شكلت العلاقة اليمنية السعودية مثار لتجاذب سياسي ظل ردحاً من الزمن يعنون هذه العلاقة على خلفية المعطيات والرؤى القاصرة التي وظفها البعض لتعكير صفو هذه العلاقة، إلا أن وعي قيادة البلدين اليمن والسعودية ممثلة بفخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية - حفظه الله - وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والقيادة السعودية، قد أعادت العلاقة اليمنية السعودية إلى مسارها الصحيح بفضل الجهود التي قامت بها قيادة البلدين، وهو ما يعطي للزيارة الخاطفة التي قام بها فخامة الأخ الرئيس للعاصمة السعودية الرياض بعداً استراتيجياً في أهداف الزيارة والتي لم تنحصر في نطاق التشاور الثنائي فيما يخص علاقة البلدين ولكن الزيارة تأتي على خلفيات ما يمكن اعتبارها تحديات حقيقية وخطيرة تواجه المسار العربي وتحتم على عقلاء الأمة ان يقفوا وقفة جادة أمام منظومة التحديات التي تواجه الوجود القومي والقطري العربيين وخاصة في ظل المعطيات الراهنة التي تعيشها الأمة وهي على عتبات قمة عربية تظل وبرغم كل تداعيات الوقت الراهن محل ترقب ورصد من قبل الجماهير العربية وحتى تكون القمة عند مستوى آمال الجماهير وقادرة على استيعاب هموم الواقع العربي ومواجهة التحديات التي تواجه الواقعين القومي والقطري، إضافة إلى دعم المصالحة الفلسطينية وتعزيز إعلان صنعاء بما يكفل حقن الدماء الفلسطينية وتطبيع العلاقات الفلسطينية الداخلية بما يمكن هذا الشعب من استعادة حقوقه المشروعة والانتصار لقضيته العادلة وفق القرارات الدولية ذات الصلة، وقد شكل رد الفعل الأميركي - الصهيوني على إعلان صنعاء جزءاً من جدول الزيارة إضافة إلى التشاور حول قمة دمشق القادمة وأهمية الخروج منها بموقف يصفي كل القضايا العربية المركبة وذات الصلة بدور محاور النفوذ وقيامها بمحاولة شق الصف القومي والقطري وعلى أساس تبني طرف مقابل إلغاء الطرف الآخر كما هو الحال في فلسطين ولبنان وهذا ما يحتم على العقلاء العرب التصدي لمثل هذه السياسة التي تصب في الأخير في خدمة العدو وتضيف للأجندة الأزماتية العربية أزمات جديدة العرب في غنى عنها.. وعليه فإن التشاور اليمني - السعودي لم يعد اليوم حصيلة رؤى سياسية وحسب ولكن تفرضه الكثير من العوامل الموضوعية التي تضع هذه العلاقة سياقها التفاعلي الحضاري والتكاملي المعبر عن مصالح مشتركة حضارية لم يعد الفصل في بينها ممكناً وإن حاولنا ذلك بصورة أو بأخرى، إذ لم يكن هناك متسعاً لمناورة في هذا السياق والتوصيف للعلاقة القائمة بين صنعاءوالرياض والتي أصبحت تتحكم بمسارها وتطورها وترتقي بخطابها بما يفرضه المتنامي في البلدين الذي يصبح التكامل بينهما حتمية تاريخية وضرورة حضارية ومن هنا تكتسب العلاقة أهميتها كما تكتسب مكونات ديمومتها وبصورة راقية وهذا ما لم يتوفر في السابق حيث كانت هذه العلاقة متروكة للمزاجية لكنها اليوم محكومة بقوانين حضارية راسخة ويصعب استهدافها لأنها محروسة بحقيقة الوجود والشراكة والتحولات ولهذا تكمن أهمية الزيارة وموضوعيتها..