شكك عدد من الاقتصاديين ورجال الاعمال من دقة الدراسة الصادرة عن المركز اليمني لقياس الرأي العام التي وصفت الاقتصاد اليمني خلال عقد التسعينيات بالمتدهور خاصة في الناتج المحلي الصافي، بالاضافة إلى تحديد مباشر لمعوقات الاستثمار في اليمن والتي منها الفساد الاداري والمالي والتهريب والاوضاع الامنية والاختطاف، وربط اولئك الاقتصاديون بين الدراسة الصادرة في الوقت الحالي وبالذات قبيل الانتخابات المحلية والرئاسة وبين الدعاية الانتخابية لصالح احزاب اللقاء المشترك، واضافوا بأن الدراسة تأتي كنوع جديد من انواع الدعاية الانتخابية، حيث اعتبر الدكتور ارسلان محمد احمد استاذ ودكتور الاقتصاد المالي بجامعة عدن في اتصال هاتفي ل«أخبار اليوم» بأن تلك الدراسة لم تكن بالمستوى المطلوب وذلك بسبب تزامن اصدارها مع قرب الانتخابات، واصفاً إياها بالدعاية الانتخابية القاصرة والمطوقة والغير قادرة على معرفة الاوضاع التي تطور على اساسها اقتصاد الجمهورية اليمنية. واشار الدكتور ارسلان بأن الاستثمار له فرعين احدهما الانفاق الحكومي من موازنات الدولة والمشروعات العامة، والفرع الاخر من الانفاق هو الخاص بمشروعات القطاع الخاص، معتبراً بأن العوامل المذكورة في الدراسة كالفساد المالي والاداري وظاهرة التهريب والاوضاع الامنية والاختطاف ماهي إلا عوامل طاردة للاستثمار وليست العوامل الاساسية. واوضح دكتور الاقتصاد بأن مناخ الاستثمار في البلاد موجود وان رءوس الاموال الاجنبية تتحرك في ظل توفر اقتصاد مربح داخل البلاد. تجدر الاشارة هنا إلى ان دراسة نفذها المركز اليمني لقياس الرأي العام وصفت الاقتصاد اليمني خلال عقد التسعينيات بالمتدهور خاصة في الناتج المحلي الصافي، مشيرة إلى ان الصافي المحلي انخفض من «910» مليون دولار اميركي عام 1990م إلى «543» مليون دولار اميركي في عام 1994م مقدرة الدخل المحلي الصافي لليمن عام 2000م بحوالي «710» مليون دولار اميركي. وقالت الدراسة ان التغيرات في الناتج الصافي المحلي صاحبه تدهور في الدخل السنوي للفرد وفيما يخص معوقات الاستثمار أشارت الدراسة إلى أن الفساد المالي والإداري يحتل المرتبة الأولى في المعوقات حسب رأي «98. 4%» من المبحوثين وبمتوسط حسابي «3. 92%»، وجاءت ظاهرة التهريب في المرتبة الثانية من المعوقات حسب تأكيدات «96. 6%» من المبحوثين التي أشار إليها الدكتور عبد السلام الأثوري منتقدا بأنها لاتمثل سوى «10% » من السلع وتتمثل في السجائر والأسلحة والخمور. ظاهرة الاختطاف أخذت نسبة متقدمة في رأي المبحوثين كأحد العوامل التي تعيق الاستثمار حيث صوت لصالحه «94. 6%» من المبحوثين، وفيما جاءت الأوضاع الأمنية في المرتبة الرابعة حسب رأي 89. 5% من المبحوثين أشارت الدراسة إلى «81. 4%» من المبحوثين على أن الأوضاع السياسية السائدة في اليمن تشكل أهم عوائق الاستثمار. وقالت الدراسة: إن غالبية رجال المال والأعمال يرون أن السياسة الاقتصادية لم تحقق استقرارا اقتصاديا يشجع المستثمرين، حيث صوت «11. 1%» منهم، بينما يرى« 75%» أن السياسة الاقتصادية وعدم الاستقرار الاقتصادي إلى حد ما عامل سلبي وعائق للاستثمار، وعارض «13. 1%» أن تكون السياسة الاقتصادية من عوائق الاستثمار. ويذهب «22. 3» من رجال المال والأعمال أن النمو الاقتصادي من عوائق الاستثمار بينما يوافق «48. 3» إلى حد ما وعارض ذلك «28. 6%»، وفي حين صوت «86. 8%» من المبحوثين لصالح فشل السياسات الاقتصادية المتعلقة بعدالة توزيع الدخل والإصلاح المالي، ورفض «13. 3%» ذلك، واعتبر «70. 8%» من رجال المال والأعمال في اليمن أن برنامج الإصلاح المالي والإداري من عوائق الاستثمار، ولم يوافقهم «27. 1%» على ذلك. وصوت «59. 5%» من المبحوثين على أن الاختلال الهيكلي أحد معوقات الاستثمار وخالفهم «32. 8%» من المبحوثين بينما صوت «6. 6%» إلى حدما. وخلصت الدراسة إلى عدد من النتائج من أهمها أن خلل السياسات النقدية والذي أدى إلى تدهورقيمةالعملة المحلية وتعدد أسعار صرفها من سعر سياحي إلى سعر تشجيعي والقيود المفروضة على المستثمرين تأتي في مقدمة مظاهر خلل السياسات النقدية -حسب رأي الدراسة في استبيانها مع المبحوثين، إضافة إلى افتقار البنية التحتية الأساسية التي تيسر تنفيذ المشروع بتكاليف مجدية. وأشارت الدراسة إلى أن تساهل اليمن في تطبيق المواصفات القياسية المفروضة على السلع التي تباع في الأسواق المحلية تؤدي إلى إغراق الأسواق بمنتجات رديئة ورخيصة الثمن تقف حجر عثرة في طريق الاستثمار وتسويق منتجات ذات مواصفات قياسية تحقق عائدا مقبولا على الاستثمار، مضيفة أن عجز الإدارة عن تسيير النظم والقوانين وتفشي الفساد الإداري والاستخفاف باعتبارات النزاهة والأمانة والرقابة الذاتية مناخ غير سليم لقيام مشاريع استثمارية.