السامعي يوجه رسالة شكر وتقدير وعرفان لكل المتضامنين معه ويؤكد استمراره في أداء واجبه الوطني    مقتل ضابطين برصاص جنود في محافظتي أبين وشبوة    مسؤول إسرائيلي: نعمل على محو الدولة الفلسطينية    مستشفى الثورة… حين يتحوّل صرح العلاج إلى أنقاض    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الشاعر الكبير والأديب كريم الحنكي    السهام يقسو على النور بخماسية ويتصدر المجموعة الثالثة في بطولة بيسان 2025    وزير التجارة يكشف أسباب تعافي الريال ويؤكد أن الأسعار في طريقها للاستقرار(حوار)    ردود أفعال دولية واسعة على قرار الكابينت الصهيوني احتلال غزة    هبوط العملة.. والأسعار ترتفع بالريال السعودي!!    واشنطن: استقلالية البنك المركزي اليمني ضرورة لإنقاذ الاقتصاد ومنع الانهيار    مليونية صنعاء.. جاهزون لمواجهة كل مؤامرات الأعداء    إعلاميون ونشطاء يحيون أربعينية فقيد الوطن "الحميري" ويستعرضون مأثره    الفاو: أسعار الغذاء العالمية تسجل أعلى مستوى خلال يوليو منذ أكثر منذ عامين    الأمم المتحدة تعلن وصول سوء التغذية الحاد بين الأطفال بغزة لأعلى مستوى    القبض على 5 متورطين في أعمال شغب بزنجبار    رباعية نصراوية تكتسح ريو آفي    200 كاتب بريطاني يطالبون بمقاطعة إسرائيل    الأرصاد يتوقع أمطار رعدية واضطراب في البحر خلال الساعات المقبلة    الذهب يسجل مستويات قياسية مدعومًا بالرسوم الجمركية الأمريكية    الشهيد علي حسن المعلم    الإدارة الأمريكية تُضاعف مكافأة القبض على الرئيس الفنزويلي وكراكاس تصف القرار ب"المثير للشفقة"    صحيفة روسية تكشف من هو الشيباني    اشتباكات مسلحة عنيفة بين فصائل المرتزقة في عدن    بايرن ميونخ يكتسح توتنهام الإنجليزي برباعية نظيفة    تفشي فيروس خطير في ألمانيا مسجلا 16 إصابة ووفاة ثلاثة    فياريال الإسباني يعلن ضم لاعب الوسط الغاني توماس بارتي    ما سر قرار ريال مدريد مقاطعة حفل الكرة الذهبية 2025؟    اكتشاف معبد عمره 6 قرون في تركيا بالصدفة    دراسة تحذّر من خطر شاشات الهواتف والتلفاز على صحة القلب والشرايين!    المحتجون الحضارم يبتكرون طريقة لتعطيل شاحنات الحوثي المارة بتريم    يحق لبن حبريش قطع الطريق على وقود كهرباء الساحل لأشهر ولا يحق لأبناء تريم التعبير عن مطالهم    في تريم لم تُخلق النخلة لتموت    إنسانية عوراء    الراجع قوي: عندما يصبح الارتفاع المفاجئ للريال اليمني رصاصة طائشة    باوزير: تريم فضحت تهديدات بن حبريش ضد النخبة الحضرمية    لماذا يخجل أبناء تعز من الإنتساب إلى مدينتهم وقراهم    وتؤكد بأنها على انعقاد دائم وان على التجار رفض تسليم الزيادة    وسط تصاعد التنافس في تجارة الحبوب .. وصول شحنة قمح إلى ميناء المكلا    تغاريد حرة .. عندما يسودنا الفساد    كرة الطائرة الشاطئية المغربية.. إنجازات غير مسبوقة وتطور مستمر    القرعة تضع اليمن في المجموعة الثانية في تصفيات كأس آسيا للناشئين    إب.. قيادي حوثي يختطف مواطناً لإجباره على تحكيمه في قضية أمام القضاء    الرئيس المشاط يعزي في وفاة احد كبار مشائخ حاشد    محافظ إب يدشن أعمال التوسعة في ساحة الرسول الأعظم بالمدينة    عصابة حوثية تعتدي على موقع أثري في إب    الصراع في الجهوية اليمانية قديم جدا    وفاة وإصابة 9 مواطنين بصواعق رعدية في الضالع وذمار    جامعة لحج ومكتب الصحة يدشنان أول عيادة مجانية بمركز التعليم المستمر    خطر مستقبل التعليم بانعدام وظيفة المعلم    دراسة أمريكية جديدة: الشفاء من السكري ممكن .. ولكن!    