لفت انتباهي موضوع هام جدا أثناء قراءة ما كتبه المحرر السياسي تحت عنوان (مأزق النائب مأزق اليمن) في العدد (363) بتاريخ 28 ديسمبر 2011م من صحيفة الوسط -وهو في غاية الأهمية ومن الأهداف الأساسية للثورة الشبابية السلمية- والذي تضمن ما يجب أو ما يتوجب على النائب عمله في هذه المرحلة وهو أن يتبنى مطالب تستوجب على حكومة الوفاق تنفيذها أولا وتتمثل في: إسقاط أسماء كل الجنود الوهميين وغير العاملين فعلا في السلك العسكري والأمني وهم يتجاوزون المائتي ألف اسم غير عامل وتستفيد منه مراكز القوى في الطرفين ومثلهم المسجلون في كشوفات الشهداء والإعانة الاجتماعية...الخ. وهو ما جعلني أتذكر الحملة الإعلامية التي وجهتها وزارة الخدمة المدنية عبر وسائل الإعلام المختلفة قبل أربع سنوات تقريبا حول هذا الموضوع مستخدمة في ذلك أسلوب الترغيب والترهيب الأمر الذي ترتب عليه انخراط آلاف الأشخاص المعنيين بالأمر إلى وزارة الخدمة المدنية لتقديم تنازلاتهم عن الانتساب إلى إحدى الجهات المزدوج فيها وعزز ذلك انتشار اللجان الفنية في معظم مؤسسات الدولة مصطحبين معهم الأجهزة الحديثة التي يتم عبرها تفعيل الصورة والبصمة لكشف الأسماء المزدوجة وتلك الأجهزة كلفت الخزينة العامة ملايين الدولارات وهي التي انتشرت سمعتها بأنها الوسيلة الحديثة المثلى في كشف مكامن الفساد في مؤسسات الدولة المختلفة وكان الاعتقاد سائدا حينها لدى السواد الأعظم من الناس بأن وزارة الخدمة المدنية تقوم بواجبها الوطني باتخاذ إجراءاتها القانونية حيال مستحقات المتنازلين لديها والتنسيق مع وزارة المالية والجهات الأخرى ذات العلاقة بضرورة إسقاط وتنزيل تلك الأسماء من كشوفات الجهات المتنازلين عنها وتوريد مستحقاتهم المالية إلى الخزينة العامة.. ولكن وللأسف الشديد لم تكن الخدمة المدنية أمينة في أدائها فقد خيبت الآمال لدى الكثير، حيث تبين لاحقا أنها لم تحسم أمرها في هذا الجانب فقد تركت الأمور على ما كانت عليه من السوء كونها لم تقم بما هو مطلوب منها في إسقاط أسماء المتنازلين من كشوفات الجهات المنتسبين إليها ولم تبلغ أيضا بتوريد مستحقاتهم المالية إلى الخزينة العامة بل إن مستحقاتهم تورد إلى قياداتهم المتنازلين عنها وما زالت أسماؤهم ثابتة في سجلات وكشوفات تلك الجهات المتنازلين عنها بدليل أن البعض منهم أي المتنازلين توجه إلى دائرة التقاعد لطلب ضم فترة الخدمة إلى خدمتهم الحالية ثم أحيلوا إلى دائرة شئون الأفراد للقوات المسلحة لطلب تحديد فترة خدمتهم وأثناء السير في المعاملة تفاجأوا في شئون الأفراد بأنهم لم ينزلوا من الخدمة وأن خدمتهم مستمرة في تلك الجهات المحسوبين عليها الأمر الذي ترتب عليه تراجع الكثير من المزدوجة أسماؤهم والذين كانت لديهم الرغبة في التنازل أسوة بزملائهم واقتنعوا بالاستمرار في وضعهم، كما أن المتنازلين أصيبوا بخيبة أمل كون المبالغ المالية التي كانت تصرف لهم تحولت إلى رموز الفساد –بدلا من توريدها إلى الخدمة العامة- لتتسع بعد ذلك بطن الفساد المنتفخة التي لا تتوقف عند حد ولا تشبع ولا تقنع وتزداد ضراوة في فسادها وجشعها وبتلك الإجراءات التي سلكتها الخدمة المدنية قبل أربع سنوات وملأت الدنيا ضجيجا عبر وسائل الإعلام المختلفة نجد أنها قدمت خدمة عظيمة لرموز الفساد من وراء تلك الإجراءات الخاطئة التي تحولت إلى مكاسب لهم ولشلتهم والخاسر فيها هو الوطن.