمن يعلن الوقوف الكامل مع الشعب الإيراني    أيش ذا يا عم علي.. ليش ذا؟    إيران تطلق دفعتين صاروخيتين وإعلام إسرائيلي يتحدث عن دمار كبير    أيها الرئيس ترامب.. لا تنتحر    كيف تواجه الأمة واقعها اليوم (3)    حادث مفجع يفسد احتفالات المولودية بلقب الدوري الجزائري    أول موجة إيرانية بعد العدوان الأمريكي    السلبية تسيطر على ريفر بليت ومونتيري    الرئيس الزُبيدي يُعزّي الشيخ عبدالرب النقيب في وفاة شقيقه    شوجي.. امرأة سحقتها السمعة بأثر رجعي    من بينها فوردو.. ترامب يعلن قصف 3 مواقع نووية في إيران    العليمي وبن بريك والمعبقي يصادرون موارد الصناديق الإيرادية الجنوبية    أثار نزاعا قانونيّا.. ما سبب إطلاق لقب «محاربو السوكا» على ترينيداد؟    فلومينينسي ينهي رحلة أولسان المونديالية    علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي    ترامب يعلق مجددا على استهداف إيران    هاني الصيادي ... الغائب الحاضر بين الواقع والظنون    روايات الاعلام الايراني والغربي للقصف الأمريكي للمنشآت النووية الايرانية وما جرى قبل الهجوم    بتواطؤ حوثي.. مسلحون يحرقون منزلاً في محافظة إب بعد نهبه    الدفاعات الإيرانية تدمر 12 طائرة مسيرة صهيونية في همدان    استعدادات مكثفة لعام دراسي جديد في ظل قساوة الظروف    محافظ تعز يبحث مع مسؤول أممي أزمة المياه والحلول الممكنة    حملة لازالة البساطين والعشوائيات في باب اليمن    تدشين الدورة الآسيوية لمدربي كرة القدم المستوى "C" بالمكلا    ما وراء حرائق الجبال!!    الرهوي يشيد بجهود وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية    الطوارئ الإيرانية: إصابة 14 من طواقم الإسعاف وتضرر 7 سيارات جراء العدوان الصهيوني    إحباط عملية تفجير غربي إيران واعتقال عنصر مرتبط بالموساد    ليفاندوفسكي يحدد وجهته بعد حقبة برشلونة    تشيلسي يقترب من إبرام صفقة مؤجلة    من يومياتي في أمريكا .. بين مر وأمر منه    بين حروف الرازحي.. رحلة الى عمق النفس اليمني    قصر شبام.. أهم مباني ومقر الحكم    الترجي التونسي يهدي العرب أول انتصار في كأس العالم للأندية 2025    فساد الاشراف الهندسي وغياب الرقابة الرسمية .. حفر صنعاء تبتلع السيارات    الاتحاد الأوروبي يقدّم منحة مالية لدعم خدمات الصحة الإنجابية في اليمن    اسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 21 يونيو/حزيران 2025    على مركب الأبقار… حين يصبح البحر أرحم من اليابسة    البحسني يكشف عن مشروع صندوق حضرموت الإنمائي    مقتل عريس في صنعاء بعد أيام من اختطافه    مليشيا درع الوطن تنهب المسافرين بالوديعة    صنعاء .. موظفو اليمنية يكشفون عن فساد في الشركة ويطالبون بتشكيل لجنة تحقيق ومحاسبة جحاف    «أبو الحب» يعيد بسمة إلى الغناء    علي ناصر محمد أمدّ الله في عمره ليفضح نفسه بلسانه    بين ملحمة "الرجل الحوت" وشذرات "من أول رائحة"    الأمم المتحدة تقلّص خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن وسط تراجع كبير في التمويل    ديدان "سامّة" تغزو ولاية أمريكية وتثير ذعر السكان    نجاح أول عملية زرع قلب دون الحاجة إلى شق الصدر أو كسر عظم القص    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    الخطوط الجوية اليمنية... شريان وطن لا يحتمل الخلاف    الصبر مختبر العظمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«مارتن غريفيث» مبعوث أممي لإنقاذ الحوثيين في اليمن
نشر في أخبار اليوم يوم 01 - 12 - 2018

«أن الأمم المتحدة يجب أن تنخرط الآن وبشكل عاجل..(..).. للقيام بدور رئيسي في ميناء الحديدة، على نطاق أوسع» بهذه الإعلان ختم المبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث، زيارته يوم الجمعة الماضية، لمدينة وميناء الحديدة، بعد تأجيل الزيارة الايام.
