المقاتلتان هتان السيف وهايدي أحمد وجهاً لوجه في نزال تاريخي بدوري المحترفين    دنماركي يحتفل بذكرى لعبه مباراتين في يوم واحد    وداعاً للتسوس.. علماء يكتشفون طريقة لإعادة نمو مينا الأسنان    عدن.. انقطاعات الكهرباء تتجاوز 15 ساعة وصهاريج الوقود محتجزة في أبين    الأرصاد يتوقع أجواء باردة إلى شديدة البرودة على 5 محافظات ومرتفعات 4 محافظات أخرى    شبوة:فعالية تأبينية مهيبة للإعلامي والإذاعي وكروان التعليق الرياضي فائز محروق    حضرموت.. مسلحو الهضبة يهاجمون قوات النخبة والمنطقة الثانية تصدر بيان    جراح مصري يدهش العالم بأول عملية من نوعها في تاريخ الطب الحديث    الذهب يهبط من أعلى مستوياته في 3 أسابيع    استئناف الدوري اليمني.. قرارات حاسمة من اتحاد الكرة ترسم ملامح المرحلة المقبلة    ريال مدريد يختصر اسم "البرنابيو" ويحوله إلى ملعب متعدد الأغراض    مناقشة آليات توفير مادة الغاز المنزلي لمحافظة البيضاء    لجنة من وزارة الدفاع تزور جرحى الجيش المعتصمين بمأرب وتعد بمعالجات عاجلة    وزير الصحة: اليمن يواجه أزمات مركبة ومتداخلة والكوارث المناخية تهدد الصحة العامة فيه    واشنطن تفرض عقوبات على 32 فردا وكيانا على علاقة بتهديد الملاحة الدولية    واشنطن تكشف عن التنازلات التي قدمها الشرع في البيت الأبيض    العراق ضد الإمارات بالملحق الآسيوي.. هل يتكرر سيناريو حدث قبل 40 عاما؟    انهيار مشروع نيوم.. حلم محمد بن سلمان اصطدم بصلابة الواقع    اول موقف من صنعاء على اعتقال الامارات للحسني في نيودلهي    حل الدولتين في فلسطين والجنوب الغربي    لماذا قتلوا فيصل وسجنوا الرئيس قحطان؟    قضية الجنوب: هل آن الأوان للعودة إلى الشارع!    عدن تعيش الظلام والعطش.. ساعتان كهرباء كل 12 ساعة ومياه كل ثلاثة أيام    خديعة العروبة والوحدة.. حين تكرر التاريخ على أرض الجنوب    جروندبرغ يقدم احاطة جديدة لمجلس الأمن حول اليمن 5 عصرا    الكشف عن 132 جريمة مجهولة في صنعاء    تدشين منافسات بطولة الشركات لألعاب كرة الطاولة والبلياردو والبولينغ والبادل    إعلان نتائج الانتخابات العراقية والسوداني يؤكد تصدر ائتلافه    الإعلان عن القائمة النهائية لمنتخب الناشئين استعدادا للتصفيات الآسيوية    ندوة تؤكد على دور علماء اليمن في تحصين المجتمع من التجريف الطائفي الحوثي    الأمم المتحدة: اليمن من بين ست دول مهددة بتفاقم انعدام الأمن الغذائي    شبوة تودّع صوتها الرياضي.. فعالية تأبينية للفقيد فائز عوض المحروق    مناقشة جوانب ترميم وتأهيل قلعة القاهرة وحصن نعمان بحجة    افتتاح مركز الصادرات الزراعية بمديرية تريم بتمويل من الاتحاد الأوروبي    قراءة تحليلية لنص "اسحقوا مخاوفكم" ل"أحمد سيف حاشد"    القرود تتوحش في البيضاء وتفترس أكثر من مائة رأس من الأغنام    من المرشح لخلافة محمد صلاح في ليفربول؟    مفتاح: مسيرة التغيير التي يتطلع اليها شعبنا ماضية للامام    عالميا..ارتفاع أسعار الذهب مدعوما بتراجع الدولار    حضرموت.. تُسرق في وضح النهار باسم "اليمن"!    