حذر قيادي بارز في التنظيم الوحدوي الناصري المعارض من خطورة التطورات العسكرية الأوروبية الأخيرة التي يشهدها البحر الأحمر وخليج عدن بذريعة مكافحة القرصنة، مؤكداً بأن هذه التطورات تعتبر تطورات بالغة الخطورة لأنها تستهدف أعمالاً حربية وليست للسياحة أو للفرجة. وقال محمد الصبري بأن الأخطر من هذا كله هو رد الفعل العربي واليمن إزاء هذه التطورات، حيث أنه يشكل مشكلة كبيرة بحد ذاته، ويضاعف من مخاطر الوجود المسلح والعدواني في المنطقة. وفيما لم يصدر عن الحكومة اليمنية أي موقف رسمي إزاء العمليات العسكرية ضد القراصنة التي دشنها الاتحاد الأوروبي الاثنين الماضي في المحيط الهندي وخليج عدن، اعتبر الصبري بأن ردود الفعل الإعلامية والخطابية التي صدرت عن المسؤولين في بلادنا بهذا الشأن تثير الريبة والشك في إدراك اليمن لخطورة الوجود العسكري في البحر الأحمر وخليج عدن. وأوضح الصبري في تصريحه ل "أخبار اليوم" بأن هذا التواجد الحربي في المنطقة يفتقر للمشروعية الدولية، حيث أن خليج عدن والبحر الأحمر تعتبر مياهاً ذات طبيعة إقليمية، والاتفاقية الدولية لقانون البحار تؤكد على ضرورة أن يكون المرور والتواجد في هذه المناطق بريئاً ولا يستهدف أعمالاً عسكرية ونوايا ذات طابع عدواني على الدول المشاطئة لها. وأضاف بأن التمركز العسكري في المنطقة والذي يبيح لنفسه التصرف في الملاحة وإدارتها ومراقبتها سينعكس على أمن وسيادة واستقلال الدول المشاطئة لخليج عدن والبحر الأحمر، وستصبح سواحلها عرضة لتحكم هذا الوجود العسكري شاءت أم أبت، خصوصاً وأن المياه البحرية تعتبر جزءاً من أراضي هذه الدول وامتداداً لسيادتها. وأشار الصبري إلى أن هذه البلدان بما فيها بلادنا ستخضع للرقابة والتجسس الجوي والبحري، فضلاً عن أنها ستكون عرضة للتدخل في شؤونها الداخلية لأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقتصر العمليات العسكرية على مراقبة المياه الإقليمية وإنما ستمتد إلى الشواطئ على اعتبار أن المشكلة قادمة من شواطئ الصومال واليمن التي تتم الكثير من أعمال القرصنة في مياهها الإقليمية. ونبه الصبري إلى أن الوجود العسكري في المنطقة يتخذ من القرصنة ذريعة لتثبيت تواجده، أما أهدافه فهي بعيدة المدى ، حيث أن منطقة خليج عدن والبحر الأحمر أصبحت وكأنها موضوعة تحت سياسات التسابق والتنافس الدولي للتمركز فيها. وأوضح بأن هذا التمركز الغربي هو عبارة عن استباق لصراع دولي قادم ومؤشراته قائمة، وبالتالي فإن الشواطئ ستتحول إلى جزء من عملية التوسع والتمركز العسكري الذي لن يقتصر على البحر فقط، مشيراً إلى أن عدن كانت وما زالت مطمعاً للتنافس الاستعماري منذ القرن الخامس عشر ولم تنتهي أهميتها حتى الوقت الراهن. ونوه الصبري إلى أن خطورة القضية تكمن في أن الإستراتيجية الصهيونية لتدويل المنطقة متحالفة مع أوروبا وأميركا، ولا يمكن الفصل بين الإستراتيجية الصهيونية والتواجد العسكري البحري لأوروبا وأميركا فكلاهما يكمل الآخر. وانتقد الصبري مواقف الدول المطلة على البحر الأحمر، وقال أن اليمن تقدمت عام 2002م بمبادرة للجامعة العربية التي اتخذت قراراً بتشكيل لجنة لدراسة المقترح اليمني من أجل إعادة هيكلة الأمن الإقليمي في البحر الأحمر وخليج عدن، مبدياً استغرابه من تصريحات وزير