وصف اللقاء المشترك الدعوة التي أطلقها الحزب الحاكم للحوار في بيانه الصادر قبل يومين بأنها غير جادة وغير صادقة، مشيراً إلى أن الهدف من هذه الدعوة التي سجلت على عجل إشهار موقف في وجهة الحياة السياسية لتبرير الانسداد الذي وصل إليه المؤتمر. وأكد بيان صادر عن اللقاء المشترك في المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس على خلفية دعوة المؤتمر له إلى الحوار فشل السلطة وعجزها عن اتخاذ أي معالجات أو حلول جادة تخرج البلاد من حالة الأزمة والكارثة التي تمر بها حالياً. واتهم المشترك السلطة بإنتاج هذه الأزمة بسياساتها وممارساتها الخاطئة والرافضة لكل خطوات ومشاريع الإصلاح الجاد. وقال المشترك في بيانه أن الأزمة أضحت تزلزل حاضر اليمنيين وتهدد مستقبلهم وتكاد تأتي على المكتسبات الوطنية للشعب وأن اليمن لم تعد قادرة على التكيف مع هذه الأزمة، مشيراً إلى أن السلطة تغامر على السير في الطريق الخطأ دافعة البلاد إلى المزيد من الأزمات والاحتقانات، وأضاف البيان أن الفساد يستشري وينمو حتى أضحى جريمة رسمية منظمة تنزع اللقمة من أفواه الأغلبية الجائعة والفقيرة من أبناء الشعب، منوهاً إلى تجاهل المطالب السياسية والحقوقية المشروعة لأبناء الشعب ومواجهة نشطاء وقيادات الحراك السلمي بالإجراءات القمعية والممارسات التعسفية الغير قانونية التي لم تؤدِ إلا إلى تعقيد المشكلة وتفاقم حالة الغليان. واتهم المشترك السلطة بممارسة الإحباط والإجهاض الممنهج لأي خطوة إيجابية يمكن أن تتمخض عن الحوارات الثنائية بين المشترك والمؤتمر. وأكد المشترك تمسكه بمسألة الحوار كقيمة حضارية راقية لحل كافة الاختلافات والتباينات، محملاً السلطة المسؤولية الكاملة في إجهاض نتائج الحوارات السابقة والتي كان يمكن أن تجنب الوطن الكثير من المآسي والويلات. وأضاف المشترك في بيانه أن السلطة سدت أبواب الحوار البناء والجاد أمام شركاء الحياة السياسية وسددت كل أبواب التغيير السلمي الديمقراطي، منوهاً إلى أن السلطة جعلت الحوار مجرد اصطفاف معهما في تحمل أعباء حالة الحرب المعلنة وغير المعلنة. واستبعد المشترك وجود أي حوار جاد من أجل الوصول إلى حلول ومعالجات جادة للأزمة الوطنية من قبل السلطة. ودعا المشترك في ختام بيانه إلى لقاء وطني تشاوري يضم القوى والشخصيات السياسية والقيادات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني وقادة الرأي والعلماء والمثقفين تحت سقف الوحدة والديمقراطية من أجل التعاطي مع كل الملفات بعقل وقلب مفتوح لإنقاذ البلاد وإخراجها من حالة الأزمة وحافة الهاوية. وفي السياق ذاته قال المشترك في المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس أنه وجد كل الطرق منسدة ليس فقط لتلاعبه بقيمة الحوار وإنما وصل الأمر إلى النكث في كل ما يصل إليه الحوار من اتفاقات حتى وصل الأمر إلى محاولة الإساءة لهذه القيمة الحوارية، -حسب قوله-. وأكد أن دعوة المؤتمر المتكررة للحوار أصبحت يافطة يتصور بأنه يضلل بها الرأي العام إزاء مواقف المشترك من قضية الحوار وتغطية لموقفه هو من الحوار والاتفاقات، كما أشار إلى أن دعوة المؤتمر لم تكن موجهة إلى أحد وإنما اكتشفها المشترك منشورة في الصحف، وأكد أن البيان الذي تزامن مع الدعوة يناقض ما جاء في الدعوة، مشيراً إلى عدم تجاهل المشترك لأي دعوة. وقال المشترك على لسان د/ ياسين سعيد نعمان الأمين العام للاشتراكي: إن المؤتمر يريد حواراً بشرط أن يقرر نتائجه سلفاً نيابة عن أطراف الحوار، مؤكداً أن المؤتمر يأخذ من الحوار ما يراه مناسباً لحاجته. وأضاف ياسين أن هذه النظرة للحوار لا تستطيع اختراق جدار المشكلات السياسية والوطنية، الأمر الذي جعله إسهاماً مقصوداً في رعاية وتأبيد هذه المشكلات التي أخذت تستفحل وتنتج تداعيات خطيرة. واستعرض الدكتور/ ياسين نية المشترك السابقة لحوار جاء خلال الحوارات الأخيرة التي بدأت بعد انتخابات 2006م إلا أن المؤتمر لجأ إلى التسويف والمماطلة