هناك خلافات حادة بين حُكام الإمارات الست وأبوظبي بشأن نهجها في اليمن.. ويظهر حاكم دبي محمد بن راشد أشد الناقمين على تلك السياسة في ظل أزمة اقتصادية تلوح في أفق الدولة الغنية بالنفط، على خطى مليشيات الحوثي في نهب البنك المركزي في صنعاء، تسير مليشيا الانتقالي في عدن، لكن الأخيرة بدعم وتمويل من الإمارات الشريك الثاني في التحالف والتي يفترض بها إعادة الشرعية باليمن. « نوم الحارس مصباح للسارق» لص حقيقي وجريء تذوق طعم السطو مرة، نتيجة جبن وسبات حامي مال العباد، ليتحول سلوكه العابر إلى ممارسات تسيل لعباه يلهث خلفها كلما نظر إلى ذلك المال السائب.. هكذا يمكن توصيف سيناريو السطو المستمر من قبل مليشيا مايعرف بالانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، الذي تجاوز مرحلة السطو المالي إلى طور السطو على وجود الدولة اليمنية وسيادتها السياسية والعسكري والاقتصادية، في ضل الصمت والسبات الذي تعاني منه الشرعية اليمنية جراء هذا النهب الممنهج الذي يهدف إلى تدمير الدولة وتقليص ما تبقى من نفوذها، عبر ضرب اقتصادها وعملتها المحلية. فإلى جانب التصعيد العسكري لمليشيا ما يسمى ب»المجلس الانتقالي الجنوبي»، جنوباليمن، في وجه الحكومة الشرعية، تنفذ تلك المليشيا المدعوم إماراتيا، حربا جديدة تستهدف الشرعية في اقتصادها لعرقلة تحركاتها وتأزمي الجانب ألخدماتي والوضع المعيشي لدى اليمنيين بشكل عام. ويكرر مايعرف بالانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، انتهاكه لمؤسسات الدولة السيادية على مرأى من الشرعية اليمنية ومسمع القيادة في التحالف العربي المتواجدة في عدن، مع شيء من اختلاف بالتفاصيل والأسباب. ففي تصرف أرعن وغير شرعي، يمثل عقلية عصابات وليس رجال دولة، أقدمت مليشيا الانتقالي الجنوبي يوم الاثنين الماضي، على محاصرة محيط البنك المركزي اليمني، في مدينة عدن، جنوباليمن، وفرضت طوقا على المقر، في تمهد لاقتحام البنك، والسيطرة عليه. وعقب عملية محاصرة مقر البنك المركزي اليمني في حي كريتر بعدن؛ طالب ما يسمى المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً، الاثنين، الحكومة اليمنية الشرعية، التي انقلب عليها بصرف رواتب الجنود المتمردين الذين يقاتلونها جنوبي البلاد، في مفارقة عجيبة وغريب. وأصدر المجلس المدعوم إماراتياً، بيان أوضح فيه أن تلك الخطوة الصعيدية ضد الحكومة الشرعية تأتي ضمن الخطوات التي يراها المجلس بالمناسبة» لضمان صرف رواتب منتسبي الجيش والأمن الجنوبي، والمتوقفة منذ 4 أشهر، على خلفية إعلان المجلس «حكما ذاتيا» بتلك المحافظات. وقال المجلس: «أمام تعنت الحكومة وحتى لاتصل الأمور إلى مالا يحمد عقباه، فإن الإدارة الذاتية وانطلاقاً من مسؤوليتها وواجبها ستكون مضطرة إلى اتخاذ ما يلزم من التدابير لحصول أفراد القوات المسلحة والأمن (الشرطة) الجنوبية على حقهم في الراتب كاملاً غير منقوص، (لم يحدد ماهي التدابير)». والمحافظاتالجنوبية المعنية، هي عدن ولحج وأبين والضالع. وأضاف: «يعد تعنت الحكومة سلوكاً مشيناً وغير إنساني، تجاه هذه الفئة من الشعب صانعة الانتصارات، ومن كان لها دور حاسم في تحرير الجنوب». وأشار البيان إلى أن عدم صرف رواتب هؤلاء لمدة 4 أشهر متتالية، قد أضر بهذه الفئة أيما أضرار، في حين لا زالت «تقدم التضحيات الجسام في مختلف الجبهات». وفي سياق متصل أكدت مصدر مطلعة، أن محاصرة مليشيا الانتقالي على المركزي اليمني، جاء في ظل ترتيبات يجريها البنك، لصرف مرتبات قوات الجيش والأمن الحكوميين. وبحسب المصدر ، فإن المجلس الانتقالي، قام