هجوم جوي يستهدف معسكرًا في شبوة    وقفات جماهيرية في القبيطة تحت شعار "جهوزية واستعداد .. والتعبئة مستمرة"    الصين تسجل رقماً قياسياً في إنتاج الحبوب تجاوز 714 مليون طن    الأردن يهزم العراق ويبلغ نصف نهائي كأس العرب    باريس سان جيرمان يلتقي ميتز ولانس يواجه نيس في الجولة 16 من الدوري الفرنسي    ضعف الدولار يرفع الذهب... المعدن الأصفر يتجه لتحقيق مكسب أسبوعي 1.8%    الله جل وعلآ.. في خدمة حزب الإصلاح ضد خصومهم..!!    5 شهداء وجرحى في هجوم إرهابي بطيران مسير على عارين    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الشيخ محمد بجاش    منطقة حدة بصنعاء تذهل العالم بقرار تاريخي .. ومسئول حكومي يعلق!    هيئة الآثار تنشر القائمة ال30 بالآثار اليمنية المنهوبة    الاتحاد الدولي للصحفيين يدعو لاستبعاد قيادات حوثية من مفاوضات مسقط    تحركات مثيرة للجدل: كهرباء تعز تسحب المحولات من الأحياء إلى المخازن    قرار بنقل عدد من القضاة .. اسماء    الانكماش يضرب الاقتصاد البريطاني في أكتوبر.. وتراجع حاد في قطاعي الخدمات والبناء    أيها الكائن في رأسي    "ذا تايمز" تكشف عن لقاءات سرية بين "الانتقالي" وكيان العدو الصهيوني    الإصطفاف الجماهيري من أجل استعادة استقلال الجنوب    بيان العار المسيّس    سياسة في الرياض وعمل على الأرض.. الانتقالي أمام مهمة بناء الدولة قبل إعلانها    خبير في الطقس يتوقع هطول أمطار متفاوتة الغزارة على بعض المناطق    عدن تختنق بغلاء الأسعار وسط تدهور اقتصادي متسارع    زلزال بقوة 6.7 درجة يضرب شمال شرقي اليابان وتحذير من تسونامي    اليوم ..العراق في مواجهة الاردن والجزائر مع الامارات    واشنطن تندد باستمرار احتجاز موظفي سفارتها في صنعاء    الصحفي والقيادي الإعلامي الكبير ياسين المسعودي    أغلبها من حضرموت.. الهجرة الدولية تسجل نزوح 338 أسرة خلال الأسبوع الماضي    كبار الوطن.. بين تعب الجسد وعظمة الروح    إب.. سبعة جرحى في تفجير قنبلة إثر خلافات عائلية وسط انفلات أمني متزايد    تعز… أخ يعتدي على شقيقته المحامية بعد ترافعها في قضية مرتبطة به    الأمين العام للأمم المتحدة: "ما حدث في محافظتي حضرموت والمهرة تصعيد خطير"    غوتيريش: مركز الملك سلمان للإغاثة يُعد نموذجًا بارزًا على السخاء وجودة الخدمات الإنسانية    الرئيس الزُبيدي يتفقد سير العمل بديوان عام وزارة الزراعة والري والثروة السمكية وقطاعاتها    ثلاث عادات يومية تعزز صحة الرئتين.. طبيب يوضح    شهد تخرج 1139 طالبا وطالبة.. العرادة: التعليم الركيزة الأساسية لبناء الدولة واستعادة الوطن    ضحايا جراء سقوط سيارة في بئر بمحافظة حجة    منظمة اممية تنقل مقرها الرئيسي من صنعاء إلى عدن    الجنوب راح علينا شانموت جوع    السيتي يحسم لقاء القمة امام ريال مدريد    اليونسكو تدرج "الدان الحضرمي" على قائمة التراث العالمي غير المادي    لا مفر إلى السعودية.. صلاح يواجه خيبة أمل جديدة    إسرائيل تحذر واشنطن: لن نسمح بوجود تركي في غزة    فعالية حاشدة للهيئة النسائية في صعدة بذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    المنتخب الوطني تحت 23 عاما يغادر بطولة كأس الخليج بعد تعادله مع عمان    ندوة بصنعاء تناقش تكريم المرأة في الإسلام وتنتقد النموذج الغربي    بيان مرتقب لقائد الثورة في اليوم العالمي للمرأة المسلمة    "اليونسكو" تدرج الدان الحضرمي على قائمة التراث العالمي غير المادي    نبحوا من كل عواصم العالم، ومع ذلك خرجوا من الجنوب.    مباراة حاسمة.. اليمن يواجه عمان مساء الغد على بطاقة التأهل لنصف نهائي كأس الخليج    اجتماع موسع بصنعاء لتعزيز التنسيق في حماية المدن التاريخية    60 مليون طن ركام في غزة بينها 4 ملايين طن نفايات خطرة جراء حرب الإبادة    إتلاف 8 أطنان أدوية مخالفة ومنتهية الصلاحية في رداع    حضرموت.. المدرسة الوسطية التي شكلت قادة وأدباء وملوكًا وعلماءً عالميين    شبوة.. تتويج الفائزين في منافسات مهرجان محمد بن زايد للهجن 2025    المثقفون ولعنة التاريخ..!!    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عدن.. يوميات مدينة تختنق بثلاثي الموت (الحرب والانقلاب والأوبئة )
يوميات ملية بالتوابيت والنعوش..
نشر في أخبار اليوم يوم 16 - 05 - 2020

