قال تعالى: "ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار". وقال تعالى: "ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير". وقال تعالى: "وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد". وقال تعالى: "إن الله لا يصلح عمل المفسدين". وقال تعالى: "الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون" صدق الله العظيم. لا تستطيع قيادة المؤتمر الشعبي العام ان تدعي ان الوثيقة التي أرسلتها لقيادة اللقاء المشترك يوم 31 مايو2008م قد حملت أية رؤية حول الحوار كما جاء في عنوان الوثيقة إلا إذا كان مفهومها للحوار هو أن تقرر سلفاً موضوعاته ونتائجه نيابة عن أطراف الحوار. وشتان بين أن يطلق المؤتمر الشعبي الدعوة إلى حوار سياسي من موقفه كحزب لا يميزه عن غيره من الأحزاب شيء سوى أنه يدير السلطة والدولة وبصورة مؤقتة أو أن يدعو إلى الحوار كمالك للسلطة والدولة. الفرق بين الملكية والإدارة ينشئ مفاهيم مختلفة لمضامين الحوار مع أطراف الحوار السياسية الأخرى ففي الأولى يرى الحوار بأنه تشاور لا يلزمه بشيء ، يأخذ منه ما يراه ضروريا لحاجته ولا يقدم بموجبه أي تنازلات تمس مفهوم الملكية للسلطة والدولة لديه أما في الثانية فإن الحوار هنا يضع الجميع امام مسؤولية مشتركه في الوصول إلى نتائج وأهداف تتجاوز حاجتهم الذاتية إلى حاجة البلاد والمجتمع . المؤتمر الشعبي العام في مفهومه للحوار لا يخرج عن مفهوم علاقته بالسلطة والدولة كمالك ، وهذا ما يجعله يتشبث بمفاهيم للعلاقة مع أطراف الحياة السياسية تجعل الحوار يصطدم بعقلية تسلطية تتجه به نحو الصفقات التي يقررها هو سلفاً من موقع حاجته ومن اعتقاد ان أي شيء يحصل عليه الطرف الآخر هو مكسب مزدوج. هذا المفهوم للحوار لم يستطع ان يخترق جدار المشكلات السياسية والوطنية التي خضعت للحوار خلال الفترة الماضية الأمر الذي بدا معه الحوار وكأنه إسهام مقصود في رعاية وتأبيد هذه المشكلات التي أخذت تستفحل وتنتج تداعياتها الخطيرة. وعندما "تمسك اللقاء المشترك" بحوار جاد خلال جولات الحوار الأخيرة التي بدأت بعد انتخابات 2006م لجأ المؤتمر الشعبي إلى التسويف والمماطلة وأوقف الحوار ولم يهتم به مجدداً سوى بعد ان استطاع الحراك السياسي في الجنوب وأجزاء واسعة من البلاد ينتج شروطاً جديدة وظروفاً أخرى، وكان واضحاً أن المؤتمر يعود إلى الحوار لأغراض لا تمت بصلة لقناعته بقيمة الحوار في إصلاح أوضاع البلاد المتدهورة وإنما لاحتواء الظروف الجديدة.ثم عدل عن موقفه ، ولجأت سلطته إلى الاعتقالات وقمع النضال السلمي الديمقراطي وبرهن على ان الحوار السياسي بالنسبة له ليس سوى مناورات لتمرير قضية معينة هنا أوهناك وفي حين اخذ يسير منفرداً في كثير من القضايا التي كانت في الأساس موضوعات للحوار ومنها موضوع الحكم المحلي ، أخذ إعلامه وإعلام الحكومة يتحدثان عن الحوار في مغالطات الهدف منها الضغط على "اللقاء المشترك" بالقبول بصيغة الحوار القديم ،وإيهام الرأي العام المحلي والمراقبين الأجانب بأن "المشترك" هو الرافض للحوار. وتأتي الوثيقة الأخيرة في هذا السياق فهي عبارة عن بيان سياسي حرصت فيه قيادة المؤتمر الشعبي ان تجعل"اللقاء المشترك" جزء من المشكلة التي انتجتها سياساتها وممارسات أجهزتها دون شراكة من احد وصيغة الوثيقة تضمر اتهاما "للقاء المشترك" بشأن الأحداث الجارية في جنوب البلاد والحرب في صعده وهو موقف ظلت قيادة المؤتمر تردده في إعلامها بهدف تبرئة ساحتها وساحة سلطتها مما أنتجته سياساتها وممارسات القوى المتنفذة لسلطتها من أوضاع خطيرة أوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه من صدامات وعنف وحروب وهي إذ تصر على أن تتضمن وثيقتها مثل هذا الموقف المستهلك فذلك إنما يدل على غياب النية الصادقة لتشخيص الأزمة الوطنية التي تمر بها البلاد بروح مسئولة وجادة تتفق مع