في أول ردة فعل للقطاع الخاص ازاء قرار مجلس الوزراء في اجتماعه الاستثنائي الذي عقد الخميس الماضي برئاسة الدكتور علي محمد مجور -رئيس المجلس والذي قضى بالتوجيه للمؤسسة الاقتصادية اليمنية بتوفير المواد الأساسية لتغطية احتياجات البلاد لفترة لا تقل عن ستة اشهر وبيعها للمستهلك بسعر التكلفة بحيث تتولى وزارة المالية توفير ثلاثة مليارات ريال لمساندة جهود المؤسسة لتحقيق تلك الغاية. عبر الشيخ محفوظ بن شماخ -رئيس الغرفة التجارية الصناعية بصنعاء خشيته من ان يؤدي هذا القرار إلى امتناع القطاع الخاص عن التصدير وفي تصريح خاص ل«أخبار اليوم» قال بن شماخ ان هذا القرار يعد خطوة ايجابية من قبل الحكومة لخفض الأسعار لكنني اخشى امتناع القطاع الخاص وتوقفه عن استيراد المواد والسلع في حال ازدياد المنافسة في السوق وقيام الحكومة بدعم جناح دون آخر. وأضاف ليس لدينا اي مانع حيال اي قرار تتخذه الحكومة لخفظ الأسعار خاصة المواد القادمة من الخارج. موضحاً ان المنافسة في سوق السلع بين القطاعات الحكومية والخاصة تخلق فرصاً اكثر واصفاً إياها بالبركة، مشيراً إلى ان الفترة الزمنية التي حددها القرار الحكومي بستة اشهر لتغطية احتياجات البلاد من السلع والمواد الاستهلاكية تعتبر فترة كافية، حتى تمر الأزمات الطبيعية وتنتهي في الدول المصدرة وحتى يتخذ النفط سعره المناسب وتعود الأسعار إلى ما كانت عليه في السابق. وكان مجلس الوزراء في اجتماعه الاستثنائي قد شدد على التدخل السريع للمؤسسة الاقتصادية اليمنية لخلق التوازن في المعروض للسلع الأساسية ومضاعفة حجم استيرادها لتلك المواد خلال الفترة المقبلة وتوزيعها على كافة المحافظات وفق آلية تسويقية ورقابية واضحة تحقق المساهمة الفاعلة للمؤسسة في توفير تلك السلع وكسر الاحتكار، مؤكداً على ضرورة تنويع مصادر الاستيراد لكل المستهلك لاقتناء السلطة التي تناسبه. من جانبه دعا فخامة الرئيس علي عبدالله صالح الحكومة لضبط المتلاعبين بالأسعار واتخاذ الإجراءات والحلول اللازمة لذلك، مشدداً على ان تكون الحكومة شفافة في توضيح امر الأسعار للشعب حتى لا يستغل ضعفاء النفوس معاناة الشعب من ارتفاع الأسعار ويحاولون دغدغة عواطفهم للقيام بأعمال تضر بأمن البلاد، وهو الأمر الذي انعكس وبجلاء في الفترة السابقة التي شهدت العديد من المظاهرات الشعبية والجماهيرية التي تطالب الحكومة بالحد من الارتفاعات، بالإضافة إلى خلق فرص عمل ومحاربة الفساد والمفسدين والحد من البطالة وهي الظاهرة التي اضافت هماً جديداً للمجتمع اليمني إلى جانب هم ارتفاع الأسعار ولم تكن اعتصامات المتقاعدين في المحافظات الجنوبية واحداث مأرب الإرهابية التي استهدفت قافلة السواح الأسبان والتي خلفت وراءها آثاراً سلبية على السياحة والاستثمار المحلي وعلاقة اليمن السياسية بالدول الأخرى إلا افرازات طبيعية لهذه الظاهرة. وأوضحت دراسة ان شريحة الشباب في المجتمع اليمني تمثل نسبة «75%» من اجمالي السكان وان البطالة تتركز وبصورة كبيرة في هذه الشريحة الأمر الذي ادى إلى مخاوف من انعكاسات سلبية تنتجها ظاهرة البطالة على هذه الشريحة. ففي تقرير رسمي حذر من دفع البطالة للشباب إلى الإرهاب ومشاكل اجتماعية يصعب معالجتها وأكد التقرير الاقتصادي السنوي للعام 2006م ان معدل نمو البطالة في اليمن خلال الفترة من 2003 إلى 2005م تحمل مؤشراً خطيراً يكشف ضعف ومحدودية دور السياسات الاقتصادية الرامية إلى تحسين مستوى الأداء الاقتصادي حيث تقترب نسبة البطالة مع معدل نمو عرض قوة العمل، وأوضح التقرير الصادر عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي ان معدلات البطالة تتركز وبصورة كبيرة بين الشباب إذ يتوقع ان تتراوح نسبة البطالة في العام 2006م ما بين 29- و34% وهو رقم خيالي، مشيراً إلى ان ثلث الشباب في سن العمل لا يجدون عملاً وهذا الرقم مرشح للزيادة. وتصل مخرجات التعليم في الوقت الراهن إلى حوالي «88» الف شاب وشابة ولا يستطيع الاقتصاد الحالي توفير فرص عمل إلا بمقدار «16» الف وظيفة فقط وفقاً لبيانات رسمية سابقة. وكشف التقرير عن الآثار الاقتصادية للبطالة التي تسببت في فقدان العاطل لدخله السياسي وربما الوحيد مما يوقعه في دائرة الفقر مع اسرته ويزداد الوضع سوءً في ظل غياب الحماية الاجتماعية للعاطلين. كما حذر التقرير من الآثار الاجتماعية الناجمة عن البطالة والتي يصعب حلها، وما يرافقها من حرمان ومعاناة تدفع الفرد العاطل إلى الانحراف واصابته بالإكتئاب الذي يدفعه إلى الانتحار فضلاً عن ممارسة العنف والجريمة والتطرف والإرهاب، اضافة إلى قرار مجلس الوزراء الذي وجه المؤسسة الاقتصادية بتوفير المواد الاساسية لتغطية احتياجات البلاد لفترة لا تقل عن ستة اشهر، نجد ان هناك عائقاً كبيراً يقف امام المؤسسة اذا ما عرفنا انها لا تملك المخازن الكافية «الغلال» لتخزين هذه الكميات الكبيرة من السلع بعد ان قامت الحكومة ببيعها للقطاع الخاص في وقت سابق مع احتمال وارد بقوة قيام الأخير بالرفض المطلق لقبول تخزين هذه المواد في مخازنه الخاصة هذه المرة لظروف تنافسية بحتة ضحيتها الشعب اليمني دون المسؤولين والمترفين. وحتى يتم التنفيذ الفعلي للخطوة التي اتخذتها حكومة مجور بشأن دعم السوق المحلية والحد من ارتفاعات الأسعار وذلك كخطوة مهمة للمساعدة في رفع المعاناة المعيشية للمجتمع اليمني، يبقى الحال على ما هو عليه بالنسبة للحياة الاجتماعية اليمنية، القابعة بين سندان ارتفاع الأسعار من جهة ومطرقة ارتفاع معدلات البطالة من جهة أخرى.