لليوم الثالث على التوالي فشل البرلمان في عقد جلسته أمس الثلاثاء لعدم توفر النصاب القانوني لعقدها حيث حضر 133 عضواً من أصل "301" عضواً. وفي هذا السياق أشار نواب في البرلمان إلى أن مجلس النواب لم يعد قادراً على القيام بمهمته كسلطة تشريعية وقال عضو مجلس النواب عبدالكريم شيبان أن ما أدى إلى ملل كبير لدى نواب المجلس في عملهم هو إحساسهم أن المجلس لا يمارس دوره المطلوب، إذ أصبحت قضايا وهموم الناس ليست من أولوياته. وأوضح شيبان في حوار ل"أخبار اليوم" تنشره الصحيفة غداً بأن كل موارد الدولة ومصروفاتها من ضرائب وجمارك ليست من أولويات مجلس النواب وأن البرلمان لم يستطع أن يقدم واحداً من الفاسدين للمحاكمة، الأمر الذي جعل العمل في المجلس مملاً. مشيراً إلى أن هيئة رئاسة المجلس لم تقدم في بداية أية دورة انعقاد أي تقدير عن دورة عمل سابقة وعن مستوى تنفيذ التوصيات التي لم تنفذ منها أية توصية. ووصف شيبان المجلس بأنه أصبح مشلولاً لإغراقه في أعمال التشريع واختلافاتها وتناسي القضايا الأخرى. وتطرق إلى أن البلد يعاني من مشاكل اقتصادية وسياسية وانفلات أمني ولم يتح للمجلس كمؤسسة دستورية أن يمارس صلاحياته واختصاصاته حيث لا يوجد عمل مؤسسي. ولم يؤيد شيبان من يدعون إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، معللاً بأن أزمة المجلس ناتجة عن أزمة انتخابات حيث لا يوجد توازن سياسي داخل مجلس النواب لسيطرة طرف واحد على العملية الانتخابية التي لم تكن بعيداً عن المال العام. واعتبر الدعوة إلى حل البرلمان ليست حلاً، كون ذلك سيؤدي إلى أزمة كبيرة ، منوهاً إلى أن على الحاكم صاحب الأغلبية الكبرى أن يستدعي أعضاء ويطبق عليهم اللائحة بشأن الغياب، فيما على القوى السياسية، الموقعة على اتفاق فبراير التحاور على إجراء انتخابات نزيهة. وكان رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي عيدروس النقيب قد دعا إلى حل البرلمان، وإجراء انتخابات مبكرة لبرلمان جديد، مشترطا حل أزمات الوطن. و اعتاد البرلمان أن يعقد جلساته، حتى دون بلوغها النصاب، إلا أن نائبي رئيس مجلس النواب محمد الشدادي ويليه حمير الأحمر لم يعقدا ثلاث جلسات متوالية آخرها أمس، بسبب عدم اكتمال النصاب المشروط في الدستور. فيما عقد رئيس المجلس يحيى الراعي، الجلسة السابقة لهما، السبت، دون اكتمال النصاب ووجّه "بإضافة 16 اسما من الأعضاء الغائبين إلى حافظة الدوام التي بلغ عدد الموقعين عليها 134 نائباً فقط، طبقاً لحافظة الدوام التي أطلعت عليها بواسطة مصدر برلماني. النائب علي عشال اعتبر "النصاب مشكلة المجلس المزمنة"، مؤكداً "أن ما يصدر عن المجلس هو غير قانوني ولو كان هناك تفعيل للمحكمة الدستورية ووجد رجال قانون يتابعون ما يصدر عن المجلس لطعنوا في صحة كل ما يصدر عن هذه المؤسسة"، مشبّهاً المجلس "بالبيت الخراب". فالمادة (72) من الدستور اليمني "تشترط لصحة جلسات مجلس النواب حضور أكثر من نصف أعضائه مع استبعاد الأعضاء الذين أعلن خلو مقاعدهم". وفي المجلس، الذي يبلغ عدد أعضائه 301 عضو، لم يعلن سوى عن خلو مقعد برلماني وحيد ما يعني أنه يتطلب لصحة الجلسة 151 عضواً. وقد استند الشدادي في قراره قبل يومين إلى هذه المادة رافضاً كل المحاولات التي جاءت من الأعضاء. كان الشدادي ذكياً عند اعتذاره عن إدارة الجلسة قبل اكتمال النصاب. لقد تجنّب مخالفة خطيرة أبعد من مخالفة الدستور واللائحة الداخلية للمجلس: مخالفة التزوير. فلو تجاسر وخالف الدستور، كما يفعل الراعي عند كل جلسة، لتوجّب عليه أن يُقْدم على مخالفة أخرى أسوء: تحضير أعضاء غائبين لغرض التهرب من انتقادات النواب لافتتاح الجلسة دون اكتمال النصاب والتشكيك في صحة القرارات التي قد تصدر عن المجلس إن لم يطعن أحدهم في شرعية تلك القرارات.