احتجاج على تهميش الثقافة: كيف تُقوِّض "أيديولوجيا النجاة العاجلة" بناء المجتمعات المرنة في الوطن العربي    وزير الإعلام الإرياني متهم بتهريب مخطوطات عبرية نادرة    عسل شبوة يغزو معارض الصين التجارية في شنغهاي    تمرد إخواني في مأرب يضع مجلس القيادة أمام امتحان مصيري    الواقع الثقافي اليمني في ظل حالة "اللاسلم واللاحرب"    "فيديو" جسم مجهول قبالة سواحل اليمن يتحدى صاروخ أمريكي ويحدث صدمة في الكونغرس    قرار جديد في تعز لضبط رسوم المدارس الأهلية وإعفاء أبناء الشهداء والجرحى من الدفع    ارشادات صحية حول اسباب جلطات الشتاء؟    انتقالي الطلح يقدم كمية من الكتب المدرسية لإدارة مكتب التربية والتعليم بالمديرية    مواطنون يعثرون على جثة مواطن قتيلا في إب بظروف غامضة    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    عدن في قلب وذكريات الملكة إليزابيث الثانية: زيارة خلدتها الذاكرة البريطانية والعربية    5 عناصر تعزّز المناعة في الشتاء!    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في حوار خاص مع "أخبار اليوم".. القيادي الاشتراكي أنيس يحيى يعدد عيو الحراك ويتحدث عن إخفاقات النظام، ويدعو القوى الخيرة إلى البحث عن صيغة واقعية للوحدة
نشر في أخبار اليوم يوم 28 - 02 - 2010


* الحراك والحوثيون لا يملكان مشروعاً للوطن. .
* النظام أخفق في معالجة كل مسائل الخلاف مع الآخر. . وقراءته الخاطئة للواقع تجعل خطابه يتسم بنزعة استعلائية. .
* العودة إلى عهد التشطير كارثة بكل المقاييس والدفاع عن وحدة موهومة لا يقل ضرراً عن الدعوة للانفصال!!
* الانزلاق نحو معاداة أبناء المحافظات الشمالية يُعد تطوراً خطيراً ومأساوياً. .
* البديل عن الحوار الشامل هو انزلاق البلاد نحو حرب أهلية. .
* أدعو المعارضة إلى أن يكون خيارها الوحيد الحوار حتى يعود النظام إلى رشده. .
حاوره / إبراهيم مجاهد
في شقّة متواضعة جداً يسگنها السياسي المخضرم والقيادي الاشتراگي البارز الأستاذ/ أنيس حسن يحيى ، بإيجار شهري، نظراً لأن منزله ما زال مصادراً من قبل الدولة مُنذ العام 94م وحتى اليوم، رغم توجيهات رئيس الجمهورية ونائب الرئيس- التي يصفها بالرائعة - وإن گانت روعتها لم تشفع لها بالتنفيذ على أرض الواقع بعد مضي أگثر من عامين على صدورها.
على أية حال قتامة المشهد السياسي ، التمرد ، الحراگ ، الانفصال وفگ الارتباط، فشل السلطة، الخطر على الوحدة. . وغيرها من القضايا والإشگاليات على الساحة اليمنية گانت هي محاور حوارنا مع السياسي المخضرم بن يحيى. .
فإلى نص الحوار الذي گان بعيداً عن مشگلة منزله المصادر والتوجيهات التي لم تنفذ، وقريباً من هموم وقضايا بحجم الوطن.
* في ظل الوضع المتأزم الذي تعيشه اليمن "تمرد في الشمال ، حراك في الجنوب ، اتساع بون الخلاف بين القوى السياسية الفاعلة، انفلات أمني، تدهور اقتصادي". . اليمن إلى أين تتجه. . ؟
- في ظل هذا الوضع المتأزم الذي تعيشه اليمن أخشى أن أقول أن بلدنا يتجه إلى مصير مجهول ، ما لم ينتصر صوت العقل عند الأطراف كافة ً، وفي أوساط الدوائر الحاكمة تحديداً.
إن الاتفاق بين السلطة والحوثيين، على إيقاف الحرب في صعدة، مؤشر طيب نحو انفراج، آمل أن تتبعه انفراجات شاملة ، لمصلحة الوطن.