كان هواءها أريج، وضوئها أصيل، عطرها فواح، همسها أهازيج لأصخب فيها ولا ضجيج.

قصة مدينه تتقياء الموت، وتختنق بلهثاتها، ونحيب سكانها، بعد إن استوطنها ثلاثي الحرب والانقلاب والأوبئة.

عدن أو العاصمة المؤقتة، قصة التحول إلى قبور موحشة، مصحوبة بتناهيد رياحها الرتيبة، وصباحها البهيم وليلها النعيب، يقول البعض.

ويضيف آخرون تلك المدينة التي كان بخورها والعبير يفوح من شوارعها وأزقتها، غدت تلفظ أهلها، وتمتص من دمائهم.

يوميات أهلها، غدت ملية بالتوابيت والنعوش تعتصر قواها، وتبعثر ابتسامتها بالفتور، عقب إعلان الحكومة اليمنية في11 مايو/أيار 2020، "مدينة موبوءة" جراء تفشي أنواع مختلفة من الفيروسات والأوبئة القاتلة فيها، آخرها فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، بالتزامن مع إغلاق لمعظم مستشفيات المدينة، مناشدة المجتمع الدولي التدخل لدعم القطاع الصحي المتدهور في البلاد.

جاء ذلك عقب إقامة إعلان مايعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، في 25 ابريل الماضي، ما أسمته ب، "إدارة للحكم الذاتي بالمناطق الواقعة تحت سيطرته، في خطوة وصفتها الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، والمجتمع الإقليمي والدولي، بأنها ستكون لها «تبعات كارثية».

سبق ذلك إعلان الحكومة الشرعية، إن مدينة عدن منكوبة بسبب حجم الخراب والخسائر الهائلة بفعل المنخفض الجوي والسيول الجارفة، الذي ضرب العاصمة مؤقتة بسبه.

أسفرت السيول التي ضربت عدن، عن مصرع 14 شخصاً في إحصائية رسمية ، إضافة إلى شلل تام في الخدمات العامة.

ومنذ أحداث أغسطس/آب الماضي، وسيطرات المجلس الانتقالي الجنوبي على المدينة وطرد الحكومة الشرعية، أصاب مؤسسات وأجهزة الدولة والحكومة الشرعية الشلل التام، من ما فاقم من العجز في فعالية مواجهة مثل هذه الظروف الطارئة التي تسببت في الوقت الحالي، عن أكبر كارثة صحية تعيشها مدينة عدن.

وفي ضل فرض سلطات الأمر الواقع التي تفرضها مليشيا الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، في عدن، فأن "أزمة السيول لم تحل حتى اليوم، وصارت الأوبئة تقتل الناس بالآلاف".

وكانت الحكومة الشرعية قد حملت، المجلس الانتقالي مسؤولية الوضع الصحي في عدن، بعد ظهور أوبئة عدة وإصابات بفيروس «كورونا» المستجد19».