أربع مباريات مرتقبة في الأسبوع الثاني من بطولة بيسان    هيئة الآثار تنشر قائمة جديدة بالآثار اليمنية المنهوبة    اجتماع بالمواصفات يناقش تحضيرات تدشين فعاليات ذكرى المولد النبوي    مجلس الوزراء يقر خطة إحياء ذكرى المولد النبوي للعام 1447ه    لا تليق بها الفاصلة    حملة رقابية لضبط أسعار الأدوية في المنصورة بالعاصمة عدن    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة الأوكرانية.... هل يكتب للسوفييت أن يولد من جديد
نشر في أخبار اليوم يوم 13 - 02 - 2022

يعيش العالم حالة تأهب بعد نشر روسيا قرابة 100 ألف جندي على طول الحدود الأوكرانية، فيما يستشرف المحللون سيناريوهات عدة للأزمة، أحدها حربٌ تبتلع فيها موسكو شرقي أوكرانيا، وأخر تفاوضٌ خشن يقوده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتحقيق مكاسب سياسية تقوض نفوذ حلف الناتو.
اتجهت الولايات المتحدة الأمريكية والناتو إلى توسيع نطاق نفوذهما في منطقة البحر الأسود. وفى المقابل، حاولت أوكرانيا استغلال هذه المساعي في استقطاب الدعم الغربي في الإقليم لمواجهة روسيا، وكلا الموقفين السابقين يصطدمان بسياسة روسيا التي لا تسمح بالمساس بمصالحها الإقليمية وخاصة من قبل منافسيها. وفى هذا الإطار، تعددت الأبعاد التي عبرت عنها الأزمة الأوكرانية، والتي يمكن توضيحها فيما يلي:

استراتيجية الأزمة
لا شك بأن منسوب التوتر في شرق أوكرانيا وصل في الأيام الماضية الى مستويات غير مسبوقة وخطيرة تهدد بإندلاع حرب صعبة غير واضحة المعالم والجغرافيا. فالتصعيد المتبادل بين روسيا وأوكرانيا ومن خلفها بعض الدول الغربية وحلف شمال الأطلسي عقد الأمور بشكل كبير ووضع الأزمة الأوكرانية على فوهة بركان خامد مليء ببارود مئات الأزمات، بانتظار أي شرارة صغيرة لتوقده وتشعل هذه الأزمة.
يقول أستاذ التواصل الاستراتيجي والعلاقات الحومية، الدكتور نضال شقير "يبدو جلياً أن كافة الأطراف مسؤولة مباشرة عن هذا التصعيد، وذلك على الرغم من دعوتها الدائمة لحلول دبلوماسية وسياسية بعيدة عن العنف".
وأضاف شقير في مقال له نشره موقع العربية" فروسيا مثلاً ومنذ بداية الأزمة دأبت على أمرين، اولاً القيام بحشد عسكري غير مسبوق على الحدود مع شرق اوكرانيا وثانياً التأكيد مراراً وتكراراً على أن لا نية لها لغزو هذه الدولة السوفياتية السابقة".
وتابع "في موازاة ذلك دأبت بعض الدول الغربية كالولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا على زيادة الدعم العسكري لأوكرانيا والتلميح إلى نية ضمها لحلف شمال الأطلسي والدفاع عنها، بالإضافة طبعاً إلى تهديد روسيا".
"وفي نفس الوقت شددت تلك الدول على ضرورة حل دبلوماسي وسياسي للأزمة، هذا فيما نفت كييف نيتها القيام بأي عمل عسكري ضد الانفصاليين المواليين لروسيا في شرق أوكرانيا".
وأكد شقير "من مفارقات هذه الازمة أن كلا الطرفين يستعملان نفس الحجج للتصعيد ونفس الخطاب لتطمين الأخر والمجتمع الدولي". مشيرا الى أن "أوكرانيا وداعموها الغربيون لم يتوقفوا عن اتهام روسيا بأنها تعمل على اجتياح الاراضي الأوكرانية، هذا فيما استمرت روسيا بالحديث عن نية كييف الصريحة بتشجيع من بعض الدول الغربية للقيام بعملية عسكرية لحسم النزاع مع الانفصاليين في شرق البلاد".