لقد ثبت فشل نهج الحرب، بالملموس ، في معالجة مسائل الخلاف كافة ، ولا بديل لنا إلا خيار الحوار الوطني الجاد والشامل، كخيار وحيد لإخراج البلاد من أزماتها المعقدة، والمتعددة الجوانب ، وحتماً سينتصرُ خيارُ الحوارِ ، بقدر ما تَستَوعِب أهميته وضرورته دوائر الحكم، وإذا كان خطابُ النظام ما زال يتسم ، في الغالب، بنزعة استعلائية في العلاقة مع الآخر، وبالتالي، وبسبب هذه النزعة الاستعلائية، يأتي خطابه ، في الغالب ، عنيفاً، فإن قوى المعارضة معنية بأن لا تنساق وراء خطاب عنيف، فيأتي انسياقها بمثابة صب الزيت على النار.
النظام للأسف ما زال ميالاً، بطبيعته الاستعلائية إلى مخاطبة الآخر بأسلوب عدائي، ولكنني في عملي السياسي مدعو إلى تبني خطاب عاقل ورصين يفضح السياسات الخاطئة دون أن يتجه خطابي السياسي نحو ردود أفعال ضارة ، تزيد الوضع تعقيداً.
* كيف تقرؤون عدم التزام عناصر الحوثي بتنفيذ النقاط الست وآليتها التنفيذية ، وتبادل الاتهامات بين السلطة وقيادة التمرد بالإضافة إلى اشتراط الحوثي الاحتفاظ بالألغام والأسلحة الثقيلة، وبقاء عناصره في بعض المواقع؟
- لا أملك تفاصيلاً كافية حول ما يجري على الأرض، من تنفيذ الاتفاق ، من قبل السلطة والحوثيين، واللجان المكلفة بمتابعة تنفيذ هذا الاتفاق ما زالت مستمرة في عملها ومع ذلك فإنني أنصحُ النظام بضبط النفس، حتى لا ينجر البلد إلى حرب سابعة، تكون أكثر كارثية من سابقاتها.
* زاد ت في الآونة الأخيرة الجرائم التي تستهدف بصورة مناطقية أبناء المحافظات الشمالية وممتلكاتهم والمتواجدين في بعض المحافظات الجنوبية سيما "لحج، الضالع، أبين". . ما تعليقكم على هذه الأحداث؟.
- نحن شعب يمني واحد ، وهذا ما يؤكده التاريخ عبر آلاف السنين.
إن الانزلاق نحو معاداة مواطنين من أصول شمالية ، مضى على استقرارهم ، في عدن وغيرها، عقود من الزمن، يُعد تطوراً خطيراً ومأساوياً، تسبب نهجُ السلطة فيه ، وفي إذكائه وأتمنى على الناشطين في الحراك ، أن يدركوا أن المساس بمواطنين من أصول شمالية، في لحج أو أبين أو الضالع هو انحراف عن القيم النبيلة التي يفترض في "الحراك" أن يجسدها في أدائه السياسي بوصفه تعبيراً صادقاً عن قضية عادلة هي القضية الجنوبية فالحراك قواه في الأصل في خلاف مع النظام وليس مع الأشقاء في الجزء الشمالي من الوطن.
وأرى أنه من الأهمية بمكان ، أن أُحذّر من عواقب نهج السلطة المُغذّي لنزعات مناطقية ، متخلفة وضارة، فما حصل في مبنى "الأيام" في 4 يناير 2010م، وما تعرض له الأخ "هشام باشراحيل" وأسرته من ممارسات تعسفية مخالفة للدستور واعتقال عشوائي للعشرات ، هو دليل صارخ على هذا النهج المُغذّي للنزّعات المناطقية الضارة التي تجري اليوم في أبين ولحج والضالع.
* هل تعتقدون أن ثمة إستراتيجية لقوى الحراك؟
- لم يأتِ الحراك السلمي الجنوبي من فراغ ، فهو ليس نبتة شيطانية ، وإنما جاء تعبيراً سياسياً صادقاً عن قضية عادلة ، هي القضية الجنوبية ، وأنا بوصفي في المعارضة وأنشد التغيير الشامل في حياة الناس ، لصالح بناء دولة يمنية عصرية لِكُلَّ اليمنيين ، تقوم على الدستور والقانون ، المغيبين اليوم ، أرى في "الحراك السلمي الجنوبي"، عاملاً هاماً في تحقيق التغيير المنشود ، على أساس سلمي وديمقراطي
عَيْبُ الحراك ، حتى الآن، أنه لا يملك مشروعاً للوطن ككل وحتى رؤيته لمستقبل الجنوب ، بعد فك الارتباط الافتراضي ليست واضحة هذان عيبان خطيران سيصيبان الحراك في مقتل ، في حالة استمرارهما ، ويضاف إليهما عيب ثالث خطير ، هو عدم امتلاك "الحراك" قيادة موحدة له.
