بعيدا عن الاحتفاء بالتجربة الانتخابية الموريتانية كما كان معداً تباينت العديد من الآراء ووجهات النظر حول الانقلاب العسكري الذي أطاح بنظام الطايع وتمخضت عنه انتخابات رئاسية فاز فيها رجل من خارج المجلس العسكري المؤقت. ففي حين أظهر علي الصراري رئيس دائرة الإعلام في الحزب الاشتراكي اليمني إعجابه بالانعطاف الذي يمثله هذا اليوم في ...التاريخ العربي...حيث .. يقوم العسكريون الموريتانيون بنقل السلطة إلى المدنيين سلميا... وبدا في لهجته رضاً تام عن الطريقة التي وصل بها العسكر إلى السلطة... محاولاً توجيه رسائل إلى العديد من الجهات في هذا الصدد...وصف رئيس المجلس الأعلى للقاء المشترك أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني «د. ياسين سعيد نعمان» الوصول إلى السلطة عبر الانقلاب بأنه «كسر ناموس الشعوب» في إشارة إلى رفض تبرير آلية الوصول إلى السلطة بالدبابة حتى ولو كانت تلك الوسيلة تهدف إلى خلاص الشعوب من دكتاتور. وأعرب د.نعمان عن خشيته من أن تنتكس الفرحة التي عمت النخب السياسية والثقافية وتتحول إلى استسلام باحث عن المنقذ من داخل السلطة نفسها. داعيا النخب اليمنية إلى مواصلة نضالها السلمي والسياسي والثقافي الرامية إلى التغيير السلمي بعيداً عن الانقلابات معتبراً.. ما يحدث انقلاباً سلطوياً على النضال السلمي الآخذ بالتنامي لفرض اتخاذ آليات انقلابية ضد المستبدين. ووصف الصراري في ورقته التي قدمها اليوم في «ندوة التحول الديمقراطي الموريتاني منتدى التنمية السياسية» الزعماء العرب بأنهم...وباستثناء الرئيس الموريتاني المنتخب - يجثمون على شرعية مهلهلة وفي أحسن الأحوال شرعية مطعون في صحتها... معتبراً ... علي محمد ولد فال نموذجاً مختلفاً، ليس بينه وبين الزعماء العرب ما يجعله واحدا من زمرتهم، ففي غضون عامين فقط استطاع ان ينفذ بنجاح مشروعاً تاريخيا للتحول نحو الديمقراطية، وان يخرج موريتانيا من مستنقع الزيف السياسي, الذي تتخبط في أرجائه بقية البلدان العربية, ومنذ اليوم تمثل موريتانيا الحقيقة العربية الوحيدة، التي ستنجم فيها شرعية الحكم مع الآلية المعتمدة في إنتاج هذه الشرعية, وتطابقت فيها ادعاءات السياسة مع نتائج ممارستها ...ممتدحاً رئيس الانقلاب الموريتاني العقيد علي محمد ولد فال الذي قال بأنه أوفى بكل الوعود التي قطعها للشعب الموريتاني بعد نجاحه في ادارة انقلاب ابيض اطاح بالدكتاتور ولد الطايع في 3 اغسطس 2005م حسب وصف الصراري. القائم بالاعمال الموريتاني في صنعاء محمد الحسن ولد الحاج اكتفى في مداخلة له بامتداح التشابه الكبير بين اليمنيين والموريتانيين في العادات والتقاليد والأشكال. في حين دعا محمد قحطان عضو الهيئة العليا للإصلاح إلى الاستفادة الايجابية من التجربة الديمقراطية الموريتانية، فيما اقترح الناشط الحقوقي والمحامي المعروف محمد ناجي علاو توفير صور المجلس العسكري الموريتاني في مقرات المعارضة ومنظمات المجتمع المدني كمثال يحتذى. وفي مقابل ما قاله القيادي الناصري عبدالقدوس المضواحي حول إحياء التجربة الموريتانية للأمل الذي قتل في النفوس بعد ثورة سبتمبر وأكتوبر في اليمن أعرب الصحافي محمد الغباري مراسل البيان الاماراتية عن تخوفه من حدوث انتكاسة في التجربة الموريتانية ودعوته إلى التريث في الاحتفاء بها كثيراً حتى تتضح الامور فالرئيس المنتخب وزير سابق ومن المقربين للرئيس المخلوع ولد الطايع داعياً إلى مراقبة تصرفات الرئيس الموريتاني الجديد مع السلطة والمال. وهو ذات موقف القيادي في حزب الرابطة يحي الجفري الذي دعا المنتدى إلى تقديم دراسات لحلول السلطة الموريتانية لمشكلات شعبها والأحزاب السياسية الى الاستفادة من الاخرين بعيداً عن الضرب تحت الحزام في إشارة الى لهجة المناكفات بين الحاكم والمعارضة التي بدت واضحة خلال الندوة. محمد علاو طمأن السلطة اليمنية في مداخلته من أنه لن يحدث أي انقلاب عسكري فالعسكر حد قوله مشغولون بنهب الأراضي والتمكين لأبنائهم. أما الدكتور محمد المتوكل أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء فدعا إلى عدم الاستعجال في الإشادة المبالغ فيها بانقلاب وديمقراطية موريتانيا متسائلاً عن دور القوى الخارجية فيها مؤكداً موقف د.ياسين والغباري حول رفض الانقلاب العسكري كممارسة حتى ولو كانت هناك تبريرات لذلك. عبده سالم عضو الدائرة السياسية للإصلاح استغرب من جهته أن يأتي انقلاب عسكري تحت لافتة الاصلاح السياسي والديمقراطية قائلاً بأن الانقلابات تأتي جماعية فإما أن تتحول إلى مستبد متفرد يعيد إنتاج سلفه أو يدخل المجلس العسكري في خلافات طاحنة تعيده إلى المربع الأول.