وتابع "في موازاة ذلك وكما ذكرنا سابقاً، طمنت موسكو أنها لا تنوي القيام بأي اجتياح لأوكرانيا، كما طمنت كييف الانفصاليين بأنها لا تنوي حل النزاع بالقوة. يقول الجنرال الأميركي دوغلاس ماكآرثر "إنه لخطأ فادح الذهاب إلى الحرب من دون القدرة على الفوز"، ويبدو أن هذه المقولة تسيطر وبشكل جدي على عقول كافة افرقاء هذه الأزمة".
وأوضح أنه" لا يبدو حتى الساعة أن أي طرف واثق من قدرته على تحقيق فوز واضح وصريح ينهي فيه هذا الصراع بشكل نهائي لمصلحته على حساب الآخر".
"وعليه ذهب الجميع للتلويح بالحرب ودق طبولها وهم يدركون جيداً في قرارة نفسهم إنهم لا يرغبون بها ولا قدرة لهم عليها. فسيناريوهات الربح والخسارة في الأزمة الأوكرانية غير معقدة، إذ أن الجميع سيخرجون خاسرين في حال اشتعالها، وذلك مهما كانت مكاسبهم" حد تعبيره.
وقال "عملياً، هناك خمس أجندات في هذه الأزمة تتوزع على معسكرين، وكل اجندة تبحث عن تأمين الحد الادنى من مصالحها. ففي المعسكر الأول، الأجندة الروسية واضحة وصريحة فهي تريد إبعاد نفوذ واشنطن وحلف شمال الأطلسي إلى ابعد مدى عن حدودها وعن الدول السوفياتية السابقة.".
كما تريد إعادة احياء امجادها كمنافس قوي للولايات المتحدة على زعامة العالم. وعليه يدرك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جيداً أن التلويح بالحسم العسكري هو اقوى بكثير من حسم عسكري يقال إنه في متناول اليد.
فمن خلاله قد يستطيع أن يصل إلى ما يريد، بينما استعمال القوة سيؤدي إلى خسائر جسيمة تتنوع بين ما هو ميداني وبين المقاطعة والعقوبات الدولية القاسية، والأهم طبعاً خسارة نهائية للجار الأوروبي الذي لا يزال يراهن على حوار صادق يؤدي إلى أفضل العلاقات الإقتصادية والسياسية والاجتماعية مع موسكو.
وأشار الى أنه "في المعسكر الثاني، فالحاضر الأكبر هو الأجندة الأميركية التي تهدف بوضوح إلى محاصرة روسيا وممارسة اقصى ضغط عليها لتحجيمها وتقليص نفوذها والتأكيد على زعامة الولايات المتحدة العالمية".

وأكد أنه "في هذا الإطار وفي حال انفجار الأزمة في اوكرانيا ستتكبد واشنطن خسائر كبيرة تضرب أجندة مصالحها الحيوية. فأولاً، هي لن تستطيع الدفاع عن كييف عسكرياً، وهذا الأمر بديهي في منطق الاستراتيجيات العسكرية إذ أن القوى العظمى لا تتواجه بشكل مباشر في بينها إلا في الحروب العالمية والشاملة".
وتابع "بالتالي عدم القدرة على الدفاع عن اوكرانيا وتحقيق انتصار واضح في هذه الأزمة سيكون له تأثير سلبي على مكانة وزعامة الولايات المتحدة العالمية.
" ثانياً، والأهم أن المارد الصيني المنافس الجدي لأمريكا على زعامة العالم، قد يستفيد من انخراط واشنطن في هذه الأزمة لتعزيز مكانته الدولية وتوسيع نفوذه ومزاحمتها بشكل جدي على هذه المكانة العالمية".