الخارجية ورئيس الجمهورية التي قال بأنها جاءت وكأنه لا توجد سوابق تجاه هذه القضية، موضحاً أنه كان يفترض أن تبني اليمن على مواقفها السابقة، خصوصاً وأن هذا الموضوع قد بدأ منذ العام 1977م في مؤتمر تعز لدول البحر الأحمر. وأضاف الصبري أنه كان يفترض أن تتمسك اليمن بما قدمته من قبل وأن تطالب الجامعة العربية بتفعيل اللجنة المشكلة عام 2002م. وأشار الصبري إلى الندوة التي نظمتها أكاديمية الأمير نايف بن عبدالعزيز حول القرصنة والإرهاب واستضافتها اليمن عام 2004م، مستغرباً من تجاهل اليمن والسعودية لتوصيات هذه الندوة. وأبدى الصبري استغرابه من دعوة الرئيس/ علي عبدالله صالح مؤخراً لتشكيل قوة دولية لمكافحة القرصنة، وقال بأن هذا الموقف قد يكون نتيجة عجز اليمن عن في خلق موقف إقليمي موحد، معتبراً بأن خطاب الرئيس في ظل هذا الوجود العسكري فيه مغامرة شديدة وخطأ إستراتيجي لأن اليمن يجب عليها أولاً أن تحسم بشكل واضح وصريح حدود الأمن الوطني والأمن الإقليمي قبل أن تدعو لاستضافة قوات بحرية. وقال الصبري بأن المصالح الوطنية تقتضي من اليمن حتى وإن عجزت عن خلق موقف إقليمي إيجابي أن تتمسك بقوتها السلبية وأن تقول لا لهذه الممارسات. ونوه الصبري إلى أن جميع وسائل الإعلام في أوروبا تتحدث عن أمر قادم وليس عن أمر مضى في هذه القضية، كما تتحدث عن أوضاع منهارة للدول المشاطئة وأن أوروبا لا تستطيع أن تتحمل انهيار بلدين هما الصومال واليمن، ولهذا فإن العمل العسكري ضد القراصنة ليس سوى ذريعة لعمل مستقبلي، خصوصاً وأن الغرب هو من يبشر بانهيار الدولة اليمنية، وقد يكون وراء هذا تهديد مبطن لصانع القرار السياسي في اليمن بأن عليه أن يقبل بأن يمتد الوجود العسكري البحري إلى الشواطئ والجزر اليمنية. وبناء عليه شدد الصبري على ضرورة أن تحتفظ اليمن بحقوقها السيادية على مياهها الإقليمية حتى لو كانت في موقف ضعف، وأن تقول لا للوجود البحري العسكري الذي يهدد سيادتها على مياهها، وأن تتمسك بحقها في أن يكون العمل العسكري ضد القراصنة في إطار إقليمي وليس في إطار دولي، وإذا كان المجتمع الدولي يخاف من انهيار اليمن فعليه أن يقوم بواجبه تجاه هذه المسألة. وخلص الصبري إلى القول بأن الخطاب الرسمي للحكومة اليمنية إزاء هذه المخاوف يؤكد حالة الرخاوة وافتقاد الوزن؛ لأن هذا التواجد العسكري الأوروبي والأميركي يقرأ بطريقة واضحة في الصين والهند واليابان وروسيا فيما تفتقد الدول العربية واليمن لأي تصور واضح إزاء المخاطر المحدقة بأمنها وسيادتها. من جانبه حذر الشيخ عبد المجيد الزنداني - رئيس جامعة الإيمان- من مخاطر محتملة لعودة الاستعمار البريطاني إلى اليمن، مستغربا من الظهور المفاجئ للقراصنة في خليج عدن والقرن الأفريقي، وقال أن وراء هذه الظاهرة دعم خارجي يهدف إلى عودة الاستعمار من جديد. وأضاف الزنداني في حفل أقامه التجمع اليمني للإصلاح الأسبوع الماضي في مديرية أرحب بصنعاء أن هناك تآمرا دوليا للسيطرة على باب المندب، مشيرا إلى بريطانيا في قوله بأن البريطانيين يعتقدون بأن من ملك البحر ملك الأرض. ووفقا لموقع مأرب برس الإخباري فقد دعا الزنداني في هذا المهرجان الذي حضره الآلاف من أنصار الإصلاح جميع الشباب اليمنيين إلى التصدي لهذه المؤامرة التي تستهدف اليمن ومياهه الإقليمية.