اليوم/ خاص يتابع المرصد اليمني لحقوق الإنسان باهتمام كبير الأحداث المؤسفة التي تجري في المحافظات الجنوبية منذ أسبوعين، ويعرب عن بالغ قلقه إزاء التطورات التي تشهدها المواجهات بين ما يعرف بقوى الحراك الجنوبي، وقوات الأمن، وما نتج عنها من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. وقتل مواطنين وجندي، ينتمي ثلاثتهم إلى المحافظات الشمالية في عمليات تقطع على الطرق الرئيسية بين المحافظات الجنوبية والشمالية، في تطور خطير يشير إلى احتمال وجود دوافع جهوية ومناطقية خلف عمليات القتل، خصوصاً مع عدم معرفة الجهات الحقيقية التي تقف وراء تلك العمليات وتبادل قوى الحراك والسلطات الأمنية الاتهامات بهذا الشأن ما يشير إلى انفلات أمني خطير، وخروجه عن السيطرة، ما يتيح الفرصة لنشوب صراعات بدوافع مناطقية وجهوية. إن المرصد اليمني لحقوق الإنسان ينظر إلى تلك الأحداث باعتبارها انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، واعتداءات صارخة على ما تبقى من السلم والأمن الأهليين، وجر البلاد إلى بوتقة صراعات جديدة، ويحمل الطرفين المسؤولية في ذلك، داعياً إلى إلى الكف عن تصعيد الأمور وتأزيم الأجواء وشحنها باتجاه النزاع المسلح. ويرى المرصد اليمني أن المسؤولية الكاملة في الحفاظ على الأمن والسكينة العامة تقع على عاتق الدولة وأجهزتها الرسمية وسلطاتها الأمنية، وبالتالي فإنها ملزمة بالكشف عن مرتكبي تلك الانتهاكات، وتقديمهم إلى العدالة بدلاً عن توجيه الاتهامات إلى قيادات التجمعات السلمية. كما يؤكد المرصد على أن ما يحدث من فلتان أمني ومصادمات بين المواطنين وقوى الحراك السلمي تتحمل السلطات الأمنية المسؤولية الكاملة فيه بعد قيامها بمنع التجمعات السلمية وقمعها واعتقال منظميها في الثلاثين من نوفمبر الماضي، ومنع المواطنين من دخول محافظة عدن للمشاركة في التجمع السلمي الذي كان مقرراً له أن يقام فيها. وحصل المرصد اليمني على أسماء المئات من المعتقلين على ذمة محاولة المشاركة في التجمع السلمي بمحافظة عدن، والذين لم يتم الإفراج عنهم إلى الآن. وتتواصل المصادمات بين قوات الأمن ومواطنين محتجين في مدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج للمطالبة بإطلاق سراح نحو 25 مواطناً احتجزتهم قوات الأمن خلال مصادمات سابقة مع متظاهرين الثلاثاء الماضي. وتستخدم قوات الأمن قنابل الغاز المسيلة للدموع والرصاص الحي لقمع التظاهرات. وعلم المرصد بإصابة سبعة مواطنين خلال مصادمات الحوطة حصل على اسمي اثنين منهم، وهما تمام تميم ورمزي أحمد إبراهيم، ولا يزال البحث جار عن أسماء الآخرين. وتتوافد إلى مدينة الحوطة تعزيزات أمنية لمواجهة الاحتجاجات السلمية، فيما تحولت الشوارع العامة إلى مسرح للدوريات العسكرية التي تبحث عن ناشطين في التجمعات السلمية لاعتقالهم. ويرى المرصد أن قمع التجمعات السلمية هو الدافع الرئيسي لقيام المحتجين بممارسة أعمال الشغب، مستنكراً استمرار النهج الأمني في قمع التجمعات السلمية والاعتداء على حرية الرأي والتعبير. ويطالب المرصد اليمني أجهزة الدولة الرسمية بالقيام بواجبها في حماية الحقوق والحريات، ووقف انتهاكاتها والسماح بالتجمعات والنشاطات السلمية، وإطلاق سراح المعتقلين دون شروط، إلقاء القبض على الجناة الحقيقيين في جرائم قتل المواطنين من المحافظات الشمالية ومنفذي الاعتداءات عليهم، وتقديمهم لمحاكمات عادلة. ويشدد المرصد على أن حل جميع الخلافات المجتمعية في النظم الديمقراطية يأتي من خلال المؤسسات الدستورية والإجراءات القانونية، وعلى طاولات الحوار، وليس باللجوء إلى القمع والتنكيل بالمحتجين والناشطين السياسيين، كون هذه الإجراءات تنفي صفة الديمقراطية عن السلطات التي تقوم بممارستها، وتؤدي إلى الصراع بوسائل غير سلمية.