وأوقف الحوار ولم تكن عودته إليه لقناعة بقيمة الحوار في إصلاح الأوضاع المتدهورة وإنما لاحتواء طرق جديدة وعودته ليس إلا مناورات لتبرير قضية هنا أو هناك، وأخذ يسير منفرداً في كثير من القضايا التي كانت في الأساس موضوعات للحوار ومنها موضوع الحكم المحلي. وأكد أن الهدف من الحوار الذي يدعوا إليه المؤتمر هو الضغط على اللقاء المشترك في إيهام الرأي العام المحلي والمراقبين الدوليين بأن المشترك هو الرافض للحوار، ووصف المشترك الدعوة الأخيرة من المؤتمر بالبيان السياسي الذي حرص فيه المؤتمر على جعل اللقاء المشترك جزءاً من المشكلة التي أنتجتها سياسته وممارسة أجهزته دون شراكة من أحد. وقال: إن البيان يضمر اتهاماً للقاء المشترك بشأن أحداث جنوب البلاد والحرب في صعدة، مؤكداً أن هذا موقف ظلت قيادات المؤتمر تردده في إعلامها بهدف تبرئة ساحتها وساحة سلطتها مما أنتجته سياستها وممارستها المتنفذة من أوضاع خطيرة أوصلت البلاد إلى ما آلت إليه من صدامات وعنف وحروب. وأشار إلى أن ما يضمره المؤتمر ضد المشترك يدل على غياب النية الصادقة في تشخيص الأزمة الوطنية التي تمر بها البلاد بروح مسؤولة وجادة، تتفق مع تطلعات الشعب إلى معالجات جذرية وحكيمة لهذه الأزمة. وأبدى المشترك تعذره عن فهم أو استيعاب اللامبالاة التي تبديها قيادة المؤتمر إزاء الأوضاع المتفاقمة والتي تجعله يواصل كافة المكائد السياسية في ظروف لم يعد فيها قادرة من الهامش لمثل هذه الممارسات الطائشة التي تنتج آثاراً خطيرة على اللحمة الوطنية. وتابع ياسين حديثه عن المؤتمر قائلاً: إنه يملأ الدنيا ضجيجاً عن الحوار إلا أنه يتصرف بمضمونه وأهدافه بما يتناسب مع عقيدته السياسية الساخرة من الحوار والتي لا هم لها سوى توظيفه لاستهلاك الوقت وتمرير كل ما تتمسك به من رؤى وأهداف ومواقف تنصب جميعها في محاباة سلطتها دون اعتبار لما تتطلبه ظروف البلاد والعباد من إصلاحات جذرية تؤمن مسارات حقيقية نحو النهوض الشامل بالوطن وتأمين حل المشكلات والصراعات الداخلية بتكلفة اجتماعية أقل. وأكد المشترك أن الوحدة الوطنية هي الخيار الوطني الوحيد الذي يؤهل البلاد للنهوض الحقيقي، مشيراً إلى ضرورة العمل على تحقيق الصلة بينها وبين مضامينها الحقيقية، داعياً إلى البحث عمن أساء إليها من قوى الفساد والتسلط، حيث يصبح البحث هو الاستدلال عما أسبابها من تشوهات خارج هذه الحقيقة ضرباً من العبث وليس له معنى سوى تبرئة ساحة هذه القوى التي تتحمل وحدها مسؤولية الإساءة إلى الوحدة. وعن حرب صعدة التي وصفها بالمرحلة الخطيرة حذر المشترك قيادة المؤتمر جعلها محط مناكفات مع القوى السياسية، داعياً إلى وجوب نظرة الجميع إليها باعتبارها قضية وطنية بأبعادها وتجلياتها التي تمتد إلى بنية الوحدة الوطنية. واستنكر اتهام المؤتمر له بتشجيع الحوثيين، واصفاً هذه التهمة بالتراهات التي لا تزيد الأمور إلا تعقيداً، مذكراً بالجهد الذي بذله لتفادي الحرب ودعوته المتكررة إلى إتباع الحل السلمي كطريق لحل المشكلة، ومشاركته المسؤولة في أكثر من لجنة وفعالية لهذا الغرض. وتخوف المشترك من أن تكون الحرب قد دخلت مرحلة تكريس مصالح لأطرافها المختلفة، حيث تغدوا هذه الحرب أشد تعقيداً وأكثر كلفة من غيرها. وعاود المشترك حديثه عن الحوار الذي يدعوا إليه المؤتمر، مبيناً الاستخفاف به من خلال حجم المساحة التي خصصتها الورقة لموضوعات الحوار من بين كل ما حوته من مقدمات وإسقاطات وتلميحات واتهامات حيث لا تتجاوز سوى إشارة سريعة وعلى عجل، مؤكداً أن ذلك يدل على أن الورقة لم يكن لها هدف سوى إشهار موقف في وجه الحياة السياسية لتبرير هذا الانسداد الذي وصلت إليه قيادات المؤتمر بسبب موقفها غير الجاد في الحوار. وطالبت أحزاب اللقاء المشترك بضرورة إعادة بناء أجندة الحوار من داخل البنى السياسية التي أنتجت هذه الأزمة وتداعياتها وتهيئة المناخات الوطنية لممارسة ديمقراطية حقيقية بعيداً عن الصفقات والتسويات والالتفاف على هذا الخيار.