تعتبر محافظة تعز من المحافظات التي تحضر في قلب المعركة السياسية والعسكرية اليمنية على الإطلاق.. تعز العنوان العريض في الجبهة والمعادلة اليمنية، والبحث في تطوراتها السياسية والعسكرية يتطلب طرح الكثير من الاستفهامات ووضعها أمام المعنيين في تعز على مستوى السطلة المحلية وعلى مستوى الجيش. هذه المرة "أخبار اليوم" تطرح الكثير من تلك الاستفسارات أمام وكيلها الأول/ عبدالقوي المخلافي، حيث يجيب لنا في هذا الحوار على العديد من الاستفسارات المتعلقة بوضع المدينة عسكرياً وسياسياً وخدمياً. ويذهب المخلافي- في إجاباته على أسئلتنا بنوع من الشفافية- ولكنه يؤكد حجم التحديات التي تقف أمام السلطة المحلية وأمام المعنيين في كثير من القضايا التي تتعلق بتعز خصوصاً عسكرياً وخدمياً. ويشهد كثيرون بأن المخلافي- وهو وكيل المحافظة الأول- بأنه رجل عملي ويبذل جهوداً كبيرة أمام لملمة المدينة من نواحٍ عدة، خصوصا تلك التي تتعلق بملف الخدمات وتوفير الخدمة للناس في مجال الصحة والتعليم وغير ذلك؛ ولكن تبقى هناك في تعز مشكلة تحتاج إلى تكاتف وتعاون الجميع بحسب المخلافي.. فإلى نص الحوار - بداية دكتور عبدالقوي لو قلنا سنبحث معك مشكلة تعز كمحافظة مهمة وحاضرة في معادلة الحرب، حضرت تعز في قلب المقاومة والدفاع عن اليمن أجمع من بداية الحرب.. ولكن لم تحضر تعز في معادلة الاهتمام والتحرير والسلام.. هل لك أن تفسر لنا هذه العقدة وهذا اللغز؟ لماذا تعز دوما في واجهة الخذلان؟ *بداية نشكر صحيفة "أخبار اليوم" على هذه الاستضافة، واهتمامها بمحافظة تعز.. تعز بلا شك ظلت حاضرة في قلب المعركة الوطنية ضد الانقلاب، وكانت المحافظة السباقة للدفاع عن الشرعية والجمهورية، ومشروع الدولة الاتحادية. وهي دخلت هذه المعركة انطلاقاً من إدراكها لمسؤولياتها الوطنية والأخلاقية تجاه الوطن وشرعيته وثوابته، ولتأكيد وجودها الدائم عند كل المنعطفات والمراحل الفاصلة في التاريخ السياسي.. وهي اليوم- بفضل جيشها الوطني وتلاحم أبنائها وقواها السياسية والمجتمعية- تعيش وضعاً أفضل على المستوى الميداني وأصبحت محافظة شبه محررة، والجهود مستمرة لاستكمال عملية التحرير وفك الحصار.. نحن نثمن الدعم للجيش الوطني من قبل القيادة السياسية والأشقاء في التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، ونطالب بالمزيد اليوم، خصوصاً وأنه بات بالإمكان استكمال تحرير المحافظة، والأمر يحتاج لبعض الدعم وتوفير الإمكانات لخوض المعركة الأخيرة ودحر الحوثيين من تعز الى الأبد بإذن الله. - على مستوى التحرير البعص صار يستعبد تحرير تعز لماذا؟ وما هو الحاضر في أذهانكم أنتم كقيادة هل لديكم برامج عسكرية وسياسية للتحرير؟ وكيف؟ * الحديث عن صعوبة تحرير تعز هو حديث غير واقعي، نحن نتحدث عن محافظة أصبح جزء كبير منها يخضع لسلطة الشرعية، نحن حاضرون في مركز المحافظة، ومعظم مناطقها ومديرياتها محررة، ولدينا خطط عسكرية جاهزة لاستكمال التحرير، وسيتم تنفيذها في القريب العاجل بإذن الله. - هل هناك مساعي لتكثيف الجهود بشأن معركة تحرير وتنسيق بين قيادة المحافظة والجيش؟ * معركة تحرير تعز همّ مشترك ليس فقط للسلطة المحلية والجيش بتعز، بل للقيادة السياسية واليمنيين جميعا، لأن انتصار تعز وتحرير ما تبقى منها سيمثل ضربة كبيرة للانقلابيين على طريق تبديد أوهامهم في حكم اليمن بالقوة، وهي الأوهام التي لن يكون لها مكان في المستقبل القريب.. نحن في السلطة المحلية على تنسيق تام مع قيادة الجيش الوطني بالمحافظة فيما يتعلق بالترتيب والإعداد لعملية التحرير بقيادة التحالف العربي، وبقيادة السعودية والإمارات العربية المتحدة. - البعض يقول إن هناك تداخل بتعز في بعض السلطات، وهناك تداخل باتخاذ القرار والصلاحيات؟ متى ستعود كل سلطة إلى صلاحياتها وسيلتزم الجميع بذلك؟ * لا يوجد في تعز أي ازدواجية أو تداخل في الصلاحيات والمهام، الجميع يقوم بمهامه المناطة به وفقا للقانون، وهناك حالة كبيرة من الانسجام والتكامل في الأداء بين مختلف المؤسسات والأجهزة بمحافظة تعز. - شهران مرت حتى الآن على تعيين محافظ جديد لتعز.. أين هو المحافظ؟ لماذا لم يصل بعد إلى المحافظة لمباشرة عمله أم أنه سيظل يدير المحافظة عن بعد ومن خارج المدينة؟ * الأخ المحافظ الأستاذ/ نبيل شمسان، رجل دولة وإداري من طراز رفيع، وتعيينه كان قراراً موفقاً، وقوبل بارتياح كبير على مستوى السلطة والمكونات وجميع أبناء المحافظة. الحديث عن تواجد المحافظ في تعز من عدمه هو أمر يقرره المحافظ انطلاقاً من مصلحة المحافظة، والمحافظ- لاشك- سيكون متواجداً في المكان الذي تقتضيه مصلحة تعز.. هذا هو الأمر الأهم، بعيداً عن جعل التواجد في تعز أو خارجها معياراَ للحكم على الأخ المحافظ أو أي مسؤول آخر.. تعز هي البوصلة، ونحن في ظرف استثنائي والأخ المحافظ في عدن خلال هذه المدة من أجل متابعة الكثير من الأمور والقضايا والملفات ونحن نرجو له السداد والتوفيق. - على المستوى الخدمي ما الذي قدمتموه لتعز؟ وما الصعوبات التي تواجهكم؟ * من السهل اكتشاف وملاحظة الفوارق الكبيرة والعمل الذي تم في مدينة تعز في إطار جهود استعادة الحياة في المحافظة، وهي جهود ممتدة منذ العام 2016. اليوم معظم مؤسسات الدولة ومكاتبها قائمة بمحافظة تعز، تم تشغيل معظم المرافق، رغم التحديات الكبيرة التي لاتزال تواجه تعز، فهي لازالت محاصرة وتتعرض للحرب والقصف العشوائي والدمار؛ إلا أن كل ذلك لم يمنع من المضي في برنامج تطبيع الحياة، وحققنا نجاحات كبيرة وملموسة في هذا الجانب. - على مستوى الصحة هناك تحديات بالغة تتفاقم أمام المستشفيات والمؤسسات الصحية أين هو دوركم أنتم بهذا الشأن؟ * لا شك أن القطاع الصحي بمحافظة تعز تأثر كثيراً بظروف الحرب والحصار، سواء فيما يتعلق بعملية استهدافه من قبل الانقلابيين، أو نزوح الطواقم الطبية، وإغلاق معظم المستشفيات. هناك جهود كبيرة بذلت وتبذل من أجل استعادة الدور الحيوي لهذا القطاع، ونحن ننتهز الفرصة لنوجه شكرنا لكافة المستشفيات والطواقم الطبية التي صمدت خلال فترة الحرب، وقدمت خدماتها للسكان والجرحى والمرضى، رغم التحديات الأمنية وشحة الإمكانات، نشعر بالفخر إزاء هذه النماذج التي قدمت صورة مكثفة عن تعز الصامدة وتحديها لإرادة الموت والقتل، والاستهداف. كما نحيي جهود كافة الجهات والمنظمات لمساعدة المستشفيات وتوفير المستلزمات والأدوية والمساعدة في تقديم الخدمات الطبية. - إيرادات المحافظة من ضرائب وغيره أين تذهب وعبر أي قنوات تصرف؟ وكيف تصرف؟ بل ما هو مردودها بالنسبة للمحافظة؟ *كل الإيرادات التي يتم تحصيلها يجري تحويلها إلى فرع البنك المركزي بالمحافظة وتصرف عبر مكتب المالية وهي إيرادات محدودة ولا تفي بالنزر اليسير من احتياجات المحافظة، لأن معظم إيرادات المحافظة كانت من الشركات والمصانع، وهي حالياً تقع في مناطق لم تخضع بعد للسلطة الشرعية. وبخصوص الإيرادات المركزية المحدودة يتم توريدها شهرياً إلى البنك المركزي في عدن، نحن بهذه الإيرادات البسيطة المتاحة نحاول ترتيب وضع السلطة المحلية والمكاتب التنفيذية، ونسعى لتحسين وضعها المالي، لتكون قادرة على تقديم خدماتها والوفاء بالتزاماتها في الجوانب الإدارية والخدمية. علما بأن الموازنة الخاصة لتعز شحيحة وما يتم صرفه من نفقات تشغيلية من النصف الثاني لعام 2017وعام 2018م. عشرون في المائة من موازنة 2014م فقط، لا يساوي خمسة بالمائة من الموازنة المعدة من لجنة موازنة المحافظة لعام 2018. - الانفلات الأمني أين وصلتم فيه وفي وضع حدود له؟ * التحدي الأمني هم مشترك في مختلف المحافظات المحررة، ونحن جزء منها في محافظة تعز، فالمنظومة الأمنية انهارت بشكل تام بعد الانقلاب. لكننا بمحافظة تعز نعمل للتغلب على الظروف الأمنية الصعبة، وتعز خلال العامين الأخيرين شهدت تحولاً كبيراً في مسار استعادة وبناء الأجهزة الأمنية، حتى صار لدينا اليوم شرطة المحافظة، والأمن الخاص وشرطة الدوريات، والبحث الجنائي، وهي أجهزة ناشئة ولازالت في طور البناء، الا أنها تقوم بجهود عظيمة لتطبيع الحالة الأمنية رغم شحة الإمكانات، وتمكنت من فرض الأمن في مرحلة قياسية. الناس في تعز يلمسون دور الأمن، وجهوده في منع الجريمة والحد من الانفلات، ويمكن وبسهولة ملاحظة التحسن الكبير في الجانب الأمني بالمحافظة. - تعليم تعز ماذا عنه؟ وأين هي جهودكم بهذا الشأن؟ *قطاع التعليم مثل غيره من القطاعات تأثر بفعل الحرب، وربما كان هذا القطاع الأشد تضرراً، فالمليشيات عمدت إلى استهداف التعليم في تعز.. هذه النقطة تحديداً تمثل للمليشيات مأزقاً وتثير نزعة عدوانية لديها تجاه تعز، لأنها تعتقد أن التعليم والوعي ينهيان أحلامها في استعادة أمجاد الإمامة المندثرة التي حكمت اليمن ومارست عملية تجهيل ممنهج للشعب، وحرمانه من التعليم، ليبقى سهلاً وطائعا لها. ولذا فقد عمدت المليشيات إلى استهداف المؤسسات التعليمية في تعز ودمّرت مئات المدارس وهجّرت الطلبة والتربويين والأكاديميين في محاولة منها لإطفاء وهج التعليم، إلا أننا في تعز تغلبنا على كل هذه المحاولات، من خلال فتح الجامعات والمدارس واستئناف العملية التعليمية، واليوم معظم مدارس تعز وجامعاتها ومعاهدها تعمل، والملتحقين بالعملية التعليمية في تزايد مستمر بفعل هذا الإصرار، والإرادة لاستئناف التعليم. - رسالتك الأخيرة؟ * تعز صامدة في معركتها ضد الانقلابيين، وملتزمة بخط الشرعية والوقوف خلف القيادة السياسية ممثلة بفخامة رئيس الجمهورية المناضل المشير/ عبد ربه منصور هادي- قائد مسيرة اليمن الاتحادي-ونحن نجدد دعوتنا للقيادة السياسية والأخوة في التحالف لإمداد الجيش بالعتاد والإمكانات اللازمة لإلحاق الهزيمة بالمليشيات الانقلابية وطردها من تعز.. انتصار تعز بوابة لانتصار اليمن، وهذه المحافظة تستحق أن تكافأ نظير تضحياتها العظيمة في سبيل الجمهورية واليمن الاتحادي.