كعادته استيقظ مبكراً وتناول وجبة الفطور على عجل ورتبت والدته له ملابسه وعلقت على ظهره حقيبته ولم تدعه يدخل قبل أن تطبع قبلة عميقة على جبينه. خير الله عبده عبدربه أبو عسر البالغ من العمر "10" سنوات يدرس في مدرسة الرحمن في الصف الثالث الاساسي في منطقة السنينة غرب العاصمة اليمنية صنعاء وصفه البعض بالمجتهد والنشيط في دراسته حيث كان يحلم بأن يكون عنصراً فاعلاً في المجتمع يصلح ما فسد فيه ويخدم وطنه بعلمه. لم يكن يعلم الطفل خير الله أن مطلع الأسبوع الحالي وبالتحديد أمس السبت سيكون آخر يوم له في حياته ولم تكن تعلم أمه أن موعد الموت قد تحدد ليفارق خير الله مدرسته ووالدته وإخوانه ويفارق الحياة برصاص طائش. الطفل خير الله راح ضحية نزاعات الطمع والجشع الذي ينمو في قلوب تجار الأراضي والمتنازعين عليها حيث هم من تسبب في قتله أثناء تبادل زخات الرصاص فيما بينهم لكنها أخطأت خصمها وبعنادها قتلت خير الله. خير الله فارق الحياة قبل ان يلقي نظرة أخيره على زملائه في الصف الثالث من التعليم الأساسي ومازال يحمل في حقيبته شهادة تكريم مدرستة له قبل أسبوع لتفوقه على زملائه في التحصيل العلمي لهذا العام، فارق الحياة دون التعرف على هوية قاتليه، تاركا خلفه أسرة مفجوعة، ووطناً تسرق الفوضى فيه كل شيء ولاتستثني حتى زهرات الحياة بحقائبهم وأمام مدارسهم. والده المفجوع برحيل ولده رفض استلام الجثة دون القبض على الجناة، وحتى تأتي الصحافة والمنظمات توثق صوراً من صور الإنفلات الأمني. لم يملك والد الطفل الا القول " أريد القبض على الجناة و أريد التحقيق العادل ، لأن هذا حرام يقتل ولدي ولا نعلم من كان السبب بهذه الحادثة .. والله حرام .. نحن في حرب وليس في أمانة العاصمة وكأننا في فلسطين بل في فلسطين تعرف عدوك أما هنا لا تعرف من عدوك". شقيق الطفل لم يدعه دم أخيه يستقر في حال بل دفعه الى التهديد معطيا الدولة مهلة ثلاثة أيام للقبض على الجناة "ما لم سنقوم بحرب على المنطقة التي قتلت أخي" هكذا قال .. محملا الدولة مسئولية هذه النزاعات حيث قال بأن عصابات الأراضي من أشهر وهي تعبث بأمن المواطنين في المنطقة وتستخدم الرصاص الحي بشكل متواصل لنهب الأراضي. دم الطفل أيضاً أردى والدته مغشيا عليها حيث سقطت بعد أن رأت ولدها مضرجاً بدمائه ونقلت في حالة غيبوبة للمستشفى فيما ظل الوالد أمام جثته يصيح ويبحث عمن اغتال ولده . يشار إلى أن طفلين أصيبا برصاص عصابات الأراضي المنفلتة خلال الشهر الماضي والتي تنشط في منطقة السنينة والجبال المحيطة بها.