اليمن لا تحتاج لمبادرات ولا تحتاج لتوصيفات أو إعادة هيكلة المكونات المجتمعية والنطاقات والمداءات الجغرافية، اليمن تحتاج لإرادة وطنية ولهوية موحدة وانتماءات وطنية صادقة، فمشكلة اليمن ليست فيشكل الوحدة ولا في شكل ومكونات النظام السياسي، لكن مشكلة اليمن كامنة في الإدارة والمطلوب هو إيجاد إدارة وطنية نزيهة وصادقة وتقدم رؤى علمية ومعرفية جادة تعمل على حل المشاكل بروح الانتماء والهوية والمصير الوطني الواحد. بيد أن المثير أن كل يوم نسمع فيه عن مبادرة شكل تقدم بها هذا الطرف أو ذاك وكل هؤلاء لا يطلقون مبادراتهم لوجه الله أو من أجل الوطن بل يفعلون ما يفعلون بدافع حسابات سياسية خاطئة ومكمن الخطأ فيها أن هذه المبادرات لا تأتي جزافاً ولا بدافع الحرص على الوطن بل تأتي لدوافع وغايات أبعد ما تكون عن الوطن وفي مجملها هي شكل من أشكال التحايل على الوحدة ونعتقد أن الذين فشلوا في فرض خيارات الإنفصال في حرب صيف 1994م هم اليوم يشاركون بصورة فردية أو جماعية في تحقيق ما فشلوا في تحقيقه خلال الحرب وهذه المبادرات التي تتقاطر من هنا وهناك تعكس حالة إفلاس أصحابها لكنها بالمطلق تكشف عن تخاذل المعارضة في القيام بدورها ورسالتها ومن المؤسف أن "أحزاب اللقاء المشترك" مازالت تنظر للوضع وكأنه لا يستدعي القيام بدورها ورسالتها وواجبها الوطني بدافع الرغبة في إخراج النظام الذي بدوره يتمسك بمواقفه ويتمترس المؤتمر الشعبي العام في خندق الرافض لكل أشكال الحوار بطريقة الشروط والإملاءات المسبقة وله في هذا بعض الحق لكن حين يتعلق الأمر بمصير الوطن ومكاسبه فإن المؤتمر ملزم بتقديم التنازلات كما هي التنازلات مطلوبة من أحزاب المشترك فليس عيباً من كل أطراف المعادلة تقديم التنازلات من أجل أمن واستقرار وسيادة اليمن فمن يقدم التنازلات من أجل وطنه هو البطل وهو الواثق والمقتدر وليس الضعيف فالمتنازل هو القوي وهو صاحب الحكمة وستودعها وبالتالي دعونا من أجل الله والوطن من فعل هذه المبادرات التي لا تخدمنا ولا تخدم أمن واستقرار الوطن ولا تخدم وحدته وهي الحقيقة الثابتة التي لا تحتاج لتعريف أو توصيف أو إعادة هيكلة، كما هي لا تحتاج لمسمى جديد ولا هي بحاجة للفدرلة أو الكولفدرلة بل تحتاج لإدارة وطنية ولموقف وطني جمعي ولحوار وشراكة وطنية رافدة لكل المكاسب التي توصل لها شعبنا ونكاد بعد كل التضحيات التي قدمها أن نفقدها على خلفية تصرفات البعض القاصرة والغير مسؤولة ولا يبدو عليها الشعور بما تشعر به الغالبية الشعبية التي تدفع وحدها ثمن نزق كل هؤلاء بمشاريعهم الوهمية التي تشكل قاعدة للاحتيال والتحايل على المكاسب الوطنية وفي مقدمتها الثوابت الوطنية.. إن للساسة ويلاتهم ولكن ما يمارسه بعض الساسة في اليمن هو جريمة بكل المقاييس الأخلاقية وهذا ما يجب أن نرفضه ونتصدى له بكل قدراتنا وإمكانياتنا فهل يصحو الغافلون ويكف أصحاب المشاريع عن تقديم مشاريعهم التي تعد أكثر بشاعة من المشكلة القائمة ؟.. نأمل هذا.