في هذه الورقة تستعرض صحيفة "أخبار اليوم" تداعيات إعلان مايعرف بالانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا "الإدارة الذاتية"، على الصعيد الصحي والأمني والسياسي والعسكري.

* استغلال إماراتي
يتزامن إعلان حلفاء الإمارات في الانتقالي الجنوبي في هذا التوقيت عقب كارثة السيول واكتشاف أول حالة إصابة مؤكدة بفيروس "كورونا"، مع تزايد الاتهامات الحكومية لذراع أبوظبي في تطبيق بنود اتفاق الرياض، وتصعيد عسكري من قبل مليشيا الأخير في جزيرة سقطرى، الذي يأتي مع تصعيد عسكري أخر لجماعة الحوثي الانقلابية في محافظة الحديدة ومأرب والجوف والبيضاء.

وبحسب تقارير إعلامية فقد مثَّلت هذه التوترات بين الحكومة الشرعية ومايعرف بالانتقالي الجنوبي، آخر ضربةٍ موجَّهةٍ إلى لجهود السلام الأممية والسعودية في اليمن، بعد أن أسفرت السيول التي أصابت مدينة عدن عن مقتل 14 شخصاً على الأقل، منهم 5 أطفال، بالإضافة إلى اكتشاف أولى حالات الإصابة بكوفيد-19 هذا الشهر في المدينة.

سيول جارفة وإصابة بفيروس كورونا قوبلت باستغلال إماراتي من قبل حلفائها في اليمن، لاستكمال إستراتيجيتهما التشطرية، من خلال اتخاذ تلك الكوارث الصحية والبيئية "تبارياً سياسياً في إحراز النقاط متهمين الحكومة الشرعية التي لاتملك إي سلطات أمنية أو عسكرية في عدن بالاستجابة الضعيفة، كدليلٍ على عجزه عن الحكم".

ونشر نائب رئيس المجلس الانتقالي "هاني بن بريك" تغريدةً صباح يوم الأحد، 26 أبريل/نيسان، اتَّهم فيها حكومة هادي بوضع عوائق أمام اتفاق الرياض وبالفساد وسوء الإدارة.

وقبل ساعاتٍ، أعلن الانفصاليون المدعومين إماراتيا، حالة طوارئ في عدن ومحافظات جنوبية أخرى. وأعلنوا أيضاً اعتزامهم فرض سيطرتهم على الميناء والمطار الجوي والبنك المركزي ومناطق حكومية أخرى.

* كارثة صحية
بعوض وأمراض حمية
تسببت المياه الراكدة جراء السيول التي ضربت العاصمة المؤقتة عدن، وتعنت حلفاء الإمارات "الانتقالي الجنوبي" في معالجة الوضع الكارثي بعدن، في انتشار البعوض والأمراض الحمية، أبرزها وباء الشيكونغونيا (المكرفس بالاسم المحلي)، ووفق مصادر طبية، فإن العشرات من السكان لقوا حتفهم بالمرض الفيروسي الذي تفشَّى عن طريق البعوض الحامل لعدوى المرض.

وخلال الايام القليلة الماضية أعلنت الحكومة الشرعية، عدن مدينة موبوءة بفيروس كورونا وأمراض الحُميات التي ضربت العاصمة المؤقتة للبلاد جراء الفيضانات، لكنها عجزت عن تشخيص الوباء الغامض الذي حصد أرواح 600 شخص منذ مطلع مايو/ أيار الجاري.

وأكدت مصادر حكومية،أن حصيلة الوفيات التي رُصدَت بلغت أكثر من 623 شخصا بينهم 6 مسؤولين حكوميين في الفترة بين 1 حتى 13 مايو/آيار الجاري جراء أوبئة وفيروسات تجتاح محافظة عدن يرجح أنها الشيكونغونيا، والطاعون الرئوي“.

والطاعون الرئوي هو نوع شديد من التهاب الرئة، تسببه بكتيريا "يرسينيا بيستيس" .

فيما "الشيكونغونيا" مرض فيروسي ينتقل إلى البشر عن طريق حشرة البعوض، ويسبّب حمى وآلاماً مبرحة في المفاصل والعضلات إضافة للصداع والتقيّؤ والطفح الجلدي، وفق منظمة الصحة العالمية.