"كما أن هناك اجندة حلف شمال الأطلسي، هذا الحلف الذي تأسس عام 1949 كمنظمة سياسية هدفها الأساسي كما ذكر امينها العام الأول اللورد إسماي "إبقاء الروس خارجاً، والأميركيين داخلاً، وإسقاط الألمان"، قبل أن يتحول في عام 1955 إلى منظمة دفاعية تقف بوجه حلف وارسو وتدافع عن الأوروبيين من الخطر والمد السوفياتي. وبالتالي من البديهي أن نجد الحلف في أي مواجهة مع روسيا وأن يكون سبباً في"

فيما قال إن "أجندة الحلف واضحة الا وهي التوسع على حساب موسكو وضم المزيد من الدول السوفياتية السابقة الى معسكرها، هذا فيما يظن بعض قادة الحلف أن هكذا أزمات قد تعيد اليه بريقه الذي فقده في السنوات الماضية".

"لكن انفجار الأزمة في أوكرانيا سيكبد الحلف على ما يبدو خسائر كبيرة، ففي حال عدم تدخله عسكرياً للدفاع عن أوكرانيا التي ريد ضمها اليه سيفقد الحلف جوهر وجوده وتتأثر عملية توسعه وذلك لأنه سيفقد صفة الحامي من الدب الروسي" حد قوله

وأرجع "اما في حال تدخله العسكري المباشر وهو أمر مستبعد، ومهما كانت نتائجه فهذا سيؤدي إلى انقسامات عميقة بداخله تؤثر على وجوده خاصة من بعض الدول الأوروبية التي لها اصلاً الكثير من التحفظات تجاهه".
وتابع "اما أجندة اوكرانيا اليوم فهي معقدة أكثر من اي وقت مضى، إذ يسعى الرئيس فلاديمير زيلينسكي للمحافظة على السيادة الكاملة على بلاده وعلى وحدتها بالإضافة إلى عدم خسارة اجزاء اخرى منها على غرار ما حصل عام 2014، ولهذا فهو يريد أن يخرج البلاد من المنطقة الرمادية والذهاب بها بشكل كامل إلى منطقة المعسكر الغربي. لكن هناك من يعتقد أن انفجار هذه الأزمة سيؤدي وبشكل حتمي إلى خسائر جمة لكييف تبدأ بانهيار نهائي لوحدة اوكرانيا ولا تنتهي بخسارة جزء اساسي من اراضيها في شرق البلاد".
واخيرا هناك الأجندة الأوروبية والتي على الرغم من التباين الكبير في وجهات النظر داخل الإتحاد الأوروبي حولها فلا يزال التيار السيادي المؤثر فيها وعلى رأسه فرنسا والمانيا يأمل أن يحافظ على السيادة الأوروبية وسيادة اوكرانيا بالتحديد عبر الحوار الجدي، كما يأمل أن يبعد شبح الحرب عنها، وأن يحافظ على علاقته مع روسيا ويطورها عبر الحوار ايضاً لما فيه من مصلحة كبيرة للطرفين.
هذا التيار يعلم جيداً أن نتائج انفجار الأزمة الأوكرانية ستكون كارثية على القارة العجوز، فأولا هذه الأزمة هي على اراضيها وهذا يعني دمار هائل وخراب وتداعيات إنسانية واقتصادية كبيرة وعودة عقارب الساعة الى حقبات سيئة لا تريد العودة اليها بأي شكل من الاشكال.
ثانياً يدرك هؤلاء أن السيادة الأوكرانية على كامل اراضيها لا يمكن الحفاظ عليها عسكرياً بل بالحوار والدبلوماسية وأن اي استعمال للعنف سيؤدي حتماً إلى خسارة تاريخية لهذه السيادة. ثالثاً والأهم، يدرك الأوروبيون أن انفجار هذه الازمة يعني بشكل مباشر القطيعة مع موسكو وخسارة شراكات كبيرة سياسة واقتصادية واجتماعية معها.
واخيراً، يتخوف الأوروبيون وبشكل جدي من تداعيات انفجار هذه الأزمة على الوحدة الأوروبية وعلى ما تبقى من النفوذ الأوروبي أقله داخل حدوده الجغرافية.