قال غريفيث أنه اتفق مع قيادة الحوثيين على هذا الدور الأممي في ميناء الحديدة، للحفاظ على خط الإمداد الإنساني الرئيسي الذي يمثل فيه الميناء أهم مناطق عبور المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية إلى المناطق اليمنية الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
إعلان الاتفاق بين غريفيث والحوثيين، سرعان ما تكشفت أبعاده الخطيرة على مسار العملية السياسية الانتقالية المستندة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني، والقرارات الصادرة عن مجلس الأمن والمؤكدة على تنفيذ المبادرة ومخرجات الحوار واستئناف العملية الانتقالية من حيث انقلب عليها الحوثيين، في 21سبتمبر/ 2014م، وما تلى الانقلاب من إجراءات عسكرية سيطر الحوثيون فيها على مؤسسات الدولة والدوائر الحكومية ومعسكرات الجيش والأمن والاسلحة الثقيلة، وتعطيلهم للمسار الديمقراطي، وما تلى ذلك من جرائم مستمرة ضد الاطراف السياسية والحكومية، والاعتداء على الجيران بالصواريخ الباليستية، وصولاً إلى نهب المساعدات الإنسانية وقطع المرتبات ونهب الاحتياطي النقدي التسبب في أسوا مجاعة يشهدها العالم الحديث وأسوأ ازمة إنسانية قابلة للتفاقم.
تعطيل للحسم
جاء إعلان غريفيث، كحصيلة لجولة مكوكية ولقاءات مكثفة وزيارات قام بها في المنطقة، والتقى فيها مع رئيس الجمهورية ونائبه وقيادات الشرعية، وقيادة السعودية والإمارات اللتان تقودان تحالف عربي عسكري داعم للشرعية في اليمن، ويخوضان مع اليمنيين، معركة مصيرية ضد المليشيات الحوثية، وصلت طلائع قواتهم فيها إلى مشارف ميناء الحديدة، الذي يحاول مارتن أن يتسلم إدارته من الحوثيين.
تزامنت تحركات غريفيث في المنطقة، وإعلانه الأخير، مع دعوات متجددة لوقف الحرب والانخراط في عملية سياسية لإحلال السلام، بدأتها الولايات المتحدة عبر وزير دفاعها جيمس ماتيس، خلال مشاركته في ملتقى المنامة الدولي قبل سبتمبر الماضي، دعا فيها إلى وقف الاعمال القتالية في اليمن ووقف الغارات الجوية وإطلاق الصواريخ، والانخراط في مفاوضات سياسية تفضي لحل سياسي في شهر واحد،،،
مثلت الدعوة الأمريكية وما تلاها من دعوات غربية ودولية لوقف الحرب، إعادة اعتبار للمبعوث الأممي غريفيث، بعد فشله في عقد مشاورات سابقة في جنيف، حينها امتنعت المليشيات الحوثية عن الحضور والمشاركة في المفاوضات متحججة بتقييد ومنع التحالف طائرة الوفد من مغادرة مطار صنعاء، قبل أن تتكشف الحقيقة وتعترف المليشيات بأن عدد من جرحاها كانت تنوي نقلهم إلى عمان مع الوفد الممثل للجماعة في مشاورات جنيف.
ومن حينها وضغوط دولية كبيرة تمارس على الحكومة الشرعية والجيش الوطني، لوقف عمليات تحرير الحديدة التي انطلقت للمرة الثانية بعد توقفها سابقاً استجابة لجهود غريفيث التي فشلت في إحضار الحوثيين إلى جنيف، كما فشل المبعوث الأممي اليوم في ممارسة ضغوط تلزم الجماعة بتنازلات لعقد جولة جديدة من المشاورات، اخذاً في الاعتبار ما حققه الجيش والمقاومة المشتركة من انتصارات ميدانية في الحديدة، والوضع المهزوم الذي تعيشه المليشيات و القوة على الارض وما حققه الجيش في انطلاقته الثانية في عملية تحرير الحديدة وميناءها الاستراتيجي.
وكان لجريمة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، في قنصلية المملكة في إسطنبول، وما اكتنف الحادثة من ملابسات وحملات إعلامية، الدور الرئيسي، في الدعوات الغربية المتأخرة لوقف الحرب في اليمن. هذا ما اعترف به غريفيث في تصريحات سابقة، ليؤكد أن الازمة الإنسانية والأوضاع في الحديدة واليمن بشكل عام، استدعت تعاطف قيادات الدول والحكومات.
