تحاول السياسة الأميركية إيجاد الذرائع للتدخل بشؤون اليمن الداخلية من خلال تقارير صحفية مدججة بالتهويل والمبالغة التي تصور اليمن أنها تتأرجح على حافة الفشل. وفي هذا الصدد أفادت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية أن الاستقرار في اليمن ليس إلا وهماً أمام صور المقاتلات من طراز ميج التي تطلق صريرا وهي متجهة نحو التمرد في الشمال أو أمام آخر الأخبار عن استيلاء القراصنة على سفن في خليج عدن الغادر حسب ماذكرته الصحيفة. وأضافت أن اليمن تعتبر مأزقا مترنحا يخشى البعض في واشنطن من أن تجر الولاياتالمتحدة في صراع مع المتطرفين عند تقاطع منطقة الشرق الأوسط والقرن الأفريقي الفوضوي،مشيرة إلى أن الحرب والانفصال وتنظيم القاعدة صارت حديث الناس وتجوب بانهماك ساحات المدارس والمساجد لاستقطاب مجندين جدد. وقالت " لوس أنجلوس تايمز " في تقريرها الذي نشرته تحت عنوان " اليمن تتأرجح على حافة الفشل" :إ ذا كانت اليمن مسرحا، يبدو في بعض الأحيان أنها كذلك، فستكون مكانا مزعجا للواجهات المتغيرة. إنها أفقر دولة في العالم العربي وواحدة من أهم المواقع الإستراتيجية مدسوسة بين السعودية والصومال. وقرابة ثلاثة ملايين برميل من النفط تمر يوميا قرب شواطئها والشيء المخادع حول اليمن هو نسج الحقيقة من الخيال. فكل سيناريو لديه حكاية مضادة، وكل وجه ينبض بخلفية خادعة. فهل تنظيم القاعدة يمثل تهديدا خطيرا، أو أن الحكومة تبالغ في قوة القاعدة لحاجتها للفت انتباه الولاياتالمتحدة والحصول على مليارات الدولارات كمساعدات من دول الخليج الفارسي؟ وهل الحرب في الشمال هي تمرد طائفة ساخطة، أم إنها تتحول إلى معركة بالوكالة المحفوفة بالمخاطر بين السعودية وإيران، حيث السعوديون يشنون بالفعل ضربات عسكرية عبر الحدود؟ لعشرين عاما ماضية، كان النظام يوازن بين الأصوات القبلية والطائفية المتعارضة، لكن قبضة حكومته بدأت تنزلق ،مضيفةً أن القاعدة الآن في مرحلة تجديد وهدفها نشر الخلافة الإسلامية في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية". وذكرت على لسان كريستوفر بوسيك، المحلل في مركز كرنيجي للسلام الدولي أن ضعف الحكومة المركزية تاريخيا، وإن اليمن قد أصبحت غالبا على شفير الفوضى. لقد نجت من تحديات فردية في الماضي، لكن ما يميز الوضع اليوم هو أن التحديات المترابطة متعددة وتتجه لتلتقي في نفس الوقت". فالحركة الانفصالية في الجنوب تهدد بتقسيم البلاد، لكن القنابل وموجة النزوح ل175000 شخص الفارين من الحرب في شمال غرب البلاد هي القضية المستهلكة في هذه الأيام. فهناك، يقاتل المتمردون الحوثيون الشيعة. وأفادت أن أخر التقارير تشير إلى أن متمردي الحوثي ربما قد تلقوا تدريبات في معسكرات في الصومال وأن لاجئين أفارقة ومرتزقة قد انضموا إلى صفوف الحوثيين. وهذا يثير تساؤلات حول قدرة قوات الأمن اليمنية على التعامل مع التهديدات المتعددة القادمة من البحر والبر،وأن ما هو أكثر إثارة للقلق حسب الصحيفة الأميركية في احتمال وجود يمن فاشلة هو الأثر الذي سيترتب على ذلك في منطقة القرن الأفريقي غير المستقرة أصلا، حيث يتجول القراصنة وتحتمي خلايا القاعدة بعيدا عن الطائرات الأمريكية المفترسة. وحول ماتطرحه التقارير الصحفية الأميركية اعتبر مراقبون سياسيون هذا الطرح مبالغة مشبعة بالتهويل لإيجاد ذرائع للتدخل الأميركي في شؤون اليمن الداخلية باعتبارها دولة تنحدر نحو الفشل كما عمدوا على تصويرها بتلك الصورة المبالغ فنها حد التهويل، فيما إن موقعها الاستراتيجي بالقرب من السعودية ومنطقة القرن الأفريقي قد لا يسمح لها بأن تقع في الفشل حسب الصحيفة نفسها.