وعَيْبُ النظام، وهو عيب دائم ، أنه لا يقرأ الواقع قراءة صحيحة ولا يُحسن التعامل مع الآخر المختلف عنه ، على قاعدة احترام الدستور والقانون، واحترام حق الآخر في التعبير عن آرائه المخالفة، من هنا تبرز أهمية الحوار الذي ندعو إليه ونتمسك به ، على أن يشمل هذا الحوار كل القوى السياسية الفاعلة في بلادنا ، وفي المقدمة منها قوى "الحراك السلمي الجنوبي".
* في ظل غياب معالجات السلطة للقضايا الملتهبة على الساحة "سياسية، أمنية، اقتصادية، اجتماعية" ما الدور الواجب على القوى الوطنية أن تضطلع به في هذه المرحلة وما هو الحل؟!.
- صحيح أن النظام أخفق ، حتى اللحظة في معالجة كل مسائل الخلاف مع الآخر ، ما يعني استمرار الأزمات السياسية وبقائها على حالها ، إن لم تَزْدَدْ تعقيداًَ. ومع ذلك ، فإني أقول أنه ليس أمامنا غير خيار وحيد هو خيار الحوار.
لقد دفع شعبنا الثمن باهظاً بسبب غياب هذا الحوار ، ولم يَجْنِ من الحروب إلا مزيداً من التدهور الاقتصادي، ومزيداً من البطالة ، ومزيداً من الفقر.
ولذلك فأنا أدعو قوى المعارضة الفاعلة إلى أن يكون خيارها الوحيد هو خيار الحوار الوطني الشامل ، حتى يعود النظام إلى رشده والبديل للحوار هو انزلاق البلاد نحو حرب أهلية مدمرة - لا سمح الله - ولا يستفيد من الحروب إلا تُجارها.
* هل الوحدة في خطر. . ؟
- نعم إني أخشى على الوحدة من خطر داهم. الوحدة مشروع حضاري عظيم ، لم ننجح جميعاً في الحكم وفي المعارضة في الانتصار له على الأرض. لقد أصيب مشروع الوحدة الحضاري العظيم في مقتل ، بخيار الوحدة الاندماجية التي ليس لها أساس موضوعي في حياتنا.
وحدة إندماجية بين نظامين متعارضين في كل شيء، كان يجب على الأطراف العاقلة في الشطرين أن تتبنى صيغة فيدرالية للوحدة ، تنتصر لمشروعنا ا لحضاري العظيم. ولأن أصحاب القرار في الجانبين لا يجيدون قراءة تجارب الشعوب الناجحة في بناء وحدتها فجاءت وحدة 22 مايو 1990م تحمل في طياتها بذور كل هذه الأزمات ، والجدير ذكره أن ما هو قائم اليوم ليس الوحدة التي يتطلع إليها كل اليمنيين كونها تخلو من مضمون وطني ،ديمقراطي حقيقي ، بأفق حداثي.
الحل المنشود لا يتمثل في العودة إلى نقطة الصفر، أي العودة إلى عهد التشطير، فأنا أرى في هذه العودة تجسيداً ، وعلى نحو أسوأ، لِما كانت عليه بلادنا في عهد التشطير، من حيث علاقة الشطرين ببعضهما، لقد شهدت بلادنا، في عهد التشطير حروباًَ مدمرة بين النظامين ،فهل نعود إلى حالة الحرب التي كنا عليها في عهد التشطير؟ من هنا أجد نفسي معارضاً لأية دعوة للانفصال ، أو فك الارتباط كما يحلو القول عند البعض. ولكنني لن أخون دعاة الانفصال ، فهم وطنيون ، وقد كانوا يوماً في مقدمة المناضلين في سبيل الوحدة اليمنية.
والانفصال كخيار سياسي، خيار مشروع ،ولكن ليس له أفق وليس له مستقبل والجنوب سيتشظى حتماً في ظل الانفصال أو فك الارتباط، بل أكاد أجزم أن اليمن ككل سيتشظى بفعل صراع إقليمي ودولي تغذيه مصالح متضاربة عديدة ، في المنطقة.