وانعكست جريمة خاشقجي والحملة الإعلامية المرافقة لها، على المملكة العربية السعودية التي تقود التحالف الداعم للشرعية في اليمن، لتتعرض هي الأخرى، لضغوط دولية لوقف الحرب في اليمن، وإنهاء تدخلها العسكري، قبل أن تلوح دول منها الولايات المتحدة الأمريكية، بفرض عقوبات اقتصادية وعسكرية على المملكة، لتوقف بعدها واشنطن دعمها الوجستي المقدم للتحالف العربي ومشاركة اسطولها الجوي في تزويد طائرات التحالف العربي بالوقود.
ركوب موجة الضغوط
مارتن غريفيث، سارع لاستغلال الضغوط الدولية، لتحقيق مكاسب شخصية، حسب ما يرى مراقبون، من خلال تمرير مشاريع ومقترحات للحل، كان الحديث عنها ومناقشتها في السابق، خيانة وطنية وتفريط في السيادة بالنسبة للحوثيين، بعكس الحكومة الشرعية والتحالف العربي الداعم لها، اللذان سبق أن طالبا بدور أممي مشرف على ميناء الحديدة، لوقف عملية تهريب الاسلحة والصواريخ الإيرانية عبر الميناء، واستغلال المليشيات للمساعدات الإنسانية التي تصل عبر الميناء لتحقيق مكاسب مالية كبيرة تساهم في استمرار حرب المليشيات على الشعب اليمني، إضافة إلى عمليات النهب والسرقة المعلنة والسرية للمساعدات الإنسانية والمواد الإغاثية من قبل المليشيات وبتواطؤ منظمات دولية بعظها تتبع الأمم المتحدة.
قوبل حينها طلب التحالف العربي، للأمم المتحدة، بمراقبة العمل في ميناء الحديدة ، برفض شديد من المليشيات الحوثية، والأمم المتحدة، على حداً سوأ، وأعلنت الأمم المتحدة، أن طلب التحالف ليس من اختصاصها ودورها المناط في الأزمات الدولية.
غريفيث ينقلب على غريفيث
في 16 شباط/فبراير 2018، عين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، البريطاني مارتن غريفيث مبعوثا خاصا له إلى اليمن خلفا لإسماعيل ولد الشيخ أحمد.
وفي أول تصريح له بعد تسلم مهامه، في 19 مارس/ 2018، كشف غريفيث عن نواياه باستغلال الوضع الإنساني الذي تسببت به مليشيات الحوثي، وفرضها الحرب على الحكومة والشعب اليمني بانقلابها العسكري الذي أفضى الى واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية خطورة في التاريخ الحديث.
تحدث غريفيث في تصريحه عن طرفين متصارعين ومتساويين من وجهة نظره فيما وصلت إليه الأوضاع في اليمن، والتأكل المستمر لمؤسسات الدولة وحالة التمزق بوتيرة مثيرة للقلق في البلاد، جاعلاً من المليشيات الحوثية التي سيطرة على مؤسسات الدولة وفرختها من سلطاتها، وحولت البلاد إلى ساحة حرب واسعة، طرفاً مساوي للدولة والرئيس الانتقالي الشرعي المنتخب الذي يمثل كل اليمنيين، وحامل أحلامهم ومشروعهم المستقبلي منذ عام 2011م.
قال غريفيث في تصريحه حين ذلك، أن المدنيون يتحملون العبْء الاكبر جّراء هذا الصراع واضحوا ضحايا للعديد من انتهاكات حقوق الإنسان. فمِن الجلّي أنه لا يمكن العثور على حلّ عسكري في اليمن.
ووعد المبعوث الأممي حينها الشعب اليمني بالعمل الجاد «لتيسير عملية سياسية فإنني اعد الشعب اليمني بأنني سوف أعمل بجد لتيسير عملية سياسية شاملة على اساس مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها، ومؤتمر الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن رقم 2216 (2015) »، مضيفاً «سأرتكز على التقدم الذي تم احرازه خلال جولات المفاوضات السابقة من أجل خدمة مصالح الشعب اليمني».
ويبدو أن غريفيث، لم يطلع على جهود المبعوثين الأمميين السابقين له في اليمن، وما بذلوه من جهود ومحاولات في إيصال الاطراف إلى حلول توافقيه.