يقول نيكولو ماكيافيلي في كتابه الأمير" نصنع الحرب متى نريد، وننهيها متى نستطيع"، وعليه يدرك جميع اللاعبين أن تفجير الأزمة الأوكرانية هو اسهل الأمور واسرعها، لكنهم يعلمون جيداً أنه في حال اشتعلت فلا أحد قادر على اخمادها أو أن يبقى بعيداً عن حرائقها. لذا، يصعد الجميع إعلامياً وجماهيريا وسياسياً، ويطلقون التهديدات الواحدة تلو الأخرى، وهم يبحثون في الوقت عينه عن مخرج لائق يظهرون فيه جميعاً بثوب المنتصرين ويتفادون خسائر كبيرة لا قدرة لهم على تحملها حالياً.
أسعار النفط
في السياق، قال المحلل الاستراتيجي المرموق، ديفيد روش، أن النفط "بالتأكيد" سيصل حاجز 120 دولارا للبرميل الواحد، وأن الاقتصاد العالمي "سيتغير جذريا"، في حال قررت روسيا اجتياح أوكرانيا.
ورغم نفيها المستمر لنيتها في اجتياح أوكرانيا، حركت موسكو حوالي 130 ألف جندي، ودبابات وصاروخ، وحتى أكياس دم، إلى الحدود مع أوكرانيا، في خطوة عدها حلف شمال الأطلسي "الناتو" استعدادا لشن هجوم قريبا.
وكان الكرملين قد ندد برغبة كييف الانضمام إلى "الناتو"، في حين قال الحلف إن الباب مفتوح أمام الأعضاء الجدد، وحشد بدوره قوات في أوروبا الشرقية، وسط جهود دبلوماسية عالمية لتجنب أي تصعيد عسكري في المنطقة.
ورأى روش في مقابلة عبر شبكة "سي أن بي سي" الأميركية، الاثنين، أن الخطوات الروسية التالية تشبه "الشبح في الغرفة"، وهي خيارات قد تشتت الأسواق العالمية على نحو واسع.
وأضاف "أعتقد أنه إن وقع اجتياح لأوكرانيا وفرضت عقوبات قد تعيق دخول روسيا إلى آليات النقد الأجنبية .. أو قد تمنعهم (الروس) من تصدير بضائعهم، سواء كان ذلك النفط أو الفحم، أعتقد أنه في ذلك الوقت سترى وبشكل مؤكد أسعار النفط بحد 120 دولارا" للبرميل الواحد.
وحذر الخبير من أن اجتياح أوكرانيا سيترتب عليه عواقب اقتصادية واسعة، منوها إلى أن الضالعين في أسواق الأسهم يقللون من التأثير المحتمل للأزمة الروسية الأوكرانية.
وقال: "من أبرز توقعاتي هو أن معظم المستثمرين يعاملون (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين وكأنه موسيقى في خلفية المشهد، لكنني متأكد أن السيد بوتين لن يتفق معهم".
وأشار إلى أن بوتين، وفي حال قرر "أن يفعل شيئا دراماتيكيا يخص أوكرانيا"، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها سيفرضون على الأرجح عقوبات قاسية على روسيا، مشيرا إلى أن الأسواق الأوروبية وتطلعات الاقتصاد العالمي "ستتغير جذريا".
والأربعاء، أجرى الرئيس الأميركي، جو بايدن، مكالمة هاتفية مع ملك السعودية، سلمان بن عبد العزيز، وأكدا التزامهما بالحفاظ على مخزون الطاقة العالمي، في وقت تبحث فيه الولايات المتحدة عن بدائل لتعويض أوروبا عن أي محاولة روسية لاستخدام الغاز كوسيلة ضغط ضد دول الغرب.
حرب شاملة
تجد واشنطن تصاعد التوتر المتجدد حول أوكرانيا فرصة لتقييد روسيا وعرقلة قيامها بترميم علاقاتها مع عواصم أوروبية، لا سيما باريس برلين، ومنع تشغيل خط غاز "السيل الشمالي 2″، ومنع روسيا من التحالف مع الصين بفرض مزيد من العقوبات عليها.
وبالنسبة إلى أوكرانيا فمصالحها تكمن في استعادة وحدة أراضيها، وهي تعمل على استغلال زخم ومستوى جديد من دعم الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى، كما أن هناك رغبة لدى كييف في إظهار نفسها لدى الإدارة الأميركية الجديدة بأنها تواجه روسيا، وذلك بهدف الحصول على مزيد من الدعم، وفي حال استطاعت كييف استدراج روسيا إلى شن هجوم داخل الأراضي الأوكرانية، فقد تنجح في إيقاف تشغيل مشروع "السيل الشمالي 2″، الذي سينهي دور أوكرانيا بوصفها دولة عبور للغاز الروسي إلى أوروبا.
