لا تكترث حكومة هادي بما آلات اليه احوال البلاد من جراء تدهور قيمة العملة الوطنية، لاسيما وأن أعضاء الحكومة يقبضون رواتبهم بالدولار وبأرقام خيالية هي السبب الأول في تراجع العملة المحلية أمام العملات الأجنبية. بات الموظف الحكومي يصنف ضمن فئة الكادحين، حيث تسبب الانهيار الكبير لقيمة الريال اليمني بتحقير مستوى الدخل لدى الفرد، ففي الوقت الذي يتقاضى فيه محافظ البنك المركزي اليمني 45 ألف دولار شهريًا، يقبض الموظف العادي ما يعادل 60 دولار لا أكثر. موظف منسي. هناك عبث حقيقي بالمال العام بدءً من هرم رئاسة الجمهورية مروراً بالحكومة التنفيذية، وانتهاء بالأعداد الكبيرة من المسؤولين والمستشارين الذين صدرت لهم قرارات تعيين خلال الفترات الماضية، فيما يعيش الجندي والمعلم وموظفي القطاع العام حالة من الجوع في اجواء مشحونة بالفقر والضياع. ويأتي ذلك في الوقت الذي تعاني الموازنة العامة من عجز كبير أدى إلى عدم انتظام صرف رواتب الموظفين داخل اليمن على مدار الشهور الماضية. وفي السياق، كشف مصدر مطلع ل"أخبار اليوم" إن راتب محافظ البنك المركزي يقدر ب 45 ألف دولار أمريكي ما يعادل 77 مليون وأربع مائة ألف ريال يمني، أي ما يساوي رواتب 1290 جنديًا، فيما يتقاضى نائب محافظ البنك المركزي ما يقارب 35 ألف دولار، وهو ما يعادل 60 مليون ومائتي ألف ريال يمني. وأضاف المصدر، أن عضو مجلس إدارة البنك المركزي يتقاضى 25 ألف دولار، وعددهم خمسة أعضاء، ما يعادل 125 ألف دولار أمريكي، ليصل إجمالي رواتب محافظ البنك المركزي ونائبه وأعضاء مجلس الإدارة الى 20500 آلاف دولار أمريكي. وبحسب المصدر، إن راتب الوزير الواحد في الحكومة الشرعية يصل إلى 7500 دولار أميركي أي ما يعادل 13 مليون ريال يمني تقريباً، وراتب نائب الوزير 5 آلاف دولار، مشيراً إلى وجود العديد من النواب لكل وزارة. وأضاف: يأتي بعد ذلك الوكلاء والمستشارون للوزير حيث يتقاضى كل واحد منهم 4 آلاف دولار وتصل أعدادهم في بعض الوزارات إلى أكثر من عشرة بين وكيل ومستشار، فيما هناك أيضا ما يسمى بالوكيل المساعد أو المستشار من الدرجة نفسها ويتقاضى 4500 دولار، والمدير العام والمستشار من الدرجة نفسها يتقاضى مبلغ 3 آلاف دولار. وأكد المصدر أن راتب رئيس مجلس النواب يبلغ قرابة 40 ألف دولا، فيما بلغ مرتب رئيس مجلس الشورى 30 ألف دولار. وبحسب المصدر، فإن هناك ما يعادل قيمة الراتب وربما أكثر شهرياً تذهب لكل مسؤول خصوصاً الذين في الرياض والقاهرة مقابل ما يسمى نثريات وبدل سفر وكذلك بدل إقامة إضافة إلى مكافآت عند حضور أي فعاليات أو مؤتمرات خارجية. لا يقتصر هذا النوع من العبث على مرتبات مسؤولي الحكومة اليمنية فحسب، ولكن هناك ما هو أوسع على مستوى مرتبات موظفي السلك الدبلوماسي والعسكري، حيث أكد مصدر مطلع في الخارجية اليمنية ل"أخبار اليوم" أن راتب السفير اليمني لا يقل عن 10 آلاف دولار. وكذلك مرتبات الملحقين السياسيين والإعلاميين والعسكريين في السفارة يتقاضى الواحد منهم ما يصل 5 آلاف دولار على. الأقل وفي المقابل، يعيش موظفو اليمن أزمات معيشية متفاقمة في ظل وقف رواتبهم الضعيفة. ويتساءل المواطن عبدالملك عبدالواحد "مدرس" في حديثه ل"أخبار اليوم"، "كيف يمكن لنا أن نصدق مثل هؤلاء المسؤولين الذين يتحججون بالعجز وشح الموارد لدفع مرتباتنا بانتظام والواحد منهم يتسلم ما يمكن له أن يغطي مرتبات المئات من الموظفين المستمرين في أعمالهم دون تقصير وفي مقدمتهم المعلمون والأطباء الذين ينقذون حياة الناس؟". وبدوره يتساءل الناشط والصحفي محمد المياس: لماذا رواتب المسؤولين الكبار بالدولار، بينما الموظفون البسطاء بالريال اليمني؟ ويقول المياس ل"أخبار اليوم": عندما يكون راتب محافظ البنك المركزي السابق 50 ألف دولار في الشهر، أي 600 ألف دولار في السنة، فإن هذا المبلغ يعادل راتب رؤساء دول. وقال الناشط الإعلامي فضل الصوفي، في حديثه ل"أخبار اليوم"، "إن راتب محافظ البنك المركزي الكبير مجرد عنوان للفوضى والفساد الذي يفاقم مأساة اليمن المدمرة ويثير شفقة العالم لدولة منهارة تعجز عن صرف رواتب عشرات الآلاف من الموظفين، فيما يتقاضى موظف حكومي راتباً يفوق رواتب رؤساء دول عظمى". وتابع الصوفي "لو أن الحكومة تكترث فعلًا وهي صادقة في تعاملها مع مواطنيها لقامت بتنفيذ موازنة تقشفية حقيقة على أرض الواقع، مضيفاً أن هناك شيئا غير منطقي يحدث في البلاد حيث إن الموظف البسيط وكذلك منتسبي السلك العسكري في الجيش والأمن يتقاضون رواتب هزيلة لا تكاد تكفي لسد رمق الحياة، فيما هوامير السلطة ينعمون بحياة مترفة ولا تكاد تنقطع مرتباتهم. غياب حكومي يتحمل الشرعية التي تتهاون في مسألة التحرر من دول التحالف وامتلاك قرارها والعمل بما يتناسب مع احتياجات البلاد بمعزل عن تأثيرات السعودية والإمارات اللتان هرعتا للجلوس في طاولة واحدة مع إيران ألد عدو لهما، بينما تهددان الشرعية في حالة التفكر بالبحث عن حليف يخرج البلاد من المستنقع الذي أدخلتاه هاتين الدولتين فيه. لم تبدي الحكومة الشرعية أي موقف تجاه تدهور الوضع الاقتصادي، بل إنها تنتظر من السعودية أن تضع الحلول، ولا تفكر أن الحوثي عندما انقلب عليها استخدم الورقة الاقتصادية، ولا يستبعد أن يكون هذا التدهور ورقة يستخدمها الحلفاء ضد الشرعية لتمكين طرف ثالث يتواجد في الساحة حاليا. شكل الانهيار الاقتصادي ضغطاً كبيراً على المواطن والموظف اليمني، وحجم الأثر كبير جدا إزاء ذلك، ولولا أن الشعبَ اليمنيُ يدرك أن الحوثيين أجندة إيران في الشمال هم البديل الأخير عن الشرعية وأجندة الإمارات جنوباً، لخرج في ثورة أكبر وأمتن من ثورة ال11 فبراير ولأسقطوا النظام حرفيًا. كارثة إنسانية تواجه اليمن ولأول مرة في تاريخها وضع معيشي كارثي ينذر بوقوع مجاعة قد تتسبب بموت ملايين اليمنيين في ظل انهيار العملة، واستمرار الحرب، وتدهور الوضع المعيشي بشكل غير مسبوق. الأممالمتحدة حذرت من خلال منظماتها المختلفة من خطر الكارثة الإنسانية التي تهدد اليمنيين جراء انخفاض قيمة الريال اليمني وارتفاع الأسعار، الأمر الذي فاقم حالة الجوع في اليمن التي يواجه فيها نحو 16.2 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي هذا العام. وقالت الأممالمتحدة إن نحو 21 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات الغذائية، بينهم 12 مليون يحتاجون إلى مساعدات غذائية عاجلة بسبب فقرهم، إضافة إلى وجود 4 مليون يمني نازح جراء الحرب وهم بحاجة إلى مساعدات متنوعة. وتخطى سعر صرف الدولار في المناطق المحررة حاجز 1700 ريال يمني لأول مرة في تاريخ البلاد، مما ضاعف أسعار المواد الغذائية بنسبة 70٪ هذا العام. ويعاني ملايين اليمنيين من أزمة إنسانية لعدم قدرتهم على شراء المواد الغذائية بعد ارتفاع أسعارها، حيث يصل متوسط راتب الموظف اليمني إلى 50 ألف ريال مما يعادل 33 دولار أمريكي في الشهر.