لكن الأهم هنأ، محاولته تحقيق ما عجز عن تحقيقه سابقيه، ولو كان ذلك على حساب الشعب اليمني والشرعية والقرارات الدولية التي تعهد بالعمل على إيجاد حل سياسي ينبثق منها، وهي ذاتها المرجعيات الثلاثة المتمثلة في مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها، ومؤتمر الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن رقم 2216.
يقترح اليوم غريفيث، أن تتسلم الأمم المتحدة، ميناء الحديدة، من مليشيات الحوثيين، وتشرف عليه كطرف محايد. متجاهلاً عجز الأمم المتحدة ومبعوثيها سابقاً عن تحقيق هذه الجزئية المقترحة، وإقناع المليشيات الحوثية بتسليم الميناء، خلال ثلاث سنوات ماضية.
لكن الانحياز الواضح في دور الأمم المتحدة ومبعوثها الأممي، بأن يعاد الحديث عن طرف ثالث يتسلم إدارة الميناء، في حين أن قوات الشرعية والتحالف على بعد كيلومترات فقط من السيطرة عليه وتحريره الذي قد لا يستغرق أسبوع واحد.
ويرى الباحث والكاتب اليمني ثابت الأحمدي أن «مسألة ميناء الحديدة لم تتم إثارتها لأول مرة، إذ جرى الحديث عنها منذ ثلاث سنوات تقريباً، إنما هذه المرة أخذت جدلاً أكثر بحكم اقتراب قوات التحالف منها فقط، والحديث عنها في إطار القضية اليمنية كالجملة الاعتراضية».
وأكد الأحمدي في تصريح صحفي أن «الأصل أن يتم تحرير كل شبر في البلاد، موانئها ومطاراتها، من دون الدخول في تفاصيل بعض القضايا، لكن ما يجري هو تضييع للقضية من أساسها بالدخول في التفاصيل والميناء والمطار»، وذلك سيؤدي -على حد تعبيره- إلى إطالة أمد الصراع ومرسوم ابتداءً من الدوائر الغربية».
التفاف على القرارات الدولية
كما أن مقترح غريفيث بحد ذاته، يعد انتقاص للشرعية والتفاف على المرجعيات الثلاث، وعلى رأسها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، الذي يطلب من جميع الاطراف اليمنية تطبيق القرار 2201، الذي يشجب بشدة الإجراءات التي اتخذها الحوثيون من استيلاء على المؤسسات الحكومية وحل للبرلمان، والسيطرة بالقوة على الحكم.
ويتجاهل المبعوث الأممي كل القرارات الصادرة عن مجلس الأمن والتي تشدد وتأكد على مواصلة الانتقال السياسي وفق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني.
وأكد وكيل وزارة الإعلام عبد الباسط القاعدي، أن المقترحات المثارة مؤخرا عن تسليم ميناء الحديدة لطرف ثالث لن تقبل به الحكومة اليمنية، ولن تقبل بأي مقترحات لا تعيد الميناء والمدينة إلى الشرعية.
واشار القاعدي إلى حرص الحكومة الشرعية على تحقيق السلام والتوصل إلى اتفاق يفضي إلى انهاء الانقلاب بكل مظاهره، وعودة مؤسسات الدولة، وفرض سلطة القانون على الجميع، واستئناف المرحلة الانتقالية من تاريخ انقلاب المليشيات عليها، وفق المرجعيات الثلاثة.
وقال القاعدي في تصريح خاص ل«أخبار اليوم» على غريفيث أن «يضبط إيقاع نشاطه على المرجعيات وفِي مقدمتها قرار مجلس الأمن 2216 وإحاطة الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالطرف المعرقل للحل السلمي».
وشدد وكيل وزارة الإعلام على ضرورة «إدراك المبعوث الأممي أن الحلول الترقيعية لن تصنع سلاماً حقيقياً، وأن المليشيات الحوثية غير جادة في إنجاح المشاورات».
واستشهد باستمرار المليشيات في نهجها الإجرامي ورفضها لجهود السلام وما تقوم به من تعذيب للمخطوفين والصحفيين بشكل متوحش وهمجي، في الوقت الذي كان يفترض الإفراج عنهم، كخطوة لإثبات النية وبناء الثقة.
وأشار بدل الحديث عن مقترحات جزئية وأفكار جانبية بعيدة عن المرجعيات والثوابت، كان على المبعوث الأممي أن يبدأ بخطوات إعادة بناء الثقة، بدأ بإطلاق صراح المخطوفين والمعتقلين ومن ضمنهم زملاءنا الصحفيين والإعلاميين الذين يتعرضون مؤخراً لألوان من التعذيب والتنكيل والإجرام ، والمحاكمات المسيسة.