بمحاصرة البنك، ربما لمنع خروج مرتبات القوات الحكومية، بعد وصول صرافين لاستلامها وصرفها للجنود. * تكرار للسطو لم تقتصر تهديدات حلفاء الإمارات على الحكومة الشرعية واقتصادها على هذا النحو، بعد سيطرتها على العاصمة المؤقتة عدن وبعض المدن الجنوبية في أغسطس من العام الماضي. ففي وقت سابق من حزيران/ يونيو الماضي، نهبت مليشيا الانتقالي على 7 حاويات تحتوي على العملة النقدية التابعة للبنك المركزي اليمني، تقدر ب (80 مليار ريال يمني نحو 320 مليون دولار) كان يجري نقلها من الميناء إلى المقر الرئيس للبنك في العاصمة المؤقتة عدن، ورفضت إعادتها إلى البنك المركزي، وفقا للخارجية اليمنية. وبينما عملت الحكومة على إنقاذ الاقتصاد المحلي، قام الانتقالي الممول من الإمارات، في 29 يونيو من العام الحالي، باحتجاز 14 حاوية تحوي أموالاً تابعة للبنك المركزي لم يكشف عن حجمها، من ميناء المكلا، قبل أن تفرج عنها لاحقاً بسبب ضغوط من الرياض، واتهمت حينها الحكومة الشرعية «مليشيات موالية للإمارات» بالقيام بذلك. ومطلع يناير 2020، استولت مليشيا الانتقالي على 4 حاويات تضم 18 مليار ريال يمني (قرابة 72 مليون دولار)، وأعلن «الانتقالي» حينها أنّه تحفظ على الأموال حتى لا تصل إلى من وصفها ب»قيادات الفساد» داخل الحكومة الشرعية، وأعلن لاحقاً تسليمها إلى القوات السعودية في عدن. لم تكن تلك فقط عمليات السطو، فقد قامت مليشيا الانتقالي بعمليات سطو مختلفة، لكنها كانت تستهدف مبالغ صغيرة، كما حدث أخيراً في 1 يوليو الجاري، بنهب 120 مليون ريال (160 ألف دولار)، رواتب موظفي وزارة التربية بمدينة البريقة بعدن. يتكرر هذا المشهد في العاصمة المؤقتة عدن من قبل مليشيا الانتقالي المدعومة إماراتيا بالتزامن ايضا مع ما تقوم به مليشيا الحوثي التي يتهمها المجلس الاقتصادي الأعلى بسحب نحو خمسة وأربعين مليار ريال هي محصلة رسوم واردات الوقود الموجودة في الحساب المؤقت بفرع البنك المركزي في الحديدة. * صفات مشتركة يعد نهب البنوك أبرز صفة مشتركة بين مختلف المليشيات والجماعات المسلحة والإرهابية في اليمن، المليشيات الحوثية وتنظيمي القاعدة و»داعش» ومليشيات الانتقالي الجنوبي، حيث تكررت وقائع نهب البنوك من قبل المليشيات خلال السنوات الأخيرة، مستغلة الفراغ الذي خلفه غياب الدولة في عدة محافظات جراء الانقلاب والحرب، وتتصدر مليشيات الحوثيين عمليات النهب، تليها مليشيات الانتقالي، كما أن النهب لا يقتصر على البنوك، وإنما يطال كل ممتلكات الدولة والقطاع الخاص وأيضا ممتلكات المواطنين. وعلى خطى مليشيات الحوثي الانقلابية، في نهب البنك المركزي في العاصمة صنعاء عقب تنفيذها الانقلاب في 21 سبتمبر 2014 على الدولة، تسير مليشيا الانتقالي في جنوب البلاد، لكن الأخيرة بدعم وتمويل من دولة الإمارات الشريك الثاني في التحالف وبتماهي سعودي التي تقود هذا التحالف لإعادة الشرعية باليمن. فمع سيطرة الانقلابيين الحوثيين على صنعاء، قامت الجماعة بالسطو على أموال البلاد ونهبت البنك المركزي بكل ما فيه، حتى الاحتياطي النقدي المقدر بأربعة مليارات دولار. ولا تزال ممارساتهم تلك قائمة، فهم يستولون على الإيرادات المختلفة في مناطق سيطرتهم، دون أن يسلموا حتى رواتب الموظفين هناك، الأمر الذي زاد معاناتهم يوما بعد آخر. وبحسب ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﺍﻟﺴﻨﻮﻱ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﻨﻚ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰﻱ ﺍﻟﻴﻤﻨﻲ ﻟﻌﺎﻡ 2017 فأﻥ «ﺍﺳﺘﻨﺰﺍﻑ ﺍﻻاحتياطيات ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﺗﺴﺒﺐ ﺑﺎﺳﺘﻨﻔﺎﺩ ﺧﻴﺎﺭﺍﺕ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺒﻨﻚ، ﻭﻋﺠﺰﻩ ﻋﻦ ﺳﺪﺍﺩ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﺎﺗﻪ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺻﺮﻑ ﺍلرواتب ﻣﻨﺬ ﻳﻮﻟﻴﻮ 2016، ﻭﻋﺠﺰﻩ ﻣﻨﺬ ﻣﺎﻳﻮ 2016 ﻋﻦ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﺑﺎﻟﺘﺰﺍﻣﺎﺗﻪ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﺪﺍﺩ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﺎﺕ ﺍﻟﻤﺪﻳﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﻟﻠﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﻭﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ، ﻭﺗﻠﻚ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺸﺄﺕ ﻟﻠﺒﻨﻮﻙ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻓﺘﺢ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﺪﻳﺔ ﻟﻮﺍﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﺴﻠﻊ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ». الأمر ذاته حدث في الجنوباليمني، فخلال الأيام الأخيرة، اتجهت مليشيا الانتقالي وبدعم من الإمارات إلى السطو على أموال البنك المركزي المطبوعة حديثا، تحت مبررات واهية، الهدف منها تقليص ما تبقى من نفوذ للحكومة الشرعية، وعرقلتها في الجانب الخدماتي ومن صرف رواتب موظفي الدولة.
* دلالات السطو هي معركة استثنائية جديدة تدور حالياً بين الحكومة الشرعية ومايعرف بالمجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات، على خلفية اقتصادية ومالية قد تسارع في انهيار العملة اليمنية، المنهارة أساساً، يصفها خبراء الاقتصاد. وبحسب الخبراء، فأن عمليات السطو المستمرة على أموال الحكومة الشرعية السيادية، من قبل المليشيات الممولة إماراتياً في العاصمة المؤقتة عدن، تحمل كثيراً من المخاطر الاقتصادية من جهة، ومن جهة أخرى تمثل تدعيم مستمر للقوة المالية لمايعرف بالانتقالي الجنوبي، بما يمكّنه من إحكام قبضته على مفاصل الدولة في الجغرافيا الجنوبية للبلاد، في ظل فشل تنفيذ اتفاق الرياض حتى اليوم. ويوضح الخبراء، أن ما يقوم به المجلس الانتقالي من نهب لأموال الدولة والبنك المركزي، هو «نوع من النهب المنظم الذي يهدف إلى تدمير الدولة عبر ضرب اقتصادها وعملتها المحلية، وتجويع اليمنيين». ويؤكدون، عدم وجود «أي تفسير لهذه الممارسات التي يقوم بها المجلس الانتقالي، سوى أن الإمارات أصبحت تدير حرباً مكتملة على الحكومة اليمنية الشرعية وسيادتها وسلطتها ككل، شمل الجانب الأمني والسياسي والاقتصادي والمالي». ويلفت الخبراء، إلى قيام دولة الإمارات بتكثيف حربها الاقتصادية على المواطن اليمني وعلى الحكومة الشرعية، التي تمر ب»ضائقة اقتصادية وأزمات متراكمة نتيجة انخفاض عائداتها من النفط وبقية الموارد جراء الأزمة التي تسببت بها جائحة كورونا». كل ذالك ساهم في استمرار تراجع قيمة الريال اليمني، بشكل متسارع أمام العملات الأجنبية في مؤشر ينذر بتفاقم كارثي للأوضاع، إذ انخفضت قيمته خلال مايو ويونيو الماضي من 640 ريالاً للدولار الواحد إلى 743. وأدى تدهور الوضع الاقتصادي واستمراره يوما بعد آخر، إلى فقدان الريال اليمني قيمته وارتفاع جنوني في أسعار المواد الغذائية وغيرها، بلغت خلال أزمة كورونا فقط أكثر من 35%، وهو الأمر الذي أرهق المواطن اليمني. وفي السياق حذرت الأممالمتحدة من أن اقتصاد اليمن الذي تعصف به الحرب بات قريبا من «كارثة غير مسبوقة» بسبب تخفيضات