صعدت الإمارات من خلال دعم الموالين لها في تشكيل «المجلس الانتقالي»، برئاسة الزبيدي، يطالب ب»استقلال الجنوب وبفعل الدعم الإماراتي صار الانتقالي هو القوة الضاربة لأبو ظبي في جنوباليمن لا يزال الصراع السياسي والعسكري في اليمن، هو الملمح الأبرز في مشهد يتنازعه شركاء يتفقون على الصراع كوسيلة لتحقيق أهدافهم الخاصة، وفي المقابل يؤدي ذلك إلى تدمير كل المقومات البشرية والمادية للبلد الفقير، ستة عقود وما يزال الصراع السياسي والعسكري في اليمن، على اختلاف أسبابه وأطرافه ونتائجه، هو الملمح الأبرز في مشهد يتنازعه شركاء متشاكسون وحلفاء متنافرون، وإخوة أعداء، يختلفون في كل شيء، لكنهم يتفقون في الغالب على الصراع كوسيلة لتحقيق أهدافهم الخاصة، وفي المقابل يؤدي ذلك إلى تدمر كل المقومات البشرية والمادية للبلد الفقير، وتقويض لكل محاولات إيقاف الحرب وجهود إنهاء الصراع، وسط أجواء مشحونة بالأحقاد والضغائن والتحريض والكراهية التي ما برحت تنفث سمومها، ولا زالت تتوسع رأسياً وأفقياً. أن صراعات الثورة وما تلاها ظلت تعيد إنتاج نفسها في كل مرة على هيئة وشكل جديدين، حتى وجدت بعض القوى في غمرة الصراع ضالتها، وتكشفت أطماعها، ولو كان ذلك في إعادة عقارب الزمن إلى الوراء، وما كان لذلك أن يتم لولم تنتكس أحلام اليمنين في بناء وطن جديد يلبي طموحاتهم ويحقق أهدافهم/ أهداف الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر، ونسختها الأخيرة في ثورة فبراير 2011 م. نختتم هنا الحلقة الأخيرة من هذه الدراسة ونستكمل تفاصيل ما آلت اليه الأحداث بعد ضهور الحوثيين المدعومين من ايران وقيام عاصفة الحزم الناتجة عن التحالف العربي الذي لم يُخرج البلد الى بر الأمان رغم قدرته على ذلك ، واخفاق كل محاولات السلام وفشل المفاوضات رغم ما تعلنه اطراف الصراع من رغبة في الوصول الى حل سياسي وتسوية سلمية.. صراعات على هامش الحرب حمل العام 2017 معه ثلاثة تحولات رئيسية أسهمت في مجرى الحرب اليمنية، ذلك أنها شملت أهم تحالفات الحرب، أولها انهيار تحالف الرئيس هادي مع القيادات الجنوبية الموالية لدولة الإمارات إثر خلافات بين هادي وأبو ظبي خرجت للعلن بداية العام 2017 ،في مواجهات مسلحة نشبت في مطار عدن عقب تمرد موالون للإمارات على قرارات الرئيس هادي، وتوترت العلاقة أكثر عقب إقالة مسؤولين محسوبين على أبو ظبي أواخر شهر أبريل/نيسان 2017 ،وأبرزهم محافظ عدن اللواء/ عيدروس الزبيدي، ووزير الدولة هاني بن بريك، الذي نص قرار إقالته على إحالته للتحقيق، ومن جهتها صعدت الإمارات من خلال دعم الموالين لها في تشكيل «المجلس الانتقالي»، برئاسة الزبيدي، يطالب ب»استقلال الجنوب وبفعل الدعم الإماراتي صار الانتقالي هو القوة الضاربة لأبو ظبي في جنوباليمن، وكياناً موازيا لمؤسسات الحكومة الشرعية وخاض المجلس الانتقالي جولتين من المواجهات المسلحة ضد القوات الحكومية في عدن، كانت الأولى أواخر يناير/كانون 2018 ،عندما نشب الصراع بن قوات المجلس الانتقالي وألوية الحماية الرئاسية، ولم يتوقف إلا عبر تدخل السعودية والإمارات، وبدت تلك الاشتباكات مؤشراً واضحاً على عمق الخلافات بين الكيانات المحلية من جهة، واختلاف استراتيجيات السعودية والإمارات في حربها في اليمن من جهة أخرى، بعدها دخلت الأوضاع مرحلة من المناورة بين الطرفين، اتسمت بالاتهامات المتبادلة، وتطورت إلى توترات في شبوةوسقطرى، وبمستوى أقل في مناطق أخرى في الجنوب، بين من تدعمهم أبو ظبي، وبين الموالين للرئيس هادي المدعوم من الرياض. كانت