رفض حكومي
أعلنت الحكومة مبكراً رفضها لكل المقترحات التي لا تنبثق عن المرجعيات الثلاث، ولا تحقق السلام العادل والشامل لليمنيين، وجدد نائب الرئيس الفريق علي محسن الأحمر، يوم الإثنين الماضي، التزام الشرعية وموقفها الثابت نحو السلام العادل والشامل المستند على المرجعيات الثلاثة المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216.
وأبلغ الفريق الأحمر المبعوث الأممي غريفيث، رفض الشرعية لأي خطط أو مقترحات لا تستند على المرجعيات الثلاثة، ولا تهدف لتحقيق السلام العادل لليمنيين، وانهاء الانقلاب وما خلفه من مأسي وأحزان.
وأشار نائب الرئيس في اللقاء إلى استمرار التعنت والتصعيد الذي تمارسه الميليشيا المدعومة من إيران واستمرار استهدافها للمدنيين وللأراضي السعودية وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة والزوارق المفخخة وزرع الألغام.
وكان متحدث الحكومة راجح بادي، اعتبر في وقت سابق الحديث عن تسليم الحكومة لطرف ثالث، غير واقعي، معلناً تمسك الحكومة والشرعية بتسليم بإخلاء الحوثيين للميناء ومدينة الحديدة، وقال أن أي مقترحات بشأن الوضع في الحديدة خارج إطار المرجعيات الثلاث، فإنها « لا تعني الشرعية بشيئ».
لقاء مرتقب
ومن المزمع أن يلتقي المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، يوم غداً الخميس مع ممثلين لعدد من الأحزاب اليمنية، في سياق مساعيه الرامية للتحضير للمشاورات المقبلة في السويد، واقناع الاطراف السياسية الموالية للشرعية بالقبول بمقترح تسلم الأمم المتحدة للميناء.
وأفادت مصادر في هذا الخصوص، أن ممثلي عدد من الأحزاب اليمنية، تلقوا دعوة أممية لحضور اللقاء مع غريفيث، في مقدمهم ممثلون عن حزب المؤتمر الشعبي، والتجمع اليمني للإصلاح، والتنظيم الناصري، وحزب العدالة والبناء، والحزب الاشتراكي اليمني.
ووجهت الأحزاب المدعوة للقاء غريفيث في عمان، أمس الأول دعوة للأخير، لزيارة مدينة تعز التي تعاني من الحصار والقصف من قبل مليشيات الحوثيين منذ أربع سنوات.
جاء ذلك في بيان صدر باسم أحزاب «المؤتمر الشعبي العام، والتجمع اليمني للإصلاح، والحزب الاشتراكي اليمني، والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري»، في ختام اللقاء الذي عقدوه في مدينة شانغهاي الصينية، على هامش مؤتمر الحوار بين الحزب الشيوعي الصيني والأحزاب السياسية في الدول العربية.
وبحسب بيان الأحزاب الأربعة، فإن هناك فرصة لطرح موضوع الحصار والحرب في تعز على طاولة التشاور والبحث خلال اللقاء المزمع عقده الخميس المقبل في العاصمة الأردنية عمان، للتمهيد للجولة القادمة للمشاورات السياسية، بالإضافة إلى إمكانية بحث التدابير التي من شأنها أن ترفع الحصار عن المدينة وتوقف قتل أهلها من قبل مليشيا الانقلاب الحوثية المدعومة من ايران .
ودعا وزير الإعلام معمر الأرياني، غريفيث لزيارة تعز، فيما طالب نشطاء وسياسيين المبعوث الأممي بزيارة المناطق اليمنية المختلفة ومنها مأرب وحضرموت التي كان قد وعد بزيارته، للطلاع على ما خلفه انقلاب المليشيات من أوضاع إنسانية متردية، ونزوح ملايين اليمنيين من منازلهم.
وكان المبعوث الأممي لليمن، قد وعد خلال لقاءه مطلع الشهر الجاري، بزيارة محافظتي مأرب وحضرموت، للاطلاع على اوضاع النازحين هناك ومطالب القوى السياسية والحزبية هناك ورويتها للحل الشامل والعادل في اليمن.
الحديدة أولوية مارتن أو تحقيق السلام
أكد مارتن غريفيت إن لديه أولويتان، أولهما منع وقوع هجوم على الحديدة، والأخرى بدء المفاوضات السياسية، في حوار مع أخبار الأمم المتحد، جاء ذلك في حوار مع أخبار الأمم المتحدة.
