في ظل التجاهل الحكومي لتقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة يستمر الفساد والعبث بالمال العام دون وضع حد لهذا الاستنزاف الكبير للمال العام الامر الذي يجعلنا امام مسؤولية كبيرة لكشف هذا العبث والفساد المستشري في كافة الاجهزة والمرافق الحكومية وفي هذا الصدد نتناول في هذه السطور جزء يسير مما يحدث من فساد ونستقي ما سنورده من صفحات تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ونبدأ ذلك بنتائج المراجعة لحسابات مكتب الاوقاف والارشاد بأمانة العاصمة للعامين 2003-2004م. . تقرير/ معمر محمد البتول حيث يذكر التقرير انه ظهر مبلغ (121. 075. 164) ريال وهي الايجارات السنوية المستحقة عن المباني المؤجرة بالأمانة، ويضف انه تبين تدني مبالغ الايجارات المستحقة بشكل كبير مقارنة بايجارات المثل الامر الذي يعد مخالفة لاحكام ونصوص قانون الوقف الشرعي رقم (23) لسنة 1992م كما اضاف التقرير انه تم اعفاء عدد من البيوت والشقق والدكاكين من الايجارات دون تحديد مصدر الاعفاء وذلك ايضاً يخالف قانون الوقف الشرعي اضافة إلى أن هناك مبلغ (57. 794. 217) ريال وهو من الارصدة المتأجرة لدى مستأجري المباني الاستثمارية الامر الذي يؤكد مدى الاهمال والتقصير في متابعة تحصيل الايجارات المستحقة من قبل كافة المعنيين ومبلغ (17. 302. 028) ريال لم يتم توريده إلى حساب المكتب بالبنك وهي ارصدة مدورة منذ سنوات على عدد من الموظفين والمتحصلين الذين يتحصلون عائدات الاوقاف. إلى جانب ذلك قام مكتب الاوقاف والارشاد في أمانة العاصمة بشراء مضخة للبئر الجديد في قبة المهدي بمبلغ (3. 000. 000) ريال وتم ذلك بالامر المباشر مما يعد مخالفة لقانون المناقصات والمزايدات رقم (3) لسنة 1997م كما تم دفع مبلغ (25. 400. 000) ريال وذلك من قيمة حفر بئر ارتوازية في مقشامة الوشلي بصنعاء القديمة وقد تم ذلك بالتعاقد بالامر المباشر وهذا ايضاً يخالف قانون المزايدات والمناقصات. اضافة إلى ما سبق يذكر التقرير الرقابي ان هناك مبلغ (19. 073. 612) ريال هي عبارة عن عهد مدورة لم يتم تصفيتها ومبلغ (10. 500. 049) ريال هي ايضاً مدورة وعهدة على امين الصندوق كما تم صرف مبلغ (5. 241. 466) ريال من الايرادات بعضها بموجب توجيهات واغلبها بدون توجيهات. وفي ختام هذا الفصل يورد تقرير جهاز الرقابة عدداً من التوصيات مثل ضرورة القيام بتشكيل لجان متخصصة من المكتب للنزول إلى جميع المباني والمحلات المؤجرة وتقدير الايجارات المستحقة على مستوى كل عقار ورفع تقارير بذلك إلى ادارة المكتب حسب القانون، كما اوصى بضرورة اتخاذ الاجراءات الكفيلة بتصفية حساب جميع المستأجرين الذين لا زالت عليهم ايجارات متأخرة واحالة من لم يصفى حسابه إلى نيابة الاموال العامة واوصى بضرورة احالة جميع المتحصلين والموظفين الذين قاموا بتحصيلات مالية من مستحقات الاوقاف وعدم توريدها إلى حسابات المكتب لدى البنك إلى نيابة الاموال العامة، واضاف في هذه التوصيات ضرورة الزام جميع ارباب العهد المرحلة من سنوات سابقة بتسويتها وتوريد المبالغ إلى البنك. وينتقل بنا التقرير الرقابي إلى نتائج الفحص والمراجعة لحسابات مكتب الاوقاف والارشاد بمحافظة إب حيث يذكر ان هناك مبلغ (148. 330. 153) ريال هي مبالغ متراكمة كما تم صرف مبلغ وقدره (11. 590. 146) ريال دون وجه حق وبدون التقيد والالتزام بضوابط الصرف اضافة إلى وجود مبلغ (53. 045. 097) ريال وقد صرفت لمشاريع متعثرة. وفي مسلسل العبث والفساد كشف التقرير ذاته عن وجود اختلالات بمبلغ (6. 206. 