الجولة الثانية من المواجهات بداية شهر أغسطس/آب 2019 ،عندما أعلن نائب رئيس المجلس الانتقالي هاني بن بريك- اثناء وجود رئيس المجلس في أبوظبي، النفير العام والزحف إلى القصر الرئاسي في عدن، وقد اتهمت الحكومة اليمنية دولة الإمارات بتنفيذ انقلاب عسكري في الجنوب شبيه بالانقلاب الحوثي، ورفع المجلس الانتقالي شعار تطهر الجنوب من «الشرعية» التي يتهمها بالولاء والخضوع لحزب الإصلاح، في إشارة إلى المسؤولين الحكوميين المحسوبين على الحزب، وفي اليوم الرابع من المواجهات، تدخلت السعودية وسحبت وزير الداخلية أحمد الميسري، الذي كان يقود المواجهات ضد الانتقالي، ما أدى إلى سيطرة الأخر على عدن. وفي هذه الجولة تدهور الوضع بصورة متسارعة جراء إقدام طيران الإمارات على قصف الجيش الحكومي على مشارف عدن أواخر أغسطس نفسه، الأمر الذي دفع الرئيس هادي لدعوة السعودية ل «التدخل لإيقاف التدخل الإماراتي السافر من خلال دعم ميليشيات الانتقالي واستخدام القصف الجوي ضد القوات المسلحة اليمنية» ، غر أن المملكة نجحت في جمع الطرفين في حوار غير مباشر، انتهى بالتوقيع على «اتفاق الرياض» بداية نوفمبر/تشرين 2019 ،وبموجبه ينتهي الصراع بين الحكومة والانتقالي. وكان ثاني التحولات اندلاع الأزمة الخليجية بإعلان المملكة العربية والسعودية والإمارات والبحرين القطيعة مع دولة قطر بداية يونيو/حزيران 2017 ،ونشوب ما عرف لاحقا ب»الأزمة الخليجية». وترتب عليها إعفاء قطر من المشاركة في التحالف العربي باليمن، ومع أن حكومة الرئيس هادي أعلنت قطع علاقتها بدولة قطر اتساقا مع الموقف السعودي، إلا أن تهمة (التعاون مع قطر) لا تزال تلاحق كل من ينتقد أداء التحالف العربي، أو ممارسات دولة الإمارات التي تقود المواجهة السياسية والعالمية ضد الدوحة. أما التحول الثالث فتمثل في انهيار تحالف الحوثي- صالح، في ديسمبر/كانون أول من العام نفسه عندما أعلن صالح الانتفاضة ضد سلطات الحوثين وأعقب ذلك نشوب مواجهات عنيفة في العاصمة صنعاء،ومع أن أنصار صالح أعلنوا سيطرتهم في غالبية المناطق عندما بدأت المعركة، إلا أن اليوم الخامس حمل معه إعلان الحوثين مقتل صالح نفسه وحسم المعركة لصالحهم، وشنوا حملة اعتقالات واسعة ضد أنصار صالح إلى جانب تصفية قادة عسكريين ،وتبع ذلك استسلام غالبية أنصار صالح، فيما تمكن بعضهم من الفرار إلى مناطق خارج سيطرة الحوثين، وتشكيل إطار جديد من القوات المسلحة المناهضة للحوثي يحمل اسم (حراس الجمهورية)، بقيادة العميد/ طارق محمد عبدالله صالح، نجل شقيق صالح. وفيما يتواصل دعم إيران للحوثيين يستمر دعم التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية للحكومة المعترف بها دوليا، والتي تبسط سيطرتها على نصف المحافظاتاليمنية تقريبا وهي الواقعة جنوب وشرق البلاد، لا يزال الحوثيون يسيطرون على العاصمة صنعاء ومحافظات شمالية أخرى، وحتى الان أخفقت كل جهود ومحاولات الأممالمتحدة الرامية إلى إيقاف الحرب وتحقيق السلام منذ مفاوضات جنيف الأولى والثانية (2015 ) ومرورا بمفاوضات الكويت (2016) وليس انتهاء بمفاوضات السويد (2018 ) ، ورغم ما تعلنه أطراف الصراع من رغبة في الوصول إلى حل سياسي وتسوية سلمية، فإن ثمة معوقات لا تزال تقف في طريق السلام. وهو ما يرجح استمرار الصراع الذي «تسبب في تراجع ، التنمية البشرية بمقدار عشرين عاماً وخلف عواقب مدمرة منها مصرع حوالي 250 ألف شخص سواء بسبب العنف بشكل مباشر أو لانعدام الرعاية الصحية وشح الغذاء»، وفقا لتقرير أصدره البرنامج المناوئ للأمم المتحدة. خاتمة: لا يزال الصراع السياسي والعسكري في اليمن، على اختلاف أسبابه وأطرافه ونتائجه، هو الملمح الأبرز في مشهد يتنازعه شركاء متشاكسون وحلفاء متنافرون، وإخوة أعداء، يختلفون في كل شيء، وعلى أي شيء، لكنهم يتفقون في الغالب على الصراع كوسيلة لتحقيق أهدافهم الخاصة، وفي المقابل يؤدي ذلك إلى تدمير كل المقومات البشرية والمادية للبلد الفقير، والإجهاز على الأخضر واليابس، وتقويض لكل محاولات إيقاف الحرب وجهود إنهاء الصراع، وسط أجواء مشحونة بالأحقاد والضغائن والتحريض والكراهية التي ما برحت تنفث سمومها، ولا زالت تتوسع رأسياً وأفقياً. في المشهد الراهن تظهر أطراف وقوى كانت مخفية، وظلت تتحين الفرصة للعودة والظهور مجدداً بمشاريع وأفكار ظن اليمنيون أنهم تجاوزوها قبل ، وأسدلت ثورة سبتمبر وأكتوبر الستار عليها، ومضى الرواد الأوائل ستين عاما حينها يرسون معامل الدولة اليمنية المنشودة، بيد أن صراعات الثورة وما تلاها ظلت تعيد إنتاج نفسها في كل مرة على هيئة وشكل جديدين، حتى وجدت بعض القوى في غمرة الصراع ضالتها كيا يعلن عن نفسها وتكشف عن أطماعها، ولو كان ذلك في إعادة عقارب الزمن إلى الوراء، وما كان لذلك أن يتم لولم تنتكس أحلام اليمنين في بناء وطن جديد يلبي طموحاتهم ويحقق أهدافهم/ أهداف الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر، ونسختها الأخيرة في ثورة فبراير 2011 ،وكلا تراجعت مبادئ الثورة السامية وغاياتها النبيلة الملبية لآمال اليمنيين عامة، تبدت المشاريع غير المشروعة، وعاودت القوى المنقرضة ظهورها مجدداً. ما يعيشه اليمنيون يفرض على الأطراف المعنية داخليا وخارجيا، الوقوف ملياً لمراجعة الأداء، ومن ثم كبح جماح النزعات الرامية إلى السيطرة الأحادية والتسلط والاستبداد لمصلحة طرف من الأطراف، وعلى حساب بقية الأطراف واليمن كافة، ذلك أنه لم يعد بمقدور أحد الانفراد بحكم اليمن وإقصاء غيره والقضاء على خصومه. ويلزم هنا أن تدرك كل القوى المتصارعة- ومن يقف وراءها في الخارج، أن تجارب التسلط الأحادي باءت بالفشل منذ مرحلة الثورة الأولى وما تلاها، ووصولاً إلى واقع اليوم، ولم يعد بمقدور أي طرف مها بلغت قوته أن يفرض أمرا واقعاً ترفضه الأغلبية، وإن القوى التي تظن أنها قادرة على فرض نفسها مخطئة وواهمة، ولن تقودها الأوهام إلا إلى المزيد من الصراعات والمنازعات التي ال طائل منها سوى الخراب والدمار، وتجارب الماضي والحاضر لا تزال ماثلة. أثبتت تجارب التوافق على قلتها أنها الأقرب لتحقيق الأهداف العامة وإرساء الديمقراطية وتعزيز ما مرستها، انطلاقاً من مبدأ التداول السلمي للسلطة، وعدم القفز فوق إرادة الشعب تحت شعارات الأيديولوجيا أو النزعات العنصرية، ذلك أن الوطن يتسع لجميع أبنائه، وبالتالي فلا بد أن يحتوي الحوار الجميع. وإن في الواقع الذي تعيشه اليمن دعوة لكل الجهات والأطراف والمكونات المعنية، للاجتماع على كلمة سواء، تعلي مصلحة البلد على ما سواها من مصالح وأهداف وأجندة، ذلك أن الوطن لجميع أبنائه المطالبين بإعادة النظر في ما يجب عليهم فعله، وفي مقدمة ذلك إيقاف الصراع باعتباره أداة تدمير وآلة عنف. لن ينجم عنها سوى المآسي والخسائر والضحايا، ويجب أن تسود قيم التعايش السلمي والحوار والتعاون لما يخدم البلد، ويحافظ عليه ويحمي حقوق أبنائه، ويحقق أهدافهم في الوصول إلى اليمن المنشود على قاعدة المشاركة الشعبية وتعزيز قيم الحرية والعدالة والمساواة بين الجميع بدون أي تمييز عنصري سلالي أو مناطقي أو مذهبي. رد إعادة توجيه