وذكرت المصادر أن الساعات الماضية من مساء الثلاثاء الماضي، سجلت وفاة 3 مسؤولين بالحكومة الشرعية، هم المدير العام لمكتب الاتصالات، ووكيل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ومدير عام النظم والمعلومات في هيئة البريد.

وأجبر الارتفاع الهائل في أعداد الوفيات، العشرات من الأسر التي تقطن عدن على النزوح إلى أرياف المحافظات الجنوبية، فيما توجه البعض نحو مدينة تعز والعاصمة صنعاء، وسط مخاوف من نقل الوباء إلى تلك المدن.

جهود حكومية
بدورة قال عبد الرقيب الحيدري، وكيل وزارة الصحة لصحيفة «الشرق الأوسط»: «إن الحكومة ممثلة بوزارة الصحة، تبذل كل جهودها من أجل تنفيذ خطة مواجهة وباء (كورونا) في مختلف المحافظات المحررة، إلا أن فداحة ما قام به (الانتقالي) من قرارات متهورة تعيق عمل الحكومة، لا سيما في المجال الصحي، بعكس مأرب التي تستجيب وتنفذ التوجيهات».

وبحسب الحيدري الذي أكد أن عدن تحتاج استنفاراً لمواجهة الأوبئة؛ خصوصاً بعد ظهور حالات إصابة مؤكدة ب«كورونا»، وبعض الأوبئة ك«الضنك»، و«الشيكونغونيا» (المكرفس)، و«الكوليرا» و«الملاريا»، جراء الأمطار التي مثَّلت بيئة خصبة لعودة الأوبئة التي يعاني منها الشعب منذ سنوات.

وفي سياق متصل قالت وزارة الخارجية اليمنية، إنها حاولت مراراً التعاطي بإيجابية مع كل جهود تنفيذ اتفاق الرياض، غير أنها قوبلت بتعنُّت مستمر من قِبَل المجلس الانتقالي وإصرار غير مبرَّر على الاستمرار في تمرده المسلح.

فيما صرح الوزير محمد الحضرمي في تغريدة له على تويتر بأن المجلس قوّض عمل مؤسسات الدولة، بما في ذلك تعطيل عمل الفرق التابعة لوزارة الصحة المعنية بالتصدي لجائحة كورونا في عدن.

في موازاة ذلك قالت منظمة "أطباء بلا حدود" الدولية الإنسانية يوم الجمعة الماضي 15 مايو/أيار 2020، إنه من المستحيل معرفة المدى الكامل لانتشار فيروس كورونا المستجد في اليمن، في تصريحات تدعم إحصائيات لمنظمات طبية أن مئات الأشخاص يموتون بأعراض مشابهة لمرض كورونا في عدن، في ظل قلة الموارد والفحوص الطبية.

من جانبها منظمة إنقاذ الطفولة الخيرية أوضحت، الخميس الماضي، إن عدد الأشخاص الذين يموتون بسبب أعراض تشبه مرض كورونا تجاوز 385 شخصاً خلال الأسبوع الماضي في مدينة عدن الساحلية الجنوبية.

لكن حتى فجر الجمعة، بلغ إجمالي الإصابات المعلن عنها رسمياً بفيروس كورونا في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية 85 حالة، منها 12 حالة وفاة، وحالة شفاء واحدة.

وفقاً لمنظمة إنقاذ الطفولة، لا يوجد في اليمن سوى 500 جهاز تنفس صناعي، وأربعة مختبرات فقط قادرة على إجراء اختبار فيروسات التاجية.

وأكدت المنظمة أن المستشفيين الحكوميين الرئيسيين في عدن لا يزالان مفتوحين، لكنهما لا يقدمان سوى خدمات الطوارئ، ويعالجان المرضى المصابين بالحمى ولكن ليس أولئك الذين تظهر عليهم أعراض الجهاز التنفسي.

كما أشارت إلى أن معظم مستشفيات عدن الخاصة أغلقت أيضاً، أو تعالج الحالات المزمنة فقط دون أعراض تنفسية أو حمى.

مدير برامج إنقاذ الطفولة في اليمن، محمد الشماع، قال في بيان: "فِرقنا على الأرض ترى كيف يتم طرد الناس من المستشفيات ويتنفسون بشدة، أو ينهارون"، وأضاف: "نسمع عن عائلات فقدت اثنين أو ثلاثة من أحبائها في الأسابيع القليلة الماضية".

وفي الثاني من مايو/أيار أصدر مكتب النائب العام في عدن بيانا اطلعت عليه "رويترز" يقول فيه إنه يحقق في تقارير إعلامية عن رفض بعض المستشفيات والمراكز الصحية الخاصة والعامة التي لم يذكر أسماءها وكذلك بعض الأطباء دخول بعض الحالات الصحية الطارئة أو توفير الرعاية الطبية للحالات الحرجة.

* القشة القاصمة
كان وباء كورونا القشة التي قصمت ظهر مدينة عدن في ضل الإهمال الصحي المتعمد من قبل سلطات مايسمى بالانتقالي الجنوبي، والتوظيف السياسي من قبل دولة الإمارات لهذا الوباء لتحقيق أجنداتها التوسعية في اليمن، والعمل على إجهاض اتفاق الرياض وإفشال كل المساعي السعودية لتنفيذ الاتفاق من خلال الجائحة التي تضرب البشرية دون مراعاة أي من المعاير الإنسانية، والتي تزامن تسجيل أول حالة إصابة مؤكدة مع إعلان حلفائها في الانتقالي الجنوبي "الإدارة الذاتية للمحافظات الجنوبية".

وبحسب مصادر سياسية، فأن الإمارات وحلفائها في الانتقالي الجنوبي يحاولان من خلال استغلال تفشي فيروس كورونا في العاصمة المؤقتة عدن إلى تحميل السعودية مسؤولية تفشي هذا الوباء بحكم قيادتها للتحالف ورعايتها لاتفاق الرياض.

هذا وسجلت اللجنة الوطنية العليا -منذ العاشر من أبريل الماضي وحتى يوم الجمعة 15 مايو- 106 حالة إصابة بفيروس كورونا أغلبها في عدن، بينها 15 حالة وفاة وحالة تعاف واحدة، في محافظات تعز ولحج وأبين وعدن والضالع والمهرة وشبوة وحضرموت ومأرب.

ويأتي ذلك في ظل حالة انهيار القطاع الصحي في المدينة الخاضعة لسيطرة المجلس الانتقالي، ووفقا للمتحدثه باسم لجنة الطوارئ لمواجهة وباء كورونا الدكتورة "إشراق السباعي".

هذا وأوصدت عدداً من المستشفيات أبوابها أمام المرضى في ظل ارتفاع الإصابة بالحميات.

وفي أكثر من مناسبة أعلن أطباء المستشفى الجمهوري في المدينة، الذي يعد من أكبر المستشفيات العامة، الإضراب عن العمل، احتجاجاً على عدم توفير السلطات الطبية أدوات السلامة الصحية الأولية، كالمطهرات والكمامات ومواد التعقيم.

في المقابل أكد مصدر طبي رفيع في العاصمة المؤقتة عدن، الجمعة، أن وباء كورونا تفشى وسط الكوادر الطبية في المدينة.

وأوضح المصدر -الذي فضل عدم ذكر اسمه كونه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام- أن أعضاء الكادر الطبي في مدينة عدن يتساقطون واحداً تلو الآخر نتيجة إصابتهم بوباء كورونا في ظل غياب الاهتمام الحكومي تجاه الكارثة الصحية التي تشهدها المدينة.

وأكد المصدر في تصريح لموقع "الموقع بوست" ألأخباري، أن المدينة فقدت خلال الساعات القليلة الماضية ثلاثة من أكبر وأشهر الكوادر الطبية، وهم: أخصائي الأسنان الدكتور عادل السراري، وأخصائي المخ والأعصاب الدكتور يونس أنيس، والأخصائية الباطنية الدكتورة ابتهال حمود.

وأفاد بأن عدد حالات الإصابة بوباء كورونا بين الكوادر الطبية والتمريضية في المدينة تجاوزت 13 حالة في عدن وحدها.

وأشار إلى أن العجز الحاصل في "الفحوصات" المستخدمة في فحص العينات من حالات الاشتباه بفيروس كورونا هو ما جعل الإحصاءات المعلنة غير دقيقة.