تطلعات الشعب إلى معالجات جذرية وحكيمة وصادقة لمظاهر الأزمة السياسية والاقتصادية والأمنية وتجلياتها الوطنية. لقد تعذر على "اللقاء المشترك" أن يفهم أو يستوعب هذه اللامبالاة التي تبديها قيادة المؤتمر الشعبي إزاء الأوضاع المتفاقمة التي تجعله يواصل سياسة المكايدة السياسية في ظروف لم يعد فيها قدر من الهامش لمثل هذه الممارسات الطائشة التي لن يتوقف تأثيرها عندما نحن فيه؛ فالتداعيات اليوم تنتج أثارا خطيرة على المستقبل وبالذات على صعيد اللحمة الوطنية. وفي حين تملأ قيادة المؤتمر الدنيا ضجيجاً حول الحوار فإنها تتصرف بمضمونه وأهدافه إلى ما استقرت عليه عقيدتها السياسية الساخرة من الحوار والتي لا هم لها سوى توظيفه لاستغلال الوقت وتمرير كلما تتمسك به من رؤى وأهداف ومواقف تنصب جميعها في حماية سلطتها فقط دون اعتبار لما تتطلبه ظروف البلاد والعباد من إصلاحات جذرية تؤمن مسارات حقيقية نحو النهوض الوطني الشامل وتأمين حل المشكلات والصراعات الداخلية بكلفة اجتماعية أقل وتوفير الشروط والظروف المناسبة لتوسيع فرص الخيار الديمقراطي وتحويله إلى مشروع حقيقي لبناء الدولة الوطنية الديمقراطية دولة النظام والقانون والمواطنة وشراكة كل أبناء الوطن. إن الوحدة هي خيارنا الوطني الذي يؤهل وطننا اليمني للنهوض الحقيقي ولابد من العمل على إعادة الصلة بينها وبين مضامينها الحقيقية ،والبحث عمن أساء إليها من قوى الفساد والتسلط حيث يصبح البحث والاستدلال عما أصابها من تشوهات خارج هذه الحقيقة ضرباً من العبث ليس له معنى سوى انه يبرئ ساحة هذه القوى التي تتحمل وحدها مسؤولية الإساءة إلى الوحدة ونحن ندعو قيادة المؤتمر إذا كانت فعلاً حريصة على الوحدة أن نبحث معاً ومع القوى الأخرى حقيقة العوامل التي أضرت بالوحدة بهدف وضع المعالجات الجذرية برؤية وطنية صادقة وذلك في سياق البحث عن طابع الأزمة التي باتت تضرب بجذورها في كافة مناحي الحياة. كما أن حرب صعدة هي الأخرى والتي دخلت مرحلة خطيرة لا يجب أن تجعلها قيادة المؤتمر محط مناكفات مع القوى السياسية بل يجب ان ينظر إليها الجميع باعتبارها قضية وطنية بأبعادها وتجلياتها التي تمتد إلى بنية الوحدة الوطنية وعلى المؤتمر أن لا يدفع باستقطابات سياسية إلى قلب المشكلة مثلما يفعل الآن حينما يتحدث إعلامه بخفة عن تشجيع المشترك للحوثيين وخلافه من الترهات التي لا تزيد الأمور إلا تعقيداً وهو يعرف تماماً الجهد الذي بذله اللقاء المشترك لتفادي الحرب ودعوته المتكررة إلى اتباع الحل السلمي كطريق لحل المشكلة ومشاركته المسؤولة في أكثر من لجنة وفعالية لهذا الغرض. إن الخوف هو أن تكون الحرب قد دخلت مرحلة تكريس مصالح لأطرافها المختلفة حيث تغدو مثل هذه الحروب أشد تعقيداً وأكثر كلفة من غيرها. ولكي تتبين حقيقة الاستخفاف بالحوار لدى قيادة المؤتمر الشعبي العام فان بالإمكان النظر إلى حجم المساحة التي خصصتها الورقة لموضوعات الحوار من بين كل ما حوته من مقدمات وأراجيف وإسقاطات وتلميحات واتهامات حيث لم تتجاوز سوى إشارات سريعة وعلى عجل مما يدل على أن الورقة لم يكن لها من هدف سوى إشهار موقف في وجه الحياة السياسية لتبرير هذا الانسداد الذي وصلت إليه بسبب موقفها غير الجاد من الحوار . لهذا السبب ونظراً لما تتطلبه الأوضاع الخطيرة والمستجدات الناجمة عن جملة التداعيات التي يؤدي إليها غياب المعالجات الجادة ترى أحزاب اللقاء المشترك انه بات من الأهمية بمكان إعادة بناء أجنده الحوار من داخل البنى السياسية التي أنتجت هذه الأزمة وتشمل مظاهر الأزمة وتداعياتها وتهيئة المناخات الوطنية لممارسة ديمقراطية حقيقية بعيداً عن الصفقات والتسويات والالتفاف على هذا الخيار الذي فيما لو تم تصفيته كمشروع للنهوض لدخلت البلاد في متاهات لا يعلم إلا الله ماذا ستقود والى أين ستنتهي . أحزاب اللقاء المشترك - صنعاء 4 يونيو 2008.