كبيرة على المساعدات، وتباطؤ التحويلات، وعملة آخذة بالضعف فضلا عن جائحة كورونا. * توريط للمملكة بعد انسحاب أبوظبي المزعوم من الحرب باليمن، وتولي الرياض ادارة المحافظاتجنوباليمن، ضغطت السعودية على حليفتها في الإمارات لتوقيف تسليم رواتب المليشيات التابعة للمجلس في عدنوأبين فيما استمرت الاخيرة، في دفع الرواتب والأموال إلى باقي القوات الموالية لأبوظبي في حضرموتوشبوة. وبحسب مصادر دبلوماسية خليجية، فإن هناك خلافات حادة بين حُكام الإمارات الست وأبوظبي بشأن نهجها في اليمن. ويظهر حاكم دبي نائب رئيس البلاد محمد بن راشد أشد الناقمين على تلك السياسة في ظل أزمة اقتصادية تلوح في أفق الدولة الخليجية الغنية بالنفط، إذ تراجعت القطاعات الاقتصادية في الإمارات إلى مستويات غير مسبوقة بفعل الإغلاق الذي حدث بسبب تفشي وباء كورونا في البلاد، وتراجع أسعار النفط، ومغادرة الشركات ورؤوس الأموال خارج البلاد. واندفعت الإمارات إلى وقف بعض من تمويلها لوكلائها اليمن، ومحاولة الخروج من أي التزامات مالية لصالح مليشياتها في الجنوباليمني، وهذا الضغط الذي يواجهه حلفاء المجلس الانتقالي في أبوظبي ينعكس بطبيعة الحال على الأهداف المحلية للجماعة المسلحة والأهداف الإقليمية للإمارات. فبدون التمويل الإماراتي ودعمها السياسي سيصبح المجلس الانتقالي في جنوباليمن في وضع سيء للغاية. ولجت أبوظبي إلى إستراتيجية تمويليها تهدف إلى رفد مليشياتها العسكرية من خلال نهب موارد الدولة اليمنية الاقتصادية والمالية. تكللت هذه الإستراتيجية بنتائج ايجابية بعدة محاولات سطو ممنهجة، عبر وكلائها الانتقالي الجنوبي، لتمويل حربها ضد الحكومة الشرعية اليمنية في أبين وسقطرى، كان أخرها محاصرة مقر البنك المركزي اليمني، وخلق ذرائع دفع مرتبات مليشيات الانتقالي التي انقلبت على الحكومة الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن والمحيط المجاور له. الحليف العربي والخليجي والإقليمي الأول للإمارات «السعودية»، لم تسلم من مكائد الأول. تمخض عن تلك المكائد تمويل العبث والانقلابات الإماراتية في اليمن، عبر محفظة الرياض المالية، وفقا لمراقبين للشأن اليمن. فلسفة اعتمدتها أبوظبي في تمويل وكلائها في اليمن، من خلال تزامن عمليات سطو مليشياتها مع كل وديعة مالية سعودية تودها الرياض في خزينة البنك المركزي بعدن لدعم الاقتصاد والعملة اليمنية. وفي خطوة اعتبرها مراقبون تأييداً ضمنياً لتمويل تلك المليشيات الانفصالية بالسيطرة على كافة المحافظاتالجنوبي. ولم يستبعد المراقبون، أن كل الأموال السعودية التي كانت تخصص لدعم الاقتصاد اليمني، كانت مجرد تفاهمات بين الرياضوأبوظبي لدعم مليشيا الأخير، من خلال مسرحية سطو مليشيا الانتقالي، التي تبعد الحلفاء في التحالف من كل الشبهات والمسألات، لتقويض الشرعية اليمنية المكبلة بصمتها إزاء هذه التهديد السيادي لها، ومحاولة دفعها لتقديم المزيد من التنازلات السياسية والعسكرية في الرقعة الجنوبية لليمن، وخاصة فيما يخص اتفاق الرياض. * ضعف وسبات الشرعية وفقا لخبراء اقتصاديون، فأن سطو مليشيا الانتقالي المتكرر، على أموال الدولة هو مؤشر خطير على ضعف وهوان الحكومة الشرعية في المرحلة الراهنة. ويرى الخبراء أن أن المسألة الأخطر هو غياب الحكومة، وعدم سيطرتها على الموارد وإمكاناتها الاقتصادية، وعلى إدارة الشأن الاقتصادي والسياسي وإدارة الخدمات». ويشير الخبراء إلى التصدّع في المؤسسات المالية، وفشل الحكومة الشرعية في الحفاظ على مواردها المالية وعلى سعر العملة المحلية، وسيطرة ونهب مليشيا الانتقالي