* كلمات لها معنى :
ماذا تعني لك ؟
- الوحدة: ليست مجرد نشيد وعلم ، إنها أعظم وأكبر بكثير من ذلك، إنها مشروع حضاري عظيم يبني يمناً حديثاً ، ينعم في ظله شعبنا اليمني الواحد، بالمواطنة المتساوية ، وبالعدالة الاجتماعية، والتوزيع العادل للثروة الوطنية.
دولة عصرية يحكمها دستور وقانون ، غير مقيدة بنفوذ القبيلة وتسلطها، وتجبُّرِها. المؤسِف له. أن النظام، ونحن في مطلع الألفية الثالثة، مشدود بأكثر من قيد للقبيلة ، التي كانت وما زالت الكابح الأساسي لبناء دولة يمنية عصرية، ومن هنا يتبين لنا سبب إخفاق النظام في الانتصار لنواياه الطيبة المعلنة.
- الديمقراطية: سلوك حضاري راقِ يكفل حق التعبير الحر عن الرأي والمعتقد، الديمقراطية هي خيار مجتمع يتطلع إلى التغيير على قاعدة التداول السلمي للسلطة، ومن يعترض على إعادة صياغة دولتنا على أساس فيدرالي، إنما يعبرون عن خشيتهم من فقدان مصالحهم ولذلك يتجهون نحو قمع الحريات الديمقراطية، التي كفلها الدستور لأنهم لا يعترفون بالرأي الآخر المغاير.
الديمقراطية هي الوسيلة الفاعلة للانتقال باليمن إلى عصر جديد خالٍ من الظلم والفساد والطغيان، والديمقراطية، في الممارسة،تبدأ من البيت، داخل الأسرة، لكي ننتصر لها في المجتمع، نحن نعيش في ظل مجتمع ذكوري طاغٍ ومتسيد، وبالتالي فإن الانتصار للديمقراطية يتطلب بذل جهود مكثفة على كل الصُّعد، لتصبح سلوكاً عاماً، هذه مهمة أحزاب الحداثة في مجتمعنا التي هي نفسها تعاني من مظاهر عدة للتخلف في صفوفها، هناك تشوش واضطراب في الرؤى الفكرية والسياسية يسود داخل قوى الحداثة، وبالتالي فإن الانتصار للديمقراطية، في مجتمعنا، سيتطلب زمناً ليس بالقصير.
في واقع معقد كهذا، فأنا أدعو أحزاب المعارضة، وقوى الحداثة فيها تحديداً، إلى ممارسة حقها الدستوري، في خوض الانتخابات على كل الصُّعد.
إن قول بعض قيادات المعارضة بأن نتائج الانتخابات معدة سلفاً وأن خوضها الانتخابات يعني تكريساً لسلطة غير شرعية، لا يعني إلا هروباً من مواجهة هذا الواقع الاجتماعي الذي تهيمن عليه قوى التخلف في المجتمع، لقد مدَّدْنا للحزب الحاكم سنتين، وربما نُمِدْد له مستقبلاً، لأننا لم نتعلم بعد كيف نُمارس حقنا الدستوري في خوض الانتخابات التي تجري، حقيقة، في ظل موازين قوى مختلفة، ولكن غيابنا لا يعني في التحليل الأخير إلا تكريساً لسلطة القوى المتنفذة في المجتمع.
"الانفصال": دعاة الانفصال اليوم، هم دعاة الوحدة بالأمس، ولذلك لا يجوز التعامل معهم كخونة ومارقين، يجب أن نبحث في الأسباب التي دفعت بهم إلى هذا الخيار الذي ليس له أُفق وليس له مستقبل، ويتعين على النظام، معالجة أسباب هذا التوجه نحو دعوة محفوفة بقدر كبير من المخاطر.
إن العودة إلى عهد التشطير كارثة بكل المقاييس، والدفاع عن وحدة موهومة لا يقل ضرراً عن الدعوة إلى الانفصال، يتعين على كل القوى الخيّرة في السلطة وفي المعارضة أن يبحثوا عن صيغة واقعية للوحدة على أساس فيدرالي ، تسمح بتعزيز الوحدة في النفوس قبل كل شيء، وتفضي إلى بناء يمن حديث، ديمقراطي.
"الحِراك": لم يأت الحراك من فراغ، بل جاء نتيجة ممارسات خاطئة للنظام منذ قيام وحدة 22 مايو 1990، وتكرّست هذه الأخطاء بحرب صيف 1994م، الكارثة التي أضرَّتْ بالوحدة ضرراً جسيماً وأبقتها مجرد شكل خالٍ من أي مضمون وطني ديمقراطي حداثي.
