دشن قراصنة صوماليون يبحرون في خليج عدن بقوارب سريعة مجهزة بقاذفات قنابل وسلالم، ما تدعوه الصناعة البحرية أكبر موجة من أعمال القرصنة تحدث في العصور الحديثة، دافعين بأسعار تكلفة الشحن تحلق في الفضاء ومحرضة أساطيل العالم على السعي جاهدة لحماية الممر المائي الرئيسي الرابط آسيا والشرق الأوسط بأوروبا. لقد هاجم القراصنة القادمون من الصومال، الدولة الأفريقية الفاشلة، على الأقل "61" سفينة في خليج عدن هذا العام، و"17" سفينة منها تم اختطافها في الأسبوعين الأولين من سبتمبر فقط، ووفقاً لمركز الإبلاغ عن القراصنة التابع لمكتب الملاحة الدولي في ماليزيا فإن هجمات القراصنة طوال عام 2007 بأكمله بلغت "13" هجوماً فقط. يقول نائب قائد القوات البحرية المشتركة التي واجهت القراصنة كثيراً منذ منتصف أغسطس، العميد البحري البريطاني/ كيث ونستانلي: "خلال فترة خدمتي هنا، رأيت في خليج عدن أكثر الفترات التي شهدت عدم استقرار". بمقرها في مملكة البحرين، تتكون قوات التحالف من قوات أمريكية وأخرى من "19" دولة. يقول باتريك ماركسيو، "قبطان اليخت الفرنسي" الذي اختطف في أبريل مع طاقمه ال "30" عندما كان متجه إلى ميناء عدن اليمني: "عندما رأت القراصنة يسيطرون على السفينة، وأخذ منهم 15 دقيقة كحد أقصى". متذكراً الحادثة، يقول ماركسيو: "في البداية أمرت أفراد طاقم اليخت أن يستخدموا خرطوم المياه ضد القراصنة، وعندما بدأ القراصنة إطلاق النار من أسلحة كلاشينكوف، استسلم أفراد الطاقم. فلم نكن هناك لنخاطر بحياتنا". وأشار ماركسيو إلى أن الخاطفين كانوا صوماليين معظمهم في سن العشرينات، يمضغون أوراق القات ليلاً ونهاراً، وأخبرهم القراصنة بأنهم مسلمون معتدلون وليسوا متطرفين دينيين مسلحين وأنهم لا ينوون إيذاء أحد. وكما أخبروه، قال ماركسيو إنهم يريدون المال لا غير. وقد أطلق القراصنة سراح اليخت الفرنسي بعد أن دفع صاحب اليخت فدية بأكثر من مليون دولار. تمر كل عام على الأقل "22000" سفينة عبر خليج عدن، منها ناقلات تحمل أربع بالمائة من إجمالي الإمدادات النفطية للعالم يومياً، وقرابة ثلث شحنات العالم من البضائع المنقولة بواسطة الحاويات، وكذلك ما يقرب من نصف الشحنات غير المنقولة في حاويات تمر عبر المحيط الهندي وخليج عدن إلى قناة السويس، خصوصاً نقل بضائع من الهند والصين وأماكن أخرى إلى الغرب. هجمات القراصنة رفعت من تكاليف الشحن وتلك الزيادات سوف تضاف إلى كاهل المستهلكين. وقد تجاوز الفديات المدفوعة في خليج عدن فقط هذا العام "50" مليون دولار. وقد أدت عمليات الاختطاف هذا العام إلى زيادة تكاليف التأمين على الشحن العابر لخليج عدن عشر مرات، وتم إفراد شرط أساسي مخصص بمخاطر القرصنة الصومالية. بالنسبة لصناعة النقل البحري، فإن البديل لخليج عدن هو "رأس الرجاء الصالح" في أسفل جنوب أفريقيا، على الرغم من أنه طريق طويل يستغرق آلاف الأميال. ووفقا لرئيس مركز الإبلاغ عن القراصنة "نويل تشونغ" فإن تكاليف