المستمر على تلك الأموال في عدد من المحافظاتالجنوبية للبلاد، تسبب بانهيار الاقتصاد الوطني الذي يعاني من تصدع خطير. ويلفت الخبراء، أن مشهد السطو المستمر من قبل حلفاء الإمارات في ضل صمت الشرعية على هذا العمل يسهم في إضعافها وخروجها عن الفاعلية والجاهزية وعدم القدرة على إدارة الشأن الاقتصادي والسياسي والخدمي». وفي الشأن ذاته، كشفت تقارير اقتصادية، إن البنك المركزي اليمني غير قادر على أداء وظائفه، في ظل سيطرة مليشيات الانتقالي على مدينة عدن. ووفقا للتقارير، فإن البنك لم يعد يمتلك مكانًا أو أموالًا للقيام بمهامه، بعد إعلان الانتقالي ما اسموه ب «الإدارة الذاتية»، وإصداره مرسومًا يفوّض جميع مؤسسات الدولة في المحافظاتالجنوبية، وإيداع إيرادات المجلس الممول إماراتيا في حسابات بنكية خاصة كالبنك الأهلي. وتنوه التقارير إلى أنه، «في حال أرادت الحكومة إعادة بناء قدرات البنك التشغيلية، فعليها نقل البنك المركزي اليمني، إلى شبوة أو سيئون، وهو أمر بالغ الصعوبة». وعن خطورة النهب المستمر من قبل مليشيا الانتقالي الجنوبي، للعملة المخصصة للبنك المركزي، يقول خبراء في الشأن الاقتصادي، إن لها «آثاراً سلبية وتداعيات خطيرة على الاقتصاد اليمني وعلى قيمة العملة المحلية. ويسترك الخبراء: إن استمرار عملية النهب تؤدي إلى ضياع موارد الحكومة الشرعية، وهو ما يعني عجزها عن القيام بمهامها المالية مثل صرف رواتب الموظفين وغيرها من المهام، ومن ثم اتساع رقعة المجاعة في أوساط الشعب وارتفاع معدلات الفقر والبطالة». * تماهي حكومي لا يستبعد كثير من المراقبين أن السر الذي يقف خلف صمت وسبات الشرعية جراء هذا التهديد المستمر من قبل مليشيا الإمارات في الجنوباليمني، يكمن في اختراق الحكومة الشرعية من قبل أطراف تعمل لمصلحة حكومة أبوظبي وحلفائها في الانتقالي الجنوبي. وفي وقت سابق كشفت مصادر برلمانية يمنية، عن تنصل رئيس الحكومة الشرعية، على طلب مجلس النواب إعطاء توضيحات بشأن السطو على أموال البنك المركزي من قبل «المجلس الانتقالي»، المدعوم إماراتيا، في عدن، منتصف شهر حزيران/ يونيو. ونقل موقع «عربي21» عن مصدر خاص به قوله، إن رئيس الحكومة، معين عبدالملك، تنصل عن الرد على التساؤلات التي أرسلها مجلس النواب إليه، في 15 من حزيران/ يونيو الجاري. * الخلاصة المتأمل في تصعيد مليشيات الحوثيين والانتقالي ضد الحكومة الشرعية سيجده متشابها وكأنه يتم وفقا لتعليمات تأتي من غرفة عمليات واحدة، فنهب البنوك ورواتب الموظفين يتم من قبل كل المليشيات بشكل متزامن، والتصعيد العسكري في عدة جبهات يتم أيضا بشكل متزامن، ولعل إيران هي القوة الإقليمية الوحيدة المستفيدة من كل هذا العبث الحاصل في البوابة الجنوبية لشبه الجزيرة العربية. غير أن الأمر الأكثر خطورة هو أن تتفق مليشيات الحوثيين ومليشيات الانتقالي على انتزاع حقوق الموظفين ونهب طعام أطفالهم من أفواههم، في ظل أزمة معيشية خانقة تعصف بالبلاد منذ أكثر من خمسة أعوام، وبالتالي، فإن ذلك يتطلب تحركا من قبل الحكومة الشرعية. فاللصوص أسماء مختلفة ولكن أهدافهم واحد، ليس فقط السطو على حقوق الموظفين والمواطنين ونهب طعام أطفالهم من أفواههم، والسطو على اقتصاد الدولة، ولكن الهدف الذي يجمعها هو السطو على وجود الشرعية اليمنية وسيادتها ومرجعياتها. في الأخير هناك حكمة شائعة تقول: «مثل الذي باع بلاده وخان وطنه، مثل الذي يسرق من بيت أبيه ليطعم اللصوص، فلا والدة يسامحه ولا اللص يكافئه»، وهذا ماينطبق على سطو مليشيا الانتقالي الجنوبي لتنفيذ رغبات مشغليهم «الإمارات».