645) ريال وتمثل ذلك في تحرير عقود تأجير دون قطع سندات تحصيل رسمية. هذا ويوصي التقرير الرقابي بضرورة تحديد ومسألة المتسببين واتخاذ الاجراءات اللازمة حيالهم، اضافة إلى ضرورة اجراء مساءلات قانونية حيال جميع الذين قاموا بعمليات اختلاس. وبهذا ننتقل من التقرير الرقابي حول وزارة الاوقاف والارشاد إلى جهة ثانية وهي وزارة الصناعة والتجارة وبالأخص المؤسسة اليمنية العامة لصناعة وتسويق الاسمنت حيث كشفت نتائج المراجعة لحسابات المؤسسة عدم قيامها باتخاذ الاجراءات اللازمة لمعالجة وضع الاصول الثابتة الغير مستغلة وعدم قيامها بتعميد وتوثيق بصائر الاراضي التي تم شرائها وتسجيلها لدى الجهات المختصة اضافة إلى وجود ارصدة لمشاريع مجمدة يتم تدويرها من سنة إلى اخرى ومنها مبلغ (268. 134. 259) ريال وهذه المبالغ هي ارصدة لمشاريع متعثرة. ومبلغ (81. 546. 753) ريال مازالت محل نزاع ومنظورة امام القضاء، اضافة إلى وجود عدد من المشاريع المعتمدة ضمن الخطة الاستثمارية للمؤسسة لم يتم الشروع في تنفيذها منذ سنوات مثل مشروعي محطتي كهرباء البرح وباجل ومشروعي توسعة وتحويل مصنع اسمنت باجل. ويضيف التقرير الرقابي بأن هنالك عدد من الارصدة المدينة والدائنة "المجمدة" والمدورة من سنوات سابقة ضمن حسابات مختلفة مثل المدينون والدائنون والسلف المدينة والدائنة والحسابات الانتقالية وكشف التقرير عن وجود تضخم في حجم الارصدة المتقابلة الناتجة عن التعاملات المالية بين الادارة العامة للمؤسسة والمصانع التابعة لها خلال السنوات الماضية وعدم توفير بيانات تحليلية عن طبيعة مكوناتها في ظل وجود بعض الحسابات المركزية التي يتم وضعها في سجلات الادارة العامة مثل حسابات الاصول الثابتة والمخصصات والاحتياطات والقروض. كما ان هنالك تلاعب ومخالفات وعمليات فساد كبيرة في عمليات صرف المبالغ المستقطعة على مبيعات الاسمنت والموزعة على عدد من الحسابات وهي صندوق الحوافز والصندوق الخيري وحسابات اخرى والدراسات والبحوث والتدريب والتأهيل، اضافة إلى وجود اختلافات في الاسس المتبعة من قبل المصانع في احتساب مستحقات الجهات المستفيدة من الاستقطاعات المقررة لها من مبيعات الاسمنت ووجود تجاوزات ومخالفات في ابرام وتنفيذ التعاقدات والتعاملات المختلفة مع الغير وذلك نتيجة لعدم الالتزام بقواعد واحكام القانون رقم (3) لسنة 1997م بشأن المناقصات والمزايدات. وفي ختام هذا الفصل اوصى تقرير جهاز الرقابة والمحاسبة بضرورة القيام بالمعالجة اللازمة لتلافي تلك الاختلالات. بعد ذلك يكشف لنا التقرير الرقابي عن جانب ثاني من الفساد والعبث المستفحل في وزارة الصناعة والتجارة ويخص المؤسسة العامة لصناعة الغزل والنسيج حيث يذكر التقرير ان المؤسسة لم تقم باتخاذ الاجراءات اللازمة بشأن استعادة الاراضي التابعة لها بمحافظة الحديدة والتي تقدر مساحتها ب(669. 112) م او الحصول على التعويضات المناسبة. موصياً باتخاذ الاجراءات اللازمة بشأن استعادة ملكية الاراضي للمؤسسة. ويذكر في هذه الفقرة ان خسائر المؤسسة المتراكمة قد بلغت (1. 178. 009. 978) ريال أي ما نسبته 514% من راس مال المؤسسة وهذه الخسائر ما زالت مستمرة دون وضع أي حلول لهذه المأساة التي تستنزف المال العام بهذه الطريقة المرعبة. اضف إلى ذلك اعباء القروض التي على المؤسسة للبنوك التجارية حيث بلغت كما يكشف التقرير ذاته ان المؤسسة ما زالت مستمرة في عمليات الاقتراض من وقت لآخر حتى بلغ اجمالي القروض إلى نهاية عام 2003م (2. 549. 966. 382) ريال وفوق كل ذلك تبين ان المؤسسة غير ملتزمة بسداد مستحقات الجهات الحكومية وقد بلغت هذه المستحقات (371. 389. 605) ريال واوصى جهاز الرقابة والمحاسبة المؤسسة بالالتزام باستقطاع وتوريد مستحقات الجهات الحكومية اولاً بأول. ويضيف التقرير ان هنالك عجز في الجرد للمخازن بمبلغ (35. 930. 721) ريال تبين صرف مبلغ (154. 311. 