وأكد المصدر وجود مئات الحالات المصابة بكورونا في عدن، مشيراً إلى أنها في تزايد مستمر في ظل عجز السلطات في عدن "الانتقالي الجنوبي" عن فرض حظر شامل واستمرار الحركة في الأسواق وأماكن تجمع الناس.

وفي السياق اتهم "محمد الربيدي"، مسؤول بوزارة الصحة اليمنية، الخميس الماضي سلطات مايعرف بالانتقالي الجنوبي بالتدخل في مهام القطاع الصحي، ما ادى إلى تعطيل نشاط المحجر الصحي وكافة أنشطة مكتب الصحة الحكومي بعدن (العاصمة المؤقتة) والهادفة لمواجهة تفشي فيروس كورونا".

وأوضح "الربيدي" أن "حالة التداخل والاعتراض والعرقلة وازدواج المهام تهدد بفشل كل جهود مواجهة الفيروس في عدن".

خروج عن الخدمة
توقف مصنع الأكسجين الخاص بهيئة مستشفى الجمهورية التعليمي في العاصمة المؤقتة عدن مساء اليوم الجمعة، عن العمل عقب انفجار شهده نتيجة ضغط الإنتاج.

ونقلت وسائل إعلام يمنية عن مصادر عاملة في المستشفي، إن المصنع كان يُغطي احتياجات المستشفى فقط، ومؤخراً تم إضافة قسم العزل الخاص بالحالات المشتبه إصابتها بفيروس كورونا ليزيد من وتيرة الضغط القائم على المصنع ذي الإمكانات المحدودة.

وأوضحت المصادر أن المصنع -خلال الفترة القليلة الماضية- ظل ينتج كميات كبيرة لتغطية احتياجات المستشفى وقسم العزل فضلا عن تعبئة إسطوانات الأكسجين للمبادرات الخيرية التي تعمل على إسعاف المواطنين الذين هم بحاجة للأكسجين في ظل تفشي فيروس كورونا في العاصمة المؤقتة عدن.

وطالبت المصادر المنظمات وفاعلي الخير بسرعة التدخل لتوفير إسطوانات الأكسجين لعشرات المرضى الذين يستقبلهم المستشفى إضافة إلى المرضى الموجودين في قسم العزل الذي سيكون مُعرضاً للتوقف بشكل كامل إذا لم تتوفر إسطوانات الأكسجين.

خدمات متوقفة
ولم يكن الوضع الصحي هو الشغل الشاغل للمدينة، بل فاقم انقطاع التيار الكهربائي والمياه من معاناة الأهالي.

ووفق محمد سالم وهو أحد النشطاء في المدينة فإن أحياء كثيرة تقضي لياليها في ظلام دامس، بينما توقفت أجهزة التكييف في المدينة الساحلية، وجعلت ساعات النهار أشبه بالجحيم خصوصاً مع حلول أيام الصيف الأولى.

وأضاف، بأن المولدات الكهربائية خرجت عن الخدمة بسبب السيول، بينما عجزت مؤسسة الكهرباء عن إصلاح الأضرار.

مياه الشرب هي الأخرى انقطعت بصورة تامة عن عدد من الأحياء، بينها أحياء المنصورة، وحي فقم على ساحل البحر.

وشكا مواطنون في مدينة كريتر او ما تعرف بعدن القديمة من زيادة انطفاءات التيار الكهربائي عن منازلهم منذ ليلة الجمعة ومع دخول الحظر الشامل بعدن حيز التنفيذ.

وقالوا في معرض شكاويهم، إن انطفاءات الكهرباء تفاقمت منذ فجر اليوم الجمعة، حتى بات التيار يعمل فقط لساعتين أو اقل وينقطع لمدة 3 ساعات ونص للفترة الواحدة.

وأضافوا إن الجمعة لم يستمر التيار الكهربائي بالعمل خلال اليوم كله سوى 6 أو 7 ساعات فقط بينما تجرعت المديرية نحو 17 ساعة انطفاء وربما أكثر بقليل، في الوقت الذي نفذت السلطة المحلية وقوات أمنية فرض حظر تجوال شامل وإجبار المواطنين على التزام منازلهم.