تشغيل السفن العملاقة يمكن أن ترتفع من "20000" دولار إلى "30000" دولاراً يومياً بسبب المرور عبر "الرجاء الصالح". ويضيف تشونغ: "نتمنى من المجتمع الدولي أن يقوم بفعل أي شيء حيال ذلك، قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة". المياه الدولية عموماً غير محمية، لكن في منتصف أغسطس، شكلت قوات التحالف البحرية بقيادة الولاياتالمتحدة خط بحري آمن لعبور السفن في خليج عدن، بتواجد مكثف لسفن وطائرات تابعة لقوات بحرية غربية مختلفة. مع ذلك، فإن القراصنة اختطفوا سفن داخل المنطقة الأمنية. وقال ونستانلي: إن قوات التحالف أحبطت على الأقل "12" محاولة اختطاف منذ إنشاء الممر البحري الآمن. وأغرقت قوات التحالف في الأيام الماضية اثنين من زوارق القراصنة بعد اعتقالهم أفرادها. ويضيف ونستانلي: إن معظم شركات النقل البحري تفضل دفع الفدية بدلاً من مقاومة القراصنة والمخاطرة بإصابة أفراد الطاقم أو إحداث أضراراً بالسفن وحمولاتها. الأسطول الخامس الأمريكي في البحرين حث القطاع الخاص للنقل البحري باتخاذ المزيد من الاحتياطات ضد القراصنة. وذلك من شأنه أن تفكر شركات النقل البحري في تعيين حراسة أمنية خاصة مسلحة. تجدر الإشارة إلى أن الصومال يعيش بلا حكومة فعالة منذ عام 1992، وهي الآن في أيدي عشائر مسلحة متنافسة. ومنذ عام 1993، عندما قتل "18" جنديا أمريكيا في الصومال، يعتبر الغرب هذا البلد الأفريقي مقبرة لأي قوات عسكرية غربية تسعى لاستعادة النظام هناك. في اليمن، قال قائد "خفر السواحل اليمنية" التي أنشئت قبل خمس سنوات إن الأسلحة الثقيلة والزوارق السريعة سهلت للقراصنة الصوماليين جني ملايين من الدولارات من الفديات التي يطلبونها. ويضيف لطف البرطي: "الفرنسيون يعرفون كيف يتعاملون معهم، وهذا رائع جدا". لدى اليمن "1200" من أفراد حرس السواحل في خليج عدن، لكن ليس لديهم سفينة أطول من 75 قدم. مثل عشرات من القادة العسكريين ومراكز الرصد الخاصة التي تخدم طوال الوقت في خليج عدن، يستمع البرطي إلى إشارات الاستغاثة وهو عاجز عن عمل شيء في عمليات الاختطاف. يقول البرطي: "منذ تلقي إشارة الاستغاثة ستأخذ السفينة اليمنية ساعات حتى تصل إلى مكان الحادث. لذلك لا نستطيع عمل أي شيء". خلال دورية في خليج عدن، ضابط يمني في خفر السواحل اليمنية أحمد الجنيد عمره "20" عاماً، يراقب عن كثب السفن المارة. عدد من قباطنة سفن مضطربين بالجوار كانوا ينادون مراراً وتكراراً، مطالبين الجنيد بالتحقق من عدم وجود سفن مجهولة الهوية في المنطقة. خلال سنة من الدوريات، قال الجنيد: أنه كان قريباً بما فيه الكفاية للاستجابة لنداء استغاثة واحد فقط، عندما هاجم القراصنة ناقلة النفط اليابانية. لكن لم تصل سفينته إلى الناقلة اليابانية إلا بعد ساعتين من ذهاب القراصنة من المكان. في نهاية يوم ورديته، قال الجنيد: "كل يوم بهذا الشكل. أنا أعرف إذا قاتلتهم، فإني سأحتاج إلى ثلاث أو أربع قذائف "آر بي جي" ويُحسم الأمر".