ما إن صدر قرار مجلس الوزراء المتضمن إحالة عدد من مسؤولي الجهات الحكومية المختصة وذات العلاقة بموقع العصيبة الأثري الذي تم اكتشافه مؤخراً في مديرية السدة، حتى ساد نوع ما من الهدوء القرى والعزل المجاورة للموقع والمواقع الأثرية الأخرى المجاورة كجبل القطن وشمر يهرعش والشاهد وحتى العرافة ومدينة ظفار التاريخية غرباً، خاصة بعد قيام الإعلام الرسمي وجهات حكومية أخرى بتوجيه أصابع الاتهام إلى المواطنين من أبناء المنطقة، وبالرغم من تورط بعض المشائخ في بعض عمليات الحفر العشوائي التي طالت المنطقة خلال السنوات الماضية، إلا أن أبناء عزلتي وادي عصام وجبل عصام اعتبروا ذلك الاتهام من قبل الإعلام الرسمي إهانة لهم متسائلين عن دور الجهات الحكومية المختصة والتي ساهمت هي الأخرى بشكل أو بآخر في عمليات النهب، والتدمير التي تعرضت لها تلك المواقع الأثرية من خلال السكوت وغض الطرف وتجاهل المسؤوليات الملقاة على عاتقها، الأمر الذي جعل مراقبين ينظرون إلى قرار مجلس الوزراء على أنه ليس سوى محاولة لتهدئة وتلطيف الأجواء ورد اعتبار لأهالي المنطقة لا غير،ودلل المراقبون على ذلك بالقول أن قرار مجلس الوزراء لم يشمل بقية الجهات ذات العلاقة وفي مقدمتها رئاسة الهيئة العامة للآثار التي تجاهلت الحدث ولم تقم بمسؤولياتها منذ الوهلة الأولى بإنزال فريق فني متكامل ومؤهل لمتابعة أعمال الحفر والتعامل مع تلك القطع الأثرية بالطرق الفنية المتبعة، هذا من جانب ومن جانب آخر وبعد مرور قرابة خمسة عشر يوماً على صدور قرار مجلس الوزراء المتعلق بآثار العصيبة لم يتم إلى الآن مباشرة أي تحقيق مع من شملهم القرار، بل ولم تحَّدد الجهات التي ستقوم بالتحقيق معهم، الأمر الذي شجع الكثير من المواطنين في المنطقة على مواصلة اعتداءاتهم على تلك المواقع الأثرية خاصة بعد صدور قرار مجلس الوزراء ، رغم تواجد الحراسة الأمنية التي تدخل بين الحين والآخر مع المعتدين في مواجهات مسلحة خاصة في الساعات المتأخرة من الليل، أضف إلى ذلك أن تأخر البدء في عملية التحقيق التي تضمنها قرار مجلس الوزراء سهلت عملية دخول الوساطات ذات العيار الثقيل بهدف الحيلولة دون الشروع في عملية التحقيق وتنفيذ قرار مجلس الوزراء بالعديد من المبررات الواهية، الأمر الذي جعل قرار حكومة مجور حبراً على الورق وخدم أهالي المنطقة بشقيهم المسالمين والمعتدين أورد لهم اعتبارهم ولكنه لم يخدم الآثار ويوفر لها الحماية ويحافظ عليها كموروث تاريخي لأبناء الوطن بشكل عام وليس لأبناء السدة فقط، وفي الوقت الذي ندرك فيه أن هناك الكثير والكثير من المواقع الأثرية في مختلف محافظات الجمهورية تتعرض بين الحين والآخر لعمليات الحفر العشوائي والاعتداءات والنهب من قبل "ما فيا" الآثار في ظل صمت غامض من قبل الجهات الحكومية المعنية، وخير شاهد على ذلك ما ذكره تقرير مكتب الهيئة العامة للآثار والمتاحف والمخطوطات بمطار صنعاء الدولي عن قيام المكتب بإحباط محاولات تهريب لأكثر من (300) قطعة أثرية متنوعة الأشكال والأحجام خلال العام المنصرم 2007م وتعود تلك القطع لحقب زمنية مختلفة كالعصور الحجرية السبئية والحميرية والمعينية والقتبانية والعصور الإسلامية وغيرها، إلا أن رئاسة الهيئة لم تفكر يوماً ما أو تتجاهل لسبب ما حول من أين جاء تلك القطع الأثرية؟ وأين كانت متواجدة؟! ومن الذي قام بالحفر؟! وكيف تم نقلها إلى المطار وبواسطة من كان يُرَاد تهريبها؟! هذه التساؤلات وغيرها في عقول كل أبناء الوطن، إلا أن آثار موقع العصيبة بالسدة ساهم اليوم وبشكل كبير في إثارتها وكم كنا نتمنى أن يكون قرار حكومة مجور السابق الذكر بداية الإجابة عن تلك التساؤلات. من ناحية أخرى وإلى جانب التساؤلات التي أثارها موقع العصيبة بالسدة فقد أكدت مصادر خاصة ل"أخبار اليوم" أن خلافات قد نشبت مؤخراً بين كبار مشائخ وقيادات السدة حول القطع الأثرية التي تم اكتشافها في موقع العصيبة والمتواجدة حالياً في مخازن متحف ظفار الأثري، ففي الوقت الذي كان فيه محضر اللجنة المكلفة من رئيس الوزراء لزيارة المنطقة قد أوصى بنقل تلك التحف إلى قسم الودائع بالبنك المركزي اليمني فرع إب ، قالت المصادر إن شخصية عسكرية في المنطقة حالت دون ذلك وأصرت على بقاء تلك القطع في المتحف بحجة مساهمة تلك القطع في عودة النشاط السياحي للمتحف حيث لا تزال المشاورات والمساعي مستمرة للتوصل إلى حلول توافق عليها كافة الأطراف.