وأوضحوا إن درجة الحرارة في عدن بلغت الخميس والجمعة، أكثر 37 درجة مئوية مع ارتفاع نسبة الرطوبة او مايعرف بالكاوي، مشيرين بان منازلهم تغلي من الحر وهو ما يتسبب عادة بضيق في التنفس للكثيرين لاسيما كبار السن وأصحاب الإمراض المزمنة.

ودعوا في ختام شكاويهم كل من له سلطة في عدن ان يجنب الأهالي ما يتجرعونه من معاناة ومأسي يومية جراء الأوبئة والإمراض والتي تزيد حدة ما يعانونه من انطفاءات متكررة للكهرباء وانعدام المياه عن منازلهم.

وأشاروا أنهم على استعداد تام لحماية أنفسهم والتزام منازلهم، لكن البيئة المحيطة والأوضاع التي تشهدها عدن تدفع المواطنين دفعا لمصيرهم المحتوم دون وازع من دين او ضمير

احتجاجات وصد
ودفعت تلك الأوضاع بالأهالي إلى تنظيم مسيرات احتجاجية غاضبة، قبل أن تتدخل قوات الحزام الأمني المدعومة من الإمارات وتقمع تلك المظاهرات، والسبت الماضي أطلقت القوات الرصاص على مسيرة، كما اعتقلت عدداً من المتظاهرين.

وقالت اللجنة التحضيرية المنظمة للمظاهرة، في بيان لها، إنها سعت إلى عدم الاصطدام مع قوات المجلس الانتقالي، محذرة من التصعيد الشامل في حال لم يذهب "الانتقالي" إلى إصلاح الأوضاع في المدينة، أو السماح بعودة عمل الحكومة.

في خضم ذلك وقف مايعرف بالانتقالي الجنوبي الذي يسيطر على العاصمة المؤقتة عدن ومن خلفه الإمارات، عاجزين عن إنقاذ المواطنين في هذه المدينة المنكوبة والموبؤة .

بل وصل الأمر إلى تهديد قيادات المجلس المدعوم إماراتياً للمواطنين المناهضين لدور سلطاتهم في عدن ومقاضة كل منتقديهم.

وأصدر المجلس الانتقالي أصدر قراراً جديداً يقضي بمحاسبة كل من ينتقد تردي الخدمات والأوضاع المتدهورة في عدن، مشيراً إلى أن إعلان الانتقالي الإدارة الذاتية ليس محل سخرية وثرثرة في وسائل التواصل الاجتماعي.

وأمر أحمد سعيد بن بريك، القائم بأعمال رئيس المجلس، بتغريم كل من يبث الدعاية مليون ريال يمني (1700 دولار)، إضافة إلى عقوبة السجن لمدة ستة أشهر، مؤكداً ضرورة إبلاغ حتى وسائل النقل العامة بهذا التعميم.

ووفق تحليل للمدير التنفيذي لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية ماجد المذحجي، فإن المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات يعيش مواجهة مع جماهيره بسبب تردي الخدمات العامة.

وأشار المذحجي في تحليل منشور على الموقع الإلكتروني للمركز، فإن إعلان المجلس الانتقالي الإدارة الذاتية في الجنوب قفز نحو المجهول، لم يكن الوحيد من يتحمل تبعاته بل جرَّ الجميع معه.

وأضاف: "أتت حادثة السيول في عدن لترفع مستوى الضغط الشعبي على المجلس الانتقالي، انفجرت المظاهرات الشعبية الغاضبة بسبب تردي الخدمات نتيجة السيول التي شهدتها عدن، ووجد المجلس الانتقالي نفسه في وضع غير مألوف في مواجهة السخط العام".

الخلاصة
في خضم هذه التطورات، وجدت الإمارات فرصة سانحة في التحالف الذي تقوده السعودية للعب دور أساسي منذ بداية العمليات العسكرية المشتركة في اليمن، مستفيدة من انشغال القيادة السعودية في ترتيبات بيت الحكم داخل العائلة المالكة، وتفادي تداعيات انهيار أزمة النفط، وتوتر العلاقات بين الرياض وواشنطن.

ويبدو أن الإمارات قررت أن تشهر أوراقها الانفصالية في العالم العربي دون أن تعبأ بحلفائها مثل مصر والسعودية، مستغلة انتشار وباء كورونا والأوبئة الأخرى.