لكن المؤكد اليوم أنه ليس في مصلحة أوكرانيا تحويل النزاع المجمد شرق البلاد إلى آخر ساخن، لأنها ستكون الخاسرة حتما، إلا أن كييف تستخدم التسخين في هذا الملف بين الحين والآخر لتوجيه رسائل داخلية، وأخرى خارجية متعددة الاتجاهات، وسيبقى مأزق أزمة شرق أوكرانيا قائما ما دامت موسكو لم تعزم بعد على خطوة جذرية بضم جمهوريتي دونباس؛ دونيتسك ولوغانسك (غير معترف بهما)، مثل ما فعلت مع شبه جزيرة القرم قبل 7 سنوات، وذلك خشية إلحاق مزيد من الضرر في علاقاتها مع الدول الغربية.
استعراض موسكو قدراتها العسكرية ليس شيئا جديدا، والمؤكد أن هذه التحركات مؤخرًا تختلف كثيرًا عن التدريبات العسكرية التي تقوم بها روسيا في العادة، وأهميتها اليوم تأتي في إطار توجيه رسالة إلى كييف بالدرجة الأولى، محذرة من العمل العسكري ضد دونباس، لا سيما بعد سيناريو ناغورني قره باغ، وبعد حديث روسي متكرر وتحذيرات من استعدادات لشن هجوم أوكراني على شرق البلاد، حيث يسيطر الانفصاليون المدعومون من روسيا.
لكن موسكو اليوم لا تريد حربا واسعة؛ فالحرب في شرق أوكرانيا كانت مكلفة بالنسبة لروسيا خلال السنوات السبع الماضية، وتجدد هذه الحرب بشكل شامل لن يكون في مصلحة روسيا، وسيؤدي إلى إهدار موارد ضخمة موسكو في حاجة إليها، وسيفاقم مشاكل روسيا مع الاتحاد الأوروبي وأميركا.
والجدير ذكره أن سكان دونباس في جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك (غير معترف بهما) معظمهم اليوم يحمل الجنسية الروسية، مع وجود حدود مشتركة بطول 400 كيلومتر بين روسيا وجمهوريتي دونباس، وهي العوامل التي لا تنطبق على أزمة أرمينيا وأذربيجان في ناغورني قره باغ، عند مقارنتها مع أزمة شرق أوكرانيا، كما أنه من المستبعد أن تتدخل تركيا أو إسرائيل في الصراع إلى جانب أوكرانيا ضد روسيا، كما حصل في حرب قره باغ الثانية عندما دعمت الدولتان أذربيجان ضد أرمينيا، لكن على الأغلب سيستمر بيعهما الأسلحة في إطار فرصة كسب الأموال.
وفي عام 2008، قامت روسيا بعمل عسكري في جورجيا بعدما أرسل رئيسها آنذاك ميخائيل ساكاشفيلي قوات لمحاربة الانفصاليين، وفي نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قارن جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي الوضع الحالي في أوكرانيا بالوضع في جورجيا عام 2008، ودعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى عدم ارتكاب الخطأ نفسه الذي ارتكبه ساكاشفيلي، مذكرا إياه بأن ذلك كلفه غاليا.
إن ما يميز حالة أوكرانيا اليوم عن جورجيا عام 2008 هو التأهب القتالي الذي يعززه الناتو في أوكرانيا يومًا بعد يوم، بالإضافة إلى التحذيرات الأوروبية من مغبة دخول روسيا بشكل مباشر في الحرب شرق أوكرانيا.
بين كل هذا أوروبا التي لا تمتلك سياسة دفاعية مستقلة ومنفصلة عن سياسة واشنطن، ويخشى التكتل الأوروبي على أمنه، ومن موجة لجوء جديدة (لا سيما أن هناك اليوم تدخلا بين عوامل التوتر الغربي الروسي في الأزمة بين بيلاروسيا وبولندا حول اللجوء والهجرة، واتهامات غربية لمينسك وموسكو باستخدام هذه الورقة ضدها)، وأوروبا بحاجة أيضا إلى إمدادات الغاز الروسي.