643) ريال صرفت كعهد نقدية على ذمة توريد محاصيل القطن للمؤسسة وبدون متابعة تصفيتها. اضافة إلى مبلغ (1. 106. 550. 514) ريال لم يتم اغلاق ارصدة حساباتها وهي من الاعتمادات التقديرية الامر الذي ترتب عليه اظهار حسابات المؤسسة على غير حقيقتها كما تبين ان قيمة الاصول الثابتة المشتراة في الادارة العامة للمؤسسة بلغت (11. 126. 672) ريال وذلك بالمخالفة لاحكام قانون المزايدات والمناقصات وهناك مبلغ (2. 126. 208. 188) ريال وهي ارصدة حساب المدينون تتضمن ارصدة مجمدة ترحل من عام لآخر. ويواصل التقرير الرقابي سرد مسلسل العبث والفساد الحاصل في المؤسسة العامة لصناعة الغزل والنسيج حيث يذكر ان مبالغ ارصدة متعهدي مشتريات القطن بلغت (325. 044. 966) ريال الامر الذي ادى إلى عدم تصفيتها وتجميد المؤسسة لجزء من اموالها لدى الغير بدلاً من استثمارها والحصول على فوائد مقابل ذلك. وفي السياق ذاته يذكر التقرير ان نتائج المراجعة لحسابات الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس قد اظهرت عدد من المخالفات لقانون المناقصات والمزايدات وذلك عند تنفيذ عملية الشراء لمتطلباتها من مستلزمات او توقيع عقود المقاولات حيث بلغ ما امكن الوقوف عليه منها مبلغ (80. 738. 553) ريال كما تبين صرف مبلغ (1. 468. 044) ريال وذلك بالزيادة عن المستحق لصالح المتعهد لاصلاح الدور الثاني لمبنى الهيئة وهذا المبلغ كان نتيجة لخطأ في المراجعة المحاسبية لبنود المستخلص وليس نتيجة تكرار لخصم الضريبة. اما ما يذكره التقرير الرقابي حول نتائج مراجعة الحساب الختامي لصندوق تمويل الصناعات الصغيرة حيث وجد عدم تحصيل ديون الصندوق لدى الغير والبالغة (169) مليون ريال. ونصل هنا وقبل ان ننهي هذه السطور نلقي بنظرة سريعة على مقدار ما يحدث من عبث وفساد في المؤسسة العامة للمسالخ واسواق اللحوم ويبدأ التقرير هذا الفصل بملاحظة ان فرع المؤسسة يقوم بعملية الشراء والمقاولات دون وجود اعتماد بموازنة الفرع وهذا يخالف القانون المالي رقم (8) لسنة 90م اضف إلى ذلك ان المؤسسة تقوم بتوفير احتياجاتها وتنفيذ الاعمال بالامر المباشر ويعد ذلك مخالفة للمادة (14) من قانون المناقصات. كما ان هنالك مبلغ (14. 971. 193) ريال لم تورد وهي مستحقات الدولة والمستقطعة من مستحقات الغير وهذا يخالف المواد (281،134) من اللائحة التنفيذية للقانون المالي رقم (8) لسنة 90م وكشف التقرير ان هناك حالات عجز ووفاة لم يتم احالتها إلى التقاعد مما حمل فرع المؤسسة اعباء مالية بلغت (1. 323. 168) ريال وعدم وجود مصادقة لارصدة الادارة العامة لدى الفرع البالغة (33. 168244) ريال ووجود عجز في رصيد الاعلاف بمبلغ (1. 282. 450) ريال ولوحظ ايضاً عدم اتخاذ أي اجراءات بشأن تحصيل العجز الظاهر على امين الصندوق السابق والذي وصل إلى مبلغ (4. 103. 763) ريال. وكما هي العادة حيث يختتم تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة كل فصل من هذ الفصول بذكر عدداً من التوصيات يتم تقديمها للجهات المعنية وهي كثيرة هذه التوصيات والمقترحات ولكن دون جدوى فبقدر ما تزيد هذه التوصيات يزيد معها مقدار العبث والفساد في هذه المرافق الامر الذي يدل بوضوح عدم وجود مصداقية حقيقية في محاربة الفساد او حتى الحد منه رغم كل ما يصدره الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في تقاريره حول الجهات التي يقوم بزيارتها وتكشف هذه التقارير الرقابية الرسمية مدى انتشار الفساد واستنزاف المال العام دون رقيب او حسيب وامام كل ذلك يحتم على الحكومة ان تقوم بمسؤوليتها امام مسلسل الفساد خاصة مع ما نعيشه من تدهور اقتصادي يعد الفساد اهم اسبابه ومسبباته فإذا تم القضاء على الفساد فسيتم القضاء على التدهور الاقتصادي والمعيشي ويعود بالفائدة على جميع ابناء الوطن. .