ويخشى مراقبون سيناريو تفشي الوباء في اليمن المنهك أساسا من الحرب، ويعاني أسوأ أزمة إنسانية في العالم، مع انهيار كبير في قطاعه الصحي.

ووفقا لمراقبون، يحمل احتمال انتشار فيروس "كورونا" في اليمن، مخاطر عدة قد تهدد الوجود العسكري للمملكة، خاصة في مناطق نفوذ دولة الإمارات، وهو ماتجلى بإعلان حلفائها للانفصال من مدينة عدن.

إلى ذلك أدَّى إعلان الحكم الذاتي في جنوب اليمن من قبل أقوى الجماعات الانفصالية الجنوبية نفوذاً إلى نشوء مخاوف من تصاعُد الصراع في اليمن، بحسب خبراء في الشأن اليمن.

ويعتقد الخبراء أن توقيت إعلان حلفاء الإمارات جاء بالتزامن مع مساعي أممي، لتطبيق وقف إطلاق النار في أنحاء البلاد لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد.

ويرى الخبراء، أن إعلان الحكم الذاتي في جنوب اليمن سيؤدي إلى صراع مزدوج شديد التعقيد، ما يضعف الموقف السعودي الذي يقود التحالف ويحملها تبعات أنشار هذا الوباء، في ضل تعنت الانتقالي الجنوبي وعدم قدرته على تحمل المسؤولية الكاملة في مكافحته.

وما يضعف من الموقف السعودي، ويحملها تبعات انتشار هذه الأمراض في العاصمة المؤقتة عدن، قيام حليفها الإقليمي الرئيسي، الإمارات، بخفض تواجدها العسكري في اليمن، العام الماضي، بالإضافة إلى الاقتتال الداخلي في المعسكر الموالي للحكومة الشرعية، الذي بلغ ذروته مع إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي الحكم الذاتي جنوبي اليمن، مستغلة أنشار وباء كورونا وانشغال العالم في مكافحته.

من ما سبق يتضح أن الإمارات مع حلفائها "الانتقالي الجنوبي" تمكنوا من إحراج السعودية، وإجهاض اتفاق الرياض الذي يرون فيه تقويض لمصالحهما المشتركة في الجنوب اليمن.

وتأتي خطوة الحكم الذاتي من قبل الإمارات وحلفائها، في ظل إضعاف الحكومة الشرعية، على يد المكاسب العسكرية الكبيرة للحوثيين والدلائل على أن السعوديين يبحثون عن مخرج من هذه الحرب.

ومن شأن هذا أيضاً الإضرار بفرص السلام، إذ إن الإعلان "يصعِّب من وقف إطلاق النار والتسوية السياسية"، على حد قول بيتر سالزبوري، كبير محلِّلي شؤون اليمن لدى مجموعة الأزمات الدولية.

وأردف سالزبوري قائلاً: "إن المجلس الانتقالي الجنوبي هو من الجماعات التي تزعم مقاتلة الحوثيين على الأرض. فإذا لم يكونوا طرفاً في اتفاقٍ لوقف إطلاق النار أمكن للحوثيين المجادلة بأنه لا وجود لوقف إطلاق النار".

بينما واصلت إليزابيث كيندال قائلةً: "الفائزون على المدى القصير هم الحوثيون (الموالون لإيران) بالطبع، إذ إن تجدُّد الشروخ في التحالف يبدِّد الطاقة والموارد بعيداً عن الحرب الموجهة ضدهم".

في الأخير يهدد إعلان حلفاء الإمارات الانتقالي الجنوبي، المستقبل السياسي والإنساني للملكة العربية السعودية، في ضل الخلاف القائم بين حلفاء التحالف لمواجهة إيران باليمن، وهي عوامل تثقل سياسة المملكة وتستنزف محفظتها المالية وتهدد قوتها البشرية، لتجبرها في النهاية للبحث عن مخرج سريع لحرب اليمن، بأي ثمن.

خروج يضمن سيطرة حلفاء إيران "الحوثيون" في شمال اليمن، وحلفاء الإمارات "الانتقالي الجنوبي" جنوب البلاد، بعيد عن التأثير الاقليمي للسعودية، والنفوذ السياسي والعسكري للحكومة الشرعية باليمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.