حدث احتواء متبادل بين قادة النظام من جهة، وشيوخ القبائل من جهة أخرى، فقد عمل قادة النظام على إضعاف القبائل من خلال خلق ظروف الصراع والحروب بينها، وعمل شيوخ القبائل على خلق الأزمات والصراعات وتوتر علاقة الدولة بالمجتمع المدني لضمان استمرار مصالحهم. بعد حرب 94م تعرض المشهد السياسي للاهتزاز وفقدان التوازن، ومن نتائجها خروج الحزب الاشتراكي من السلطة، وتم إفراز خارطة حزبية جديدة تتمثل في تشكيل ائتلاف ثنائي يضم المؤتمر الشعبي وحزب الإصلاح تغيرت خارطة المشهد السياسي في الفترة (1990_2001) ، وظهرت قوى وتحالفات جديدة، كما تجددت أشكال قديمة من التحالفات، نتيجة لما آلت إليه الأوضاع السياسية بعد الوحدة التي تزامن معها الإعلان عن التعددية الحزبية بعدما كانت محظورة في كلا الشطرين الجنوبي والشمالي، المشهد السياسي 2001-1990 إذ كان الدستور يحرم الحزبية ماعدا الحزب الحاكم الذي يحتكر هذا الحق، الاشتراكي في الجنوب، والمؤتمر في الشمال، وظهر في الساحة السياسية أكثر من اربعين حزباً، أبرزها الأحزاب الكبرى الثلاثة، المؤتمر الشعبي والحزب الاشتراكي والإصلاح. وظهرت أحزاب جديدة لم يكن لها أي تأثر، ولكنها كانت خلال الفترة الانتقالية والأزمة السياسية تكشف عن تحالفها مع أحد الأحزاب الكبرى، بالإضافة إلى ظهور الأحزاب ذات الجذور القدمية منذ الستينيات كالناصرين الذين انقسموا إلى فصائل عدة، والبعثين الذين انقسموا فيما بعد إلى فصيل يتبع البعث العراقي وآخر يتبع البعث السوري، وحزب رابطة أبناء اليمن (رابطة أبناء الجنوب سابقا) ، واتحاد القوى الشعبية، وهو حزب قديم يقوده آل الوزير، وحزب الحق وغيرها، وأثناء الأزمة السياسية التي سبقت الحرب تبلور أول تكتل معارض، ويضم خمسة أحزاب هي (التنظيم الناصري- رابطة أبناء اليمن- التجمع الوحدوي اليمني- اتحاد القوى الشعبية- حزب الحق) . وبعد الحرب تعرض المشهد السياسي للاهتزاز وفقدان التوازن، ومن نتائجها خروج الحزب الاشتراكي من السلطة، وتم إفراز خارطة حزبية جديدة تتمثل في تشكيل ائتلاف ثنائي يضم المؤتمر الشعبي وحزب الإصلاح، وفي العام1995 أنشئ (مجلس التنسيق الأعلى للمعارضة) ، ويضم ثمانية أحزاب، هي (الحزب الاشتراكي، البعث العربي الاشتراكي القومي، التنظيم الوحدوي الناصري، حزب الحق، التجمع الوحدوي اليمني، اتحاد القوى الشعبية، حزب الأحرار الدستوري، اتحاد القوى الوطنية). وفيما كان التكتل يرى في وثيقة العهد والاتفاق قاسماً مشتركاً بين مكوناته، ويطالب النظام الحاكم بتنفيذ الوثيقة وفتح الحوار مع بقية الأحزاب، فقد شجعت الحكومة الأحزاب الموالية لها لتشكيل تكتل موازي، عرف باسم (المجلس الوطني للمعارضة)، وضم سبعة أحزاب منها البعث الموالي للبعث السوري، وفصيل ناصري، وبدت مواقفها مؤيدة للمؤتمر الشعبي. ونتيجة للخلافات التي بدأت تظهر بين شريكي الحكم (المؤتمر والإصلاح) خاصة ما يتعلق بالإعداد للانتخابات البرلمانية وتنفيذ برنامج الإصلاح المالي والإداري، فتح الإصلاح قناة للحوار مع مجلس التنسيق الأعلى للمعارضة، وفي أغسطس/آب 1996 ،وقع الطرفان على البرنامج التنفيذي للقاء المشترك لضمان انتخابات حرة ونزيهة، وهو البرنامج الذي يعد النواة الأساسية للتكتل الذي نشأ فيما بعد ويحمل اسم (اللقاء المشترك). ونجح صالح بداية الأمر في حشد قوى سياسية واجتماعية شمالية وجنوبية تحت الفتة الدفاع عن الوحدة والشرعية إبان الحرب مع خصومه في قيادة الحزب الاشتراكي، لكنه أخفق لاحقاً في الاحتفاظ بكل ذلك الاحتشاد إلى جانبه، وكان حزب الإصلاح بقاعدته الشعبية الكبيرة أول المغادرين، إذ ترك التحالف مع صالح عقب انتخابات 1997 البرلمانية، ومع أنه جدد التحالف مع صالح في أول انتخابات رئاسية مباشرة أواخر العام 1999،إلا أنه منذ العام 2001 عزز حضوره ضمن تكتل اللقاء المشترك الذي كان قد بدأ التنسيق مع مكوناته قبيل خروجه من السلطة، وكان هو أكر أحزاب التكتل الذي ضم إلى جانبه الحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري وحزب البعث العربي الاشتراكي القومي وحزب الحق واتحاد القوى الشعبية. وعن علاقة النظام بذوي النفوذ الاجتماعي في التركيبة القبلية اليمنية في هذه الفترة، يرى بعض الباحثين أنه حدث احتواء متبادل بين قادة النظام من جهة، وشيوخ القبائل من جهة أخرى، وتشكلت نخبة مركبة عملت على إضعاف الدولة والقبيلة، لأن مصلحة النخبتين (قادة النظام وشيوخ القبائل) اقتضت إضعاف المؤسستين، لكن ليس إلا الدرجة التي تصبح إحداها قادرة على القضاء على الأخرى، وقد عمل قادة النظام على إضعاف القبائل من خلال خلق ظروف الصراع والحروب بينها، وعمل شيوخ القبائل على خلق الأزمات والصراعات وتوتر علاقة الدولة بالمجتمع المدني لضمان استمرار مصالحهم.