و"الحِراك" في حقيقته هو تعبير سياسي صادق عن قضية عادلة هي القضية الجنوبية، عيب "الحراك" اليوم أنه لا يمتلك مشروعا للوطن ككل، وهذا عيب خطير فيه، سيعزله حتماً عن محيطه اليمني، كما أن الحراك يشكو من غياب وحدته القيادية، الأمر الذي فسح المجال لبروز أجندات مغايرة، لا تخدم الجنوب تحديداً، وتتعارض مع تاريخه الوطني في النضال ضد الاستعمار البريطاني، لكني لا يمكن أن أتجاهل وجود قوى خيرة فيه، أتمنى أن تمسك بزمام المبادرة حتى لا يقع "الحراك" في أخطاء قاتلة تنحرف به عن مساره الوطني.
"الفساد": أتذكر أن جلسة ودية في خريف عام 1993م في الرئاسة، ضمت قيادات من الحزب الحاكم حالياً وعلى رأسهم الأخ/ علي عبدالله صالح رئيس مجلس الرئاسة حينئذ، كما ضمت عدداً من الأخوة في قيادة التجمع اليمني للإصلاح يتقدمهم الشيخ الراحل / عبدالله بن حسين الأحمر، طيب الله ثراه، كما ضمت هذه الجلسة عدداً من الأخوة في قيادة الاشتراكي، كنت أحدهم، ولأن اللقاء كان ودياً تطرق فيه الحاضرون، عصر ذلك اليوم، لظاهرة الفساد المتفشية في حياتنا، في مختلف مفاصل الدولة والمجتمع، جرى هذا اللقاء قبل ما يزيد عن ستة عشر عاماً، الحاضرون جميعاً أبدوا استنكارهم لتعاظم واستشراء الفساد في حياتنا، فكان تعليقي في ذلك اللقاء عصر ذلك اليوم: إن الكل يشكو من ظاهرة، ويعبر عن قلقه من تحوله إلى ظاهرة مرضية خطيرة.
وأضفت قائلاً: إن الأخ/ علي عبدالله صالح رئيس مجلس الرئاسة يشكو من الفساد واستشرائه، والأخ/ حيدر أبوبكر العطاس رئيس الوزراء يشكو وحكومته من الفساد الجاثم على صدورنا، ونحن في مجلس النواب وكنت حينئذ رئيس الكتلة البرلمانية للاشتراكي في مجلس النواب نشكو كذلك من هذه الظاهرة المرضية الخطيرة في حياتنا، وواصلت حديثي في ذلك اللقاء قائلاً: العجيب، بل المفارقة أننا جميعاً نشكو الفساد في حين أن الفساد يستشري ويتوسع عمودياً وأفقياً وكأنه يسخر منّا، ما يعني أن ثمة من يعمل على تكريسه كظاهرة مرضية في حياتنا كان ذلك قبل ستة عشرة عاماً، تقريباً.
وحقيقة الأمر أن الفساد والفاسدين، الذين يتناسلون في حياتنا ك"فَطر" قد جعلوا اليوم حياتنا جحيماً لا يُطاق.
وفي رأيي أنه لا يمكن استئصال هذه الظاهرة الخبيثة من حياتنا، إلا بإنتصارنا جميعاً في السلطة والمعارضة لقيام دولة مؤسسية عصرية يحكمها دستور وقانون يصون ويصَّوب سلوك المجتمع وقضاء عادل ونزيه ومستقل.
التمرد: لولا نهج الحرب الذي يطبع سلوك النظام في العلاقة مع الآخر المغاير له في الرأي، لما نشأت ظاهرة الحوثيين، ولما أهدرنا الكثير من الأموال، ولما أزهقنا العديد من الأرواح في حرب عبثية.
الحوثيون أنفسهم، بعيداً عن شعاراتهم: "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل"، لا يملكون مشروعاً سياسياً للوطن ولو تُركوا وشأنهم لا نعزلوا حتماً، أنا هنا لا أبُّسط الأمور، ولكنني فقط أُشير إلى أن نهج الحرب هو الذي أفرز هذه الظاهرة، وأتمنى اليوم على السلطة أن تتصرف بضبط للنفس حتى لا ندخل في حرب سابعة، تقودنا إلى مزيد من الكوارث.
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.