مع أن كل السيناريوهات مطروحة في ظل هذا التصعيد والتصعيد المقابل والتهديدات، فإن سيناريو الحرب الشاملة يبدو مؤجلا حاليا، ويبقى النزاع في إطار الحروب الصغيرة كسيناريو قره باغ، وسيناريو القرم، وسيناريو جورجيا، مع استمرار حروب الوكالة هنا وهناك على أكثر من صعيد وفي أكثر من جبهة، إقليمية ودولية.
وفي الوقت الذي يتزايد فيه قلق الغرب حول نوايا وخطط تشرع بها روسيا لغزو محتمل لأوكرانيا، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن الجمعة الماضي أنه سيجعل من "الصعب جدًّا" بالنسبة إلى روسيا شن أي غزو على أوكرانيا، التي حذرت من هجوم روسي محتمل واسع النطاق الشهر المقبل، وقال بايدن الجمعة للصحفيين إنه يعد "مجموعة مبادرات" تهدف إلى حماية أوكرانيا من هجوم روسي، في حين تتهم كييف وواشنطن موسكو بحشد قوات على الحدود والاستعداد لغزو.
وكان وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف قال في وقت سابق الجمعة الماضي أمام البرلمان -مستشهدا بتقارير للمخابرات- إن روسيا حشدت أكثر من 94 ألف جندي بالقرب من الحدود الأوكرانية، وربما تستعد لهجوم عسكري واسع النطاق في نهاية يناير/كانون الثاني القادم.
وتتهم موسكو بدورها أوكرانيا والولايات المتحدة بزعزعة الاستقرار، وتشير إلى أن كييف ربما تستعد لتنفيذ هجوم في شرق أوكرانيا، في حسن حذر وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف من "مغامرة عسكرية" أوكرانية، بعدما قالت وزارته إن "كييف" نشرت قرابة 125 ألف جندي في الشرق، وهو ما تنفيه كييف.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إثر اجتماع لحلف شمال الأطلسي في ريغا عاصمة لاتفيا "لقد قلنا بوضوح للكرملين إننا سنردّ، خاصة عبر سلسلة تدابير اقتصادية ذات تأثير كبير كنّا قد امتنعنا عن استخدامها في الماضي".
تجدر الإشارة إلى أن روسيا سبق أن عززت قواتها العسكرية على الحدود الأوكرانية في أبريل/نيسان الماضي، واتضح لاحقا أن الهدف من ذلك هو تعزيز أوراق الضغط السياسية والدبلوماسية، إذ إن روسيا أعادت سحب تعزيزاتها تلك بعد وقت قصير من إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين عقد قمة بينهما، وليس من المستبعد اليوم أن يتكرر المشهد نفسه مع استمرار المحادثات بشأن عقد قمة أخرى بين الرئيسين.
ويذهب بعض الخبراء إلى أن كييف أغضبت روسيا باستخدام طائرات بيرقدار المسيّرة التي استوردتها من تركيا، حيث يأتي التعزيز العسكري الروسي الأخير بعد نشر الجيش الأوكراني لقطات قال فيها إنه أول استخدام لطائرة مسيّرة تركية الصنع ضد الانفصاليين شرق البلاد، لا سيما بعد ظهور حديث في الأوساط السياسية الأوكرانية حول تكرار شرق البلاد سيناريو استعادة أذربيجان الجزء الأكبر من أراضيها في حرب ناغورني قره باغ العام الماضي.
وكذلك بعد اتهامات بوتين للغرب بتجاهل "الخطوط الحمراء" لروسيا عبر إجراء تدريبات في البحر الأسود، وإرسال أسلحة حديثة لكييف، مطالبا "بضمانات قانونية" من حلف شمال الأطلسي بعدم التوسع شرقا.
ويبقى أن ما تؤكده تهديدات الولايات المتحدة التي اقتصرت على التلويح بعقوبات اقتصادية كاسحة قد تصيب الاقتصاد الروسي بالشلل، ولم تشمل أي تهديد بالدفاع عن أوكرانيا عسكريا؛ يستبعد سيناريو الحرب الشاملة، وأن كييف قد تترك وحدها كما سبق أن حصل مع جورجيا عام 2008، في حال أرادت تطبيق سيناريو عسكري شرق البلاد في دونباس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.