وأوضح غريفيث أن عدم مهاجمة التحالف والشرعية للميناء وانحصار القتال حول المطار، واقتراح الحوثيين قيام الأمم المتحدة، بدور رئيسي في إدارة الميناء، يعد انجازاً كبيراً، إضافة إلى استمرار التواصل مع جميع الاطراف.
أشار مارتن في حواره، إلى الحوثيين وامكانية تسلم الأمم المتحدة لدور رئيسي في ميناء الحديدة، من منطق الأمر الواقع، أو كاتفاق ثنائي أجراه مع حكومة شرعية.
ولهذا أشار الكاتب والمحلل السياسي المنتمي للحديدة، عبدالله دوبله، أن المبعوث الأممي بحديثه ومقترحه الأخير، لم يعد وسيطاً، وأن منطقه كمن يكافئ محتجز الرهائن بأن يظلوا عبيداً له، بحجة، الخوف من أن تؤدي عملية التحرير إلى إيذاءيهم.
وأكد دوبله، أن تحرير الحديدة المدينة والميناء، حق سيادي، ومن حق الدولة تحرير مواطنيها، والحرص على سلامة المواطنين في العملية تحريرهم شيئ، وإدانة التحرير من حيث المبدأ شيئ أخر، وهو مما لا يحق للأمم المتحدة أو المنظمات العاملة في مجال حقوق الانسان التدخل فيه، فمسؤولية الدولة تجاه مواطنيها حق سيادي لا يجوز بأي حالاً من الأحوال التفريط فيه.
اجندة بريطانيا
ذهب الكاتب عبدالله دوبله، إلى ابعد من اتهام المبعوث الأممي بانتهاك السيادة اليمنية، بالحديث عن اتفاقه على تسلم ميناء الحديدة، وأضاف في مقال منشور على صفحته، ما يقوم به المبعوث الأممي لا سياسي ولا انساني حتى، والواضح أنه ينفذ اجندة دولة بريطانيا والتي تهدف إلى أن يظل الحوثي شوكه في خاصرة السعودية كهدف لمساومة المملكة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ويرى في هذا الاتجاه الكاتب الصحفي محمد اللطيف، أن المقاربة البريطانية للحل في اليمن حذرة ولا تتصادم مع المقاربة الأمريكية، مضيفا ً في تصريح صحفي سابق، أن لندن في النهاية تستفيد من استمرار الحرب، بعكس واشنطن، لان ذلك يسمح لتوسع نفوذها في الشأن اليمني، وهو ما يعني فشل حسم الحرب، فشلا غير مباشر لأمريكا.
غريفيث يخدم الحوثيين
خلال تصريحاته وإحاطته المتتالية في مجلس الأمن الدولي، يتحدث غريفيث عن الحوثيين وكأنهم حزب سياسي، ويحملون مشروع سياسي مختلف عن الأخرين.
ومنها على سبيل المثال اعتبار منشور لمحمد علي الحوثي على صفحته في الفيسبوك، قال أن جماعته مستعدة لوقف تصعيدها ضد النقل البحري، وكانها مبادرة من طرف واحد مضيفاً « أنا قلق جداً من أن الحديدة يمكن أن تكون نقطة اشتعال وأتعامل بجدية مع أي عرض لتخفيف التصعيد، بغض النظر عن حجمه، بما في ذلك العرض الأحادي الجانب من أنصار الله لوقف جميع الهجمات على النقل البحري».
خلاصة
أن يعتبر الاتفاق الحوثي مع غريفيث لتسلم الأمم المتحدة الإشراف على ميناء الحديدة، أكبر خدمة يقدمها المبعوث الأممي للمليشيات، إذا تحقق ذلك الاتفاق على ارض الواقع، وقد أكد في هذا الخصوص القيادي الحوثي محمد البخيتي، أن المقترح الذي عرضته جماعته على المبعوث الأممي مشروط بأن تحول إيرادات الميناء إلى البنك الركزي في صنعاء.
فهل يعمل البعوث الأممي على خدمة الحوثيين وتمويل حربهم على اليمن؟ وهل استلام الأمم المتحدة للميناء الجزئية الثانية من الممارسة البريطاني الابتزازية ضد الحكومة الشرعية والبنك المركزي خصوصاً، من خلال استمرار تجميد الحسابات الحكومية ومنع الشرعية من الوصل لأموالها المجمدة في ضرف استثنائي تشهد فيه البلاد أسوأ ازمة اقتصادية ومالية وإنسانية!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.